قتل أبي جهل يوم بدر

حديث: قتل أبي جهل يوم بدر

عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، نظرت عن يميني وشمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار، حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما، فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت نحم، وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسبّ رسول الله ﷺ، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتَّى يموت الأعجل منا، قال: فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر، فقال مثلها: قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس، فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، قالما: فابتدراه فضرباه بسيفيهما، حتَّى قتلاه، ثمّ انصرفا إلى رسول الله ﷺ فأخبراه، فقال: «أيكما قتله؟» فقال كل واحد منهما: أنا قتلت، فقال: «هل مسحتما سيفيكما؟» قالا: لا، فنظر في السيفين فقالما: «كلاكما قتله» وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، (والرجلان: معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء).

متفق عليه: رواه البخاري في فرض الخمس (٣١٤١) ومسلم في الجهاد والسير (٤٢: ١٧٥٢) كلاهما عن يوسف بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن بن عوف أنه قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فحديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه هذا من الأحاديث العظيمة التي تحكي جانبًا من أحداث غزوة بدر الكبرى، وهي معركة الفرقان التي فرق الله بها بين الحق والباطل. وإليك الشرح الوافي للحديث وفقًا للمنهج المطلوب:

1. شرح المفردات:

● حديثة أسنانهما: أي صغيران في السن، لم يبلغا الحلم أو كانا في أول الشباب.
● أضلع منهما: أي أقوى وأشدّ منهما، والأضلع: هو الأقوى في الخلق.
● غمزني: أي لمسني أو نكزني بإصبعيه سرًا لإلفات انتباهي.
● لا يفارق سوادي سواده: أي لا يفترق سيفي عن جسده حتى يموت أحدنا.
● لم أنشب: أي لم أمكث طويلاً أو لم ألبث إلا قليلاً.
● يزول في الناس: أي يتحرك ويتجول بينهم.
● ابتدراه: أي بادراه وهرعا إليه.
● سلبه: ما يأخذه الغالب من المغلوب من سلاح أو متاع.

2. شرح الحديث:

يقصّ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وهو من كبار الصحابة وأحد العشرة المبشرين بالجنة، أنه كان واقفًا في الصفوف يوم غزوة بدر، فنظر إلى جانبيه فوجد فتيين صغيرين من الأنصار، فتمنى أن يكون بين رجلين أقوى منهما لما يعلم من شدة المعركة وقوة العدو.
فإذا بأحد الفتيين يلمسه سرًا ويسأله عن أبي جهل (عدو الله ورسوله)، ويقول له: إنه بلغه أن أبا جهل يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقسم بأنه إذا رآه لن يفارق سيفه جسده حتى يموت أحدهما. ثم فعل الفتى الآخر مثله.
فلم يمض وقت طويل حتى رأى عبد الرحمن بن عوف أبا جهل يتجول بين الناس، فأشار إليه للفتيين، فبادراه وضرباه بسيفيهما حتى قتلاه، ثم ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبراه، فسألهما: "أيكما قتله؟" فادعى كل منهما القتل، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: "هل مسحتما سيفيكما؟" فأجابا بالنفي، فنظر إلى السيفين وقال: "كلاكما قتله" وأعطى سلبه (ما عليه من سلاح ومتاع) لمعاذ بن عمرو بن الجموح.
وقد بيّن الرواة أن الفتيين هما: معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء رضي الله عنهما.

3. الدروس المستفادة منه:

● الشجاعة والإقدام: الفتيان الصغيران قدما نموذجًا رائعًا للشجاعة والإيمان، حيث لم يهابوا قائد الكفر رغم صغر سنهما.
● حب النبي صلى الله عليه وسلم: دافع الفتيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمعا بأن أبا جهل يسبه، وهذا من أعظم مظاهر المحبة للنبي.
● التوكل على الله: الفتيان اعتمدا على الله وحده حين أقسم كل منهما أن يقتل أبا جهل.
● العدل والحكمة النبوية: حين ادعى كل منهما القتل، حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل بعد النظر في الأدلة، فقضى بأن كليهما شارك في القتل.
● فضل الغيرة على الدين: غيرتهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعتهما للعمل العظيم.
● التضحية في سبيل الله: الفتيان ضحيا بنفسيهما في معركة لم يكونا مجبرين عليها بسبب صغر سنهما.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- أبو جهل (عمرو بن هشام) كان من أشد أعداء الإسلام، وقد قُتل في غزوة بدر كما في هذا الحديث.
- الغزوة حدثت في السنة الثانية للهجرة، وكان عدد المسلمين فيها قليلاً لكنهم انتصروا بتأييد الله.
- الفتيان القاتلان لأبي جهل هما من الأنصار، مما يدل على فضل الأنصار وتضحيتهم.
- الحديث رواه البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
- قضاء النبي صلى الله عليه وسلم بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح يدل على تفصيل أحكام الغنائم في الإسلام.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يغارون على دينه ويحبون نبيه، وأن يوفقنا للاقتداء بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فرض الخمس (٣١٤١) ومسلم في الجهاد والسير (٤٢: ١٧٥٢) كلاهما عن يوسف بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن بن عوف أنه قال: فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 260 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قتل أبي جهل يوم بدر

📜 حديث: قتل أبي جهل يوم بدر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قتل أبي جهل يوم بدر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قتل أبي جهل يوم بدر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قتل أبي جهل يوم بدر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية