من للصبية يا رسول الله قال النار

حديث: من للصبية يا رسول الله قال النار

عن ابن عباس قال: فادى رسول الله ﷺ أسارى بدر، وكان فداء كل رجل منهم أربعة آلاف، وقتل عقبة بن أبي معيط قبل الفداء، قام إليه علي بن أبي طالب فقتله صبرا، قال: من للصبية يا رسول الله؟ قال: «النّار».

صحيح: رواه عبد الرزّاق (٩٣٩٤) ومن طريقه الطبراني (١١/ ٤٠٦ - ٤٠٧) عن معمر، عن قتادة.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو يتناول حدثاً مهماً من أحداث غزوة بدر الكبرى، وهي الغزوة الفاصلة في تاريخ الإسلام. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:

● فادى: الفداء هو أن يطلق الأسير مقابل مال أو منفعة.
● أسارى بدر: هم الرجال من كفار قريش الذين أُسروا في غزوة بدر.
● أربعة آلاف: المقصود أربعة آلاف درهم، وهو مبلغ كبير في ذلك الزمان.
● عقبة بن أبي معيط: من أشد أعداء الإسلام في مكة، وكان من الطغاة الذين آذوا رسول الله ﷺ أذىً شديداً.
● صبراً: أي أمسكه وأقامه ثم قتله، وهو قتل بعد الأسر والحكم عليه.
● من للصبية؟: استفهام على وجه التلهف والشفقة، أي: من سيعول أطفالي الصغار ويقوم على أمورهم؟
● النار: أي نار جهنم، وهي مصيره.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قبل الفداء من أسرى بدر، فأطلق كل أسير مقابل أن تدفع قريش أربعة آلاف درهم فدية عنه.
استثناء عقبة بن أبي معيط:
لكن كان هناك استثناء، وهو عقبة بن أبي معيط، الذي لم يُفَدَ مثل الآخرين، بل أُمِرَ بقتله رغم كونه أسيراً. وقد قام بتنفيذ أمر القتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
سبب قتله صبراً:
لم يكن قتل عقبة تعنتاً أو ظلماً، بل كان لحكمة عظيمة وعدالة إلهية. فقد كان عقبة من أشد المجاهرين بعداوة الإسلام وإيذاء النبي ﷺ في مكة. وورد في بعض الروايات أنه لما أُسِرَ قال للنبي ﷺ: يا محمد، من للصبية؟ (أي من سيرعى أطفالي بعد موتي؟) تلميحاً منه طلباً للرحمة والعفو.
فكان رد النبي ﷺ حاسماً وقاطعاً: «النَّار». أي أن مصيرك هو النار بسبب كفرك وعداوتك لله ورسوله، ولن تنفعك شفاعة ولا رحمة، وأطفالك سيرعاهم الله تعالى، فهو الذي يتولى الصالحين.
فأمر النبي ﷺ بقتله، فقام علي رضي الله عنه فضرب عنقه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عدالة الإسلام وواقعيته: يقبل الإسلام الفداء من الأسرى إذا رأى الإمام في ذلك مصلحة للمسلمين، كما فعل النبي ﷺ مع معظم أسرى بدر. ولكن هذه القاعدة ليست مطلقة، بل تخضع لتقدير الإمام ومصلحة الأمة.
2- الحكمة في معاملة الأسرى: ليس كل أسير يُعامل بنفس المعاملة. فمن كان شديد الأذى والضرر على الإسلام والمسلمين، وكان مجاهراً بعداوته، فإن عقوبته قد تصل إلى القتل، ولو كان أسيراً، ليكون عبرة لأمثاله ودرءاً لشرهم.
3- عدم التردد في إنفاذ حكم الله: موقف النبي ﷺ الحازم مع عقبة يعلمنا أن الرحمة لا تعني التهاون في تطحديد العدل وإنفاذ حكم الله. فالشفيق على أمة الإسلام هو من يزيل عنها أسباب الشر والفساد.
4- التوكل على الله حق التوكل: رد النبي ﷺ «النار» على سؤال عقبة «من للصبية؟» هو درس في التوكل على الله تعالى. فالمؤمن يعلم أن الرزق بيد الله، وأنه تعالى هو الذي يتولى عباده، وليس التهاون في دين الله من أجل رحمة عابرة.
5- بيان مصير أعداء الله: الحديث يوضح بشدة مصير من عادى الله ورسوله وحارب دينه، وأنه لا ينفعه يوم القيامة مال ولا ولد.

رابعاً. معلومات إضافية:

● عقبة بن أبي معيط من الشخصيات المعروفة بعدائها الشديد للإسلام. ومن أشهر أفعاله أنه بصق في وجه النبي ﷺ، وهو من الذين شاركوا في إيذاء المسلمين في مكة.
- قتله صبراً (أي بعد الأسر والحكم) كان لحكمة، وهي إقامة الحد عليه وبيان شناعة جرمه، ليكون عبرة لأولي الألباب.
- الفداء الذي تم في بدر كان فيه مصلحة للمسلمين، حيث استفادوا مادياً من تلك الأموال في تقوية شوكتهم، وكان فيه أيضاً اختبار للمنافقين والضعفاء في الإيمان، كما نزل في ذلك آيات من سورة الأنفال.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في سنّة نبيه، وأن يجعلنا من المتّبعين لهديه المحامين عن شريعته.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عبد الرزّاق (٩٣٩٤) ومن طريقه الطبراني (١١/ ٤٠٦ - ٤٠٧) عن معمر، عن قتادة. قال: وأخبرني عثمان الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس فذكره. وإسناده صحيح.
ومعنى قول النَّبِي ﷺ: «النّار»: أي أنت لك النّار، وأمّا الصبية فاتركهم فالله كافلهم، لأن عقبة بن أبي معيط هذا هو الشقي الذي ألقى سلا الجزور على ظهر رسول الله ﷺ وهو يُصَلِّي في بيت الله.
وقيل: النّار أي في ذلك الوقت؛ لأن عقبة بن أبي معيط وأولاده كانوا في حالة الكفر في ذلك الحين، فلمّا أسلم أولاده خرجوا من هذا الوعيد، ويكون قول مسروق في غير محله.
قال الأعظمي: ولم يقتل صبرًا من الأسرى إِلَّا عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وأمّا طُعيمة بن عدي فقد قتل في المعركة. هكذا قال أبو عبيد في الأموال (١٧١).
وأمّا ما روي في قتل طعيمة بن عدي صبرًا فكله ضعيف لإرساله.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 267 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من للصبية يا رسول الله قال النار

📜 حديث: من للصبية يا رسول الله قال النار

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من للصبية يا رسول الله قال النار

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من للصبية يا رسول الله قال النار

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من للصبية يا رسول الله قال النار

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية