حديث: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

انسحاب عبد الله بن أبي ابن سلول

عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله ﷺ خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع إذا بكتيبة خشناء فقال: «من هؤلاء؟» قالوا: هذا عبد الله بن أبي ابن سلول في ستمائة من مواليه من اليهود من أهل قينقاع، وهم رهط عبد الله بن سلام قال: «وقد أسلموا؟» قالوا: لا يا رسول الله! قال: «قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين».

حسن: رواه ابن سعد في طبقاته (٢/ ٤٨) والحاكم (٢/ ١٢٢) كلاهما من حديث الفضل بن موسى السيناني، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن سعد بن المنذر، عن أبي حميد الساعدي فذكره.

عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله ﷺ خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع إذا بكتيبة خشناء فقال: «من هؤلاء؟» قالوا: هذا عبد الله بن أبي ابن سلول في ستمائة من مواليه من اليهود من أهل قينقاع، وهم رهط عبد الله بن سلام قال: «وقد أسلموا؟» قالوا: لا يا رسول الله! قال: «قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكرتَ رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، وفيه موقف عظيم من مواقف النبي ﷺ، يظهر فيه مبدأ من أعظم مبادئ الجهاد في الإسلام.
أولاً: شرح المفردات:
● ثنية الوداع: مكان معروف على طريق أحد، وهو ممر بين جبلين.
● كتيبة: جماعة من الجنود مجتمعين.
● خشناء:形容هم بالخشونة قد تشير إلى مظهرهم الحربي أو سلوكهم.
● مواليه: تابعيه وأنصاره وحلفاءه.
● قينقاع: اسم إحدى قبائل اليهود الرئيسية في المدينة المنورة.
● رهط: قبيلة أو عشيرة.
ثانياً: شرح الحديث:
يحدثنا الصحابي الجليل أبو حميد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ خرج بجيش المسلمين لملاقاة المشركين في غزوة أحد. وعندما تجاوزوا مكاناً يسمى "ثنية الوداع"، رأى جماعة كبيرة من المقاتلين (كتيبة) يبدو عليهم البأس والشدة.
فسأل النبي ﷺ: «من هؤلاء؟» فأخبره أصحابه أن هذا هو عبد الله بن أبي بن سلول (زعيم المنافقين في المدينة) ومعه ستمائة مقاتل من حلفائه اليهود من بني قينقاع، وهم القبيلة التي ينتمي إليها الصحابي الجليل عبد الله بن سلام رضي الله عنه (الذي كان قد أسلم وحسن إسلامه).
فسأل النبي ﷺ سؤالاً محورياً يعبر عن المنهج: «وقد أسلموا؟» أي هل دخل هؤلاء اليهود في الإسلام وقبلوا به ديناً؟ فأجابوه: «لا يا رسول الله!» فهم ما زالوا على يهوديتهم وكفرهم.
فأصدر النبي ﷺ أمره الحكيم والصريح: «قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين».
ثالثاً: الدروس المستفادة والعبر:
1- أصل عظيم في الجهاد: وهو أن النصرة والاستعانة في قتال أعداء الله لا تكون إلا بالمسلمين المؤمنين. فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام، وهو قتال لإعلاء كلمة الله، فلا يليق أن يُخالطَهُ من ينكر أساسه أو لا يؤمن به. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ} [المائدة: 51].
2- التمييز بين المسلم والكافر: يوضح الموقف أن الانتماء القبلي أو الحلف السياسي لا يغني عن الانتماء العقائدي. فمع أن هؤلاء اليهود كانوا حلفاء لبعض المسلمين (كعبد الله بن أبي) ويعيشون في المدينة، إلا أن كفرهم منعهم من المشاركة في جيش المسلمين.
3- الحكمة والنظر في العواقب: مشاركة الكفار مع المسلمين في القتال قد تسبب:
- إضعافاً للروح المعنوية لجيش المسلمين، فكيف يقاتل المرء بجانب من لا يؤمن بما يقاتل من أجله؟
- خيانة محتملة في أحرج اللحظات، فهم لا عهد لهم مع الإسلام.
- إضفاء شرعية على الكفر واختلاط الأمور على الضعفاء.
4- رفض النفعية والمنفعة المادية: قد يرى البعض أن وجود 600 مقاتل إضافي قوة كبيرة تفيد المسلمين في معركتهم، لكن النبي ﷺ رفض هذه النفعية المادية لأنها تخالف المبدأ الشرعي. فالعزة والنتيجة بيد الله، والنصر من عنده سبحانه، وليس بالعدد والعدة وحدها.
5- بيان عزة الإسلام وأهله: رفض النبي ﷺ الاستعانة بهم هو إعلان بأن المسلمين أعزة بدينهم، لا يحتاجون إلى من يساعدهم وهم على كفر، وأنهم واثقون بنصر الله تعالى.
رابعاً: معلومات إضافية:
- هذا المبدأ (لا نستعين بالمشركين) ليس على إطلاقه، فهناك تفصيلات فقهية ذكرها العلماء لحالات الضرورة القصوى أو للحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، وبشروط صارمة تضمن عدم تسلط الكفار أو تأثيرهم على المسلمين، وأن يكونوا تحت قيادة المسلمين وسيطرتهم. ولكن الأصل هو المنع كما في هذا الحديث.
- هذا الموقف يعلمنا أن الوسائل يجب أن تكون مشروعة مثل الغايات، فلا يمكننا استخدام وسائل محرمة (مثل الاستعانة بكافر على كافر) لتحقيق غاية مشروعة (وهو النصر).
نسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يعيننا على العمل بشرعه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن سعد في طبقاته (٢/ ٤٨) والحاكم (٢/ ١٢٢) كلاهما من حديث الفضل بن موسى السيناني، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن سعد بن المنذر، عن أبي حميد الساعدي فذكره.
حسّنه الحافظ في المطالب (٤٢٦٣) وذلك من أجل سعد بن المنذر فإنه وإن لم يوثّقه غير ابن حبان فإنه ما روى به موافق للتاريخ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 315 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين

  • 📜 حديث: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب