حديث: ما نصر الله في موطن كما نصر يوم أحد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ترك الرماة الجبل الذي عيّنهم عليه رسولُ الله ﷺ -

عن ابن عباس أنه قال: ما نصر الله تبارك وتعالى في موطن كما نصر يوم أحد، قال: فأنكرنا فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله تبارك وتعالى، إن الله عز وجل يقول في يوم أحد: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ يقول ابن عباس: والحسُّ: القتل - ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٥٢] وإنما عنى بهذا الرماة، وذلك أن النبي ﷺ أقامهم في موضع، ثم قال: «احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل، فلا
تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا» فلما غنم النبي ﷺ وأباحوا عسكر المشركين، أكبّ الرماة جميعًا، فدخلوا في العسكر ينهبون، وقد التقت صفوف أصحاب رسول الله ﷺ، فهم هكذا، وشبّك بين أصابع يديه - والتبسوا، فلما أخلّ الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها، دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي ﷺ، فضرب بعضهم بعضًا، والتبسوا، وقتل من المسلمين ناس كثير، وقد كان لرسول الله ﷺ وأصحابه أول النهار، حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة، أو تسعة، وجال المسلمون جولة نحو الجبل، ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار، إنما كانوا تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمد، فلم يشكّ فيه أنه حق، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قتل، حتى طلع رسول الله ﷺ بين السعدين نعرفه بتكفئه إذا مشى، قال: ففرحنا كأنه لم يصبنا ما أصابنا، قال: فرقي نحونا، وهو يقول: «اشتد غضب الله على قوم دمّوا وجه رسوله» قال: ويقول مرة أخرى: «اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا» حتى انتهى إلينا. فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: اعل هبل - مرتين، يعني آلهته - أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: يا رسول الله، ألا أجيبه؟ قال: «بلى» قال: فلما قال: اعل هبل، قال عمر: الله أعلى وأجلّ، قال: فقال سفيان: يا ابن الخطاب، إنه قد أنعمت عينها، فعاد عنها، أو فعال عنها، فقال: أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله ﷺ، وهذا أبو بكر، وها أنا ذا عمر، قال: فقال سفيان: يوم بيوم بدر، الأيام دول، وإن الحرب سجال، قال: فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، قال: إنكم لتزعمون ذلك، لقد خبنا إذًا وخسرنا، ثم قال أبو سفيان: أما إنكم سوف تجدون في قتلاكم مثلى، ولم يكن ذاك عن رأي سَراتنا، قال: ثم أدركته حمية الجاهلية، قال: فقال: أما إنه قد كان ذاك، لم يكرهه.

حسن: رواه أحمد (٢٦٠٩) والطبراني في الكبير (١٠٧٣١) والحاكم (٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧) كلهم من طريق سليمان بن داود، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس أنه قال: ما نصر الله ﵎ في موطن كما نصر يوم أحد، قال: فأنكرنا فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله ﵎، إن الله ﷿ يقول في يوم أحد: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ يقول ابن عباس: والحسُّ: القتل - ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٥٢] وإنما عنى بهذا الرماة، وذلك أن النبي ﷺ أقامهم في موضع، ثم قال: «احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل، فلا
تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا» فلما غنم النبي ﷺ وأباحوا عسكر المشركين، أكبّ الرماة جميعًا، فدخلوا في العسكر ينهبون، وقد التقت صفوف أصحاب رسول الله ﷺ، فهم هكذا، وشبّك بين أصابع يديه - والتبسوا، فلما أخلّ الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها، دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي ﷺ، فضرب بعضهم بعضًا، والتبسوا، وقتل من المسلمين ناس كثير، وقد كان لرسول الله ﷺ وأصحابه أول النهار، حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة، أو تسعة، وجال المسلمون جولة نحو الجبل، ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار، إنما كانوا تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمد، فلم يشكّ فيه أنه حق، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قتل، حتى طلع رسول الله ﷺ بين السعدين نعرفه بتكفئه إذا مشى، قال: ففرحنا كأنه لم يصبنا ما أصابنا، قال: فرقي نحونا، وهو يقول: «اشتد غضب الله على قوم دمّوا وجه رسوله» قال: ويقول مرة أخرى: «اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا» حتى انتهى إلينا. فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: اعل هبل - مرتين، يعني آلهته - أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: يا رسول الله، ألا أجيبه؟ قال: «بلى» قال: فلما قال: اعل هبل، قال عمر: الله أعلى وأجلّ، قال: فقال سفيان: يا ابن الخطاب، إنه قد أنعمت عينها، فعاد عنها، أو فعال عنها، فقال: أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله ﷺ، وهذا أبو بكر، وها أنا ذا عمر، قال: فقال سفيان: يوم بيوم بدر، الأيام دول، وإن الحرب سجال، قال: فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، قال: إنكم لتزعمون ذلك، لقد خبنا إذًا وخسرنا، ثم قال أبو سفيان: أما إنكم سوف تجدون في قتلاكم مثلى، ولم يكن ذاك عن رأي سَراتنا، قال: ثم أدركته حمية الجاهلية، قال: فقال: أما إنه قد كان ذاك، لم يكرهه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث ابن عباس رضي الله عنهما هذا يروي قصة غزوة أحد وما حدث فيها من أحداث جسام، وهو حديث عظيم الشأن، كثير العبر، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بحول الله وقوته.

أولاً. شرح المفردات:


● نصر: أعان وأنقذ.
● تحسونهم: تقتلونهم، من الحس وهو القتل.
● فشلتم: ضعفتم وتراجعتم.
● الرماة: هم مجموعة من الصحابة كانوا مسلحين بالقوس والسهام.
● أكبّوا: اندفعوا بشدة.
● شبّك بين أصابعه: وضع أصابعه بعضها في بعض ليوضح التشابك والاختلاط.
● المهراس: مكان قريب من جبل أحد.
● تكفئه إذا مشى: تميل مشيته من شدة الجراح.
● دمّوا وجه رسوله: جرحوا وجه النبي صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بقول ابن عباس رضي الله عنهما: "ما نصر الله في موطن كما نصر يوم أحد"، وهذا قول قد يستغربه البعض لأن غزوة أحد كانت فيها هزيمة للمسلمين بعد أن كان النصر حليفهم في بدايتها، ولكن ابن عباس يستدل على ذلك بالقرآن الكريم في سورة آل عمران، حيث ذكر الله تعالى أنه صدق المسلمين وعده بنصره إذ كانوا يقتلون المشركين بإذنه، ثم لما فشلوا واختلفوا عصوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فعفا الله عنهم.
ثم يبين ابن عباس أن المقصود بهذا العصيان هم الرماة، الذين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقوا في مكانهم على الجبل ليحموا ظهور المسلمين، ونهاهم عن ترك مكانهم سواء رأوا المسلمين يغلبون أو يغلبون، ولكنهم لما رأوا المسلمين يغنمون معسكر المشركين تركوا مواقعهم وانشغلوا بالغنائم، فاستغل خالد بن الوليد (وكان يومئذ مشركًا) هذه الثغرة وهجم بفرسانه على المسلمين من الخلف، فاضطربت صفوفهم واختلطوا، فقتل منهم عدد كبير.
وكان النصر حليف المسلمين في بداية المعركة، حيث قتلوا حامل لواء المشركين عدة مرات، ولكن لما حدث ما حدث من ترك الرماة مواقعهم، انقلبت الهزيمة على المسلمين، وفرّ بعضهم إلى الجبل، وانتشر إشاعة مقتل النبي صلى الله عليه وسلم التي أطلقها الشيطان، فصدقها الكثيرون، حتى ظهر النبي صلى الله عليه وسلم بينهم فعرفوه، ففرحوا فرحًا شديدًا.
ثم يذكر الحديث ما جرى بين أبي سفيان وعمر بن الخطاب رضي الله عنه من محاورة، حيث تفاخر أبو سفيان بانتصار قومه في أحد مقابل هزيمتهم في بدر، فرد عليه عمر بأن قتلى المسلمين في الجنة وقتلى المشركين في النار.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم: فإن معصية الرماة لأمر النبي كانت سببًا في الهزيمة، قال تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ﴾.
2- الابتلاء سنة ماضية: فالنصر والهزيمة من سنن الله في عباده، يبتلي بها الصادقين من المؤمنين.
3- عفو الله ومغفرته: فإن الله عفا عن المسلمين بعد معصيتهم، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾.
4- ثبات النبي صلى الله عليه وسلم: فقد ثبت في أشد المواقف، ودعا على من آذاه، ولم ييأس من رحمة الله.
5- الفرح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم: يدل على محبة الصحابة له، وأنهم كانوا يفدونه بأنفسهم.
6- الرد على أهل الباطل: كما فعل عمر رضي الله عنه بأبي سفيان، حيث رد عليه بكلمة الحق.

رابعًا. معلومات إضافية:


- الغزوة وقعت في السنة الثالثة للهجرة.
- استشهد فيها حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم.
- جرح النبي صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته.
- الحديث رواه البخاري في صحيحه وغيره.
فهذا الحديث يذكرنا بأهمية الطاعة، وضرورة الصبر على البلاء، وأن النصر من عند الله، وأن العاقبة للمتقين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٦٠٩) والطبراني في الكبير (١٠٧٣١) والحاكم (٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧) كلهم من طريق سليمان بن داود، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله، عن ابن عباس، فذكره. قال الحاكم: صحيح الإسناد.
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف، أو لم يأت في حديثه ما ينكر عليه، لأنه تغير حفظه لما قدم بغداد فكان يضطرب كما قال الإمام أحمد.
هنا حصل منه سهو وهو أنه لم يذكر اسم الصحابي الذي أخذ منه ابن عباس قصة أحد، لأنه لم يشهدها وكان بمكة مع أبيه ومع ذلك يقول: «فما زلنا كذلك ما نشك أنه قد قتل حتى طلع رسول الله ﷺ بين السعدين نعرفه ...».
هذا قول أحد من الصحابة الذي حدّث القصة بكاملها لابن عباس، وجهالة الصحابي لا تضر بصحة الحديث.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره - في تفسير الآية (١٥٢ من سورة آل عمران) بعد أن أخرج الحديث من مسند الإمام أحمد: «هذا حديث غريب، وسياق عجيب، وهو من مرسلات ابن عباس، فإنه لم يشهد أحدًا، ولا أبوه».
وقال: وقد أخرجه الحاكم في مستدركه، وابن أبي حاتم والبيهقي في دلائل النبوة من حديث سليمان بن داود الهاشمي به ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 324 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما نصر الله في موطن كما نصر يوم أحد

  • 📜 حديث: ما نصر الله في موطن كما نصر يوم أحد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما نصر الله في موطن كما نصر يوم أحد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما نصر الله في موطن كما نصر يوم أحد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما نصر الله في موطن كما نصر يوم أحد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب