حديث: النبي ﷺ يقول لأبي بكر: «أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج»

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب استشهاد القراء في بئر معونة في صفر سنة أربع

عن عائشة قالت: استأذن النبي ﷺ أبو بكر في الخروج حين اشتد عليه الأذى، فقال له: «أقم» قال: يا رسول الله! أتطمع أن يؤذن لك، فكان رسول الله ﷺ يقول: «إني لأرجو ذلك» قالت: فانتظره أبو بكر، فأتاه رسول الله ﷺ ذات يوم ظهرًا، فناداه فقال: «أخرج من عندك» فقال أبو بكر: إنما هما ابنتاي فقال: «أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج» فقال: يا رسول الله! الصحبة! فقال النبي ﷺ: «الصحبة» قال: يا رسول الله! عندي ناقتان، قد كنمت أعددتهما للخروج، فأعطى النبي ﷺ إحداهما - وهي الجدعاء - فركبا، فانطلقا حتى أتيا الغار - وهو بثور - فتواريا فيه، فكان عامر بن فهيرة غلامًا لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة أخي عائشة لأمها، وكانت لأبي بكر منحة، فكان يروح بها ويغدو عليهم ويصبح، فيدلج إليهما ثم يسرح، فلا يفطن به أحد من الرعاء، فلما خرج خرج معهما يعقبانه حتى قدما المدينة، فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة.
وعن أبي أسامة قال: قال هشام بن عروة: فأخبرني أبي قال: لما قتل الذين ببئر معونة، وأسر عمرو بن أمية الضمري، قال له عامر بن الطفيل: من هذا؟ فأشار إلى قتيل، فقال له عمرو بن أمية: هذا عامر بن فهيرة، فقال: لقد رأيته بعدما قتل رفع إلى السماء، حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض، ثم وضع، فأتى النبي ﷺ خبرهم فنعاهم، فقال: «إن أصحابكم قد أصيبوا، وإنهم قد سألوا ربهم، فقالوا: ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك ورضيت عنا، فأخبرهم عنهم» وأصيب يومئذ فيهم عروة بن أسماء بن الصلت فسمي عروة به، ومنذر بن عمرو سمي به منذرًا.

صحيح: رواه البخاري (٤٠٩٣) عن عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة قالت: استأذن النبي ﷺ أبو بكر في الخروج حين اشتد عليه الأذى، فقال له: «أقم» قال: يا رسول الله! أتطمع أن يؤذن لك، فكان رسول الله ﷺ يقول: «إني لأرجو ذلك» قالت: فانتظره أبو بكر، فأتاه رسول الله ﷺ ذات يوم ظهرًا، فناداه فقال: «أخرج من عندك» فقال أبو بكر: إنما هما ابنتاي فقال: «أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج» فقال: يا رسول الله! الصحبة! فقال النبي ﷺ: «الصحبة» قال: يا رسول الله! عندي ناقتان، قد كنمت أعددتهما للخروج، فأعطى النبي ﷺ إحداهما - وهي الجدعاء - فركبا، فانطلقا حتى أتيا الغار - وهو بثور - فتواريا فيه، فكان عامر بن فهيرة غلامًا لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة أخي عائشة لأمها، وكانت لأبي بكر منحة، فكان يروح بها ويغدو عليهم ويصبح، فيدلج إليهما ثم يسرح، فلا يفطن به أحد من الرعاء، فلما خرج خرج معهما يعقبانه حتى قدما المدينة، فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة.
وعن أبي أسامة قال: قال هشام بن عروة: فأخبرني أبي قال: لما قتل الذين ببئر معونة، وأسر عمرو بن أمية الضمري، قال له عامر بن الطفيل: من هذا؟ فأشار إلى قتيل، فقال له عمرو بن أمية: هذا عامر بن فهيرة، فقال: لقد رأيته بعدما قتل رفع إلى السماء، حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض، ثم وضع، فأتى النبي ﷺ خبرهم فنعاهم، فقال: «إن أصحابكم قد أصيبوا، وإنهم قد سألوا ربهم، فقالوا: ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك ورضيت عنا، فأخبرهم عنهم» وأصيب يومئذ فيهم عروة بن أسماء بن الصلت فسمي عروة به، ومنذر بن عمرو سمي به منذرًا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث العظيم، الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، يروي قصة هجرة النبي ﷺ من مكة إلى المدينة، وهي من أعظم الأحداث في تاريخ الإسلام، ويتجلى فيه مواقف عظيمة من الإيمان والثبات والتضحية.

أولاً. شرح المفردات:


● استأذن: طلب الإذن والإجازة.
● اشتد عليه الأذى: زاد وتفاقم تعذيبه وإيذاء كفار قريش له.
● أتطمع أن يؤذن لك: هل تتوقع ويأمل أن يُسمح لك بالخروج (أي بالهجرة)؟
● كنمت: ادَّخَرتُ وهيَّأتُ.
● الجدعاء: الناقة التي قُطِع جزء من أذنها.
● الغار: الكهف في الجبل.
● ثور: اسم جبل معروف جنوب مكة.
● منحة: قطيع من الغنم أو الإبل للحليب.
● يروح بها ويغدو: يذهب بها في المساء ويأتي بها في الصباح للرعي.
● يدلج: يسير في آخر الليل.
● يعقبانه: يسيران خلفهما ليحمياه من أن يتبعها أحد.
● بئر معونة: مكان وقعت فيه غزوة، واستشهد فيها عدد من الصحابة.


ثانياً. شرح الحديث:


يصف الحديث بداية رحلة الهجرة النبوية، والتي كانت نقطة تحول كبرى في تاريخ الدعوة الإسلامية.
1- طلب أبو بكر الإذن بالهجرة: كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يتعرض للأذى الشديد من كفار قريش، فطلب من النبي ﷺ الإذن له بالهجرة إلى المدينة للخلاص من هذا الأذى. لكن النبي ﷺ أمره بالبقاء في مكة وقال له: «أقم»، لأنه كان يترقب هو نفسه الإذن بالهجرة من الله تعالى.
2- رجاء النبي ﷺ وأمل أبو بكر: عندما سأله أبو بكر: «أتطمع أن يؤذن لك؟» كانت إجابة النبي ﷺ «إني لأرجو ذلك» توحي بثقة عظيمة بوعد الله، وصبر على البلاء حتى يأتي الفرج. وهذا درس في التوكل على الله واليقين بنصره.
3- بشرى الهجرة واختيار الصحبة: عندما جاء النبي ﷺ إلى بيت أبي بكر في وقت الظهيرة (وهو وقت خلوة الناس في بيوتهم) وأخبره أن الله قد أذن له بالهجرة، كان رد فعل أبي بكر الفوري هو طلب شرف الصحبة في هذه الرحلة العظيمة، قائلاً: «يا رسول الله! الصحبة!». فرد عليه النبي ﷺ بالموافقة «الصحبة». وهذا يدل على شدة حب أبي بكر للنبي ﷺ وحرصه على أن يكون معه في السراء والضراء.
4- التضحية والإعداد: كان أبو بكر رضي الله عنه قد أعدّ لكل طارئ، فقد كان لديه ناقتان مهيأتان لهذه الرحلة، فوهب إحداهما، وهي الجدعاء، للنبي ﷺ ليركبها. وهذا يدل على حكمته وبُعد نظره، وعلى سخائه وتفضيله للنبي ﷺ على نفسه.
5- الاختباء في غار ثور: اتجه النبي ﷺ وأبو بكر إلى غار في جبل ثور، واختبآ فيه ثلاثة أيام. واختارا هذا المكان لأنه غير متوقع ومعروف بتوعره وصعوبته، مما يضمن لهما الأمان من مطاردة قريش.
6- دور عامر بن فهيرة: كان عامر بن فهيرة رضي الله عنه عبداً لأبي بكر فأعتقه، وكان يرعى غنمه. وكان يأتي بالغنم إلى الغار كل يوم ليشربا من لبنها، وفي نفس الوقت يمحو آثار أقدامهما بأقدام الغنم حتى لا يتبعهم أحد. ثم كان يسير خلفهما في الطريق إلى المدينة ليرفع من درجة الأمان ويحميهما من الخلف. وقد استشهد هذا الصحابي الجليل لاحقاً في غزوة بئر معونة.
7- كرامة عامر بن فهيرة بعد استشهاده: الجزء الأخير من الحديث يذكر كرامة لهذا الصحابي، حيث شهد الأسير عمرو بن أمية أنه رأى جثة عامر بن فهيرة بعد استشهاده تُرفع إلى السماء ثم تُوضع، وهي من الكرامات التي يكرم الله بها شهداءه. ثم بلغ النبي ﷺ خبر استشهادهم، فبشرهم بأنهم قد رضوا عن ربهم ورضي عنهم، وسألوا الله أن يخبر إخوانهم في الدنيا بمنزلتهم، فأخبرهم النبي ﷺ بذلك.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الصبر على الأذى في سبيل الله: تحمل النبي ﷺ وأصحابه أشد أنواع الأذى، وكان صبرهم سبباً في نصر الله لهم.
2- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي ﷺ كان يتوكل على الله حق توكله، ولكنه في نفس الوقت أخذ بكل الأسباب المادية المتاحة: الاختباء في الغار، محو الآثار، اختيار الرفيق الأمين، ووجود الدليل.
3- مكانة أبي بكر الصديق: يظهر الحديث منزلة أبي بكر رضي الله عنه وفضله، فهو الصاحب في الهجرة، والمواسي بالنفس والمال، وكان أحب الناس إلى النبي ﷺ.
4- قيمة الصحبة الصالحة: اختيار الرفيق في السفر والأمر كله مهم، وكان أبو بكر خير صاحب.
5- التضحية والفداء: تضحيات أبي بكر (بماله) وعامر بن فهيرة (بجهده ووقته ثم بحياته) تظهر معنى الفداء الحقيقي في سبيل الله ونصرة دينه.
6.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري (٤٠٩٣) عن عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
وقوله: وعن أبي أسامة قال: قال هشام بن عروة، فأخبرني أبي قال ... هكذا ذكره مرسلًا عن عروة بن الزبير ولكن إدراج هذا المرسل في قصة الهجرة الموصولة عن عائشة يشير إلى أنها موصولة أيضًا بذكر عائشة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 385 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النبي ﷺ يقول لأبي بكر: «أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج»

  • 📜 حديث: النبي ﷺ يقول لأبي بكر: «أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج»

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: النبي ﷺ يقول لأبي بكر: «أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج»

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: النبي ﷺ يقول لأبي بكر: «أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج»

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: النبي ﷺ يقول لأبي بكر: «أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج»

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب