حديث: قلنا لرسول الله ﷺ يوم الخندق وقد بلغ منا الجهد: هل من شيء نقوله؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب دعاء النَّبِيّ ﷺ يوم الأحزاب

عن أبي سعيد الخدريّ قال: قلنا لرسول الله ﷺ يوم الخندق وقد بلغ منا الجهد: هل من شيء نقوله؟ قال: «قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا». قال: فهزم الله بالريح.

حسن: رواه البزّار - كشف الأستار (٣١١٩) عن محمد بن المثنى، ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، ثنا الزُّبير بن عبد الله، ويقال: ابن رهيمة من أهل المدينة، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، عن جده فذكره.

عن أبي سعيد الخدريّ قال: قلنا لرسول الله ﷺ يوم الخندق وقد بلغ منا الجهد: هل من شيء نقوله؟ قال: «قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا». قال: فهزم الله بالريح.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره:
الحديث:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قلنا لرسول الله ﷺ يوم الخندق وقد بلغ منا الجهد: هل من شيء نقوله؟ قال: «قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا». قال: فهزم الله بالريح.


1. شرح المفردات:


● يوم الخندق: أي غزوة الأحزاب التي حاصر فيها المشركون المدينة، وحفر المسلمون الخندق للدفاع عنها.
● بلغ منا الجهد: بلغ بنا التعب والمشقة إلى أقصى حد، من شدة الحصار والجوع والخوف.
● عوراتنا: العورة هنا تشمل كل ما يستحي الإنسان من ظهوره، سواء كان عيبًا في الدين أو الدنيا، أو شيئًا يخاف افتضاحه.
● روعاتنا: جمع روعة، وهي الفزعة والخوف الشديد الذي يقع في القلب.
● فهزم الله بالريح: أي أن الله تعالى أنزل على المشركين ريحًا شديدة قلبت قدورهم، وأطفأت نيرانهم، وفرقت جمعهم.


2. شرح الحديث:


في هذا الحديث يصف الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه حالة المسلمين الصعبة أثناء غزوة الأحزاب (الخندق)، حيث اشتد عليهم الحصار، ووصل بهم الجهد والتعب إلى أقصى درجة، فسألوا النبي ﷺ عن دعاء يدعون به ليكشف الله عنهم هذه الشدة.
فأرشدهم النبي ﷺ إلى هذا الدعاء العظيم: «اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا».
● «اللهم استر عوراتنا»: أي استر عنا عيوبنا وأخطاءنا، ولا تفضحنا بها في الدنيا أو الآخرة، واحفظنا من أن نعصيك أو نقع في ما يخزينا.
● «وآمن روعاتنا»: أي اذهب عنا الخوف والفزع، وأبدله بالأمن والطمأنينة، وامنع عنا كل ما يخيفنا.
فاستجاب الله دعاءهم، وأرسل على المشركين ريحًا شديدة هزمتهم وفرقت شملهم، فانصرفوا خائبين.


3. الدروس المستفادة منه:


1- التوجه إلى الله في الشدائد: أن المسلم عندما يقع في شدة أو خوف، يلجأ إلى الله تعالى بالدعاء، ولا ييأس من رحمته.
2- فضل هذا الدعاء: أن هذا الدعاء من جوامع الكلم، وهو مختصر ومعبّر عن حاجة العبد إلى ستر عيوبه وزوال خوفه.
3- الاستغاثة بالله قبل الأسباب: أن النبي ﷺ لم يوجههم إلى قتال أو خطة عسكرية في تلك اللحظة، بل إلى الدعاء، مما يدل على أن الأسباب لا تنفع إلا بمشيئة الله.
4- قوة الدعاء وأثره: أن الدعاء سبب لنصر الله تعالى، كما حصل في هذه الغزوة، حيث هزم الله الأعداء بالريح بعد دعاء المسلمين.
5- الاعتراف بالضعف البشري: أن الإنسان ضعيف، وعليه أن يطلب من الله ستر عيوبه وحمايته من المخاوف.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الدعاء من الأدعية النبوية التي ينبغي للمسلم أن يحفظها ويدعو بها في أوقات الشدة والكرب.
- الغزوة كانت اختبارًا صعبًا للمسلمين، ولكنها انتهت بنصر مؤزر بفضل الله ثم بفضل صبرهم ودعائهم.
- يستحب الدعاء بهذا الدعاء عند الخوف من عدو، أو عند الخوف من الفضيحة، أو عند الشعور بالقلق والرعب.

أسأل الله تعالى أن يستر عوراتنا، ويؤمن روعاتنا، ويحفظنا من كل خوف وسوء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزّار - كشف الأستار (٣١١٩) عن محمد بن المثنى، ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، ثنا الزُّبير بن عبد الله، ويقال: ابن رهيمة من أهل المدينة، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، عن جده فذكره.
قال البزّار: لا نعلم رواه بهذا الإسناد إِلَّا الزُّبير.
قال الأعظمي: وهو كما قال. فقد رواه أيضًا الإمام أحمد (١٠٩٩٦) عن أبي عامر بإسناده إِلَّا أن فيه: ربيح بن أبي سعيد، عن أبيه.
فالظاهر أن فيه سقطًا، فإن ربيحا ليس ابنا لأبي سعيد، وإنما هو ابن عبد الرحمن كما في إسناد البزّار.
ولذا قال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ١٣٦): رواه أحمد والبزّار، وإسناد البزّار متصل، ورجاله ثقات، وكذلك رجال أحمد، إِلَّا في نسختي من المسند: عن ربيح بن أبي سعيد، عن أبيه، وهو في البزّار: عن أبيه، عن جده.
قال الأعظمي: إسناده حسن فإن الزُّبير بن عبد الله الأموي مولاهم، قال فيه أبو حاتم صالح. وذكره ابن حبَّان في الثّقات فهو حسن الحديث.
ولكن قال الحافظ في التقريب «مقبول».
وأمّا ربيح بن عبد الرحمن فقد تكلم فيه البخاريّ وأحمد وغيرهما ولكن قال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، فيحسن حديثه إِلَّا إذا خالف أو أتى بما ينكر عليه.
بقي المشركون محاصرين للنبي ﷺ وأصحابه قريبا من شهر، إِلَّا أنهم لا يَصِلُون إليهم، ولم يقع بينهم قتال إِلَّا أن عمرو بن عبد ود العامري - وكان من الفرسان الشجعان المشهورين في الجاهليّة - ركب، ومعه فوارس فاقتحموا الخندق، وخلصوا إلى ناحية المسلمين، فندب رسول الله ﷺ المسلمين إليه، فلم يبرز إليه أحد، وأمر عليًا فخرج إليه فتجالا ساعة، ثمّ قتله علي رضي
الله عنه، فكان علامة على النصر.
ثمّ أرسل الله عز وجل على الأحزاب ريحًا شديدة الهبوب قوية، حتَّى لم يبق لهم خيمة، ولا شيء ولا توقد لهم نار، ولم يقر لهم قرار حتَّى ارتحلوا خائبين خاسرين كما قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ [الأحزاب: ٩].
وقوله: ﴿وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾ وهم الملائكة.
وممن قتل يوم الخندق ابن عمرو بن عبد ود - وهو حسل كما قال ابن هشام: وحدثني الثقة أنه حدّث عن ابن شهاب الزهري أنه قال: قتل عليّ بن أبي طالب يومئذ عمرو بن عبد ود وابنه حسْل بن عمرو. انظر: سيرة ابن هشام (٢/ ٢٥٣).
وممن قتل أيضًا من المشركين: نوفل بن عبد الله المخزومي قتله الزُّبير بن العوام بالسيف فشقّه اثنين وهو الذي طلب المشركون جسده بالدية فقال النَّبِيّ ﷺ: «إنه خبيث، وخبيث الدية» فلم يقبل منهم الدية وأذن لهم بدفنه.
وأمّا ما رُوي عن ابن عباس: أن المسلمين أصابوا رجلًا من عظماء المشركين، فقتلوه، فسألوهم أن يشتروه، فنهاهم النَّبِيّ ﷺ أن يبيعوا جيفة مشرك. فهو ضعيف.
رواه الترمذيّ (١٧١٥)، وأحمد (٣٠١١)، والبيهقي (٩/ ١٣٣) كلّهم من طرق عن سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس فذكره. وابن أبي ليلى هو: محمد بن عبد الرحمن سيء الحفظ.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إِلَّا من حديث الحكم، ورواه الحجاج بن أرطاة أيضًا عن الحكم».
قال الأعظمي: رواه أحمد (٢٢٣٠، ٢٤٤٢)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٤١٩) من طرق عن الحجاج بن أرطاة قال: عن الحكم به. ولفظه: قتل المسلمون يوم الخندق رجلًا من المشركين، فأعطوا بجيفته مالا، فقال رسول الله ﷺ: «ادفعوا إليهم جيفتهم؛ فإنه خبيث الجيفة، خبيث الدية» فلم يقبل منهم شيئًا.
والحجاج بن أرطاة مدلِّس وقد عنعن. ومدار الاسنادين على الحكم، وهو ابن عيينة، ولم يسمع من مقسم إِلَّا خمسة أحاديث، وليس هذا منها.
ولعل ابن حجر قال لذلك في الفتح (٦/ ٢٨٣): «إسناده غير قوي».
وجاء مرسلًا عن عكرمة أن نوفلا - أو ابن نوفل - تردى به فرسه يوم الخندق، فقتل، فبعث أبو سفيان إلى النبي ﷺ بديته مئة من الإبل، فأبى النبي ﷺ، وقال: «خذوه فإنه خبيث الدية، خبيث الجيفة».
رواه ابن أبي شيبة (١٤/ ٤٢٣) بإسناد صحيح عن عكرمة مرسلًا.
وممن قتل أيضًا من المشركين يوم الخندق من بني عبد الدار بن قصي: منبّه بن عثمان بن
السبّاق بن عبد الدار أصابه سهم فمات منه بمكة. قاله ابن إسحاق.
قال ابن هشام: هو عثمان بن أمية بن منبّه بن عبيد بن السباق.
هؤلاء الأربعة من المشركين قتلوا يوم الخندق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 429 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قلنا لرسول الله ﷺ يوم الخندق وقد بلغ منا الجهد: هل من شيء نقوله؟

  • 📜 حديث: قلنا لرسول الله ﷺ يوم الخندق وقد بلغ منا الجهد: هل من شيء نقوله؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قلنا لرسول الله ﷺ يوم الخندق وقد بلغ منا الجهد: هل من شيء نقوله؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قلنا لرسول الله ﷺ يوم الخندق وقد بلغ منا الجهد: هل من شيء نقوله؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قلنا لرسول الله ﷺ يوم الخندق وقد بلغ منا الجهد: هل من شيء نقوله؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب