قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن أصحاب الجنة في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]
أعظِم به من هدًى يناله المؤمنون المتَّقون! وكيف لا يكون كذلك وهو عطاءُ الجواد الكريم، وفضلُ المنَّان العظيم؟ وعدُ الله عبدَه المؤمنَ بالنجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة يملأ قلبَه باليقين، ألا تشعرُ بالطُّمَأنينة تغشى روحَك وأنت تعلم عاقبةَ إيمانك؟ كيف لا يتمكَّن من الهدى ويثبُت عليه ويستعلي فيه مَن جمع صلاحَ الباطن بالإيمان، وصلاحَ الظاهر بلزوم الصالحات؟ لا يبلغ الإنسانُ رتبة الفلاح، حتى يعظُمَ حظُّه من الإيمان والصلاح. |
﴿وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [البقرة: 25]
كثيرًا ما تعقُب آياتُ الوعد والتبشير، آياتِ الوعيد والتحذير، ليحلِّقَ المؤمنُ إلى رضا مولاه القدير، بجناحَي الرغبة والرهبة. أيها الداعيةُ، احمِل إلى المستجيبين للحقِّ عبيرَ البُشرَيات، ونسيمَ العاقبة الحسنة للإيمان والصالحات. جنَّة جمعت كلَّ اللذائذ؛ من مسكنٍ ومطعمٍ ومَنكح، وكان الخلود فيها تمامَ نعيمها، والأمانَ من زوال سُرورها، ألا تستحقُّ التشمير لها؟! |
﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [البقرة: 82]
الجنَّة، ما الجنَّة؟ إنها دار المؤمنين المتَّقين، العاملين في رضا ربِّ العالمين، يخلدون فيها بسلام، ويتقلَّبون في نُعماها بأمان. |
﴿۞ قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]
قد عُرِضَت الدَّاران، ووُصِفَت السعادتان، فقِس هذه الدارَ الجليلة بتلك الدار الوضيعة، واختَر لنفسك. لا مقارنةَ بين نِعَم الدنيا ونِعَم الآخرة، فنِعَمُ الدنيا منقطعةٌ مَشوبةٌ بالمنغِّصات، ونِعَم الآخرة باقيةٌ خاليةٌ من كلِّ شائبة. بدأ سبحانه بذِكر المَقرِّ وهو الجنَّات، ثم ثنَّى بذِكر ما يحصُل به الأُنس وهو الأزواج المطهَّرات، ثم ثلَّث بذِكر أعظم النَّعيم، وهو الفوزُ برضا الجليل العظيم. احرِص على تحقيق التقوى؛ حتى تظفرَ بما وعد الله به عبادَه المتَّقين من الرضوان والجنَّات، والزوجات المطهَّرات. إذا علمتَ ما أعدَّ الله لك من نعيم، فاعلم أنه سبحانه بصيرٌ بك وعليم؛ فاجتهد في الخلاص ممَّا لا يليق أن يعلمَه منك، حتى لا يحولَ بينك وبين التكريم. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ ﴾ [آل عمران: 136]
سبحانه من جوادٍ كريم، وغفَّارٍ رحيم، لا يمنع فضلَه عن عبده الذي عصاه متى رجعَ إليه بقلبٍ خاشع وتوبةٍ نصوح. |
﴿فَٱسۡتَجَابَ لَهُمۡ رَبُّهُمۡ أَنِّي لَآ أُضِيعُ عَمَلَ عَٰمِلٖ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰۖ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۖ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لَأُكَفِّرَنَّ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ ثَوَابٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلثَّوَابِ ﴾ [آل عمران: 195]
التفكُّر في آيات الله الكونيَّة من مفاتيح الإيمان وأسباب الدعاء، فإذا فُتح بابُ الدعاء فقد عظُم الرجاء بفتح باب الإجابة. خاطبَ الله عبادَه بعنوان الربوبيَّة المُنبئ عن تمام الرعاية، ثم أضافهم إلى ذاته العليَّة، فما أعذبَ تلك الإجابة، وما أشرفَ تلك العناية! يجيب الله دعاءَ من قرنَ دعاءه بالعمل الصالح المتقبَّل، فما الذي يرجوه بكسَله البطَّال؟ قَبول الأعمال الخالصة ليس حِكرًا على أصحاب المقامات الرفيعة، وإنما يمنحه الله لكلِّ مَن بذل وسعَه، واستفرغ جهدَه. المفاضلة بين الناس في الجزاء إنما تكون بحسَب الأعمال الصالحة المقبولة، فلا عبرةَ بجنسٍ ولا نسَب ولا لون، ولا بغير ذلك. كلُّ أذًى ينال المؤمنَ في سبيل الله فقد تكفَّل الله بأجره، ووعد عليه الثواب، فالغُنم بالغُرم. لا يُضيع الله عملَ عامل مخلص، بل يُثيبه من عنده ثوابًا حسنًا، فماذا تنتظر في ثوابٍ اللهُ واهبُه، ومن عملٍ صالح اللهُ مجازٍ عليه؟ |
﴿لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا نُزُلٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۗ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّلۡأَبۡرَارِ ﴾ [آل عمران: 198]
قارن كمالَ حُسن حال المؤمنين وتمامَ سرورهم، وما أعدَّ الله لهم من النُّزُل الكريم، مع سوء حالِ الكفرةِ، وما أعدُّوه لأنفسهم من مأوًى مَهين؛ تجِد أن طيب المآل بطيب الأعمال، وعكسُه بعكسه. إذا كانت الجنَّة كلُّها نُزُلًا مُعدًّا للمؤمنين، فليت شِعري ما النعيمُ الذي يدَّخره الغنيُّ الكريم لهم في ذلك النُّزُل؟! |
﴿تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [النساء: 13]
شريعة الله تعالى شاملةٌ لمبدأ الأمر ونهايته، حيث حدَّ لعباده فيها حدودًا في مدَّة الحياة، وحدودًا للتصرُّف في الأموال بعد الوفاة. إعطاء الورثة ما فرض الله لهم، وعدمُ صرف حقِّهم إلى غيرهم هو حدودُ الله تعالى في التَّرِكات، فيا ويلَ مَن تجاوزها فمنع مستحقًّا حقَّه، أو منحه لغيره دون رضاه! كمال طاعة الله تعالى بطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، فمَن قام بهما حقَّ القيام، دخل الجنَّة بسلام. أسباب الجنَّة والنار قريبةٌ في كلِّ أمر، فحدود الله في الفرائض والوصايا بابُ جنَّةٍ أو نار. الفوز الحقيقيُّ هو في إدراك العاقبة الحسنى في الآخرة، ولا يكونُ ذلك إلا بالتزام أمر الله على النحو الذي أمر به، فمَن تجاوزه فقد جهَدَ في غير الطريق الموصلة. مَن دخل الجنَّة تنعَّم فيها على الدوام، فما أعظمَه من فوز وأكرمَه من عطاء! أفلا يستحقُّ منَّا البذلَ والعناء؟ |
﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57]
لا تستهِن بجُرمٍ يعاقب الله عليه بنارٍ كلَّما التهمَت مكامنَ الإحساس تجدَّدت؛ ليتجدَّدَ الألم ويدومَ العذاب. بعزَّته تعالى غلب أهلَ معصيته فأدخلَهم نارَه، وبحكمته عذَّبهم وأوجعهم، فسبحانه لا يغالبه شيءٌ إلا غلبه، ولا يَجزي أحدًا سوءًا إلا كان أهلًا له. إن المؤمنين في الجنَّة مع ما هم فيه من التكريم ينعُمون بظلٍّ ظليل، باردٍ كريم، وإن الكافرين في النار مع ما هم فيه من العذاب ﴿لهُم من فَوقِهِم ظُلَلٌ منَ النَّارِ ومن تحتِهم ظُلَلٌ﴾ . ما أكثرَ نعيمَ الجنَّات؛ إلا أنه اقتصر هنا على بعض المقدَّم لدى الإنسان من اللذَّات، ومنه بهجةُ المنظر، وأُنسُ الزوجات! كلُّ ما في الجنَّة من نعيمٍ فهو أحسنُه وأكملُه، ولا يَشوبه شيءٌ من الكدَر الحسيِّ ولا المعنويِّ، فالظلُّ متَّصلٌ معتدل على أجمل أحواله. |
﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا ﴾ [النساء: 122]
ما أجملَه من منزلٍ لم تَبنِه أيدي البشر! نعتَه سبحانه لعباده بأبدع النعوت، وأخبرهم أن ساكنه يُنعَّم فيه أبدًا، فأيُّ عرضٍ أعظمُ من هذا؟ وأين المشمِّرون؟ لو أوقفتَ مؤمنًا صادقَ الإيمان على الوعدين، فهل سيفكِّر لحظةً أيُّ الوعود أصدق؟ أوَعدُ الله لأوليائه، أم وعدُ إبليسَ لقرنائه؟ |
﴿۞ وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَيۡ عَشَرَ نَقِيبٗاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمۡۖ لَئِنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَيۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 12]
من التدابير الحكيمة اتخاذُ نُقباءَ يكونون مرجعًا عند النزاع، ومفوَّضين عن غيرهم في جلبِ النفع ودفع الضُّرِّ من أمور الحياة. معِيَّة الله حِصنٌ حصين، ومأوًى أمين، فمَن كان الله معه فلا شيءَ يضرُّه، ولا أحدَ يُضلُّه. طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ هي طريقُ الظفَر بمعِيَّة الله، فمَن كان أكثرَ إسراعًا في هذه الطريق كان أسرعَ وصولًا إلى تلك الغاية العُليا. علامَ يسمِّي الإنفاقَ قرضًا لولا أنه يَعِدُ بردِّه؟ أتُراه وهو الغنيُّ عن القَرض يُخلف وعدَه، ومُلكُ السماوات والأرض بيده وحدَه؟! لا ينفكُّ المسلم عن الخطأ والزَّلل، فإذا خاض غمارَ هذه الهَنات، ثم ركب قاربَ التوبة وبادر بالحسنات، فليُبشِر بغُفران السيِّئات. يا طُوبى لعبدٍ جمع الله له يوم القيامة بين حصول المحبوب، واندفاع المكروه، فنال النعيمَ الذي رجاه، وأمِنَ ما كان يخشاه! لا بدَّ من التخلية قبل التحلية، فليحرِص المؤمنُ على تكفير السيِّئات، فذلك مفتاح دخول الجنات. إنما يعظُم الكفرُ بعِظَم النعمة التي يُكفَر بها، فإن زادت النعمةُ زاد قبحُ كفرانها، فأيُّ نعمةٍ أعظم من الإيمان؟ وأيُّ كفرٍ أعظم من الكفر بها؟! |
﴿وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَكَفَّرۡنَا عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأَدۡخَلۡنَٰهُمۡ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [المائدة: 65]
لا أحدَ أكرمُ من الله عزَّ وجلَّ؛ فأيُّ عبدٍ تاب تاب الله عليه، وإن بلغت سيِّئاتُه ما بلغت، فإن الإسلام يجُبُّ ما قبله مهما جلَّ. مَن رامَ السعادةَ الكبرى فليأتِ بالإيمان مشفوعًا بالتقوى؛ فإن الخيمة لا تثبُت إلا بأطنابها. إنما تتِمُّ سعادةُ المرء برفع العقاب، ووصول الثواب، وتكفير السيِّئات، ودخول الجنات، فيا طيبَها من ثمراتٍ للإيمان والتقوى! |
﴿فَأَثَٰبَهُمُ ٱللَّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴾ [المائدة: 85]
إن قولًا يعقُب إخلاصًا وحُبًّا للإيمان ومخالطةً له في القلب، سيثمر ثوابًا جزيلًا؛ إذِ اصطبغَ بكلِّ ما يؤهِّلُه لأن يُمنحَ ذلك الثواب. إذا رغبتَ في أن تحظى برتبة الإحسان وعظيم جزائها، فأعلِن للحقِّ انقيادَك بقولك وعملك. |
﴿قَالَ ٱللَّهُ هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ لَهُمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119]
إذا ضاعَ منك بعضُ منافع الدنيا بسبب صدقك فلا تحزن؛ فستجني ثماره وأنت أحوجُ ما تكون إليه في الآخرة. لا يُزهدنَّك في المبادئ والمُثُل العليا كثرةُ تكاليفها، ولكن انظر إلى إشراق نهاياتها، فمراراتُ الأوائل، حلاواتُ الأواخر. كيف تجد شعورَك لو رضيَ عنك ملوكُ الدنيا؟ فكيف سيكون شعورُك لو رضي عنك ملكُ الملوك سبحانه، وأدخلك نعيمَ جِنانه؟! |
﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [الأعراف: 42]
إذا أردتَّ رُقيَّ درجات الجِنان، ونيلَ القَبول والرضوان، فاستعدَّ لذلك بما استطعتَ من العمل والإيمان. الحمد لله الذي جعل التكليفَ بالعمل الصالح في حدود طاقتنا، ولم يجعل الوصولَ إلى النعيم فوق قدرتنا، فأيُّ مكلَّف تخلَّفَ عن العمل فلا عذرَ له يُنجيه يومَ لقاء ربِّه. |
﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأۡوِيلَهُۥۚ يَوۡمَ يَأۡتِي تَأۡوِيلُهُۥ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشۡفَعُواْ لَنَآ أَوۡ نُرَدُّ فَنَعۡمَلَ غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ قَدۡ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ ﴾ [الأعراف: 53]
لا فائدةَ في إيمانٍ عند معاينةِ أوائل الآخرة؛ فقد أُغلِق كتابُ العمل، وفُتحَ كتابُ الحساب. يا ذُلَّ الكافرين يوم حشرهم! يطلبون تخفيفَ عذابهم من كلِّ أحد، فيبحثون عن الشُّفَعاء والرحماء، أما لو رحموا أنفسَهم في الدنيا بالإيمان والعمل لأغناهم ذلك عن مقام الذلِّ. أمانيُّ العمل الصالح في الدنيا قد تنفعُ متمنِّيها، أما أمانيُّ الآخرة لذلك فقد فات محلُّها، فتبقى حسراتٍ على أهلها. خساراتُ الدنيا قد تُعوَّض، ومصائبها قد تُجبَر، لكنَّ خسارةَ الخلود في النار هي المصيبةُ التي لا تُجبَر، والخسارةُ التي لا تعوَّض. أيُّ فِريةٍ أعظمُ من ادِّعاء المعبودات الباطلة آلهةً مع الله؛ تجلب نفعًا، أو تملك دفعًا؟ فلمَّا كانت فريةً ذهبت عن إنجائهم يوم الحاجة. |
﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [الأنفال: 3]
لا بدَّ للإيمان من صورةٍ عمليَّة واقعيَّة يتجلَّى فيها، ليُثبَتَ حضورُه ويُكشفَ عن حقيقته. اقتران الصلاة بالزكاة، والثناءُ على فاعليهما، دليلٌ على أن قيام مصالح الدارَين عليهما، وأنه لا فلاحَ لمَن أخلَّ بهما. المال مالُ الله، فمَن أنفقَ منه فمن رزق ربِّه بذَل، ومن نعمتِه أعطى، فليس له حينئذٍ أن يُعجَب ويَمُنَّ. |
﴿يُبَشِّرُهُمۡ رَبُّهُم بِرَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَرِضۡوَٰنٖ وَجَنَّٰتٖ لَّهُمۡ فِيهَا نَعِيمٞ مُّقِيمٌ ﴾ [التوبة: 21]
الله تبارك وتعالى هو المالكُ المربِّي لعباده، المدبِّر لشؤونهم بحكمته، ذو البُشرى بما يَسُرُّ لأوليائه، لا ينقطع عن خَلقه بِرُّه، ولا يزال يصل إليهم خيرُه. ثلاث بشاراتٍ لذوي الأعمال الصالحات: الرحمةُ، والرضوانُ، والجنَّات التي تحتضِن النعيمَ المُقيم، فما أعظمَها من ثلاث! ليستبشر المؤمنون برحمةٍ من الله مقابلَ ما لَقُوا من الأذى والعناء في سبيله، وبرضوانه مقابلَ ما لَقُوا من سخَط الناس في مَرضاته، وبجنَّات الخُلد مقابلَ مفارقتهم لأوطانهم ومنازلهم؛ دعوةً أو جهادًا أو هجرةً في سبيله. |
﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72]
لا يكمُل أُنسُ أهل الجنَّة وهم في مساكنها الطيِّبة إلا برضوان الله؛ فلذلك امتنَّ به على أوليائه المؤمنين، وحرَمه أعداءه المنافقين. إذا نال العبدُ رضوانَ الله في الجنَّة فقد نال نعيمًا دونه كلُّ نعيم، إلا النظرَ إلى وجه الله الكريم. السعادات الروحيَّة أعلى وأشرفُ من السعادات البدنيَّة، فما أعظمَ غَبْنَ مَن آثر حظوظَ الجسد على حظوظ الرُّوح! هنيئًا لمَن شغلَ حياتَه كلَّها في ابتغاء رضوان الله والجنَّة؛ فهما الفوزُ العظيم، والنعيمُ المقيم. اللِّينُ مع الكفَّار والمنافقين له ظروفُه ومدَّته، ومتى انقضى ذلك فلتكن الغِلظةُ على أعداء الله؛ فحين لا ينفع معهم الرِّفقُ فجهادهم حقٌّ على المسلمين. |
﴿أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 89]
للمجاهدين المخلصين تهيَّأتِ الجنات، وأُعدَّت بكلِّ صنوف الطيِّبات، فما أحسنَ العطاء، وما أعظمَ الجزاء! إن نَيلَ ما أعدَّه الله لعباده الصالحين من الخيرات والعطايا هو الفوزُ الحقيقيُّ الذي لا خَسارةَ بعده. إنها جناتٌ وليست جنةً واحدة، وأنهار وليس نهرًا واحدًا، وخلود وليس زمنًا موقوتًا، وفوز عظيم لا خسارة فيه، ألا يستحقُّ ذلك بذل نفس فانية ومال ذاهب، في سبيل الله؟ |
﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]
لا بدَّ لمَن يدَّعي اتِّباعَ الصحابة الكرام أن يأتيَ بدلائلَ على دعواه، من محبَّتهم والترضِّي عنهم وانتهاج نهجهم. طوبى لمن أخبرَ اللهُ أنه راضٍ عنه، فإنه من أهل الجنة، وهل يُثنِي اللهُ على قوم ويمدحُهم، ويُخبرُ عن رضاه عنهم إلا وهو يريدُ كرامتهم؟ التابعون بإحسانٍ لِما كان عليه الصحابةُ الكرامُ هم السعداء، فمَن رضيَ اللهُ عنه صارَ أهلًا للاقتداء. ويلٌ لمن أبغضَ الصَّحابة الذين رضي الله عنهم، فإنه لا يفعل ذلك مؤمنٌ بالقرآن. الرضا بالله تبارك وتعالى، وطلبُ مرضاته هو من أعظم أسباب الفوز العظيم بما عنده سبحانه من الإكرام والإنعام. |
﴿۞ لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [يونس: 26]
مَن عبدَ ربَّه على وجه المراقبة، كأنه يراه بقلبه، وينظرُ إليه حالَ عبادته؛ جُوزيَ يومَ القيامة بأن يراه عِيانًا، ومَن أحسنَ فيما بينه وبين الله كُوفِئَ يومَ القيامة بالحسنى. هنيئًا لمَن أمِنَ المَكارهَ يوم القيامة، بعد أن فازَ بالمطالب، ونالَ مرضاةَ ربه تعالى. من نعيم الجنَّة أنه دائم مستمر، لا موتٌ يقطعه، ولا كدَرٌ ينغِّصه. أولئك أصحابُ الجنَّة فلا تُعطى لغيرهم؛ إذ حرَّم الله الجنَّة على غير مؤمن، وإذا كانوا أصحابَها فهي لهم، لا تُنزَع منهم أبدَ الآباد. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَخۡبَتُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [هود: 23]
يا طيبَها من حالةٍ للعبد مع ربِّه! فيها الطُّمَأنينةُ والاستقرارُ، والثقة والتسليم، وهدوءُ النفس وسكونُ القلب وراحةُ البال. لا تنفَع الأحوالُ الخاسئة في القلب دون الأعمال الصالحة المُصدِّقة لها. |
﴿۞ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلۡجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَۖ عَطَآءً غَيۡرَ مَجۡذُوذٖ ﴾ [هود: 108]
ما يزيدُ المؤمنين في الجنَّة طُمَأنينةً أن نعيمَهم فيها لا ينقطع ولا ينقُص. أيها المؤمن، إذا قطعتَ نفسَك عن الشهَوات المحظورة، فأبشِر في الجنَّة بلذَّاتٍ غيرِ مقصورةٍ ولا محصورة. |
﴿ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ ٱلۡمِيثَٰقَ ﴾ [الرعد: 20]
من رجاحةِ تفكيرِ المرءِ أن يَفيَ بجميع المواثيق والعهود، والأيمان والنذور، فلا ينقضُها ولا يَنقُصُها. الإيمانُ يحُثُّ على الوفاء بالعهود، وينهى عن نقض المواثيق والعقود، فمَن كان أكثرَ إيمانًا كان أكثرَ وفاءً. |
﴿وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ ﴾ [الرعد: 21]
مَن كان ذا لُبٍّ حصيفٍ فسيصلُ رحمَه، ولا يَقطعُها وإن قَطعت؛ لأن وصلَه لها جالبٌ للخير له في الدنيا والآخرة. لو لازمَ المؤمنُ الخوفَ من الله تعالى لَما أقدمَ على المحرَّمات، ولا ترَكَ الواجبات، ولَما أحسنَ ظنًّا بعمله، ولا اتَّكلَ إلا على رحمةِ ربِّه وعفوه. |
﴿وَٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ ﴾ [الرعد: 22]
لا يُحمَدُ على الصبرِ عند اللهِ مَن لم يكن صبرُه في سبيلِه، وابتغاء وجهِه تعالى. مَن صبرَ على مصيبته كانت نعمةً في حقِّه؛ لأن الصبرَ شفاءٌ لنفسه، وزيادةٌ في حسناته، ومَن جزعَ جمعَ مصيبتين: مرارةَ المصيبة، وذهابَ الأجر وحصولَ الإثم. صبرًا على فعلِ العبادات، وعلى بذلِ المالِ في الطاعات، فمَن صبرَ فبعقبى الدارِ ظَفِر. مَن يقابل المسيءَ بالإحسان؛ فيعطي مَن حَرَمه، ويعفو عمَّن ظلمَه، ويَصلُ مَن قَطعَه، فكيف سيعامِلُ مَن أحسنَ إليه؟! |
﴿جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ ﴾ [الرعد: 23]
ما أسعدَ تلك اللحَظاتِ التي يلتقي فيها الصالحون بأهليهم وذراريهم في جناتِ النعيم! فيجتمعُ الشملُ بعد الغياب، وتمتلئُ خيمةُ الحُبِّ بالأحباب. إنها لدار عظيمة، يزورُ أهلَها بالتهنئة رسلُ المَلِك العزيز سبحانه، فيَأنَسون بهم، ويفخرون بنزولهم عليهم كل مرة. |
﴿سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ ﴾ [الرعد: 24]
سلامٌ عليكم أيها الصابرون على مشاقِّ الدعوة، سلامٌ عليكم أيها المُلزِمون أنفسَكم أمرَ الله، الزامُّون قيادَها عن معصيته، الصابرون لألمها عند أقداره، فدَعُوا اليوم تعبَكم وآلامكم، وخذوا السلامَ الأبديَّ في دار النعيم والخلود. الأَولى باللبيب أن يُجاهدَ نفسَه؛ لعلَّه يحظى بتلك الدار؛ فإنها مُنيةُ النفوس، وسرورُ الأرواح، ومَجمَع اللذَّات والأفراح. |
﴿وَأُدۡخِلَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡۖ تَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٌ ﴾ [إبراهيم: 23]
ما أحسنَ متعةَ الأبصار بذلك المنظر البهيج في الجنَّة، حيثُ الظِّلالُ والماء والخُضرة! وما أسعدَ النفوسَ بالائتلاف والأمن والسلام في ذلك المكان الأمين! اعمل صالحًا ولا تغترَّ به، فتحسبَ أنه وحدَه وسيلتُك إلى الجنة؛ لأن دخولَ الجنة لا يكونُ إلا بإذن الله ورحمته. |
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ ﴾ [الحجر: 25]
مَن كمَلت قدرتُه وعلمُه لن يُعجزَه حشرُ عباده جميعًا؛ ليَقِفَهم بعد ذلك بين يديه. |
﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلۡعَذَابُ ٱلۡأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 50]
مَن ذا يعذِّبُ كعذابِ الله؟ ذاك العذابُ الذي لا يقدِر قدرَه أحد، ولا يبلغُ كُنهَه تَصورٌ ولا خيال؛ نعوذ بالله من غضبه وعقابه. |
﴿۞ وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡۚ قَالُواْ خَيۡرٗاۗ لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۚ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞۚ وَلَنِعۡمَ دَارُ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 30]
المتَّقون يدركون أن الخير هو قِوام دعوةِ الحق، وأساسُ ما أنزل ربُّهم من أمرٍ ونهي، وتوجيهٍ وتشريع. مَن أوتيَ القرآنَ فقد أوتيَ الخيرَ كلَّه، فلا ينبغي له أن يَرى أحدًا من أهل الدنيا خيرًا منه، وإلا سخِطَ نعمةَ الله تعالى عليه. إذا رأيتَ عاقبةَ مَن يرى القرآنَ أساطيرَ الأولين، ومَن يراه الخيرَ كلَّه، علمتَ أن لكل قولٍ ما يستحقُّ صاحبُه من العقابِ أو الثواب. مَن أحسنَ في هذه الدنيا بالإيمان والطاعة جوزيَ بحالةٍ حسنة من النصر والعزِّ، مع الهداية إلى القول السديد، والفعل الحسَن الرشيد، الذي يكون به الفوز في الآخرة. مهما كانت دنيا المؤمن رضِيَّة، وعيشتُه فيها هنيَّة، فإن الآخرة خيرٌ له منها؛ صفاءً ودواما، وعطاءً وإنعاما، وملذَّاتٍ ومسَرَّات. |
﴿جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ لَهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَۚ كَذَٰلِكَ يَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 31]
لا يجدُ المرءُ جميعَ ما يشتهي إلا في الجنَّة، فهنالك لذَّة القلوب، وسرورُ الأرواح، وما لا يخطُر على قلب بشرٍ من ألوان السعادة. تقوى اللهِ تعالى هي بابُ دخول الجنَّة، فما طرقَه صادقٌ إلا عظُم رجاؤه بدخول تلك الدار. |
﴿ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [النحل: 32]
لا تزيد البلايا المؤمنين إلا طِيبًا، فبها يؤهَّلون لدار الإكرام، ويُتلَقَّون هناك بالترحيب والسلام. كيف لا تَطيب قلوبٌ أُشربت معرفةَ الله ومحبَّتَه، وألسُنٌ لَهِجَت بذكره والثناءِ عليه، وجوارحُ عملت بطاعته؟! لا يدخل الجنَّةَ إلا نفسٌ طاهرةٌ من خَبَث الذنوب، فما أعظمَ ما يُقال للمتَّقين: ﴿طِبتُم فادخُلوها خالدين﴾ . |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ جَنَّٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَيَلۡبَسُونَ ثِيَابًا خُضۡرٗا مِّن سُندُسٖ وَإِسۡتَبۡرَقٖ مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۚ نِعۡمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتۡ مُرۡتَفَقٗا ﴾ [الكهف: 31]
ما أعظمَ ما يتنعَّم فيه أهل الجنة! طِيب منظر، وحُسن مظهر، وراحة نفس، واستقرار واطمئنان، فلمثلِ ذلك فليعمل العاملون. كم في ثناء الله تعالى على جمال الجنَّة وحسنها، ونعيمِ أهلها فيها، من تعظيم لها! كيف لا، ومادحُها ملك الملوك؟ |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَانَتۡ لَهُمۡ جَنَّٰتُ ٱلۡفِرۡدَوۡسِ نُزُلًا ﴾ [الكهف: 107]
أيُّ ضيافةٍ أعظمُ من ضيافة فيها نعيمُ القلوب والأرواح والأبدان، ونعيم القرب من الله ورؤيته، وسماع كلامه ونيل رِضوانه؟ |
﴿إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا ﴾ [مريم: 60]
حتى لو أهملتَ صلاتك دهرًا وأضعتها، حتى وإن قادتك شهواتك فاتبعتها، فإن الله يدعوك لتوبة صالحة، ليس جزاؤها فقط ألا تعاقَب، بل جزاؤها الجنة. |
﴿جَنَّٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا ﴾ [مريم: 61]
من رحمة الله بعباده إخبارهم عن الجنة، ووعده عابديه بها، ليجِدُّوا في العمل لها، وإلا فعبادته حق واجب. أهلُ الإيمان الراسخ هم مَن يؤمنون بالغيب الذي قامت عليه البراهين، وشتَّان بينهم وبين مَن لا يؤمن إلا بما تراه عيناه. |
﴿لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوًا إِلَّا سَلَٰمٗاۖ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا ﴾ [مريم: 62]
اجتناب المؤمن للغو ومجالس اللغو يعيشه في جنة معجلة قبل الجنة التي لا لغو فيها. كم كلماتٍ وأصوات في الدنيا تكدِّر على الإنسان صفوَ حياته، وتضيِّق عليه سَعة راحته، فيا سعدَ أهل الجنَّة حين تتنعَّم أسماعهم بأطيب الكلام، وتتنَّزه عن باطله وسيِّئه! أنعِم بدارٍ رزقُك فيها مكفول، لا يحتاج منك إلى طلبٍ ولا كد، ولا يَشغَل نفسَك خوفٌ من أن يَنفَد، ولا قلقٌ من أن يقلَّ أو يتخلَّف. |
﴿تِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنۡ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّٗا ﴾ [مريم: 63]
إذا كان ميراثُ الجنة سببُه التقوى والعمل الصالح، فإن سهم كلِّ وارث فيها بحسب نصيبه من التقوى والعمل. |
﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمۡرِ رَبِّكَۖ لَهُۥ مَا بَيۡنَ أَيۡدِينَا وَمَا خَلۡفَنَا وَمَا بَيۡنَ ذَٰلِكَۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّٗا ﴾ [مريم: 64]
الملائكة العظام -وفي مقدَّمهم جبريل- لا يتنزَّلون إلا بأمر الله، ولا يلقَون رسول الله إلا بأمر الله، فتعلَّم منهم كمال الطاعة. أيها المؤمن، اذكر ربَّك ولا تنسَه، فإنه لا ينساك في مصالحك، بل هو دائم الاطِّلاع على كلِّ أحوالك، يصرِّفها حسب حكمته، لا يكون شيء من ذلك إلا في الوقت الذي حدَّه له وأراده. |
﴿رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا ﴾ [مريم: 65]
مَن كان ربَّ السماوات والأرض وما بينهما فهو الأحقُّ بأن يُعبد وحده، ويُصبر على عبادته صبرًا عظيمًا، سبحانه وتعالى. اللهُ جلَّ جلاله لا ندَّ له ولا شبيه، ولا شريك له ولا نظير، أفلا يبذل العبدُ في مرضاته ما يقدر عليه من مسارعته إلى طاعاته، ويصبر نفسَه عليها ابتغاءَ جناته؟ |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 101]
الحمد لله الذي يُطَمئن أولياءه ممَّا يخافون، فبعد ذكر هول النار أخبر أن أهل الإحسان عنها مبعدون. البعد عن النار والسلامةُ من لفحها محضُ فضلٍ من الله، فلو وُكل المرء إلى نفسه ما تباعد عنها. |
﴿لَا يَسۡمَعُونَ حَسِيسَهَاۖ وَهُمۡ فِي مَا ٱشۡتَهَتۡ أَنفُسُهُمۡ خَٰلِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 102]
من فضل الله تعالى على أهل الجنة أنه سبحانه يحب لهم دوام السرور من غير منغِّص، فلا يُسمعُهم صوتًا من النار مهما دق؛ لئلا تشمئز نفوسهم من سماع أصوات كريهة. |
﴿لَا يَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ هَٰذَا يَوۡمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 103]
ما أحسنَ حال الصائرين إلى الجنة إذا قام الناسُ من قبورهم خائفين، وهم قاموا آمنين مطمئنين! هلا تفكرتَ في ذلك اليوم العظيم، يوم تجد بعضَ الناس بالقيامة مسرورين، وأمامهم ملائكةَ الرحمن لهم مستقبلين، يعتنون بضيوفهم أيما عناية، ويبلغون في إكرامهم الغاية، فهلا عملتَ اليوم لتكون من أولئك الناس غدًا؟ ما أجملها من كلمات تبلغ أسماعَ المؤمنين، فتنسابُ إلى صدورهم فتملؤها حبورًا وطُمَأنينة! وغيرهم من الناس في غمَرات القيامة يتخبَّطون. |
﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [الحج: 14]
مَن عبدَ اللهَ انتفع بعبادته، فأدخله ربه دار كرامته، وأما غيره فلا يَنفع ولا يُنجي. للهِ تعالى سلطانٌ لا يُحَد، وقدرة ومشيئة مطلقة على كل أحد، يفعل ما يريد دون معترض أو معوِّق، وما سواه من المعبودات الباطلة عاجز لا يملك ضَرًّا ولا نفعًا. |
﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ ﴾ [الحج: 23]
ما أجملَ أسلوبَ القرآن الكريم في الوعظ والإرشاد! فبعد أن كادت القلوبُ تنخلع خوفًا من ذكر النار وما فيها جاء ذكرُ الجنَّة وصفة أهلها وما يلقَون فيها، فملأ القلوبَ بالرجاء، فأصبحت راغبة وراهبة. شتَّانَ بين حال مَن ثيابُه النيران واللهب، وحالِ مَن يتزيَّن باللؤلؤ والحرير والذهب. |
﴿وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ ﴾ [الحج: 24]
هذا هو طريق الدار الطيبة: الجنة، فلا سبيل للوصول إليها إلا بالطيِّب من النيات والأقوال، والأعمال والأخلاق. بحمدِ الله ومنَّته ظفِر المؤمنون بهدايته، فلولا تفضُّله عليهم بالهداية ما سلكوا الطريقَ المستقيم المحمود الذي يَحمَدونه عليه في دار كرامته. |
﴿ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فِي جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [الحج: 56]
ما أعظمَ ذلك اليومَ الذي لا ملكَ فيه لأحد إلا لله، ولا يدَّعي ذلك أحدٌ سواه، وقد كان في الدنيا خَلقٌ يدَّعون الملكَ وينازعون فيه! إن نعيمَ الجنة نعيمٌ لا يقدر على وصفه الواصفون، ولا تستطيع إدراكه عقولُ المخلوقين، وهو نعيم للقلب والروح والبدن، فما أحسنه من نعيم، وأعظمه من تكريم! |
﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]
لا يرعى الأمانةَ المتعلِّقة بحقوق الخالق، والأمانةَ المختصَّة بحقوق الخلق إلا مؤمنٌ يرجو من الله الفلاحَ والثواب، ويخشى من الظلم والعقاب. |
﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمۡ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 9]
المفلحون على صلواتهم يحافظون، فلا يتركونها، ولا يقصِّرون في حقوقها، بل هم لأركانها وشروطها وآدابها مقيمون، وعلى أدائها في أوقاتها محافظون. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡوَٰرِثُونَ ﴾ [المؤمنون: 10]
كم في اتِّباع أوامر الله تعالى من منافع للعباد في الدنيا! غير أن أعظم المنافع منافعُ الآخرة، حين تورث صاحبَها الجنَّة، وتلك غايةٌ عالية، ومُنية سامية. الفردوس غايةُ الفلاح، ومأوى المفلحين، الذين ظلوا لها عاملين، فما أعظمَها من غاية شُمِّرت لها هِمم الصالحين! |
﴿ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 11]
كم في اتِّباع أوامر الله تعالى من منافع للعباد في الدنيا! غير أن أعظم المنافع منافعُ الآخرة، حين تورث صاحبَها الجنَّة، وتلك غايةٌ عالية، ومُنية سامية. الفردوس غايةُ الفلاح، ومأوى المفلحين، الذين ظلوا لها عاملين، فما أعظمَها من غاية شُمِّرت لها هِمم الصالحين! |
﴿قُلۡ أَذَٰلِكَ خَيۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَآءٗ وَمَصِيرٗا ﴾ [الفرقان: 15]
ما أحسنَ التقوى سبيلًا إلى جنة المأوى التي يُجزى بها المتقون على صالح أعمالهم، ويصيرون إليها بعد ذهاب دنياهم! |
﴿لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا ﴾ [الفرقان: 16]
من أعظم النعيم أن ينال الإنسان كل ما يروم، وذلك غير متحقق في الدنيا، ولكنه حظ مما يلقاه المتَّقي في الجنة، فهنالك يحصُل على ما يشاء. مَن نال نعمةً تامَّة خاف زوالها وانتقالها، وذلك ممَّا يكدِّر عليه تمام التلذُّذ بها، لكن أهل الجنَّة في نعيمهم التامِّ خالدون، وهم على زواله لا يقلقون ولا يخافون. سبحان الإله الجواد الذي يعِدُ عباده المؤمنين بالنعيم المقيم والثواب العظيم، فضلًا منه وكرمًا، وهو في ذلك غيرُ مخلفٍ لهم وعده! |
﴿أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ مُّسۡتَقَرّٗا وَأَحۡسَنُ مَقِيلٗا ﴾ [الفرقان: 24]
لكلِّ أحدٍ مستقرٌّ يوم القيامة، فالمؤمنون في جنَّات النعيم، والكافرون في نار الجحيم، فيا طِيبَ مَن كانت الجنَّة مستقرَّه! ويا شقاء مَن كانت النار مقرَّه! إن طال الحساب على الناس في العرَصات، فإنه سيكون يسيرًا قصيرًا على أهل الجنات. |
﴿وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ ﴾ [الشعراء: 90]
ما أقربَ المتقين من الجنان، وأدنى الغاوين من النيران! فزد تقوًى تزدد من الجنة قربًا، وإياك وزيادةَ الغَواية؛ فإنها تدني من النار. |
﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفٗا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ ﴾ [العنكبوت: 58]
شتَّان بين مَن يحيط به العذابُ الأليم، ومَن يحيط به النعيم المقيم، فعذاب الكافرين يحيط بهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ونعيمُ المؤمنين يغشاهم في غرفٍ عالية، وفي أنهار من تحتهم جارية. فرق واسعٌ وبَون شاسعٌ بين قوم يؤمَرون بذوق العذاب المُهين، وقومٍ يُثني ملكهم سبحانه على نعيمهم، ويجعله بفضله أجرًا على عملهم. طلَّق العقلاء الخمولَ والفتور، وركبوا إلى أجر ربِّهم صهَوات العمل والجِدِّ، راجين الخلود في النعيم المقيم، والنجاةَ من العذاب الأليم. |
﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ ﴾ [الروم: 15]
الذين لاقَوا ربَّهم بما يحبُّه من الطاعات، لا تنقطع عنهم أنواع الملذات، في روضات الجنَّات. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمۡ جَنَّٰتُ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [لقمان: 8]
ما في جنة الله سبحانه التي أعدها لعباده المؤمنين إلا النعيم المقيم، وأما الأكدار فدارها النار، وليس لها إلى جنان النعيم من سبيل. بلغ من فضل الله جلَّ وعلا على العباد أن أوجب على نفسه الإحسانَ إليهم جزاءَ إحسانهم، وما كان إحسانهم إلا لأنفسهم، وأمَّا هو سبحانه فما أغناه عنهم! بل هو سبحانه الذي هداهم ليُحسنوا. بعزَّة الله سبحانه وبحكمته وفَّق مَن وفَّقه وأثابه، وخذل مَن خذله وعاقبه. |
﴿أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ جَنَّٰتُ ٱلۡمَأۡوَىٰ نُزُلَۢا بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾ [السجدة: 19]
أيها المؤمن، أنت في هذه الدنيا ضيفٌ في دار غربة، وأمَّا مأواك ومستقرُّك ففي الجنَّة، فتزوَّد من الخير في دار غربتك، إلى دار إقامتك. |
﴿إِنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ ٱلۡيَوۡمَ فِي شُغُلٖ فَٰكِهُونَ ﴾ [يس: 55]
اشتغل الصالحون في دنياهم بمجاهدة أنفسهم وتزكية قلوبهم، فكافأهم ربُّهم يوم القيامة بأن جعل شغلهم التقلُّبَ في لذَّات النعيم، وألوان التكريم. غالبًا ما يرافق الشغلَ في الدنيا النصَبُ والتعَب، والانصراف عن متع الحياة، أمَّا شغل المكرَّمين في الجنَّات فهو خالصٌ للتفكُّه الأبديِّ، والتمتُّع السرمديَّ. |
﴿هُمۡ وَأَزۡوَٰجُهُمۡ فِي ظِلَٰلٍ عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ مُتَّكِـُٔونَ ﴾ [يس: 56]
يا لها من صورة مبهجةٍ لأصحاب الجنَّة مع أزواجهم، وقد تمَّت سعادتهم في الآخرة واكتمل أنسهم، باجتماعهم وتسامرهم! بشِّر القانتين المخبِتين الذين أنصبوا أجسادهم في طاعة الرحمن، وفي اتِّباع خير الأنام، بظلال وعيون، وعطاء غير ممنون. |
﴿لَهُمۡ فِيهَا فَٰكِهَةٞ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ ﴾ [يس: 57]
إذا كانت فواكه الدنيا هي من نعيمها وسعادة الإنسان فيها، فما الظنُّ بفاكهة الجنَّة التي أعدَّها الله تكريمًا لأهلها؟! كلُّ أمنيَّاتك أيها الإنسان ستغدو حقيقةً في الجنان، تسأل فتُعطى، وتطلب فتُمنح، فاجتهد في طاعة الله لتفوزَ بهذا المقام. |
﴿سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ ﴾ [يس: 58]
ربُّنا الرحمن هو السلام، وتحيَّته للصالحين سلامٌ وأمان، لا يحولان على الدوام، جزاء صدق عبوديَّتهم وإخلاص طاعتهم. |
﴿إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ ﴾ [الصافات: 40]
من المؤمنين رجالٌ صدقوا ربَّهم وأخلصوا له الطاعة، فامتنَّ عليهم بأن أخلصهم لنفسه وخصَّهم برحمته، ووصفهم بوصف العبودية له. |
﴿لِمِثۡلِ هَٰذَا فَلۡيَعۡمَلِ ٱلۡعَٰمِلُونَ ﴾ [الصافات: 61]
ينبغي للعاقل أن يُذهبَ أنفاسَه ونفيسَه سعيًا إلى الفوز العظيم، فإنه غاية الغايات، ونهاية النهايات، وسعادة السعادات. |
﴿هَٰذَا ذِكۡرٞۚ وَإِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ لَحُسۡنَ مَـَٔابٖ ﴾ [ص: 49]
مَن اتَّقى اللهَ أكرمه بطِيب الثناء في الدنيا، وبحُسن المآب في الآخرة. |
﴿هَٰذَاۚ وَإِنَّ لِلطَّٰغِينَ لَشَرَّ مَـَٔابٖ ﴾ [ص: 55]
ليس لعبدٍ عُذر، فقد بيَّن الله ثوابَ المتَّقين الصادقين، وعقابَ الطاغين المفسدين، إقامةً للحجَّة، وترغيبًا وترهيبًا. |
﴿لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ غُرَفٞ مِّن فَوۡقِهَا غُرَفٞ مَّبۡنِيَّةٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ ٱلۡمِيعَادَ ﴾ [الزمر: 20]
المتَّقون الصالحون لهم من فوقهم غُرف، ومن تحتهم الأنهار، والناكصون الخاسرون لهم من فوقهم ظُلل من النار، ومن تحتهم ظُلَل، فما أبعدَ الفرقَ بين هذا التبشير وذاك التهديد، وبين هذا الوعدِ وذلك الوعيد! يا له من تحفيز إلى العمل الطاهر، وتشويقٍ إلى الجزاء الوافر، فاستحضِر أيُّها المسلمُ أنك بتقواك لله تسعى في بناء بيت لك في الجنَّة. |
﴿وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ ﴾ [الزمر: 73]
هذه هي اللحظة التي طالما اشتاقت إليها نفوسُهم وتطلَّعت إليها أرواحُهم، إنها لحظة اللقاء مع خالقهم، ومَن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه. حتى المؤمنون المصطَفَون يدخلون الجنَّة زُمَرًا متفاوتة بتفاوت أعمالهم ومراتبهم بالتقوى، فهنيئًا لمَن كان في زُمرة المحسنين السابقين بالخيرات. مواكب الإيمان تنطلق إلى ربِّها جماعاتٍ جماعات والشوقُ يَحدُوها، والسرور يَغمُرها، وأبواب الجنَّة تتفتَّح لها، وملائكة الرحمن تستقبلها: سلامٌ عليكم من كلِّ آفة، طابت أحوالكم، فادخلوا الجنَّة خالدين فيها. |
﴿وَتَرَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الزمر: 75]
أقرب الخلق إلى العرش يسبِّحون بحمد ربِّهم لما يعلمون من محبَّته سبحانه للتسبيح، وما أحرانا أن نفوزَ برضاه بالتسبيح بحمده بُكرةً وعشيًّا! الكون كلُّه بجماداته وأحيائه ينطِق لله العظيم بالحمد على جليل نَعمائه؛ رضًا بعدله وحُسن قضائه. |
﴿مَنۡ عَمِلَ سَيِّئَةٗ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَاۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ يُرۡزَقُونَ فِيهَا بِغَيۡرِ حِسَابٖ ﴾ [غافر: 40]
قضى الله بفضله وواسع كرمه ألا يُضاعفَ سيِّئات عباده، وأن يُضاعفَ لهم الحسنات، ويجعلها كفَّارة للسيِّئات، حتى إذا بلغوا الجنَّة رزقهم فيها بغير حساب. يقتضي عدلُ الله تعالى أن يُجزى كلُّ عامل بعمله، ومن هنا استحقَّ الكافر المسيء أن يُجزى بما يسوءُه ويُحزنه، وهل أسوأ من النار مستقرًّا ومصيرا؟ أيُّها العاقل، إن جزاء الله للمتَّقين يوم القيامة بلا حساب، فما ثَمَّ مكيالٌ ولا ميزان، ولكن رزقٌ وافر، وعطاء متكاثر، فليعمل العاملون لذلك. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَبۡشِرُواْ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]
أصل الكمال الإنسانيِّ إيمانٌ بالله يطرح خبائثَ الشكوك المحيِّرة، واستقامةٌ على أمر الله بإصابة الحقِّ وسلوك دربه. جوهر الاستقامة الاعتدالُ، بلا غلوٍّ وإفراط، ولا تقصيرٍ وتفريط، فهي مسلكُ المؤمنين الصادقين، ودربُ العارفين المُخبِتين. لمَّا كانت الاستقامة أمرًا شاقًّا على النفس، كان جزاء مَن لزِمَها وصبرَ على تكاليفها أن تُحبَّه الملائكة وتبشِّرَه بالرضوان، والفوز بالجنان. سبقت للمؤمنين البشرى، فلا خوفٌ يعتريهم، ولا فزعٌ يؤذيهم، يخرجون من هذه الحياة الدنيا آمنين مطمئنِّين، وبوعد ربِّهم مستبشرين. ليستحضرِ المؤمنُ دومًا هذا الوعدَ الإلهيَّ المتجدِّد له بالجنَّة ونعيمها، ليسارعَ بهمَّة إلى الطاعات، وينأى بحزم عن المنكرات. |
﴿نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾ [فصلت: 31]
كما كان الملائكة أولياءَ الصالحــين في الدنيــا، فإنهــم أولياؤهم في الآخرة، يؤنسونهم في وَحشة القبور، ويؤمِّنونهم يوم البعث والنشور، فهنيئًا لمَن كانت الملائكة أُنسَهم وأنيسهم. لا يُحرَم المؤمن في الجنَّة من شيء اشتهاه، وسيجد فيها كلَّ ما طلبه وتمنَّاه، فليس ثَمَّ إلا الأنسُ والنعيم، والرَّاحة والتكريم. |
﴿نُزُلٗا مِّنۡ غَفُورٖ رَّحِيمٖ ﴾ [فصلت: 32]
برحمته سبحانه ومغفرته نالوا كرمَ الضيافة، ولولا ذلك ما وصلوا إلى ذلك العطاء الكريم، فاحرِص على أسباب رحمة الله ومغفرته لتنالَ ما نالوا. |
﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ ﴾ [الشورى: 7]
إنزال القرآن على العرب بلغتهم فيه توجيهٌ للدعاة إلى ضرورة مخاطبة الناس بما يَعقِلون، وتبليغهم من الحقِّ ما يفهمون ويعون. على الداعي إلى الله أن يبدأ في الدعوة بأرضه التي يعيش فيها ما أمكنه ذلك، ثمَّ ينتقل عنها إلى ما حولها، وهكذا دعا رسولنا عليه الصلاة والسلام. |
﴿تَرَى ٱلظَّٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ ﴾ [الشورى: 22]
لن تُغنيَ عنك حسرتُك شيئًا يوم القيامة، أيُّها العاصي الغافل، فهلَّا تُبتَ إلى ربِّك قبل ذلك الموقف العصيب؟! لا تزال النفس تتطلَّع إلى روضات الدنيا وبهجتها، فما الظنُّ بروضات الجنَّات، وفيها ما لا يخطُر على قلب بشر، ألا تستحقُّ منَّا العمل؟ نعيم الدنيا كلُّه لا يَعدِل شيئًا بإزاء مقامِ أدنى أهل الجنَّة منزلةً، فالفضل الكبير حقًّا هو فضل الله على أهل طاعته في الآخرة، جعلنا الله منهم. |
﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]
الصبر على المعتدي والعفوُ عنه عند المقدرة من شِيَم النفوس الكريمة، وآثار الأخلاق المستقيمة. |
﴿﴾ [الشورى: 69]
|
﴿﴾ [الشورى: 73]
|
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ ﴾ [الدخان: 51]
تمام طِيب العيش باجتماع أمرين؛ طِيب المكان وجماله، وتحقُّق الأمن والأمان فيه، وليس ذلك إلا للمتَّقين، جعلنا الله منهم. قُل للباحثين عن الأمن والأمان، والسَّكينة والسلام: إنكم لن تجدوها خالصةً من شوائب المنغِّصات إلا في الجنَّات، فأعدُّوا لها بالتقوى عُدَّة. |
﴿فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [الدخان: 57]
حذار أن تتَّكلَ أيُّها العبدُ على عملك، فلن يُنجيَك إلا فضلُ الله عليك؛ ﴿قُل بفَضلِ اللهِ وبرَحمَتِه فبِذَلِكَ فليَفرَحُوا هو خَيرٌ ممَّا يَجمَعُون﴾ . كيف لا يكون الفوز بالجنان، والنجاة من مصير أهل الكفر والعصيان، فوزًا عظيمًا، وهو فوزٌ براحة الأبد. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾ [الأحقاف: 14]
ما أعظمَها من جائزة! وأحسنَها من عاقبة لمَن كان من أهل الاستقامة! فاعمل لتنال، واستقِم لتظفَرَ بالخير الكثير. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ ﴾ [الأحقاف: 16]
الحمد لله إذ عامل عباده باللطف والرحمة، فقابل زلَّات عباده المؤمنين بالصَّفْح والغفران، والتجاوز والإحسان. |
﴿وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ ﴾ [محمد: 6]
هل يَضِلُّ المرء العاقل عن منزله في الدنيا؟! كذلك المؤمن في الجنَّة يهتدي إلى منزله بين منازل الجنَّة الكثيرة، فيصل إليه من غير دليل. قال رسول الله ﷺ: «فوَالذي نفسُ محمَّد بيده لَأحدُهم بمسكنه في الجنَّة أدلُّ بمنزله كان في الدنيا». |
﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ ﴾ [محمد: 12]
أكرِم بها من وِفادة حين يكون الله هو مَن يُدخلهم! فما أروعَه من استقبال لوفد الجنان! وما أعظمَها من حَفاوة وترحيب وإكرام! لا شُغل للأنعام في الحياة إلا الأكل والشرب والتمتُّع، وهي في غفلة عمَّا ينتظرها عند الذبح والنحر، وكذا الكافر غافلٌ عن مصيره المنتَظر. إذا تساوى الإنسانُ مع الأنعام فقد ذهبت إنسانيَّته واندثرت معالمها، فينطلق إلى متاعه وشهَواته التي لا ضابط لها ولا حارس عليها. |
﴿لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا ﴾ [الفتح: 5]
ستر الله عن المؤمنين والمؤمنات السيِّئات، فطابت نفوسُهم بما في الجِنان من لَذَّات، وهو سبحانه أكرم من أن يذكِّرهم بها بعد أن أدخلهم جنَّته. ذلك هو الفوزُ العظيم، فلا شقاءَ ولا عناء، وكيف يشقى مَن ورث الجِنان، ودخل في رحمة الكريم الرحمن؟ |
﴿لَّيۡسَ عَلَى ٱلۡأَعۡمَىٰ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِيضِ حَرَجٞۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبۡهُ عَذَابًا أَلِيمٗا ﴾ [الفتح: 17]
إن أوامر الله تعالى الشرعيَّةَ مَنوطةٌ بقدرة المرء على فعلها، فإذا ما فُقدت القدرة سقط ذلك التكليف، وهذا من رحمة الله بعباده. |
﴿وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ ﴾ [ق: 31]
يا له من شرفٍ للمؤمن الذي تقرَّب إلى ربِّه في الدنيا؛ تُدنى منه الجنَّة على جلالها وتقرَّبُ إليه؛ مبالغةً في تكريمه والإنعام عليه. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ ﴾ [الذاريات: 15]
مَن أطاع الله في الدنيا عن رضًا وتسليم، أثابه مولاه وخصَّه بالنعيم، فأين المشمِّرون المحسنون؟ لا يجني طيِّبًا إلا مَن زرع طيِّبًا، والله لا يُضيع أجرَ من أحسن عملًا. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَنَعِيمٖ ﴾ [الطور: 17]
تقدَّم الوعيدُ بالجحيم والعذاب، وأعقَبه الوعدُ بالنعيم والثواب، ليُحلِّقَ العبدُ دومًا في العَلاء؛ بجناحَي الخوف والرجاء. كلماتٌ قليلةُ المباني كثيرةُ المعاني؛ تبشِّر الصالحين الأتقياء، بأوفى ثواب وجزاء. ولمثل هذا فليعمَل العاملون. ما استحقُّوا هذا النعيمَ إلا بالتقوى؛ بامتثال ما أُمروا به، واجتناب ما نُهوا عنه، فاحذَر أن تُفقدَ حيثُ أُمرتَ، وأن تكونَ حيثُ نُهيت. |
﴿إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلُ نَدۡعُوهُۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡبَرُّ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 28]
إن ربَّنا سبحانه لذو عطاء واسع، وفضل جزيل، ورحمة دائمة، أفلا نُخلص له العبادةَ، ونبسُط إليه أكفَّ الضَّراعة ونجأر بالدعاء؟! |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَنَهَرٖ ﴾ [القمر: 54]
نصيبُ العبد من الجنَّات والأنهار بقَدر تقواه وخوفه من ربِّه وعمله بطاعته، فليستكثِر منها أو يُقِلَّ. لا يليقُ بمقاعد الصِّدق إلا الصدِّيقون؛ الذين صدَقوا الله في دنياهم، فأنزلهم إيَّاها في أُخراهم. إنَّ مُلكَ الله وقُدرتَه لا تحيط بكُنههما الأفهام، وإنَّ إكرام الله لعباده يومَ القيامة ممَّا يجلُّ عن البيان، وتكلُّ دونه الأذهان. أيها العبدُ، إن ضاقت بك الأرضُ بقَهر الرجال وظلم الفجَّار، فارفع إلى السماء كفَّيك وسَل الله باسمَيه الجليلَين: المليك المقتدر. |
﴿وَلِمَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46]
خافوا في الدنيا خوفَ خشيةٍ واستحياء من جَناب الله العظيم، فكافأهم ربُّهم بمضاعفة الأجر وزيادة النعيم. مَن عكَف على الذنوب والمعاصي لم يحظَ بشرَف أن يكونَ في مَقام الخائفين المُخبِتين، فحُرم من طُمَأنينتهم في الدنيا، ومن منزلتهم في الآخرة. كلُّ خَوف يُورث صاحبَه الاضطرابَ والقلق والنفور، إلا الخوفَ من الله فإنه يُورثه الطُّمَأنينةَ والرِّضا والحُبور. |
﴿تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ ﴾ [الرحمن: 78]
يومَ القيامة لا يبقى اسمُ أحد إلا اسمُ الله تعالى، به تدورُ الألسُن، ولا يكون لأحدٍ عند أحد حاجةٌ ولا من أحدٍ خوف، فإن تذاكروا تذاكروا باسم الله وحدَه. أتمُّ النِّعَم وأكملُ اللذَّات ذكرُ الله تعالى. |
﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ ﴾ [الواقعة: 10]
أكثرُ الناس فوزًا مَن قضى حياته بشعور السِّباق الدائم إلى الله، سعيًا منه في بلوغ أعلى المراتب من مَرضاته. الدنيا أشبهُ بمِضْمار سباق، تكونُ منازلنا في الآخرة بحسَب ما نقطعُ فيه من أشواط، في الطاعات والصالحات. تأنسُ النفوس بالقُرب من الأحباب والخُلَّان، وتزداد سعادةً بالقُرب من الرؤساء والأعيان، فما بالكُم بالقُرب من الملك الكريم الرَّحمن؟! |
﴿وَثُلَّةٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 40]
مهما تطاولت القرونُ والأزمان، فإن المجال رَحبٌ في اللَّحاق برَكب الرعيل الأوَّل من الصالحين ذوي الإحسان. |
﴿يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [الحديد: 12]
من إكرام الله للصالحين من عباده أنه يؤتيهم يوم القيامة نورًا يمتازون به، ويتفاضلُ هذا النورُ بتفاضُل إيمانهم وبِرِّهم في الدنيا. أنوارُ الآخرة تصنعُها أعمالُ الدنيا، فأضئ طريقَ آخرتك بمصابيح الأعمال الصالحة. أعظمُ الفوز أن يُبشَّرَ المؤمن برضا الله عنه، وبما أعدَّ له من جنَّات ونعيم. |
﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٖ مِّنۡهُۖ وَيُدۡخِلُهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ أُوْلَٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱللَّهِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]
النقيضان لا يجتمعان؛ فلا يكون المرء مؤمنًا صادقَ الإيمان حتَّى يُحبَّ في الله ويُبغضَ فيه، وإنَّ محبَّة الكفَّار والرضا عن فِعالهم يُناقض الإيمانَ ولوازمَه. إذا أردتَّ أن تعلمَ ما عندك من إيمان، فتأمَّل فيمَن تُوالي وتُعادي، وأين موقعُك من أهل الحقِّ وأهل الباطل. مَن ترك شيئًا لله عوَّضه خيرًا منه؛ فلمَّا تبرَّأ المؤمنون من أقرب المقرَّبين لمعاداتهم لله؛ عوَّضهم ربُّهم بالرضا عنهُم، وأرضاهم عنه بما أعطاهُم، من نعيم مُقيم، وفضل عَميم. مَن جعل ولاءه وبراءه في الله، ثبَّت الله قلبَه على الإيمان، وآتاه استقامةً في المنهج وبصيرةً نافذة يميِّز بها بين الحقِّ والباطل، حتى يلقى ربَّه وهو عنه راض. احرِص أن تكونَ من جُند الملك القويِّ الذي أحاط بجميع صفات الكمال والجلال؛ لتكونَ في فوز دائم، واجعل وُدَّك في الله ولا تخَف فيه لومةَ لائم. خالف هواك، واجعل رضا قرابتك في رضا مولاك، تفُز بمحبَّة الله ورضاه، ويبوِّئُك من الفردوس أعلاه. حزبُ الله ليس شعارًا يرفعه كلُّ مَن هبَّ ودبَّ، ولكنَّه شرفٌ لا يبلغُه إلا مَن استحقَّه بالتمسُّك بالكتاب والسنَّة، والبراءة من المحرِّفين المزوِّرين. |
﴿لَا يَسۡتَوِيٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۚ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ ﴾ [الحشر: 20]
المؤمن والكافر يسيران في طريقين متبايِنَين لا يلتقيان أبدًا، أمَّا الأوَّلُ فيُفضي إلى رضوان الله، وأمَّا الآخَرُ فإلى مقت الله وغضبه. |
﴿يَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡ وَيُدۡخِلۡكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [الصف: 12]
فارق المجاهدون المخلصون مساكنَهم، ونأَوا عن ديارهم وأهليهم، فوعدهم الله على تلك المفارقة المؤقَّتة مساكنَ أبديَّةً فيها السعادةُ والحُبور. ما أوسعَ فضلَ الله تعالى؛ يُحسن المؤمنون في هذه الدنيا أيَّامًا قليلةً بعطاء محدود، فيُكافئُهم ربُّهم ببهجة الخلود، وبرزقٍ وافر ممدود، غير ممنوع ولا مقطوع. كلُّ آتٍ قريب، وما على العبد إلا أن يصبرَ ويصابرَ في الثبات على الدِّين، والاستقامة على الحقِّ، والجهاد في سبيل الله، حتى يفوزَ بوعد ربِّه. مهما أوتيَ المسلمُ من أسباب القوَّة في بدَنه، وفي عُدَّته وعَتاده، فليحذَرِ الركونَ إلى الأسباب، فإنَّ النصر من عند الله، فليخلِص في طلبه منه وحدَه. |
﴿يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [التغابن: 9]
قال رسولُ الله ﷺ: «لا يدخلُ النَّارَ أحدٌ إلا أُرِيَ مقعدَه من الجنَّة لو أحسن؛ ليكونَ عليه حسرة»، فهل من غَبْنٍ أبيَنُ من هذا؟! مهما حقَّقتَ في الدنيا من فوز ونجاح، فإنَّ الفوز الأبلغَ هو أن تُزحزَحَ عن النار بمغفرة ذنوبك، وتدخلَ الجنَّةَ بفضل الله ورحمته. يا خسارةَ أهل الكفر والضَّلال؛ يخسرون النجاةَ ابتداءً، ويُغبَنون ما كان يمكنُ أن يفوزوا به؛ بذهابه إلى المؤمنين الصادقين انتهاء. |
﴿رَّسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُۥ رِزۡقًا ﴾ [الطلاق: 11]
العقل السليمُ يوقن أن الذي أهلك القرونَ السابقة بكُفرهم وتكذيبهم يُهلك مَن بعدهم كما أهلكهم؛ لاشتراكهم بالفعل القبيح. إنما سُمِّي القرآن ذكرًا لما تضمَّنه من تذكير الناس بما هم عنه غافلون من التوحيد والتكليف، ولما فيه من وعدٍ لمَن تمسَّك به بالرِّفعة والشرف المُنيف! ما قيمةُ العقل الراجح إن لم يحجُز صاحبَه عن المحرَّمات والمنكرات، ولم يهدِه إلى المبرَّات والصالحات؟ شتَّانَ بين نور الوحي والعلم الذي جاء به النبيُّ ﷺ، وظلام الجهل والضَّلال، وشتَّان بين نورٍ في القلب يَهدي صاحبَه إلى الحقِّ، وظلامٍ يُعميه عن أوضح الحقائق وأظهر المسلَّمات. بطَلَ العذرُ والاعتذار مع قيام الحُجَّة على الخَلق؛ بإرسال كتاب مبيِّن للحلال والحرام، وللأمر والنهي، فهل من مدَّكر؟! لا تستصغر أيَّ عمل صالح مهما ضَؤُل، فلا تدري أيَّ عملك يكون لك نورًا تمشي به في الدنيا، وتجتاز به الصِّراطَ في الآخرة. من إكرام الله تعالى لأهل طاعته أنه ينعِّمهم في دار الخلود مع أحبابهم من ذرِّياتهم وإخوانهم، لتتمَّ لهم السعادةُ والسرور. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [التحريم: 8]
البِدارَ البِدار، إلى التوبة الخالصة قبل انقضاء الأعمار، إذ ليس من توبةٍ تُقبَل يوم الحساب، ولا فديةٍ يُفتدى بها من العذاب. لا تكون التوبةُ نصوحًا حتى يعزمَ العبد عزمًا أكيدًا ألا يعودَ إلى الذنب كرَّة أخرى، فما أحرانا أن نعزمَ على ذلك جميعًا. حسبُكم شرفًا أيها المؤمنون أن الله ألحقَكم بنبيِّه سيِّد ولد آدم، وسلَّمكم من خزي ذلك اليوم، فجدِّدوا إيمانكم بالتوبة. |
﴿إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ ﴾ [القلم: 17]
إن النِّعَم لتُسلَب من العبد ويُحرَم منها ما لم يؤدِّ شكرَها، وأعظمُ شكرها استعمالُها في طاعة الله ونفع عباده. كم من رجلٍ فوَّت خيرًا كبيرًا بغفلته عن الاستثناء بقول: (إن شاء الله)، فما أحسنَ أن نعوِّدَ ألسنتنا ذكرَها! نيَّة سوءٍ جعلت البستانَ كالصَّريم، فانوِ دومًا فعلَ الخيرات، واجتنب سوء النيَّات؛ فإن حياتنا تُزهر وتُثمر بمقدار رغبتنا في عون الآخرين، وحبِّنا للمساكين. |
﴿إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [القلم: 34]
اجعل الجنَّةَ وما أعدَّه الله لأهل طاعته فيها من نعيم دائم نُصبَ عينيك، فإنَّ ذلك أدعى إلى نشاطك في الطاعات، وشحذ همَّتك إلى الصالحات. تعالى الله الحكَمُ العدل أن يساويَ بين المؤمنين الصَّالحين، والكفَّار الفاجرين؛ ﴿أفمَن كان مُؤمِنًا كمَن كان فاسِقًا لا يَستَوُون﴾ . |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ فِي جَنَّٰتٖ مُّكۡرَمُونَ ﴾ [المعارج: 35]
أرأيتَ إلى أصحاب تلك الصفات الحميدة؟ لمَّا ارتقَوا إلى عَليائها، مترفِّعين عن السفاسف والدَّنايا، رفعهم الله إلى جنَّات النعيم، ومنَّ عليهم فيها بألوان التكريم. |
﴿فِي جَنَّٰتٖ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ [المدثر: 40]
من كمال نعيم أهل الجنَّة أنهم يتساءلون عن حال أهل النار، وهذا سببٌ في زيادة طُمَأنينة قلوبهِم، وارتياح نفوسهِم. |
﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴾ [الإنسان: 5]
الأبرار حقًّا هم عبادُ الله الذين امتثلوا لمقتضَيات العبوديَّة عن يقين؛ طاعةً واستقامةً، وصدقًا وإخلاصًا. نعيمٌ فوق نعيم، أعدَّه الله الكريم، لعباده الأبرار المتَّقين، الذين قضَوا عمرَهم محسنين، وإلى طاعة ربِّهم مسرعين. |
﴿﴾ [الإنسان: 38]
|
﴿يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَا ﴾ [النازعات: 42]
الآخرة كالسفينة المحمَّلة بما يترقَّبه المترقِّبون، ولا يعلمون بلحظة وصولها ورُسوِّها، ولا يجدون فيها إلا ما كانوا أودَعوه فيها من عمل. |
﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [المطففين: 22]
أفاض الله عليهم من النعيم حتى أحاط بهم من كلِّ حدَب وغمرهم به غمرًا، فهل بعد هذا من تكريم؟ جعلنا الله من أهل هذا النعيم. لم يبيِّن إلامَ ينظرون، ليحلِّقَ الخيال في كلِّ حُسن وجمال، وفي كلِّ ما تلذُّ به الأعينُ وتشتهيه الأبصار، وأجلُّه يقينًا النظر إلى وجه الله الكريم. |
﴿هَلۡ ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ﴾ [المطففين: 36]
ما زرَعتُموه في الأمس من ظلمٍ وفساد لا بدَّ ستحصُدونه اليوم؛ جزاءً وِفاقًا ﴿وما ظَلَمناهُم ولكِن كانوا أنفُسَهُم يَظلِمُون﴾ . |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡكَبِيرُ ﴾ [البروج: 11]
الفوز الكبير ليس في انتصارٍ دنيويٍّ، ولا غَلَبة عاجلة، ولكنَّه في فوز الآخرة، فهنيئًا لشهداء الأُخدود. ليس في القرآن كلِّه وصفٌ للفوز بالكبير إلَّا لأصحاب الأُخدود؛ لعَظيم منزلتهم. الانتصار الحقيقيُّ هو انتصار المبادئ والقيم، وهاهم أُولاءِ أصحابُ الأُخدود قد انتصروا على قاتليهم مع أنهم قضَوا حرقًا. |
﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ ﴾ [الغاشية: 1]
أنفع الأحاديث ما يُذكِّر بالآخرة التي تغشى الخلقَ جميعًا بأهوالها وأفزاعها؛ رجاءَ أن يستعدَّ لها ذَوو القلوب الحيَّة. |
﴿وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٍ خَٰشِعَةٌ ﴾ [الغاشية: 2]
إنَّ الوجوه التي تكبَّرت وتجبَّرت في الدنيا، ستذلُّ وتخشع في الآخرة. قال الحسن البصريُّ: (لم تعمَل لله في الدنيا ولم تنصَب له، فأعملَها وأنصبَها في جهنَّم). فطوبى لمَن جعل نصَبَه في رضا الله. أهل الضَّلال يعيشون في حياتهم مخالفين للفِطرة معاكسين لها، فاستحقُّوا يومَ القيامة أن يُعاملوا بالمِثل، فإن طلبوا ماءً باردًا عذبًا سُقوا ماءً حميمًا يقطِّع أمعاءهم. |
﴿عَامِلَةٞ نَّاصِبَةٞ ﴾ [الغاشية: 3]
إنَّ الوجوه التي تكبَّرت وتجبَّرت في الدنيا، ستذلُّ وتخشع في الآخرة. قال الحسن البصريُّ: (لم تعمَل لله في الدنيا ولم تنصَب له، فأعملَها وأنصبَها في جهنَّم). فطوبى لمَن جعل نصَبَه في رضا الله. أهل الضَّلال يعيشون في حياتهم مخالفين للفِطرة معاكسين لها، فاستحقُّوا يومَ القيامة أن يُعاملوا بالمِثل، فإن طلبوا ماءً باردًا عذبًا سُقوا ماءً حميمًا يقطِّع أمعاءهم. |
﴿تَصۡلَىٰ نَارًا حَامِيَةٗ ﴾ [الغاشية: 4]
إنَّ الوجوه التي تكبَّرت وتجبَّرت في الدنيا، ستذلُّ وتخشع في الآخرة. قال الحسن البصريُّ: (لم تعمَل لله في الدنيا ولم تنصَب له، فأعملَها وأنصبَها في جهنَّم). فطوبى لمَن جعل نصَبَه في رضا الله. أهل الضَّلال يعيشون في حياتهم مخالفين للفِطرة معاكسين لها، فاستحقُّوا يومَ القيامة أن يُعاملوا بالمِثل، فإن طلبوا ماءً باردًا عذبًا سُقوا ماءً حميمًا يقطِّع أمعاءهم. |
﴿تُسۡقَىٰ مِنۡ عَيۡنٍ ءَانِيَةٖ ﴾ [الغاشية: 5]
إنَّ الوجوه التي تكبَّرت وتجبَّرت في الدنيا، ستذلُّ وتخشع في الآخرة. قال الحسن البصريُّ: (لم تعمَل لله في الدنيا ولم تنصَب له، فأعملَها وأنصبَها في جهنَّم). فطوبى لمَن جعل نصَبَه في رضا الله. أهل الضَّلال يعيشون في حياتهم مخالفين للفِطرة معاكسين لها، فاستحقُّوا يومَ القيامة أن يُعاملوا بالمِثل، فإن طلبوا ماءً باردًا عذبًا سُقوا ماءً حميمًا يقطِّع أمعاءهم. |
﴿لَّيۡسَ لَهُمۡ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٖ ﴾ [الغاشية: 6]
تبقى الشَّهوة إلى الطعام والشَّراب مُلحَّةً في الجحيم؛ ليزدادَ أهلها ذلًّا وعذابًا، بحرمانهم إيَّاها، وإطعامهم ما لا ينفعُ ولا يُغني. |
﴿وَزَرَابِيُّ مَبۡثُوثَةٌ ﴾ [الغاشية: 16]
يرغب الناسُ بطبيعتهم في التنوُّع، فجعل الله للمُحسنين في جنَّاته من ألوانِ النعيم؛ من بسُطٍ وأرائكَ ونمارقَ وكلِّ ما يحبُّون. |
﴿جَزَآؤُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ رَبَّهُۥ ﴾ [البينة: 8]
لولا الخشيةُ لم يترك العبد المناهيَ والمعاصي، ولا استعدَّ ليومٍ يؤخَذ فيه بالنَّواصي، فهي مِلاكُ السعادة الأبديَّة، وقِوامُ الفوز بالرتب العليَّة. رضُوا عن ربِّهم فيما شَرَع لهم وقضى، مُذعِنين لأمره، مسلِّمين لقضائه، فقَبِلَ منهم ورضي عنهم، وبوَّأهم مقاعدَ الخلود في جنَّات النعيم. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
البراءة من المشركين شهور الحج الإقساط عقوبة الأخلاق السيئة ذي الطّوْل مكاتبة المملوك اسم الله الباطن اسم الله الواسع الجنة دار البوار
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب