حديث: ما لي أراك منكسرا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر وأخباره

عن جابر بن عبد الله قال: لقيني رسول الله ﷺ فقال لي: «يا جابر! ما لي أراك منكسرا؟ «قلت: يا رسول الله! استشهد أبي، وترك عيالا ودينا، قال: «أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ «قال: بلى يا رسول الله، قال: «ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجابه، وأحيا أباك فكلمه كفاحا، فقال: يا عبدي، تَمَنَّ عليَّ أعطك، قال: يا رب، تحييني فأُقتل فيك ثانية، قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم لا يُرجعون، قال: وأنزلت هذه الآية: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ [آل عمران: ١٦٩].

حسن: رواه الترمذيّ (٣٠١٠)، وابن ماجة (١٩٠)، وصحّحه ابن حبَّان (٧٠٢٢)، والحاكم (٣/ ٢٠٣ - ٤) كلّهم من طريق موسى بن إبراهيم بن كثير، سمعت طلحة بن خراش قال: سمعت جابرا فذكره.

عن جابر بن عبد الله قال: لقيني رسول الله ﷺ فقال لي: «يا جابر! ما لي أراك منكسرا؟ «قلت: يا رسول الله! استشهد أبي، وترك عيالا ودينا، قال: «أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ «قال: بلى يا رسول الله، قال: «ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجابه، وأحيا أباك فكلمه كفاحا، فقال: يا عبدي، تَمَنَّ عليَّ أعطك، قال: يا رب، تحييني فأُقتل فيك ثانية، قال الرب ﷿: إنه قد سبق مني أنهم لا يُرجعون، قال: وأنزلت هذه الآية: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ [آل عمران: ١٦٩].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا حديث عظيم فيه من المواساة والبشرى ما يشرح الصدور، وقد رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني.

أولاً. شرح المفردات:


● منكسراً: حزيناً، ذا هَمٍّ وَغَمٍّ، مُنْصَبَّ الرأس من شدة الحزن.
● استشهد أبي: قُتِلَ في سبيل الله مُجاهداً.
● عيالاً: أولاداً صغاراً وعائلة需要 الرعاية.
● ديناً: ديوناً تركها عليه.
● كفاحاً: مواجهةً بلا حجاب، أي مباشرةً دون واسطة.
● تَمَنَّ عليَّ: اطلب مني ما تشاء، سَلْنِي أُعْطِكَ.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ لَقِيَه ذات يوم، فرأى عليه أثر الحزن والهم، فسأله بلطف وحنان: «يا جابر! ما لي أراك منكسرا؟».
فأخبره جابر رضي الله عنه سبب حزنه، وهو أن أباه قُتِلَ شهيداً في غزوة أُحُد، وترك وراءه عيالاً صغاراً لا معيل لهم، وديوناً يحتاجون إلى سدادها، مما زاد في همّه وغمه.
فما كان من النبي ﷺ إلا أن بشره بأعظم بشرى يمكن أن تمس أذن إنسان، فقال: «أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟».
فأجاب جابر بالموافقة والشوق لسماع هذه البشارة.
فأخبره النبي ﷺ أن الله تعالى قد أكرم أباه عبد الله بن حرام تكريماً لم يكرم به أحداً من قبل، وذلك بأن:
- الله تعالى لا يكلم أحداً من خلقه في الآخرة إلا من وراء حجاب.
- لكنه تعالى أحيى أباه فكلمه كفاحاً (أي مواجهة بلا حجاب)، تكريماً له ورفعة لدرجته.
ثم دار ذلك الحوار البديع بين الرب تعالى وبين الشهيد، حيث قال الله له: «يا عبدي، تَمَنَّ عليَّ أعطك». أي سلني ما تشاء أُعطِك إياه.
فكانت أمنية هذا الشهيد العظيم هي أعلى ما يتمناه المؤمن: «يا رب، تحييني فأُقتل فيك ثانية». فهو لا يريد مالاً ولا متاعاً دنوياً، بل يريد العودة إلى الدنيا ليجاهد ويُقتل في سبيل الله مرة أخرى.
فأجابه الرب تعالى: «إنه قد سبق مني أنهم لا يُرجعون». أي أن القضاء قد سبق بأن من مات لا يعود إلى الدنيا، فهذا أمر قد فات.
ثم أنزل الله تعالى الآية الكريمة تصديقاً لهذه المنزلة العظيمة للشهداء وتكريماً لهم: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾، بل هم أحياء عند ربهم يرزقون.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم منزلة الشهادة في سبيل الله: فهي سببٌ لمثوبة الله ومكالمته لعبده من غير حجاب، وهي أعلى المراتب التي يصل إليها المؤمن.
2- سمو أخلاق النبي ﷺ ورقته: حيث لاحظ الحزن على وجه جابر وسأله عنه بلطف، وواساه بأعظم ما يمكن أن يُواسى به إنسان.
3- بيان حياة الشهداء الحقيقية: فهم أحياء في عالم البرزخ، عند ربهم يرزقون، كما جاء في الآية الكريمة، وهذه الحياة أعلى وأكمل من حياتنا الدنيوية.
4- حب الشهيد للشهادة: فلم يطلب من ربه مالاً ولا جاهاً، بل طلب العودة للشهادة، وهذا غاية الحب لله والتعلق به.
5- التسليم لقضاء الله وقدره: حيث أجاب الله تعالى شهيده بأن نظام الدنيا قد انتهى، والقضاء بأن لا عودة لها قد سبق.
6- مواساة أهل الشهداء وتبشيرهم: على المسلم أن يواسي أهل الميت، ويذكرهم بفضائل الموت في سبيل الله، ليتحول حزنهم إلى فرح وسرور بمنزلة قريبهم عند الله.


رابعاً. معلومات إضافية:


- استشهد والد جابر، عبد الله بن حرام، في غزوة أُحُد، وكان من الأنصار السابقين إلى الإسلام.
- قصة هذا الحديث تدل على أن الشهيد يُكلمه الله تعالى بدون حجاب، وهذه من الخصائص العظيمة للشهداء.
- هذا الحديث يندرج تحت فضائل الجهاد والشهادة في سبيل الله، وهو من البشائر التي ترفع همم المؤمنين للجهاد والتضحية في سبيل الله.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يتقبل منا صالح الأعمال، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٣٠١٠)، وابن ماجة (١٩٠)، وصحّحه ابن حبَّان (٧٠٢٢)، والحاكم (٣/ ٢٠٣ - ٤) كلّهم من طريق موسى بن إبراهيم بن كثير، سمعت طلحة بن خراش قال: سمعت جابرا فذكره.
قال الترمذيّ: «حسن غريب من هذا الوجه لا نعرفه إِلَّا من حديث موسى بن إبراهيم، وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر شيئًا من هذا، ورواه عليّ بن عبد الله المديني وغير واحد من كبار أهل الحديث هكذا عن موسى بن إبراهيم».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل موسى بن إبراهيم بن كثير فإنه حسن الحديث إذا لم يخالف.
وقوله: كفاحا أي: مواجهة ومشافهة بدون حجاب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 452 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما لي أراك منكسرا

  • 📜 حديث: ما لي أراك منكسرا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما لي أراك منكسرا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما لي أراك منكسرا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما لي أراك منكسرا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب