حديث: من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فضائل عبد الله بن مسعود

عن قيس بن مروان أنه أتى عمر فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة، وتركت بها رجلًا يملي المصاحف عن ظهر قلبه، فغضب وانتفخ حتَّى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل، فقال: ومن هو ويحك؟ قال: عبد الله بن مسعود، فما زال يطفأ ويسرى عنه الغضب حتَّى عاد إلى حاله التي كان عليها.
ثمّ قال: ويحك والله! ما أعلمه بقي من الناس أحد هو أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك، كان رسول الله ﷺ لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذاك في الأمر من أمر المسلمين، وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه، فخرج رسول الله ﷺ وخرجنا معه، فإذا رجل قائم يُصَلِّي في المسجد، فقام رسول الله ﷺ يستمع قراءته، فلمّا كدنا أن نعرفه قال رسول الله ﷺ: «من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد». قال: ثمّ جلس الرّجل يدعو فجعل رسول الله ﷺ يقول له: «سل تعطه، سل تعطه». قال عمر: قلت والله! لأغدودن إليه فلأبشرنه، قال: فغدوت إليه لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره، ولا والله! ما سابقته إلى خير قطّ إِلَّا سبقني إليه.

صحيح: رواه أحمد (٧٥) عن أبي معاوية، حَدَّثَنَا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر وهو بعرفة.

عن قيس بن مروان أنه أتى عمر فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة، وتركت بها رجلًا يملي المصاحف عن ظهر قلبه، فغضب وانتفخ حتَّى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل، فقال: ومن هو ويحك؟ قال: عبد الله بن مسعود، فما زال يطفأ ويسرى عنه الغضب حتَّى عاد إلى حاله التي كان عليها.
ثمّ قال: ويحك والله! ما أعلمه بقي من الناس أحد هو أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك، كان رسول الله ﷺ لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذاك في الأمر من أمر المسلمين، وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه، فخرج رسول الله ﷺ وخرجنا معه، فإذا رجل قائم يُصَلِّي في المسجد، فقام رسول الله ﷺ يستمع قراءته، فلمّا كدنا أن نعرفه قال رسول الله ﷺ: «من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد». قال: ثمّ جلس الرّجل يدعو فجعل رسول الله ﷺ يقول له: «سل تعطه، سل تعطه». قال عمر: قلت والله! لأغدودن إليه فلأبشرنه، قال: فغدوت إليه لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره، ولا والله! ما سابقته إلى خير قطّ إِلَّا سبقني إليه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أقدم لكم شرحًا لهذا الحديث النافع الذي رواه قيس بن مروان عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، معتمدًا في ذلك على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● انتفخ: تضخم وغضب حتى تورم.
● شعبتي الرحل: جانبي الرحل (وهو سرج البعير).
● يسرى عنه الغضب: يزول ويخف.
● يسمر: يجلس في السمر (أي في المساء للتحدث).
● يُصَلِّي في المسجد: يقيم الصلاة ويقرأ القرآن.
● قراءة ابن أم عبد: أي عبد الله بن مسعود، وكان يُكنى بابن أم عبد.
● سل تعطه: اطلب تُعطَ من الخير.
● لأغدونَّ: لأذهبنَّ في الغداة (أي في الصباح).


ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بأن قيس بن مروان جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأخبره أنه جاء من الكوفة، ورأى فيها رجلاً يملي المصاحف عن ظهر قلبه (أي من حفظه دون النظر في كتاب)، فغضب عمر ظنًا منه أن هذا الشخص قد يتطاول أو يخطئ في القرآن، ولكن عندما عرف أنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، سكن غضبه واطمأن، لأنه يعلم مكانة ابن مسعود في العلم والقرآن.
ثم شرع عمر في بيان سبب هذه المكانة، فذكر أن النبي ﷺ كان يسمر (يجلس في المساء) عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليتشاورا في أمور المسلمين، وخرج النبي ﷺ ذات ليلة ومعه أبو بكر وعمر، فسمعوا رجلاً يقرأ القرآن في المسجد، فاستمع النبي ﷺ لقراءته وأعجب بها، ثم بين للصحابة أن هذا القارئ هو عبد الله بن مسعود، وقال: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ».
ثم جلس ابن مسعود يدعو، فكان النبي ﷺ يحثه على الدعاء ويقول: «سَلْ تُعْطَ، سَلْ تُعْطَ»، مما يدل على أن دعاءه مستجاب. ثم انطلق عمر ليبشر ابن مسعود بهذه البشارة العظيمة، فوجد أن أبا بكر قد سبقه إليها، مما يدل على سبق أبي بكر إلى الخيرات.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- مكانة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كان من كبار حفاظ القرآن والعلماء، وقد شهد له النبي ﷺ بالتميز في القراءة.
2- فضل القرآن وتلاوته: ينبغي للمسلم أن يحرص على تلاوة القرآن كما أنزل، بتدبر وإتقان.
3- الغضب لله وفي الله: غضب عمر كان غضبًا لله، خوفًا من أن يخطئ أحد في القرآن، فلمّا عرف أنه ابن مسعود اطمأن.
4- دعاء الصالحين: الدعاء مستجاب من الصالحين، وقد حث النبي ﷺ ابن مسعود على الدعاء.
5- سبق أبي بكر إلى الخير: كان أبو بكر رضي الله عنه سريعًا إلى الخيرات، كما في سبقه لإبلاغ ابن مسعود.


رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
- عبد الله بن مسعود هو أحد كبار الصحابة، وأول من جهر بالقرآن في مكة بعد النبي ﷺ.
- قوله ﷺ: «رطبًا كما أنزل» يعني: طريًا جديدًا، كأنه يُتلى لأول مرة، وذلك لحسن تلاوته وإتقانه.
أسأل الله أن ينفعنا بالقرآن العظيم، وأن يجعلنا من أهله وخاصته، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٧٥) عن أبي معاوية، حَدَّثَنَا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر وهو بعرفة.
قال أحمد: قال أبو معاوية: وحَدَّثَنَا الأعمش عن خيثمة، عن قيس بن مروان فذكر الحديث. وإسناده صحيح.
ورواه أبو يعلى (١/ ١٢٢ رقم ١٨٩) (تحقيق الأثري) عن أبي خيثمة قال: حَدَّثَنَا محمد بن حازم (أبو معاوية) به مثله.
قال الهيثميّ في مجمع الزوائد (٩/ ٢٨٧): «رواه أبو يعلى بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصَّحيح غير قيس بن مروان وهو ثقة».
قال الأعظمي: كذا عزاه إلى أبي يعلى ولم يعز إلى أحمد مع اتحاد إسنادهما ولفظهما.
ورواه ابن ماجة في المقدمة (١٣٨) من طريق يحيى بن آدم، ثنا أبو بكر بن عَيَّاش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود أن أبا بكر وعمر بشراه أن رسول الله ﷺ قال: «من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد».
ورواه أبو يعلى (١/ ٤٢ رقم ١٦) (تحقيق الأثري) من طريق يحيى بن آدم بأطول من هذا. عزاه الهيثميّ إلى أحمد ولم يعز إلى أبي يعلى وقال: فيه عاصم بن أبي النجود وهو على ضعَّفه حسن.
ورواه الترمذيّ (٥٩٣) من طريق يحيى بن آدم به بعض الشيء، وقال: حديث حسن، وقال: رواه أحمد بن حنبل عن يحيى بن آدم مختصرًا. انتهى
قال الشّيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذيّ: «وقد بحثت عنه في المسند فلم أجده» وهو في المسند برقم (٣٥).
ورواه أحمد أيضًا (٤٢٥٥) عن معاوية بن عمرو، حَدَّثَنَا زائدة، حَدَّثَنَا عاصم بن أبي النجود، عن زرٍّ، عن عبد الله أن النَّبِيّ ﷺ أتاه بين أبي بكر وعمر وعبد الله يصلي، فافتتح النساء فسحلها فقال النَّبِيّ ﷺ: «من أحب أن يقرأ القرآن غضّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد». ثمّ تقدّم يسأل، فجعل النَّبِيّ ﷺ يقول: «سل تعطه، سل تعطه»، فقال فيما سأل: اللهم! إني أسألك إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، ومرافقة نبيك محمد ﷺ في أعلى جنة الخلد. قال: فأتى عمر عبد الله ليبشره فوجد أبا بكر قد سبقه، فقال: إن فعلت لقد كنت سباقا للخير.
وإسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود فإنه حسن الحديث.
قوله: «فسحلها» أي: قرأها كلها قراءة متتابعة متصلة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 457 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل

  • 📜 حديث: من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب