حديث: من لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة بغير حساب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل عكاشة بن محصن

عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ قلت: أنا، ثمّ قلت: أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لدغت، قال: فماذا صنعت؟ قلت: استرقيت، قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، فقال: وما حدثكم الشعبي؟ قلت: حَدَّثَنَا عن بريدة بن حصيب الأسلمي أنه قال: لا رقية إِلَّا من عين أو حُمة، فقال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حَدَّثَنَا ابن عباس عن النَّبِيّ ﷺ قال: «عرضت عليّ الأمم، فرأيت النَّبِيّ ومعه الرُّهيط، والنبي ومعه الرّجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنّة بغير حساب ولا عذاب». ثمّ نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنّة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله ﷺ، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله ك ﷺ فقال: «ما الذين تخوضون فيه؟». فأخبره فقال: «هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون». فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «أنت منهم». ثمّ قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكاشة».

متفق عليه: رواه مسلم في الإيمان (٢٢٠) عن سعيد بن منصور، حَدَّثَنَا هُشيم، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن قال: فذكره.

عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ قلت: أنا، ثمّ قلت: أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لدغت، قال: فماذا صنعت؟ قلت: استرقيت، قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، فقال: وما حدثكم الشعبي؟ قلت: حَدَّثَنَا عن بريدة بن حصيب الأسلمي أنه قال: لا رقية إِلَّا من عين أو حُمة، فقال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حَدَّثَنَا ابن عباس عن النَّبِيّ ﷺ قال: «عرضت عليّ الأمم، فرأيت النَّبِيّ ومعه الرُّهيط، والنبي ومعه الرّجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنّة بغير حساب ولا عذاب». ثمّ نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنّة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله ﷺ، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله ك ﷺ فقال: «ما الذين تخوضون فيه؟». فأخبره فقال: «هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون». فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «أنت منهم». ثمّ قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكاشة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان فوائده وعبره.

أولًا:

شرح مفردات الحديث:
● انقض: سقط من السماء بسرعة.
● لدغت: أصابني لدغ من حية أو عقرب.
● استرقيت: طلبت من أحد أن يرقيَني.
● الحمة: السم، ويقصد به لدغة العقرب أو الحية.
● الرهيط: الجماعة القليلة (ثلاثة إلى عشرة).
● سواد عظيم: جماعة كبيرة جدًا.
● بغير حساب ولا عذاب: يدخلون الجنة مباشرة دون أن يقفوا للحساب ولا يدخلون النار.
● لا يتطيرون: لا يتشاءمون بالطيور أو غيرها.
● سبقك بها عكاشة: يعني أن الدعوة خاصة بعكاشة ولم يتسع لأحد غيره.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بحصين بن عبد الرحمن الذي كان جالسًا مع سعيد بن جبير، فسأل سعيد: من منكم رأى الكوكب الذي سقط البارحة؟ فأجاب حصين أنه رآه، ولكنه أوضح أنه لم يكن في صلاة بل كان قد لدغ، فسأله سعيد: ماذا فعلت؟ فأخبره أنه طلب الرقية (أي أن يرقيه أحد)، فاستنكر سعيد ذلك وسأله: لماذا فعلت ذلك؟ فأجاب حصين أن السبب هو حديث سمعه من الشعبي عن بريدة بن الحصيب: "لا رقية إلا من عين أو حمة"، أي أن الرقية لا تجوز إلا للعين أو للدغة العقرب.
فأجابه سعيد بن جبير: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع"، похвалиه على التوقف عند ما سمعه، لكنه صحح له المعلومة بأصح منها، فروى له حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رأى في منامه الأمم السابقة، فرأى الأنبياء معهم أتباع قليلون، ورأى نبيًا ليس معه أحد، ثم رأى جماعة كبيرة فظن أنها أمته، فقيل له: هذا موسى وقومه، ثم نظر إلى الأفق فرأى جماعة عظيمة أخرى، فقيل له: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
ثم دخل النبي بيته، فبدأ الصحابة يتكهنون من هم هؤلاء السبعون ألفًا، فقال بعضهم: لعلهم الذين صحبوا الرسول، وقال آخرون: لعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا، وغير ذلك.
فخرج النبي عليهم وسأل: "فيما تخوضون؟" فأخبروه، فقال: "هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون". أي أن صفات هؤلاء أنهم لا يرَقون غيرهم (لا يعتمدون على الرقية بالطرق المحرمة أو الشركية)، ولا يطلبون من غيرهم أن يرَقوهم (لا يعتمدون على الخرافات)، ولا يتشاءمون، ويتوكلون على الله حق التوكل.
فقام عكاشة بن محسن وقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال النبي: "أنت منهم". ثم قام رجل آخر وطلب نفس الدعوة، فقال النبي: "سبقك بها عكاشة"، أي أن الدعوة كانت خاصة بعكاشة.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- التوكل على الله: أن المؤمن يتوكل على الله حق التوكل ولا يعتمد على الأسباب الوهمية أو الشركية.
2- ذم التطير والاسترقاء: النهي عن التشاؤم والاعتقاد في الطيرة، والطلب من الناس الرقية إلا بما شرع الله.
3- فضل هذه الفئة: أن هناك فئة من هذه الأمة تدخل الجنة بدون عذاب ولا حساب، وهم المتوكلون الذين يبتعدون عن الخرافات.
4- أهمية السند الصحيح: حيث صحح سعيد بن جبير رواية حصين بالحديث الصحيح عن ابن عباس.
5- خصوصية الدعاء: أن الدعاء قد يكون خاصًا بشخص معين كما في قصة عكاشة.

رابعًا. معلومات إضافية:


- الحديث يدل على أن الرقية الجائزة هي التي تكون بالقرآن والأدعية المشروعة، دون شرك أو اعتقاد في غير الله.
- التوكل على الله لا ينافي الأخذ بالأسباب المشروعة، كالعلاج الطبي والرقية الشرعية.
- الحديث يظهر حرص الصحابة على الخير ومسابقةهم إليه.
أسأل الله أن يجعلنا من المتوكلين عليه، وأن يبعدنا عن الشرك والخرافات، وأن يدخلنا الجنة بغير حساب ولا عذاب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإيمان (٢٢٠) عن سعيد بن منصور، حَدَّثَنَا هُشيم، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن قال: فذكره.
ورواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٤١) من طريق هُشيم إِلَّا أنه لم يذكر القصة كاملة. ولكنه ذكر بعض هذه القصة في كتاب الطب (٥٧٠٥) من طريق ابن فضيل قال: حَدَّثَنَا حصين، عن عامر، عن
عمران بن حصين قال: لا رقية إِلَّا من عين أو حمة. فذكرته لسعيد بن جبير فقال: حَدَّثَنَا ابن عباس فذكر الحديث قريبًا منه.
وأمّا ما رواه الترمذيّ (٢٤٤٦) عن أبي حصين عبد الله بن أحمد بن يونس قال: حَدَّثَنَا عبثر بن القاسم قال: حَدَّثَنَا حصين هو ابن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما أسري بالنبي ﷺ جعل يمر بالنبي والنبيين ومعهم القوم، والنبي والنبيين ومعهم الرهط، والنبي والنبيين وليس معهم أحد، حتَّى مر بسواد عظيم، فقلت: «من هذا؟». قيل: موسى وقومه ولكن ارفع رأسك فانظر، قال: «فإذا هو سواد عظيم قد سدَّ الأفق من ذا الجانب ومن ذا الجانب، فقيل: هؤلاء أمتك وسوى هؤلاء من أمتك سبعون ألفا يدخلون الجنّة بغير حساب». فدخل ولم يسألوه ولم يفسر لهم، فقالوا: نحن هم، وقال قائلون: هم أبناء الذين ولدوا على الفطرة والإسلام، فخرج النَّبِيّ ﷺ فقال: «هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون». فقام عكاشة بن محصن فقال: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: «نعم». ثمّ قام آخر فقال: أنا منهم؟ فقال: «سبقك بها عكاشة».
فذكرُ الإسراء في هذا الحديث شاذ لمخالفته ما ثبت في الصحيحين؛ لأن رواية هُشيم بن بشير عن حصين أقوى من رواية عبثر بن القاسم عنه.
قال أبو داود: قال أحمد: ليس أحد أصح حديثًا عن حصين من هُشيم.
وحصين ثقة لكن تغير حفظه في الآخر، وهشيم ممن سمع من قبل تغيره، وأمّا عبثر بن القاسم فلا يدرى متى سمع قبل تغيره أم بعده.
والقول بتكرار الإسراء فيه تكلف وهو مخالف للتاريخ لأن الحديث ورد في المدينة.
وهذا الحديث إنّما ورد في المنام، فلعل اشتبه على أحد الرواة قصة المنام فعبر به الإسراء.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 476 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة بغير حساب

  • 📜 حديث: من لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة بغير حساب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة بغير حساب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة بغير حساب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة بغير حساب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب