من عمل صالحًا في الدنيا فهو يجري له بعد الموت.

حديث: من عمل صالحًا في الدنيا فهو يجري له بعد الموت.

عن أم العلاء وهي امرأة من نسائهم بايعَت رسول الله ﷺ قالت: طار لنا عثمان
ابن مظعون في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين، فاشتكى فمرضناه حتَّى توفي، ثمّ جعلناه في أثوابه، فدخل علينا رسول الله ﷺ، فقلت: رحمة الله عليك يا أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، قال: «وما يدريك؟». قلت: لا أدري والله، قال: «أما هو فقد جاءه اليقين، إني لأرجو له الخير من الله، والله ما أدري - وأنا رسول الله - ما يفعل بي ولا بكم». قالت أم العلاء: فوالله لا أزكي أحدًا بعده، قالت: ورأيت لعثمان في النوم عينا تجري، فجئت رسول الله ﷺ ذكرت ذلك له، فقال: «ذاك عمله يجري له».

صحيح: رواه البخاريّ في التعبير (٧٠١٨) عن عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن الزّهري، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أم العلاء قالت: فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين.

الحديث بصيغته كما ورد:

عن أم العلاء -وهي امرأة من نسائهم بايعت رسول الله ﷺ- قالت: طار لنا عثمان بن مظعون في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين، فاشتكى فمرضناه حتى توفي، ثم جعلناه في أثوابه، فدخل علينا رسول الله ﷺ، فقلت: رحمة الله عليك يا أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، قال: «وما يدريك؟». قلت: لا أدري والله، قال: «أما هو فقد جاءه اليقين، إني لأرجو له الخير من الله، والله ما أدري - وأنا رسول الله - ما يفعل بي ولا بكم». قالت أم العلاء: فوالله لا أزكي أحدًا بعده، قالت: ورأيت لعثمان في النوم عينا تجري، فجئت رسول الله ﷺ ذكرت ذلك له، فقال: «ذاك عمله يجري له».

شرح المفردات:

● طار لنا: وقع لنا في القرعة، من الطير وهو القرعة.
● في السكنى: في السكن والإقامة.
● اقترعت الأنصار: أجرت القرعة بينهم لتوزيع المهاجرين على بيوتهم.
● مرضناه: قمنا بتمريضه والعناية به أثناء مرضه.
● جعلناه في أثوابه: كفناه في ثيابه.
● أبا السائب: كنية عثمان بن مظعون رضي الله عنه.
● أكرمك الله: أي أعطاك الكرامة في الآخرة.
● جاءه اليقين: الموت، لأنه حق لا شك فيه.
● لا أزكي أحدًا: لا أقطع لأحد بالجنة.
● عينا تجري: نهرًا أو عين ماء جارية.

شرح الحديث:

1- السياق التاريخي: بعد هجرة النبي ﷺ وأصحابه إلى المدينة، آخى بين المهاجرين والأنصار، وكان الأنصار يقترعون على استضافة المهاجرين في بيوتهم. فوقع عثمان بن مظعون رضي الله عنه في قرعة أم العلاء الأنصارية فسكن عندها.
2- مرض عثمان ووفاته: مرض عثمان بن مظعون عندهم، وقاموا برعايته حتى توفي، وقاموا بتجهيزه للدفن.
3- دخول النبي ﷺ وتعزيتهم: دخل النبي ﷺ عليهم فوجدهم في حالة دفن الميت، فقالت أم العلاء كلمات تعبر عن حسن الظن بالله في حق عثمان بن مظعون، فقالت: "رحمة الله عليك يا أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله"، أي أنها تشهد أن الله أكرمه بالجنة.
4- رد النبي ﷺ المتواضع: فسألها النبي ﷺ: «وما يدريك؟» أي: كيف تعلمين ذلك؟ فأجابت بأنها لا تعلم، لكنها تحسن الظن بالله. فقال النبي ﷺ: «أما هو فقد جاءه اليقين» أي الموت، «إني لأرجو له الخير من الله» وهذا من تواضعه ﷺ حيث لم يقطع له بالجنة مع كونه من السابقين الأولين، بل قال: "أرجو له الخير"، ثم أكد على عظمة الله تعالى فقال: «والله ما أدري - وأنا رسول الله - ما يفعل بي ولا بكم».
5- رؤيا أم العلاء: بعد ذلك رأت أم العلاء في المنام نهرًا أو عين ماء جارية لعثمان بن مظعون، فأخبرت النبي ﷺ بذلك، فقال: «ذاك عمله يجري له»، أي أن أعماله الصالحة لا تزال تجري له بعد موته.

الدروس المستفادة:

1- حسن الظن بالله: من المستحب للمسلم أن يحسن الظن بالله في حق الميت، لكن دون الجزم بالجنة لأحد إلا من شهد له النبي ﷺ.
2- تواضع النبي ﷺ: رغم أن being the Messenger of God, he did not claim knowledge of the unseen except what أطلعه الله عليه، فقال: «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم».
3- استمرار ثواب العمل الصالح: كما في قوله ﷺ: «ذاك عمله يجري له»، وهذا يشمل الصدقة الجارية، والعلم النافع، والولد الصالح.
4- عدم تزكية أحد بالجنة: إلا من شهد له القرآن أو السنة الصحيحة، كما قال تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}.
5- فضل عثمان بن مظعون: هو من السابقين الأولين، وأحد العباد الزهاد، وكان من الذين حرموا على أنفسهم الشهوات طلبًا للزهد، فنهاهم النبي ﷺ عن ذلك.

معلومات إضافية:

- عثمان بن مظعون هو أخو عبدالله بن مظعون، وكان من المهاجرين الأوائل.
- توفي في السنة الثانية للهجرة، وكان أول من دفن في البقيع من المهاجرين.
- في هذا الحديث بيان أن الرؤيا الصالحة جزء من النبوة، كما قال ﷺ: «الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة».
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفهم في الدين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التعبير (٧٠١٨) عن عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن الزّهري، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أم العلاء قالت: فذكرته.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 473 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من عمل صالحًا في الدنيا فهو يجري له بعد الموت.

📜 حديث: من عمل صالحًا في الدنيا فهو يجري له بعد الموت.

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من عمل صالحًا في الدنيا فهو يجري له بعد الموت.

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من عمل صالحًا في الدنيا فهو يجري له بعد الموت.

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من عمل صالحًا في الدنيا فهو يجري له بعد الموت.

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية