حديث: إنّه من قدر الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن التداوي والاسترقاء من قدر الله

عن أبي خُزامة -أحد بني الحارث بن سعد بن هُزيم- حدّثه، أنّ أباه حدّثه أنّه قال لرسول الله ﷺ: يا رسول الله، أرأيتَ دواءً نتداوى به، ورُقًى نسْترقيها، وتُقىً نتّقيها هل تردُّ ذلك من قدر الله من شيء؟ فقال رسول الله ﷺ: «إنّه من قدر الله».

حسن: رواه عبد الله بن وهب في «الجامع» (٦٩٩) قال: أخبرني يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث وابن سمعان، أنّ ابن شهاب أخبرهم أنّ أبا خُزامة، فذكره.

عن أبي خُزامة -أحد بني الحارث بن سعد بن هُزيم- حدّثه، أنّ أباه حدّثه أنّه قال لرسول الله ﷺ: يا رسول الله، أرأيتَ دواءً نتداوى به، ورُقًى نسْترقيها، وتُقىً نتّقيها هل تردُّ ذلك من قدر الله من شيء؟ فقال رسول الله ﷺ: «إنّه من قدر الله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يتعلق بأصل عظيم من أصول الإيمان، وهو الإيمان بالقدر، وبيان كيف يجمع المسلم بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله مع الإيمان بقضائه وقدره.
### أولاً. ترجمة الراوي ومصدر الحديث
● الراوي: أبو خُزامة، وهو من بني الحارث بن سعد بن هُزيم، وقد روى الحديث عن أبيه.
● مصدر الحديث: رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام ابن ماجه في سننه، وصححه الألباني.

### ثانياً. شرح مفردات الحديث
● نَتَدَاوَى به: نتعالج به، أي نأخذ بالأسباب الطبيعية للشفاء من الأمراض.
● رُقًى نَسْتَرْقِيهَا: الرُّقَى (جمع رُقية) هي القراءات الشرعية من القرآن والأدعية النبوية التي يُرْقَى بها المريض لطلب الشفاء من الله.
● تُقًى نَتَّقِيهَا: التُّقَى (جمع وَقِيَّة) هي ما يُتَّقى به من الأمور الحسية، كالتحصينات واللباس الواقي من الأذى.
● هَلْ تَرُدُّ ذلك من قَدَرِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ؟: أي هل هذه الأسباب التي نأخذها تمنع وتدفع قضاء الله وقدره الذي كتبه علينا؟
● إِنَّهُ مِنْ قَدَرِ اللهِ: أي أن هذه الأسباب نفسها هي جزء من قدر الله، وقد كتبها الله وشرعها لنا، وليست معارضة لقدره.

### ثالثاً. شرح الحديث
سأل الصحابي الجليل النبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً يعبر عن حيرة قد ترد على قلب المؤمن: كيف نجمع بين الأخذ بهذه الأسباب (الدواء، الرقية، الوقاية) التي تبدو وكأنها تحاول تغيير الواقع، وبين الإيمان بأن كل شيء بقدر الله ومكتوب عنده؟
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بإجابة جامعة مانعة، حاسمة لهذه الإشكالية، حيث قال: «إِنَّهُ مِنْ قَدَرِ اللهِ».
ومعنى هذا الجواب العظيم:
ليس هناك تعارض بين الأخذ بالأسباب والإيمان بالقدر، بل الأسباب نفسها هي من قدر الله، وهي جزء من السنن الكونية التي خلقها الله وجعلها وسائل لحصول النتائج والمقاصد.
- فالله تعالى هو الذي خلق الداء وخلق الدواء.
- وهو الذي شرع لنا الرقية ووعدنا بالإجابة.
- وهو الذي أمرنا بالوقاية فقال: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً) [الأنفال: 25]، وقال: (فَاتَّقُوا النَّارَ) [آل عمران: 131].
- فالأخذ بالسبب هو امتثال لأمر الله، وهو تحقيق لإرادة الله الكونية والشرعية.
فالشفاء لا يحصل بالدواء وحده، بل بقدر الله أولاً وآخراً، والدواء هو سبب جعله الله وسيلة للشفاء. فإذا كتب الله للعبد الشفاء، ساقه إلى السبب الموصّل إليه، وإذا كتب عليه المرض، فقد لا ينفعه الدواء.

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- الجمع بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب: فالمسلم مأمور بالأمرين معاً: أن يأخذ بالأسباب المتاحة، وأن يتوكل على الله حق توكله، ولا يتعارض أحدهما مع الآخر. قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) [الفرقان: 58]، وقال صلى الله عليه وسلم: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ» رواه مسلم.
2- إبطال عقيدة الجبرية والقدرية المنحرفة: الذين يقولون "لا فائدة من الأخذ بالأسباب لأن كل شيء مقدور"، فهذا الحديث يرد عليهم ويبين أن الأخذ بالسبب هو نفسه مقدور ومأمور به.
3- بيان حكمة الله تعالى: حيث جعل لكل مسبب سبباً، وجعل للكون نواميس وسنناً ثابتة، ليختبر عباده: من يأخذ بالسبب ويتوكل على المسبب الحقيقي وهو الله، ومن يغفل عن السبب أو عن المسبب.
4- الرد على من يحرم التداوي أو الرقية: بحجة أن ذلك عدم تفويض للأمر لله، فالحديث يبين أن هذه من الأمور المشروعة التي هي جزء من الدين والتوكل الصحيح.
5- طمأنينة القلب: فالمسلم عندما يأخذ بالأسباب، يعلم أن النتيجة最终 بيد الله، فيطمئن قلبه، فإن حصل ما يريد حمد الله، وإن لم يحصل علم أن ذلك بقدر الله، فله أجر الأخذ بالسبب وأجر الصبر على القضاء.


خامساً:

معلومات إضافية
- هذا الحديث من أحاديث العقيدة التي تزيل الشبهات وتوضح حقائق الإيمان.
- ينبغي للمسلم أن يتعامل مع الأسباب على أنها وسائل لا غايات، ويجعل قلبه معلقاً بالله وحده.
- من الأدلة الأخرى المؤكدة لهذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ» أي اربط ناقتك وتوكل على الله في حفظها.
أسأل الله أن يرزقنا الفهم الصحيح والعمل به، وأن يجعلنا من المتوكلين عليه حق التوكل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عبد الله بن وهب في «الجامع» (٦٩٩) قال: أخبرني يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث وابن سمعان، أنّ ابن شهاب أخبرهم أنّ أبا خُزامة، فذكره.
وأخرجه أحمد (١٥٤٧٤)، والحاكم (٤/ ١٩٩) من طريق ابن وهب، إلّا أن أحمد رواه عنه، عن عمرو بن الحارث وحده.
وهذا إسناد حسن؛ لأنّ أبا خُزامة لم يرو عنه إلّا الزّهريّ، وهو تابعي معروف، قد عرفه الزهريّ، ووهم من جعله من الصّحابة كالحافظ في التقريب فقال: «صحابي، له حديث في الرُّقى»
وإنما الصحبة لأبيه.
وللحديث طرق أخرى عند الترمذي (٣١٤٨، ٢٠٦٥)، وابن ماجه (٣٤٣٧) وغيرهما، غير أن ما ذكرته هو أصحها، وهو مخرج في كتاب الإيمان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إنّه من قدر الله

  • 📜 حديث: إنّه من قدر الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إنّه من قدر الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إنّه من قدر الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إنّه من قدر الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب