حديث: وافقني ربي في ثلاث

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾

عن عمر قال: وافقت اللَّه في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث، قلت: يا رسول اللَّه، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول اللَّه، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل اللَّه آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النبي ﷺ بعض نسائه، فدخلت عليهن، قلت: إن انتهيتن أو ليبدلن اللَّه رسوله ﷺ خيرًا منكن، حتى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أما في رسول اللَّه ﷺ ما يعظ نساءه، حتى تعظهن أنت؟ فأنزل اللَّه: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ﴾ [التحريم: ٥].

صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٤٨٣) عن مسدد، عن يحيى بن سعيد، عن حميد، عن أنس قال: قال عمر: فذكره.

عن عمر قال: وافقت اللَّه في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث، قلت: يا رسول اللَّه، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول اللَّه، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل اللَّه آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النبي ﷺ بعض نسائه، فدخلت عليهن، قلت: إن انتهيتن أو ليبدلن اللَّه رسوله ﷺ خيرًا منكن، حتى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أما في رسول اللَّه ﷺ ما يعظ نساءه، حتى تعظهن أنت؟ فأنزل اللَّه: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ﴾ [التحريم: ٥].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا جميعاً بفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه يحدثنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ثلاث موافقات بين رأيه الصائب وبين ما أنزله الله تعالى في القرآن الكريم، مما يدل على مكانته وعمق إيمانه وفقهه.

أولاً. شرح المفردات:


● وافقت الله في ثلاث: أي أن رأي عمر رضي الله عنه صادف ما أمر الله به وأوحى به في القرآن.
● مقام إبراهيم: هو الحجر الذي وقف عليه سيدنا إبراهيم عليه السلام عند بناء الكعبة.
● أمهات المؤمنين: زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
● معاتبة النبي ﷺ بعض نسائه: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعاتب إحدى زوجاته على أمر ما.

ثانياً. شرح الحديث:


يذكر سيدنا عمر رضي الله عنه ثلاث مواقف كان له فيها رأي، فنزل القرآن موافقاً لرأيه:
1- اتخاذ مقام إبراهيم مصلى:
- الموقف: اقترح عمر على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ من مقام إبراهيم (وهو الحجر الذي قام عليه سيدنا إبراهيم عند بناء الكعبة) مكاناً للصلاة.
- الموافقة الإلهية: نزل قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]. فأصبحت الصلاة خلف مقام إبراهيم سنة متبعة إلى يوم القيامة.
2- الحجاب لأمهات المؤمنين:
- الموقف: لاحظ عمر رضي الله عنه أن الناس يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته بلا استئذان، وكان ضمنهم البر والفاجر، فاقترح أن يأمر النبي زوجاته بالحجاب.
- الموافقة الإلهية: نزلت آية الحجاب: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]. فشرع الحجاب لحماية حرمة بيت النبوة وصون أمهات المؤمنين.
3- وعظ نساء النبي:
- الموقف: بلغ عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم يعاتب بعض زوجاته (وفي روايات أن الأمر كان بسبب حادثة العسل، حيث تواطأت بعض زوجاته في أمر أغضب النبي)، فدخل عمر على نساء النبي ونصحهن ونهرهن، وقال لهن: "إِن انْتَهَيْتُنَّ أَوْ لَيُبَدِّلَنَّ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا مِنْكُنَّ". فاعترضت إحداهن قائلة: أيعظنا عمر والرسول بين أظهرنا؟!
- الموافقة الإلهية: نزل قول الله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]. فكانت موافقة لقول عمر وتحذيراً لهن.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضل عمر رضي الله عنه ومكانته: الحديث دليل على علو منزلة عمر عند الله، حتى وافق رأيه الوحي في ثلاث قضايا عظيمة. وهذا من فضائل الفاروق الخاصة.
2- اهتمام الصحابة بشؤون الدين: حرص الصحابة رضوان الله عليهم على نصح النبي صلى الله عليه وسلم واقتراح ما يرونه صالحاً للأمة، وكان النبي يتقبل نصحهم برحابة صدر.
3- الحكمة من تشريع الحجاب: بيان أن الحجاب شرع لحماية عرض النساء وصون المجتمع من الفتنة، وخاصة أمهات المؤمنين لكونهن قدوة.
4- عظمة بيت النبوة: حتى زوجات النبي كن تحت التكليف ويؤاخذن على التقصير، ويُوعظن كما يُوعظ غيرهن، مما يدل على عدل الإسلام.
5- قوة شخصية عمر وجرأته في الحق: لم يمنعه حب النبي واحترامه من أن ينصح زوجاته ويخوفهن بالله، وهذا من قوة إيمانه وغيرة على الدين.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذه الموافقات الثلاث معروفة في كتب الحديث والتفسير بـ "موافقات عمر".
- للفاروق موافقات أخرى مع الوحي ذكرها العلماء، بلغت كما قال بعضهم أكثر من عشرين موافقة.
- قصة العسل التي أدت إلى معاتبة النبي لبعض زوجاته مذكورة في صحيح البخاري، حيث كانت السيدة عائشة والسيدة حفصة رضي الله عنهما قد تواطأتا على أن تقول كل منهما للنبي حين يدخل عليها: "إني لأجد منك ريح مغافير" (نوع من شجر له رائحة كريهة)، فأحزن ذلك النبي، فنزل القرآن مؤنباً لهن.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٤٨٣) عن مسدد، عن يحيى بن سعيد، عن حميد، عن أنس قال: قال عمر: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 62 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: وافقني ربي في ثلاث

  • 📜 حديث: وافقني ربي في ثلاث

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: وافقني ربي في ثلاث

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: وافقني ربي في ثلاث

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: وافقني ربي في ثلاث

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب