كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت فلنولينك قبلة ترضاها

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا الشرح نافعاً ومفيداً.
الحديث الشريف: يروي لنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه قصة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في البيت الحرام بمكة المكرمة. وهذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي تتعلق بأحد أركان الإسلام الخمسة، وهي الصلاة.

---

1. شرح المفردات:

* يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: أي أن النبي ﷺ والمسلمين كانوا يتوجهون في صلاتهم إلى المسجد الأقصى في القدس، وكان ذلك في مكة وبعد الهجرة إلى المدينة بستة عشر أو سبعة عشر شهراً.
* نَزَلَتْ: أي أُنزلت آية من القرآن الكريم على النبي ﷺ بواسطة جبريل عليه السلام.
* تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ:形容 تطلع النبي ﷺ واشتياقه إلى أن يصرف الله أمته عن قبلة اليهود (بيت المقدس) إلى قبلة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام (الكعبة). كان ﷺ يقلب وجهه نحو السماء منتظراً الوحي.
* قِبْلَةً تَرْضَاهَا: وهي الكعبة المشرفة، التي يرضاها النبي ﷺ وكل مسلم.
* شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: جهة الكعبة المشرفة. والشطر يعني الجهة والناحية.
* مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: بنو سلمة هي إحدى قبائل الأنصار في المدينة المنورة. ومر بهم رجل (وقيل هو من الصحابة) وقد علم بخبر التحويل.
* وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ: أي أن المصلين كانوا في حالة الركوع أثناء أدائهم لصلاة الفجر.
* قَدْ صَلُّوا رَكْعَةً: أي أنهم أتموا الركعة الأولى من صلاة الفجر (وهي ركعتان) وكانوا في الركوع من الركعة الثانية.
* أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ: نادى الرجل مُخبراًthem بالخبر اليقين.
* فَمَالُوا كَمَا هُمْ: استداروا وهم على هيئتهم في الركوع، من غير أن يقطعوا صلاتهم أو يرفعوا رؤوسهم، بل انحرفوا بأجسادهم نحو القبلة الجديدة.

---

2. شرح الحديث:

يُبيّن هذا الحديث العظيم حدثاً مهماً في تاريخ الدعوة الإسلامية، حيث:
* كان المسلمون بعد الهجرة يصلون نحو بيت المقدس امتثالاً لأمر الله تعالى أولاً، ولأنها قبلة الأنبياء من قبل، ولإظهار نقاط الاشتراك مع أهل الكتاب initially، لكن النبي ﷺ كان يحب ويعشق الكعبة، قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام.
* كان النبي ﷺ يكثر من الدعاء والتطلع إلى السماء راجياً من الله تعالى أن يحول القبلة إلى الكعبة.
* فاستجاب الله تعالى لدعاء نبيه، وأنزل الآية الكريمة (سورة البقرة: 144) تُخبره بهذا التحويل العظيم، وأمره أن يتوجه هو والمؤمنون نحو المسجد الحرام من那一刻 فصاعداً.
* 巧合 أن نزول الوحي بهذا الأمر كان أثناء صلاة الفجر، حيث كان النبي ﷺ يصلي بإمامة المسلمين في مسجد قباء (وقيل في مسجد بني سلمة).
* بعد أن صلوا الركعة الأولى إلى بيت المقدس، نزل الأمر الإلهي بالتحويل. فجاء رجل وأخبرهم وهم في الركوع من الركعة الثانية، فاستدار الإمام والمأمومون وهم في حالة الركوع نحو الكعبة، وأتموا صلاتهم على هذه الهيئة.

---

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- طاعة الله ورسوله الفورية: يمثل فعل الصحابة رضي الله عنهم أروع مثال على الطاعة المطلقة والاستجابة الفورية لأمر الله ورسوله، حيث استداروا في صلاتهم من غير تردد أو تساؤل.
2- صحة الصلاة مع تغيير القبلة أثناءها: هذا الحديث أصل من أصول الفقه في أن من بدأ صلاته إلى قبلة ثم تبين له خطؤه أو تغير الحكم، فإنه يتحول إلى القبلة الصحيحة ويتم صلاته، وصلاته صحيحة. وهذا يدل على يسر الإسلام ومرونته.
3- محبة النبي ﷺ للكعبة: يظهر شدة حرصه ﷺ على تميز الأمة الإسلامية وارتباطها بدين Abraham عليه السلام الخالص.
4- انقطاع صلة التشبه بأهل الكتاب: كان تحويل القبلة بمثابة الإعلان النهائي عن استقلالية الأمة الإسلامية وتميزها عن غيرها من الأمم، وانهاء فترة التقارب الأولى مع اليهود الذين كانوا في المدينة.
5- فضل هذه الأمة: حيث جعل الله لها قبلة خاصة بها، هي قبلة الأنبياء جميعاً، وجعلها الله تعالى قبلة موحدة للمسلمين في كل مكان وزمان إلى يوم القيامة.
6- التيسير ورفع الحرج: لو أنهم قطعوا الصلاة وبدؤوها من جديد لكان فيه مشقة عظيمة، فشرع لهم الاستدارة وإتمام الصلاة، دليلاً على أن الشريعة جاءت للتيسير لا التعسير.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

* زمن التحويل: كان التحويل في منتصف شهر شعبان، على رأس سبعة عشر شهراً من مقدم النبي ﷺ المدينة.
* مسجد ذو القبلتين: المسجد الذي حدثت فيه هذه الواقعة يُسمى "مسجد القبلتين