حديث: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ﷺ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦)﴾
صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٤٨١) عن عمرو بن علي، حدّثنا يحيى، حدّثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال عمر فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر الثابت عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، يحمل في طياته درراً عظيمة من الفقه وأصول الدين، وإليك الشرح المفصل:
أولاً. شرح المفردات:
● أَقْرؤُنا: أي أكثرنا حفظاً وضبطاً للقرآن الكريم وأعلمنا بقراءاته.
● أُبَيّ: هو أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه، أحد كبار الصحابة وكتَّاب الوحي، وسيد القراء.
● أقضانا: أي أفقهنا وأعلمنا بالقضاء والفتوى.
● عليّ: هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم ورابع الخلفاء الراشدين.
● ندعُ من قول أبيّ: أي نترك ونمتنع عن الأخذ ببعض ما يرويه أُبيّ من أحاديث.
● نَنْسَخْ: في اللغة: نُبطل ونرفع حكمها. وفي الاصطلاح: رفع حكم آية شرعية بآية أخرى.
● نُنْسِهَا: أي نُذهلها عن القلب ونُنسيها الناس، أو نؤخر نزول حكمها.
ثانياً. شرح الحديث ومعناه:
يخبرنا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه عن موقف فقهي دقيق، فيقول:
- إن أقرأ الصحابة وأعلمهم بالقرآن هو أُبيّ بن كعب.
- وإن أفقههم في القضاء والاستنباط هو علي بن أبي طالب.
- ومع هذا فإنهم كانوا يتركون الأخذ ببعض ما يرويه أُبيّ من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
- والسبب في ذلك أن أُبيّاً رضي الله عنه كان يرى أنه لا يجوز ترك العمل بأي حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى لو ظن الناس أنه منسوخ أو تعارض مع نص آخر.
- وكان أُبيّ يستدل على رأيه بقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]. فكان يرى أن النسخ يجب أن يكون بوحي صريح مثله، ولا يكفي فيه الظن أو اجتهاد الرأي.
أما عمر وجمهور الصحابة رضوان الله عليهم، فكانوا يجتهدون في جمع النصوص، فإذا تعارض حديثان اجتهدوا في الجمع بينهما إن أمكن، فإن تعذّر ذلك بحثوا في التاريخ: أي النص متأخر؟ فيأخذون بالمتأخر لأنه ناسخ للأول. وهذا هو مفهوم النسخ الشرعي.
فكانوا أحياناً يتركون العمل بحديث رواه أُبيّ (وهو ثقة عدل) لأن الأدلة الأخرى القوية دلّت على أن هذا الحكم منسوخ بحديث آخر متأخر عنه زمنياً.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- مكانة الصحابة وعلمهم: الحديث يظهر سعة علم الصحابة رضي الله عنهم، وفقههم العميق في دقائق الدين، وحرصهم على التثبت.
2- الاجتهاد واختلاف الفهم: حتى بين أكابر الصحابة كان هناك اجتهاد في فهم النصوص وطرق التعامل معها، وهذا الاختلاف هو اختلاف تنوع وتكميل، لا اختلاف تضاد وخصومة.
3- أصول التعامل مع التعارض الظاهري: يُعلّمنا هذا الأثر منهجاً علمياً رصيناً في حالة تعارض نصين ظاهرياً، وهو:
- محاولة الجمع بينهما أولاً.
- فإن تعذّر، نبحث عن التاريخ (أي النص نزل أو قيل لاحقاً) فنقدم المتأخر الذي هو الناسخ.
- وهذا يحتاج إلى علم غزير وبحث عميق.
4- مكانة أُبيّ بن كعب: يظهر فيه تمسك أُبيّ رضي الله عنه بالحديث وحرصه على عدم تركه دون دليل قاطع على النسخ، مما يدل على شدّة تحريه وأخذه باليقين.
5- الإنصاف وعدم التعصب: يعترف عمر بفضيلتي أُبيّ وعلي مع اختلافه مع أُبيّ في هذه المسألة الأصولية، وهذا من أدب الخلاف العالي.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الأثر هو أصل من أصول علم أصول الفقه، khususnya dalam باب "تعارض الأدلة وطرق حل التعارض".
- موقف عمر والجمهور هو الراجح عند جمهور العلماء، لأن النسخ حقيقة شرعية تحتاج إلى دليل يثبتها، وليس مجرد احتمال.
- يُستفاد منه أيضاً أن الحديث الشريف ينسخ القرآن الكريم إذا كان متأخراً عنه، كما في نسخ وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم (الذي كان في القرآن) بحديث "لا صَدَقَةَ إلا عن ظَهْرِ غِنًى".
أسأل الله أن يوفقنا لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها، وأن يجمعنا به في جنات النعيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقول أُبي: لا أدع شيئًا -أي لا أترك شيئًا- سمعتُه من رسول اللَّه ﷺ، أي أنه ما كان يرى نسخ شيء من القرآن، فردّ عمر عليه محتجا بقوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ فإنه يدل على ثبوت النسخ.
وأما ﴿ننساها﴾ فهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ومعناها نؤخّرها.
وأما ﴿نُنْسِهَا﴾ فقراءة الباقين من النسيان، أي أن اللَّه يُثْبِت في قلب النبي ﷺ ما يشاء لقوله: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ [الأعلى: ٦] ويُنسي نبيَّه ما يشاء ويَنْسخه.
وفيه ردٌّ على اليهود الذين يدّعون امتناع النسخ في أحكام اللَّه تعالى مع أنه وقع النسخ في كتبه المتقدمة، وشرائعه الماضية مثل جواز آدم تزويج بناته من بنيه، ثم حُرّم ذلك، كما أباح اللَّه لنوح بعد خروجه من السفينة أكل جميع الحيوانات، ثم نسخ حلّ بعضها، وكذلك فعل عيسى عليه السلام فنسخ بعض أحكام التوراة مثل ترك العمل يوم السبت، فكذلك نسخ القرآن بعض الأحكام التي أحدثها علماء النصارى في دينهم مثل إباحة أكل الخنزير، وتعظيم الصّليب، فللَّه الحكم المطلق يُثبتُ ما يشاء، وينسخ ما يشاء إن اللَّه على كل شيء قدير.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 57 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 32 أعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني
- 33 فإن تاب ونزع واستغفر الله صقل قلبه
- 34 صيبًا نافعًا: دعاء النبي عند رؤية المطر
- 35 أن تجعل لله ندًا وهو خلقك
- 36 حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا
- 37 إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت
- 38 ما شاء الله وشئت
- 39 معنى أرجو أن أكون أكثر الأنبياء تابعا يوم القيامة
- 40 لا شيء في الجنة يشبه ما في الدنيا
- 41 جشاء ورشح كرشح المسك
- 42 فضل كلمة: سبحان الله وبحمده
- 43 إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي
- 44 من رأى شيئًا من العوامر فليؤذنه ثلاثًا
- 45 يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار
- 46 خطباء يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم
- 47 الكمأة من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل
- 48 ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ
- 49 ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة
- 50 قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر...
- 51 إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات
- 52 إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا
- 53 لَوْ رَآنِي أَبُو جَهْلٍ أُصَلِّي لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَانًا
- 54 أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب
- 55 إن وليي جبريل ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو...
- 56 قصة هاروت وماروت مع المرأة والخمر والصبي
- 57 لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ﷺ
- 58 من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته
- 59 نهى رسول الله عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال
- 60 صلاة النبي على راحلته حيث كان وجهه
- 61 ابن آدم كذبني ولم يكن له ذلك
- 62 وافقني ربي في ثلاث
- 63 النبي يصلي خلف مقام إبراهيم عند البيت
- 64 إبراهيم وإسماعيل يبنيان الكعبة ويقولان ربنا تقبل منا
- 65 لولا حدثان قومك بالكفر لرددت الكعبة على قواعد إبراهيم
- 66 إني عبد الله خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته
- 67 خرج منها نور أضاءت له بصرى من أرض الشام
- 68 العم مثل الأب في التوقير والاحترام
- 69 لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله
- 70 صلى النبي إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا
- 71 لما وجه النبي إلى الكعبة قالوا كيف بإخواننا الذين ماتوا
- 72 استقبال الكعبة في الصلاة بعد نزول القرآن
- 73 كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت فلنولينك قبلة ترضاها
- 74 يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب
- 75 الله عند ظن عبده به ومع الذاكرين إن ذكرني في...
- 76 ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه...
- 77 معنى من يرد الله به خيرا يصب منه
- 78 ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب إلا كفر الله...
- 79 إن الصفا والمروة من شعائر الله
- 80 سبب نزول: إن الصفا والمروة من شعائر الله
- 81 أبدأ بما بدأ الله به من الصفا والمروة
معلومات عن حديث: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ﷺ
📜 حديث: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ﷺ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ﷺ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ﷺ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ﷺ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








