حديث: قول ابن عباس في تفسير: أيود أحدكم أن تكون له جنة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢٦٦)﴾
صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٨٣) عن إبراهيم (بن موسى)، أخبرنا هشام (بن يوسف)، عن ابن جريج، سمعت عبد اللَّه بن أبي مليكة يحدث عن ابن عباس قال: وسمعت أخاه أبا بكر بن أبي مليكة يحدث عن عبيد بن عمير قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر العظيم الذي رواه الإمام البخاري في "الأدب المفرد" وغيره، يحمل قصةً رائعةً وعبراً جليلةً في فهم القرآن وتدبره، وفي أدب طلب العلم.
أولاً. شرح المفردات:
● أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ: أي هل يتمنى أحدكم.
● جَنَّةٌ: بستانٌ فيه أنواع النخيل والأشجار.
● فغضب عمر: استشاط غضباً من السكوت وعدم المحاولة في التفكر والاجتهاد.
● لا تحقر نفسك: لا تستصغر قدرك وتقلل من شأنك.
● أغرق أعماله: أهلكها ودمّرها وأذهبها كلها.
ثانياً. شرح الحديث والقصة:
1- سياق الحادثة: يسأل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحابة الكرام عن معنى آية من كتاب الله، وهي قوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: 266]. كان سؤاله ليتفقهوا وليجتهدوا في فهم القرآن، لا لمجرد السؤال.
2- رد الصحابة وحكمة عمر: أجاب الصحابة بـ "الله أعلم"، وهي إجابة صحيحة من حيث الأصل، لأن العلم الحقيقي هو لله. لكن غضب عمر رضي الله عنه غضباً تربوياً، لأنه أراد منهم أن يجتهدوا ويتفكروا في كتاب الله، لا أن يسكتوا عن التدبر. فأمرهم أن يجتهدوا ويقولوا برأيهم: إما أن يعلموا فيقولوا بما علموا، أو يعترفوا بعدم العلم إذا لم يكن عندهم جواب. وهذا من فقه عمر وعمق فهمه؛ فطلب العلم يحتاج إلى جرأة وشجاعة في القول مع التواضع في النفس.
3- جرأة ابن عباس وأدبه: هنا برز الشاب العالم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اشتهر بلقب "حبر الأمة" و"ترجمان القرآن". مع صغر سنه، إلا أنه كان قد وهبه الله فهماً ثاقباً وعلماً نافعاً. ومع ذلك، لم يقل رأيه بفظاظة أو غرور، بل قال بأدب جم: "في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين". أي: لدي فهم أو اجتهاد أريد أن أتحدث به، ولكن لا أجعله جازماً.
4- تشجيع عمر له: رد عليه عمر قائلاً: "يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك". فيه درس عظيم في تشجيع الشباب وإعطائهم الثقة، وعدم احتقار الذات. فالعلم لا يعرف صغيراً ولا كبيراً، والفضل كله بيد الله يؤتيه من يشاء.
5- تفسير ابن عباس للآية: فسّر ابن عباس الآية الكريمة بأنها مَثَلٌ ضربه الله تعالى لعمل المؤمن. فالجنة هي رمز للأعمال الصالحة التي يعملها الإنسان في حياته، كالصلاة والصيام والصدقة والذكر وغيرها. فالإنسان الغني (أي الكثير الحسنات) يعمل بطاعة الله، فيكون له بستانٌ عظيم من الحسنات. ثم يبعث الله له الشيطان (أي يوسوس له أو يفتنه)، فيقع في المعاصي والذنوب (كالكبر، أو الرياء، أو الأخلاق السيئة، أو ترك الواجبات)، فتلك المعاصي مثل الإعصار الناري الذي يأتي على البستان فيحرقه ويُتلِفه كله. أي أن الذنوب قد تحرق الحسنات وتُبطلها إذا لم يتب منها الإنسان.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- وجوب التدبر في القرآن: ليس القرآن لمجرد التلاوة، بل للتفكر والفهم والعمل. كما قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29].
2- أدب طلب العلم: من آداب العالم والمتعلم أن يتواضعا، وأن يجتهدا في الفهم، ولا يسكتا عن السؤال والبحث خوفاً من الخطأ. والخطأ في الاجتهاد مغفور فيه إن شاء الله.
3- تشجيع الشباب: على الكبار أن يشجعوا الصغار على العلم والاجتهاد، وعدم احتقار آرائهم. فالشباب هم مستقبل الأمة وحملة العلم.
4- خطر الذنوب على الحسنات: هذا التفسير يذكرنا بخطورة الذنوب والمعاصي، فإنها قد تُهلك العمل الصالح كله إذا أُصيب الإنسان بالكبائر أو لم يتب منها. كما في الحديث: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ» (رواه أحمد). فالمعصية قد تبدو صغيرة، ولكنها تجتمع مع غيرها فتُهلك صاحبها.
5- الاستعاذة من الشيطان: يجب على المسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان
تخريج الحديث
وقوله: ﴿جَنَّةٌ﴾ أي بستان.
وقوله: ﴿إِعْصَارٌ﴾ أي ريح.
وقوله: ﴿فِيهِ نَارٌ﴾ أي ريح فيها سموم شديدة.
وقوله: ﴿فَاحْتَرَقَتْ﴾ أي الثمرات التي كان يحتاج إليها عند الكبر، وفيه ضرب مثل لرجل كبير السن، ضيّع عمله بالشرك والبدعة في آخر حياته، وهو في حاجة إلى الإيمان باللَّه والعمل الصالح ليوصله الجنة.
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ أي لعلكم لا ترجعون إلى الشرك والكفر والضلال، فإنكم في آخر العمر أحوج الناس إلى الإيمان والعمل الصالح.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 174 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 149 النساء حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
- 150 اتقوا الله في النساء
- 151 تحريم منع المرأة من الزواج بعد الطلاق
- 152 مدة الحداد على الميت ثلاثة ايام الا للزوج
- 153 من مات عنها زوجها: لها الصداق كاملا، وعليها العدة، ولها...
- 154 قد حللت فانكحي من شئت
- 155 حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس
- 156 شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر
- 157 شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس
- 158 الصلاة الوسطى هي صلاة العصر
- 159 الحفاظ على الصلوات وصلاة العصر
- 160 حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر
- 161 كنا نتكلم في الصلاة، يكلم أحدنا أخاه في حاجته
- 162 طول القنوت
- 163 صلوا رجالا قياما على أقدامكم أو ركبانا
- 164 عثمان يقول: لا أغير شيئًا من مكانه
- 165 إذا وقع الوباء بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه
- 166 عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت
- 167 إنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي
- 168 أحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا
- 169 إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام
- 170 لا إكراه في الدين
- 171 نحن أحق بالشك من إبراهيم
- 172 أول من يقضى عليه يوم القيامة شهيد وعالم وجواد
- 173 يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الناس
- 174 قول ابن عباس في تفسير: أيود أحدكم أن تكون له...
- 175 من يأتِ بالقنو فيه الشيص والحشف فيعلقه
- 176 لا تخرص هذا التمر
- 177 أنفقوا من طيبات ما كسبتم
- 178 من أفضل العناوين المقترحة للحديث: **"خير الطعام ما كان من عمل...
- 179 أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا توعي فيوعي الله...
- 180 يد الله ملأى لا تغيضها نفقة
- 181 رجل تصدق فأخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه
- 182 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء
- 183 المسكين الذي يتعفف ولا يسأل الناس إلحافًا
- 184 من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف
- 185 المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة
- 186 تحريم تجارة الخمر بعد قراءة آيات الربا
- 187 آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه
- 188 نهى النبي عن ثمن الكلاب وثمن الدم وآكل الربا وموكله
- 189 الرجل الذي في النهر آكلوا الربا
- 190 ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى...
- 191 ولا يقبل الله إلا الطيب
- 192 تلقّت الملائكة روح رجل فقالوا: أعملت من الخير شيئًا؟
- 193 من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله
- 194 من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس...
- 195 من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثليه صدقة
- 196 آخر شيء نزل من القرآن: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى...
- 197 آخر اية نزلت من القرآن الكريم
- 198 ثلاثة وددت أن رسول الله لم يفارقنا
معلومات عن حديث: قول ابن عباس في تفسير: أيود أحدكم أن تكون له جنة
📜 حديث: قول ابن عباس في تفسير: أيود أحدكم أن تكون له جنة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قول ابن عباس في تفسير: أيود أحدكم أن تكون له جنة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قول ابن عباس في تفسير: أيود أحدكم أن تكون له جنة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قول ابن عباس في تفسير: أيود أحدكم أن تكون له جنة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








