حديث: تخلف عشرة رهط عن النبي في غزوة تبوك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٠٢) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣)﴾

عن ابن عباس في قوله: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ قال: كان عشرة رهط تخلفوا عن النبي ﷺ في غزوة تبوك، فلما حضر رجوع النبي ﷺ أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد، فكان ممر رسول الله ﷺ إذا رجع من المسجد عليهم، فلما رأهم قال: «من هؤلاء الموثقون أنفسهم بالسواري؟» قالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك، يا رسول الله! أوثقوا أنفسهم حتى يطلقهم النبي ﷺ ويعذرهم، فقال النبي ﷺ: «وأنا أقسم بالله! لا أطلقهم، ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، ويعذرهم، رغبوا عني، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين». فلما بلغهم ذلك قالوا: نحن - والله - لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا. فأنزل الله: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ وعسى من الله واجب، أنه هو التواب الرحيم، فلما نزلت أرسل إليهم النبي ﷺ فأطلقهم وعذرهم، فجاؤوا بأموالهم، فقالوا: يا رسول الله! هذه أموالنا، فتصدق بها عنا، واستغفر لنا. قال: «ما اُمرت أن آخذ أموالكم». فأنزل الله: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ يقول: استغفر لهم: ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ فأخذ منهم، واستغفر لهم.

حسن: رواه ابن جرير في تفسيره (١١/ ٦٥١ - ٦٥٢)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٨٧٢، ١٨٧٥)، والبيهقي في الدلائل (٥/ ٢٧١ - ٢٧٢) كلهم من حديث عبد الله بن صالح قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس في قوله: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ قال: كان عشرة رهط تخلفوا عن النبي ﷺ في غزوة تبوك، فلما حضر رجوع النبي ﷺ أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد، فكان ممر رسول الله ﷺ إذا رجع من المسجد عليهم، فلما رأهم قال: «من هؤلاء الموثقون أنفسهم بالسواري؟» قالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك، يا رسول الله! أوثقوا أنفسهم حتى يطلقهم النبي ﷺ ويعذرهم، فقال النبي ﷺ: «وأنا أقسم بالله! لا أطلقهم، ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، ويعذرهم، رغبوا عني، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين». فلما بلغهم ذلك قالوا: نحن - والله - لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا. فأنزل الله: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ وعسى من الله واجب، أنه هو التواب الرحيم، فلما نزلت أرسل إليهم النبي ﷺ فأطلقهم وعذرهم، فجاؤوا بأموالهم، فقالوا: يا رسول الله! هذه أموالنا، فتصدق بها عنا، واستغفر لنا. قال: «ما اُمرت أن آخذ أموالكم». فأنزل الله: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ يقول: استغفر لهم: ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ فأخذ منهم، واستغفر لهم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما يشرح قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 102]. وهو حديث عظيم فيه مواقف تربوية ودروس إيمانية، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ: أي أقرّوا بخطئهم وتقصيرهم ولم ينكروه.
● خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا: أي جمعوا بين الأعمال الصالحة والأعمال السيئة، فليسوا كفارًا ولا منافقين، بل مسلمون أخطأوا.
● عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ: "عسى" هنا للتحقيق، أي أن الله تعالى سيوفقهم للتوبة ويقبل توبتهم.
● أَوْثَقُوا أَنْفُسَهُمْ: ربطوا أنفسهم.
● سَوَارِي المَسْجِد: أعمدة المسجد.
● رَغِبُوا عَنِّي: تركوا الجهاد معي وتخلفوا.


ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي ابن عباس رضي الله عنهما قصة عشرة رجال من الصحابة تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر شرعي، فلما عاد النبي صلى الله عليه وسلم من الغزوة، أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد (أي ربطوها) توبةً إلى الله وتعظيمًا لذنبهم.
فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم متعلقين بالأعمدة، سأل عنهم، فقيل له: هؤلاء تخلفوا عن الغزو معك، فربطوا أنفسهم حتى تطلقهم أنت وتعذرهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وأنا أقسم بالله! لا أطلقهم، ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، ويعذرهم، رغبوا عني، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين».
فلما سمعوا ذلك، أصرّوا على توبتهم وقالوا: نحن والله لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا.
فأنزل الله تعالى الآية الكريمة: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾، وبشرهم بأن توبتهم مقبولة.
فلما نزلت الآية، أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعذرهم، فجاؤوا بأموالهم يريدون التصدق بها كفارة عن ذنبهم، فقالوا: "هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أُمرت أن آخذ أموالكم»، فأنزل الله: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: 103]. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم أموالهم وتصدق بها، ودعا لهم.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- عظم ذنب التخلف عن الجهاد بغير عذر: خاصة في غزوة تبوك التي كانت في حر شديد وبعد شاق.
2- الإقرار بالذنب وعدم التستر عليه: وهذا من علامات الإيمان.
3- التوبة النصوح: حيث قام الصحابة بعمل يتناسب مع جسامة الذنب، فربطوا أنفسهم في المسجد.
4- أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يغفر الذنوب: بل هو بشر يتوقف حتى يأذن الله له.
5- قبول توبة الله للعاصين: فالله غفور رحيم، يقبل التوبة عن عباده.
6- فضل الصدقة في تكفير الذنوب: حيث قبل الله صدقاتهم وتاب عليهم.
7- بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: حيث قال الله: ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ أي دعاؤك طمأنينة لهم.


رابعًا. فوائد إضافية:


- "عسى من الله واجب" أي أن ما عسى الله أن يفعله فهو واقع لا محالة.
- هذه القصة تدل على شدة حرص الصحابة على رضا الله ورسوله.
- فيها بيان أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
أسأل الله أن يتوب علينا جميعًا، وأن يجعلنا من التوابين المتطهرين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن جرير في تفسيره (١١/ ٦٥١ - ٦٥٢)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٨٧٢، ١٨٧٥)، والبيهقي في الدلائل (٥/ ٢٧١ - ٢٧٢) كلهم من حديث عبد الله بن صالح قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل علي بن أبي طلحة، وهو وإن كان يرسل عن ابن عباس، ولكن الواسطة معروف، وهو صدوق في نفسه، وكذلك فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 653 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تخلف عشرة رهط عن النبي في غزوة تبوك

  • 📜 حديث: تخلف عشرة رهط عن النبي في غزوة تبوك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تخلف عشرة رهط عن النبي في غزوة تبوك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تخلف عشرة رهط عن النبي في غزوة تبوك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تخلف عشرة رهط عن النبي في غزوة تبوك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب