حديث: تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)﴾

عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة، فأتيت رسول الله ﷺ أسأله فيها، فقال: «أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها» قال: ثم قال: «يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمّل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك. ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما
من عيش (أو قال: سدادا من عيش). ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قِواما من عيش (أو قال: سدادا من عيش)، فما سواهن من المسألة، يا قبيصة! سحتا يأكلها صاحبها سحتا».

صحيح: رواه مسلم في الزكاة (١٠٤٤) من طرق عن حماد بن زيد، عن هارون بن رياب، حدثني كنانة بن نعيم العدوي، عن قبيصة بن مخارق الهلالي فذكره.

عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة، فأتيت رسول الله ﷺ أسأله فيها، فقال: «أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها» قال: ثم قال: «يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمّل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك. ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما
من عيش (أو قال: سدادا من عيش). ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قِواما من عيش (أو قال: سدادا من عيش)، فما سواهن من المسألة، يا قبيصة! سحتا يأكلها صاحبها سحتا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يبين فيه أحكام السؤال والاستجداء، ويضع ضوابطَ دقيقةً لمن يحل له أن يسأل الناس، ومن لا يحل له ذلك.

أولاً. شرح المفردات:


● تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً: الحمالة هي الكفالة بالدين، أي تكفلت بدين عن آخرين أو تحملت ديناً ثقيلاً لسبب من الأسباب.
● جَائِحَةٌ: مصيبة كبيرة أو نازلة تهلك المال، كحريق أو غرق أو مرض يفتك بالمواشي أو الزروع.
● اجْتَاحَتْ مَالَهُ: أي استأصلته وأهلكته بالكلية.
● قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ: ما يقوم به أمر المعيشة من الطعام والشراب والمسكن等حاجات الأساسية.
● سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ: ما يسد الحاجة ويغطيها من ضروريات الحياة.
● فَاقَةً: فقر شديد وحاجة ملحة.
● ذَوِي الحَجَى: أي العقلاء والحكماء من قومه، الذين يعرفون أحوال الناس.
● سُحْتًا: الحرام الخبيث الذي لا بركة فيه، وهو من أكل أموال الناس بالباطل.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدث الصحابي الجليل قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه أنه تحمل ديناً كبيراً (حمالة) فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأله المساعدة في ذلك، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتظر حتى تأتي الصدقة (أي أموال الزكاة) فيعطيه منها. ثم بين له عليه الصلاة والسلام الضوابط الشرعية للمسألة، وأنها لا تحل إلا لثلاثة أصناف فقط:
1- رجل تحمل حمالة (كفالة بدين): فحلت له المسألة حتى يحصل على المال الذي يسدد به ذلك الدين، ثم يجب عليه أن يمتنع عن السؤال.
2- رجل أصابته جائحة أفقدته ماله: كأن تهلك ماشيته أو تحترق تجارته، فيجوز له أن يسأل حتى يحصل على ما يقوم به معيشته ويعوض خسارته.
3- رجل أصابته فاقة شديدة (فقر مدقع): ويشترط أن يشهد ثلاثة من عقلاء قومه المعدلين بأنه قد أصابته فاقة حقيقية، فيجوز له أن يسأل حتى يصل إلى حالة من الكفاف والاستقرار المعيشي.
وكل مسألة خارج هذه الأصناف الثلاثة فإنها سحت – أي حرامٌ وخبيثٌ – يأكلها صاحبها وهو يعلم أنها من الحرام.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم مسألة الناس من غير حاجة ضرورية: فالسؤال لغير ضرورة من الكبائر، وهو من أكل أموال الناس بالباطل.
2- بيان رحمة الإسلام ومراعاة الظروف الاستثنائية: فالشريعة لم تغلق باب المسألة تماماً، بل فتحته في حالات الضرورة القصوى مع ضوابط صارمة.
3- الحث على الصبر والاعتماد على النفس: فالمسلم مأمور بالكفاف والعفة، وأن لا يمد يده إلى الناس إلا عند الضرورة الملحة.
4- أهمية الشهادة والضبط الاجتماعي: حيث اشترط النبي صلى الله عليه وسلم شهادة ثلاثة من العقلاء على حالة الفقر، مما يمنع التلاعب والاحتيال.
5- التشديد في تحريم التسول غير المشروع: ووصفها بأنها "سحت" مما يدل على عظم حرمتها وإثمها.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث التي عليها العمل عند الفقهاء في بيان أحكام المسألة والاستجداء.
- يستفاد منه أيضاً أن الزكاة هي المصدر الأساسي لمساعدة المحتاجين، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم قبيصة بانتظار الصدقة.
- من هدي النبي صلى الله عليه وسلم التدرج في التعليم، حيث بدأ بحاجة السائل ثم عمم الحكم ليعلم الأمة.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا القناعة والعفة، ويبعد عنا الفاقة والمسكنة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزكاة (١٠٤٤) من طرق عن حماد بن زيد، عن هارون بن رياب، حدثني كنانة بن نعيم العدوي، عن قبيصة بن مخارق الهلالي فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 630 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها

  • 📜 حديث: تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب