حديث: الصدقة على من عليه دين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)﴾

عن أبي سعيد الخدري قال: أصيب رجل في عهد رسول الله ﷺ في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله ﷺ: «تصدقوا عليه» فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله ﷺ لغرمائه: «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك».

صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٥٦) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن بكير، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري فذكره.

عن أبي سعيد الخدري قال: أصيب رجل في عهد رسول الله ﷺ في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله ﷺ: «تصدقوا عليه» فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله ﷺ لغرمائه: «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من صحيح مسلم، يرويه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو من الأحاديث التي تُظهر رحمة النبي ﷺ وحرصه على تخفيف الكرب عن المسلمين، وتوضح جانباً من جوانب التعامل مع الديون والمعسرين.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● أصيب رجل: أي نزلت به مصيبة وخسارة مالية.
● في ثمار ابتاعها: اشترى ثماراً (مثل التمر أو غيرها) بثمن مؤجل ليبيعها ويربح، فحصلت له خسارة فيها.
● فكثر دينه: أصبح الدين عليه كبيراً يفوق قدرته على السداد.
● غرمائه: هم الدائنون، أصحاب الحقوق الذين له عليهم دين.
● خذوا ما وجدتم: خذوا ما تيسر من المال من خلال الصدقة التي جمعت له.
● وليس لكم إلا ذلك: أي ليس لكم حق المطالبة بزيادة على ما تم تقديمه، فهو معسر لا يقدر على السداد.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن قصة رجل من المسلمين في عهد النبي ﷺ، كان قد اشترى ثماراً (محصولاً زراعياً) بثمن مؤجل، على أمل بيعها وتحقيق ربح، لكنه تعرض لخسارة فيها (ربما تلفت أو انخفض سعرها)، فتراكم عليه الدين وأعجزته سداده.
فلما علم النبي ﷺ بحاله، وحاجته وعجزه عن السداد، أمر الناس أن يتصدقوا عليه لمساعدته على سداد دينه، فاستجاب الناس لأمر النبي ﷺ وتبرعوا له بمال. لكن مجموع ما تم جمعه من الصدقات لم يكفِ لسداد كل الدين الذي عليه.
عندها توجه النبي ﷺ إلى الدائنين (غرمائه) وأمرهم بأخذ ما تم جمعه فقط، وقال لهم: «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ»، أي خذوا هذا المال المتاح وهو كل ما يستطيع المدين تقديمه الآن، وليس لكم الحق في مطالبته بما زاد على ذلك لأنه معسر لا يملكه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب التيسير على المعسر: يُستفاد من الحديث وجوب التيسير على المدين المعسر الذي لا يقدر على السداد، وهو أمرٌ جاء النص عليه صريحاً في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]. وهذا من أعظم مظاهر الرحمة والتكافل في الشريعة الإسلامية.
2- دور المجتمع في التكافل: أمر النبي ﷺ بالتصدق على الرجل، مما يدل على أهمية دور المجتمع في مساعدة أفراده المتضررين، والتخفيف عنهم في الأزمات المالية، وهذا من التعاون على البر والتقوى.
3- تحريم إكراه المعسر: نهى النبي ﷺ الغرماء عن المطالبة بما超出 ما وجدوه من مال، لأن المدين معسر، وإجباره على السداد فوق طاقته من الظلم الذي حرمه الله ورسوله.
4- بيان خطر الديون: القصة تحذر من التوسع في الديون والمخاطرات التجارية التي قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، إلا أن الشريئة جاءت بسد الذرائع وحماية المدين من الوقوع في المهالك.
5- حكمة النبي ﷺ وقيادته الرشيدة: حيث تصدى ﷺ بنفسه لحل المشكلة، وجمع التبرعات، ثم حسم الموقف بالعدل بين الطرفين، فأمر الغرماء بأخذ المتاح فقط.
6- أن الصدقة على المدين المعسر من أفضل الصدقات: كما في الأحاديث الأخرى، مثل قوله ﷺ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ...» (متفق عليه)، ومساعدة المدين على سداد دينه تدخل في هذا الباب.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في باب "حكم المعسر" في الفقه الإسلامي، وهو من الأدلة التي يستدل بها الفقهاء على وجوب إنظار المعسر وحرجية مطالبته بما لا يطيق.
- العسر هو الحالة التي لا يجد فيها المدين مالاً enough لسداد دينه، أو يكون لديه مال لكن سداد الدين يضعه في ضيق وحاجة.
- من الأدلة الأخرى على وجوب الإنظار قوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ}، بجانب حديث: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ، أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ» (رواه مسلم).
نسأل الله أن يعيننا على فهم سنة نبيه والعمل بها، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المساقاة (١٥٥٦) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن بكير، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 629 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الصدقة على من عليه دين

  • 📜 حديث: الصدقة على من عليه دين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الصدقة على من عليه دين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الصدقة على من عليه دين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الصدقة على من عليه دين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب