حديث: من يعبد الله على حرف إن أصاب خيرا اطمأن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١)﴾

عن ابن عباس قال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ قال: «كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاما، ونتجت خيله، قال: هذا دين صالح. وإن لم تلد امرأته، ولم تنتج خيله، قال: هذا دين سوء».

صحيح: رواه البخاري في التفسير (٤٧٤٢) عن إبراهيم بن الحارث، حدثنا يحيى بن أبي بكر، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: فذكره.

عن ابن عباس قال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ قال: «كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاما، ونتجت خيله، قال: هذا دين صالح. وإن لم تلد امرأته، ولم تنتج خيله، قال: هذا دين سوء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا الأثر المروي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو تفسيره للآية الكريمة من سورة الحج: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ [الحج: 11]. وهو شرح عظيم يكشف عن حقيقة حال بعض الناس في إيمانهم وتعلقهم بالدين.

أولاً. شرح المفردات:


● يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ: أي على طرفٍ وشكٍ وعدم ثبات، كالواقف على حافة طريق أو جبل، فهو على استعداد لأن يسقط أو يزيغ بأدنى سبب. والحرف هنا بمعنى الطرف أو الحافة، ويراد به عدم الثبات والاستقرار.
● يقدم المدينة: يأتي إلى المدينة المنورة مهاجراً.
● نتجت خيله: وضعت خيله مواليدها (النتاج هو المولود من الحيوان).
● دين صالح: دين حسن ومقبول ومفيد.
● دين سوء: دين رديء وغير مجدٍ.

ثانياً. شرح الحديث والمعنى الإجمالي:


يصور لنا ابن عباس رضي الله عنهما صورةً واقعيةً لحال ذلك الصنف من الناس الذي يعبد الله على حرف، وهم الذين لا يكون إيمانهم راسخاً في قلوبهم، بل مرتبطاً بمتاع الدنيا الزائل.
فالرجل يهاجر إلى المدينة طلباً للأجر والثواب، ولكن نيته ضعيفة وإيمانه هش. فإذا أنعم الله عليه بنعمة دنيوية، مثل أن تلد زوجته ولداً (وهي نعمة كبيرة) أو تنتج خيله (مما يعني زيادة في ماله وقوته)، قال: "هذا دين صالح"، أي أن هذا الدين الذي اخترته حسن وقد جلبت لي الخير والبركة.
أما إذا حرم تلك النعم، ولم تلد زوجته، ولم تحمل خيله، سخط على قدر الله، واعترض على دينه، وقال: "هذا دين سوء"، وكأنه يعبد الله فقط على سبيل المقايضة: إن أعطيتني ما أريد فأنت ربي، وإن منعتني فسأعرض عنك.
فهو جعل ثباته على الدين ومدى رضاه عنه مرتبطاً بحصول المنافع الدنيوية أو فقدانها، ولم يعبد الله خالصاً لوجهه، راضياً بقضائه، مؤمناً بأن الخير كله في ما يختاره الله له، سواءً أعطاه أم منعه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التحذير من ضعف الإيمان وعدم الثبات: الحديث يصور أخطر أمراض القلوب، وهو ربط الإيمان بالمنافع المادية العاجلة، وهو إيمان المنافقين أو ضعاف الإيمان.
2- حقيقة الإيمان الصادق: أن يعبد العبد ربه محبةً له وخوفاً منه ورجاءً في ثوابه، سواءً أعطاه من الدنيا أم منعه، فهو يعلم أن الله أعلم بمصالحه {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216].
3- الابتلاء سنة ماضية: فالله يبتلي عباده بالسراء والضراء، بالغنى والفقر، بالعطاء والمنع، ليظهر الصادق في إيمانه من الكاذب. قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35].
4- الاستعاذة من حال أهل الأهواء: على المسلم أن يلتجئ إلى الله ويطلب منه الثبات على الدين حتى الممات، وأن يعيذه من أن يكون ممن يعبد الله على حرف. وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ».
5- تزكية النفس وعلو الهمة: يجب على المسلم أن يجاهد نفسه ليكون إيمانه لله، وشكره لله، وصبره لله، لا يتأثر بحال من الأحوال بنعماء أو بلاء.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الأثر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى.
- هذه الحالة (العبادة على حرف) هي مرحلة أدنى من حال المنافق، فهذا قد يكون مسلماً ولكن إيمانه ضعيف، بينما المنافق يبطن الكفر ويظهر الإسلام.
- ينبغي للمسلم أن يتفقد قلبه ويحاسب نفسه، فربما يكون راضياً عن الله حين يُعطى، ساخطاً عليه حين يُمنع، وهذه من علامات ضعف الإيمان التي يجب معالجتها بالعلم والذكر والدعاء والتفكر في حكمة الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن لا يجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٧٤٢) عن إبراهيم بن الحارث، حدثنا يحيى بن أبي بكر، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 915 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يعبد الله على حرف إن أصاب خيرا اطمأن

  • 📜 حديث: من يعبد الله على حرف إن أصاب خيرا اطمأن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يعبد الله على حرف إن أصاب خيرا اطمأن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يعبد الله على حرف إن أصاب خيرا اطمأن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يعبد الله على حرف إن أصاب خيرا اطمأن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب