حديث: كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣)﴾

عن ابن أبي مليكة قال: كاد الْخَيِّران أن يهلكا أبو بكر وعمر ﵄، رفعا أصواتهما عند النبي ﷺ حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع: لا أحفظ اسمه،
فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي. قال: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾ الآية. قال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله ﷺ بعد هذه الآية حتى يستفهمه. ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر.

صحيح: رواه البخاري في التفسير (٤٨٤٥) عن يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: فذكره.

عن ابن أبي مليكة قال: كاد الْخَيِّران أن يهلكا أبو بكر وعمر ﵄، رفعا أصواتهما عند النبي ﷺ حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع: لا أحفظ اسمه،
فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي. قال: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾ الآية. قال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله ﷺ بعد هذه الآية حتى يستفهمه. ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد، فهذا حديث عظيم فيه دروس وعبر، سأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله تعالى، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2]. وهو من الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها.
### ثانيًا. شرح مفردات الحديث
● كاد الخيران أن يهلكا: أي كاد أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- أن يقعا في الهلاك بسبب هذا الموقف، وهذا من شدّة خوفهما من الله وحرصهما على رضاه.
● رفعا أصواتهما: أي جاوزا الحد المعتاد في الكلام عند النبي صلى الله عليه وسلم.
● ركب بني تميم: أي وفد من قبيلة بني تميم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم.
● الأقرع بن حابس: هو صحابي جليل من سادات العرب.
● حتى يستفهمه: أي حتى يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد كلامه؛ خوفًا من ألا يسمعه بوضوح.
### ثالثًا. شرح الحديث وقصته
يحدثنا الصحابي الجليل عبد الله بن أبي مليكة عن موقف حصل مع شيخي الإسلام أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-:
لما قدم وفد من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم، أراد الصديق أبو بكر -رضي الله عنه- أن يُولّي عليهم الأقرع بن حابس، بينما أراد الفاروق عمر -رضي الله عنه- أن يُولّي رجلاً آخر (لم يحفظ الراوي اسمه). فحدث بينهما حوار، وقال أبو بكر لعمر: "ما أردت إلا خلافي" أي: ما قصدت إلا معارضتي، فرد عليه عمر: "ما أردت خلافك" أي: ما كان قصدي معارضتك، وإنما النصيحة. فارتفعت أصواتهما -وهما جالسان عند النبي صلى الله عليه وسلم- في أثناء النقاش.
فأنزل الله تعالى الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2].
وقد كان أثر هذه الآية عظيمًا على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حيث أصبح بعدها يتورع جدًا، فلا يسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح إلا بعد أن يستفهمه ويطلب منه إعادة الكلام، خوفًا من أن يكون رفع صوته فوق صوت النبي دون أن يشعر. بينما لم ينقل عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه فعل ذلك، وليس في هذا نقصٌ لأبي بكر، بل لكلٍ طريقته في التعامل مع التوجيه الإلهي.
### رابعًا. الدروس والعبر المستفادة
1- عظم قدر النبي صلى الله عليه وسلم: فالله تعالى أنزل قرآناً يُعظّم من شأن نبيه ويأمر المؤمنين بتوقيره واحترامه.
2- الحرص على تطبيق أوامر الله فور نزولها: وهذا من علامات الإيمان، كما فعل عمر -رضي الله عنه-.
3- الخوف من حبوط العمل: فالآية حذرت من أن يحبط العمل بسبب رفع الصوت فوق صوت النبي، وهذا يدل على خطورة عدم التأدب معه صلى الله عليه وسلم.
4- القدوة في الاعتذار والتوبة: الموقف يظهر سرعة استجابة الصحابة لأمر الله، وعدم تكبرهم أو دفاعهم عن أنفسهم.
5- الأخوة في الله لا تمنع الاختلاف: اختلف الصديق والفاروق في الرأي، ولكن هذا الاختلاف لم يفسد للود قضية.
6- التواضع والعلم: حيث ذكر الراوي أنه لم يحفظ اسم الرجل الآخر، وهذا من دقة الرواة في نقل ما يعلمون فقط.
### خامسًا. معلومات إضافية مفيدة
- الآية نزلت في حادثة رفع الصوت، ولكن حكمها عام لكل مؤمن، فيجب علينا جميعًا أن لا نرفع أصواتنا في المساجد أو في المجالس العلمية أو عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
- هذا الموقف لا ينقص من قدر أبي بكر وعمر، بل يزيدهما رفعة، لأنهما ما إن عرفا الخطأ حتى تركاه واتبعا الحق.
- فيه بيان لشدة حرص السلف على تطبيق القرآن عمليًا في حياتهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٨٤٥) عن يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1466 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر

  • 📜 حديث: كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب