ما يسرني أني حكيت رجلا، وأن لي كذا وكذا

حديث: ما يسرني أني حكيت رجلا، وأن لي كذا وكذا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

كتاب تفسير القرآن العظيم

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢)﴾

عن عائشة قالت: حكيت للنبي ﷺ رجلا، فقال: «ما يسُرُّني أني حكيت رجلا، وأن لي كذا وكذا» قالت: فقلت: يا رسول الله! إن صفية امرأة - وقال بيده، كأنه يعني قصيرة - فقال: «لقد مَزَجت بكلمة لو مُزِج بها ماء البحر مَزَجت».

صحيح: رواه أبو داود (٤٨٧٥) والترمذي (٢٥٠٢، ٢٥٠٣) وأحمد (٢٥٥٦٠) كلهم من طريق سفيان الثوري، قال: حدثنا علي بن الأقمر، عن أبي حذيفة - وكان من أصحاب عبد الله، وكان طلحة يحدث عنه - عن عائشة، قالت: فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإني أسأل الله التوفيق والسداد في شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، والذي يحمل في طياته دروسًا عظيمة في أدب اللسان واجتناب الغيبة والنميمة.

الحديث بلفظه:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: حكيت للنبي ﷺ رجلاً، فقال: «ما يسرني أني حكيت رجلاً، وأن لي كذا وكذا» قالت: فقلت: يا رسول الله! إن صفية امرأة - وقال بيده، كأنه يعني قصيرة - فقال: «لقد مزجت بكلمة لو مزج بها ماء البحر مزجت».

1. شرح المفردات:

● حكيت: أي قلدت في مشيته أو صوته أو هيئته، والمقصود هنا المحاكاة الساخرة.
● ما يسرني: ما يفرحني أو ما أحب.
● كذا وكذا: كناية عن شيء عظيم من متاع الدنيا، كأن يقول: ولو أعطيت الدنيا بما فيها.
● صفية: هي أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها.
● قصيرة: قيل في بعض الروايات أن المقصود قصر القامة.
● مزجت: خلطت وأدخلت.
● مزجت بكلمة: أي خالطت كلمة سوء أو غيبة.
● لو مزج بها ماء البحر مزجت: أي لو ألقيت هذه الكلمة في البحر العظيم لغيرت طعمه أو لونها لعظم قبحها.

2. شرح الحديث:

تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قلدت رجلاً أمام النبي صلى الله عليه وسلم، ربما في مشيته أو صوته أو هيئته بشكل يسخر منه، فأنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل وبين عظمه، فقال: «ما يسرني أني حكيت رجلاً، وأن لي كذا وكذا» أي ما أحب أن أسيء إلى أحد بمحاكاة سخرية ولو أعطيت في مقابل تركها الدنيا كلها، لأن هذا من السخرية المحرمة.
ثم قالت عائشة: «يا رسول الله! إن صفية امرأة» وأشارت بيدها كأنها تقصد أنها قصيرة القامة، فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الكلمة التي قلتها - والتي فيها شيء من الذم أو السخرية بقصر القامة - كافية أن تفسد حتى البحر لو ألقي فيه، فقال: «لقد مزجت بكلمة لو مزج بها ماء البحر مزجت» أي أن كلمة واحدة من الغيبة أو السخرية قد تكون عظيمة الإثم، حتى أنها لو خلطت بماء البحر لغيرت طعمه أو ريحه لعظم قبحها.

3. الدروس المستفادة منه:

● تحريم السخرية والاستهزاء بالآخرين: سواء كان ذلك بمحاكاة движения أو صوت أو هيئة، فإن السخرية محرمة وهي من كبائر الذنوب.
● عظم إثم الغيبة: حتى الكلمة الواحدة قد تكون من الكبائر، ولو كانت صغيرة في نظر الناس.
● الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة في الأدب: فهو لا يرضى لنفسه أن يسيء إلى أحد، ولو كان في ذلك ربح دنيوي عظيم.
● الحذر من التعليق على عيوب الناس الخلقية: كقصر القامة أو طولها أو غير ذلك، فإن هذا من السخرية المنهي عنها.
● التنبيه على خطورة اللسان: فكلمة واحدة قد تسبب إثمًا عظيمًا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب» (رواه البخاري ومسلم).

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي، وهو حسن.
- فيه دليل على أن السخرية حتى بالإيماء أو الإشارة محرمة.
- قوله صلى الله عليه وسلم: «وأن لي كذا وكذا» يدل على أن ترك المعصية أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حطام الدنيا كلها، وهذا من كمال إيمانه وتقواه.
- ينبغي للمسلم أن يتجنب كل ما يؤذي الآخرين، سواء كان بكلام مباشر أو إشارة أو محاكاة.
- من فوائد الحديث: التربية على حفظ اللسان ومراقبة الكلمات، فرب كلمة صغيرة تكون سببًا في هلاك صاحبها.
أسأل الله أن يعيننا على حفظ ألسنتنا، وأن يجنبنا الغيبة والنميمة والسخرية، وأن يرزقنا الأدب مع الله ورسوله ومع الخلق أجمعين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٨٧٥) والترمذي (٢٥٠٢، ٢٥٠٣) وأحمد (٢٥٥٦٠) كلهم من طريق سفيان الثوري، قال: حدثنا علي بن الأقمر، عن أبي حذيفة - وكان من أصحاب عبد الله، وكان طلحة يحدث عنه - عن عائشة، قالت: فذكرته.
وإسناده صحيح. قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1487 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما يسرني أني حكيت رجلا، وأن لي كذا وكذا

📜 حديث: ما يسرني أني حكيت رجلا، وأن لي كذا وكذا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما يسرني أني حكيت رجلا، وأن لي كذا وكذا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما يسرني أني حكيت رجلا، وأن لي كذا وكذا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما يسرني أني حكيت رجلا، وأن لي كذا وكذا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية