لا تقولوا: كرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن

حديث: لا تقولوا: كرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «لا تقولوا: كرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن».

متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (٦١٨٣)، ومسلم في الألفاظ من الأدب (٢٢٤٧: ٧) كلاهما من طرق عن سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «لا تقولوا: كرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه ﷺ.
هذا حديث شريف رواه الإمام مسلم في صحيحه، وسأشرحه لك على النحو التالي:
### أولاً. نص الحديث ومصدره
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «لَا تَقُولُوا: كَرْمٌ؛ فَإِنَّ الْكَرْمَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ».
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (كتاب الأشربة، باب كراهية تسمية العنب كرماً).
### ثانياً. شرح المفردات
● لا تقولوا: نهي عن التلفظ بكلمة معينة.
● كرم: المقصود هنا هو شجرة العنب نفسها، وكان العرب في الجاهلية يسمونها "كرمة" أو "كرم".
● فإن الكرم: أي حقيقة الكرم والفضيلة والسخاء.
● قلب المؤمن: أي موطنه الحقيقي ومصدره هو قلب المؤمن الذي امتلإ إيماناً وتقوى.
### ثالثاً. شرح الحديث
كان العرب في الجاهلية يطلقون على شجرة العنب اسم "الكرم" تعظيماً لها، لأن الخمر التي كانت تُصنع منها كانت تعدّ عندهم من أسباب الكرم والسخاء في القرى والضيافة.
فجاء النبي ﷺ لينهى عن هذه التسمية لسببين رئيسيين:
1- قطعاً للصلة بالعقيدة الجاهلية: فالتسمية تحمل في طياتها تعظيماً لشجرة كانت سبباً في إثم كبير (شرب الخمر) وذريعة للتباهي والفخر في الجاهلية. الإسلام يريد قطع كل связи بتلك المفاهيم المنحرفة.
2- ردّ المعنى الحقيقي لمكانه الصحيح: النبي ﷺ يريد أن نربط مفهوم "الكرم" (بمعنى السخاء والجود والفضيلة) بشيءٍ نبيلٍ وهو قلب المؤمن، لا بشجرةٍ. فالكرم الحقيقي ليس في شجرة تثمر عنباً يُصنع منه الخمر، بل هو صفةٌ نفسيةٌ وأخلاقيةٌ ساميةٌ تنبع من قلب مليء بالإيمان والتقوى. المؤمن هو الكريم حقاً، لأن إيمانه يدفعه إلى البذل والعطاء والسخاء.
وبمعنى آخر: لا تُطلقوا صفة "الكرم" على الشجرة، لأن ذلك يحط من قيمة المعنى الرفيع للكرم، ويجعلها في غير موضعها. احفظوا هذا اللفظ الجميل لوصف أعظم شيءٍ وهو القلب المؤمن الذي هو مصدر كل خير وفضيلة.
### رابعاً. الدروس المستفادة والفوايد
1- الحفاظ على purity المعاني الإسلامية: الإسلام يحرص على تنقية اللغة والمفاهيم من شوائب الجاهلية وربطها بقيم الإيمان.
2- تكريم المؤمن: الحديث يرفع من شأن المؤمن ويبين أن الفضائل الحقيقية تنبع من قلبه، فهو موطن الكرم والشجاعة والحلم وغيرها من الأخلاق الحميدة.
3- النهي عن تسمية الأشياء بأسماء تعطيها قدسية أو تعظيمًا لا تستحقه: خاصة إذا كانت مرتبطة بمعصية أو عقيدة فاسدة.
4- فقه التربية النبوية: النبي ﷺ لم ينه عن الشيء فقط، بل قدّم البديل الصحيح (توجيه المعنى إلى مكانه اللائق)، مما يجعل النهي مفهوماً ومقبولاً.
5- ما هو المشروع في التسمية؟ المشروع أن نسمي شجرة العنب بـ "العنب" أو "الكرْمَة" (بالتأنيث)، كما ورد في أحاديث أخرى، دون تعظيم.

خامساً:

معلومات إضافية
- هذا الحديث من جوامع كلم النبي ﷺ، حيث جمع في عبارة موجزة ("فإن الكرم قلب المؤمن") حكمة عظيمة.
- بعض العلماء يرى أن النهي للكراهة التنزيهية وليس للتحريم، والأولى تجنب هذه التسمية احتياطاً واتباعاً لأمر النبي ﷺ.
- القلب في المنظور الإسلامي ليس مجرد مضخة للدم، بل هو مركز المشاعر والإيمان والإرادة والأخلاق، وهو الذي يُحاسَب عليه الإنسان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦١٨٣)، ومسلم في الألفاظ من الأدب (٢٢٤٧: ٧) كلاهما من طرق عن سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره. واللفظ لمسلم. وقد أكثر مسلم من ذكر طرق وألفاظه. ورواه أبو داود (٤٩٧٤) من وجه آخر وزاد فيه: ولكن قولوا: «حدائق الأعناب».
فقه الحديث: نهى النبي ﷺ أن يقال للعنب الكرم كما كان العرب في الجاهلية يسمونه؛ لأنهم
كانوا يتخذون منه خمرا، وهو من أجود أنواع الخمور عندهم، ولذا سموه كرما، فسكب النبي ﷺ هذا الاسم الحسن من هذا الشراب الخبيث وجعله صفة للمسلم الذي يتوقى شربها ويمنع نفسه عزة وكرامة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 697 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تقولوا: كرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن

📜 حديث: لا تقولوا: كرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تقولوا: كرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تقولوا: كرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تقولوا: كرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية