إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم

حديث: إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «إذا سمعت الرجل يقول: هلك الناس فهو أهلكهم».

صحيح: رواه مالك في الكلام (٢) عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «إذا سمعت الرجل يقول: هلك الناس فهو أهلكهم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل تحذيراً بليغاً من خُلُقٍ ذميم، ووصفٍ خطير. وإليك الشرح المفصل له:

الحديث بلفظه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا سَمِعْتُمُ الرَّجُلَ يَقُولُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ». (رواه مسلم في صحيحه)

أولاً. شرح المفردات:

● هَلَكَ النَّاسُ: أي فسدوا وهلكوا، أو أصبحوا في هلاك وشر.
● فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ: أي هو أكثرهم هلاكاً، أو هو السبب في هلاكهم (بمعنى أنه المتصف بهذا الوصف الذميم أكثر من غيره).

ثانياً. شرح الحديث:

يُحذّر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من نزعة التشاؤم واليأس من روح المجتمع، والنظر إليه نظرة سوداوية. فإذا سمعت شخصاً يطلق تعميماً قاسياً وجازماً بأن "الناس كلهم قد هلكوا وفسدوا"، فاعلم أن هذا القائل نفسه هو الأكثر هلاكاً من بينهم، وذلك للأسباب التالية:
1- كِبرُ النفس واحتقار الآخرين: هذه العبارة تنم عن شعور داخلي بالاستعلاء والكبر، حيث يرى المتكلم نفسه أنه الوحيد الصالح، وأن كل من حوله قد هلكوا وفسدوا. وهذا من أعظم أمراض القلوب.
2- اليأس من رحمة الله وإصلاح الخلق: فيه إساءة ظن بالله تعالى، حيث يستبعد توبة الخلق وإصلاح حالهم، وينكر قدرة الله على تغيير القلوب.
3- إحباط الهمم وكسر المعنويات: مثل هذه العبارات تُزرع اليأس في النفوس وتقتل روح الأمل والسعي للإصلاح.
4- الوقوع في الغيبة والعصبية: لأنه يحكم على مجتمع بكامله بالهلاك، وهو حكم جائر لا يستطيع أحد إثباته إلا الله عز وجل.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يصحح هذه النظرة، ويوجه المسلم إلى أن ينظر إلى عيوب نفسه قبل عيوب الناس، وأن يكون مشغولاً بإصلاح ذاته بدلاً من اتهام الآخرين.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- تحذير من سوء الظن بالمسلمين: يجب على المسلم أن يحسن الظن بإخوانه المسلمين، ولا يحكم عليهم بالهلاك والفساد بمجرد رؤية بعض الأخطاء.
2- التواضع وترك الكبر: الحديث درس عظيم في التواضع واجتناب الكبر، فالمؤمن يرى نفسه مقصراً وغير كامل، فلا يتعالى على الناس.
3- وجوب النصح بالحكمة واللين: إذا رأى المسلم منكراً أو خطأً، فليس الحل أن يطلق التعميمات ويشيع اليأس، بل ينبغي أن ينصح بالحكمة والموعظة الحسنة، راجياً هداية الناس وإصلاحهم.
4- تفقد النفس أولاً: قبل أن نحكم على الآخرين، يجب أن ننظر إلى أنفسنا ونصلحها، قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44].
5- بث الأمل وعدم اليأس: من صفات المؤمن أنه لا ييأس من روح الله، ويؤمن بأن التغيير والإصلاح ممكن بفضل الله ثم بجهود الصالحين.

رابعاً. تنبيهات مهمة:

● لا تعارض مع إنكار المنكر: هذا الحديث لا يعني السكوت عن المنكرات والأخطاء، بل يعني النهي عن طريقة التعبير التي تكون مليئة باليأس والاحتقار والتعميم الجائر. فالنصيحة والإصلاح واجبان، ولكن بأسلوب حكيم يرجى فيه الإصلاح لا الإفساد.
● الفارق بين الوصف العام والنصيحة الخاصة: هناك فرق بين أن تقول: "هلك الناس" (وهو المذموم)، وبين أن تنصح شخصاً بعينه أو تنكر منكراً معيناً بقصد الإصلاح.
● حسن الظن بالله أولاً ثم بالخلق: المؤمن يحسن الظن بربه أنه قادر على هداية عباده، ويحسن الظن بعباده أن فيهم خيراً وكثيراً منهم يخافون الله ويتقونه.
نسأل الله أن يصلح أحوالنا جميعاً، وأن يعيننا على أنفسنا، ويجنبنا الكبر وسوء الظن.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الكلام (٢) عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره. ورواه مسلم في البر والصلة (٢٦٢٣) من طريق مالك به.
قال مسلم: قال أبو إسحاق: لا أدري أهلكَهم بالنصب، أو أهلكُهم بالرفع.
قال النووي: روي على وجهين، والرفعُ أشهرُ.
وقال أيضا: «واتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس واحتقارهم وتفضيل نفسه عليهم وتقبيح أحوالهم ... قالوا: فأما من قال ذلك تحزنا لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 701 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم

📜 حديث: إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية