حديث: اتهموا رأيكم على دينكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التحذير من الرأي في الدين

عن الأعمش قال: سألت أبا وائل: هل شهدت صفين؟ قال: نعم، فسمعت سهل بن حنيف يقول: «يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم لقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو أستطيع أن أرد أمر رسول اللَّه ﷺ لرددته، وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه غير هذا الأمر».
قال: وقال أبو وائل: شهدت صِفِّين، وبئست صِفِّينُ.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الاعتصام (٧٣٠٨)، ومسلم في الجهاد والسير (٩٥: ١٧٨٥) من طرق عن الأعمش به.

عن الأعمش قال: سألت أبا وائل: هل شهدت صفين؟ قال: نعم، فسمعت سهل بن حنيف يقول: «يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم لقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو أستطيع أن أرد أمر رسول اللَّه ﷺ لرددته، وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه غير هذا الأمر».
قال: وقال أبو وائل: شهدت صِفِّين، وبئست صِفِّينُ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا لهذا الحديث النقلي الثمين، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الأثر رواه الإمام أحمد في مسنده (3/486)، والإمام البخاري في "التاريخ الكبير" (4/213)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1/108)، والطبراني في "المعجم الكبير" (6/64). وإسناده صحيح.
### ثانيًا. شرح المفردات
● اتهموا رأيكم على دينكم: اشككوا في صحة آرائكم الشخصية عندما تتعلق بأمور دينكم، ولا تقدموها على النصوص الشرعية.
● يوم أبي جندل: هو يوم الحديبية سنة 6 للهجرة، وسبب التسمية أن أبا جندل بن سهيل بن عمرو فر من المشركين في مكة إلى المسلمين، ولكن النبي ﷺ ردّه إلى المشركين تنفيذًا لشروط صلح الحديبية.
● أمر يفظعنا: أمر يفزعنا ويُرهبنا لخطورته.
● أسهلن بنا: قادنا وسهل علينا.
● صفين: هي المعركة التي وقعت بين جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجيش معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما سنة 37 للهجرة.
### ثالثًا. شرح الحديث
يقول سهل بن حنيف رضي الله عنه - وهو من الصحابة الكرام - مخاطبًا الناس: "يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم"، أي لا تغتروا بآرائكم الشخصية فتتقدموها على نصوص الشرع، بل اجعلوا الشك والريبة في آرائكم عندما تعارض النصوص.
ثم ضرب مثلاً عمليًا من سيرته مع النبي ﷺ في يوم الحديبية، حينما أُبرم صلح الحديبية بين المسلمين والمشركين، وكان من بنوده أن يرد النبي ﷺ من يأتيه من المشركين مسلمًا دون إذن وليه. فجاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو - وكان مسلمًا - فارًا من المشركين، فطلب أبوه (سهيل بن عمرو) من النبي ﷺ أن يرده تنفيذًا للشرط، فامتثل النبي ﷺ لأمر الله ورده، مع شدة ما وجد الصحابة من ألم وحزن لرد أبي جندل.
فهنا يقول سهل بن حنيف: "لو أستطيع أن أرد أمر رسول الله ﷺ لرددته"، أي لو كان بمقدوري معارضة أمر النبي ﷺ ورده لفعله؛ لما رأيته من شدة الظاهر ومخالفة المصلحة المرئية، ولكن النبي ﷺ كان ينفذ وحي الله.
ثم يقول: "وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه غير هذا الأمر"، أي كلما حملنا السلاح لأمر نخافه ونستعظمه، إلا وجعلنا الله نصل إلى أمر نعرفه ونطمئن إليه خيرًا مما كنا نخافه. وهذا إشارة إلى أن طاعة الله ورسوله تؤدي إلى الخير والبركة حتى لو خالفت الظنون الشخصية.
وأما قول أبي وائل: "شهدت صفين، وبئست صفين"، فهو ينقل تجربته الشخصية في تلك الفتنة، ويعبر عن حزنه وأسفه على ما حدث من قتال بين المسلمين، وهذا من موقف الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا يكرهون الفتنة ويحزنون لها.
### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- وجوب تقديم النقل على العقل: فالعقل تابع للشرع، ولا يجوز أن يقدم رأي الإنسان على نصوص الوحي.
2- التحذير من اتباع الهوى: فالهوى يعمي عن الحق، وقد يؤدي إلى الضلال.
3- الثقة بحكمة الشريعة: فما أمر الله به أو رسوله ﷺ فهو الخير كله، حتى لو خالف ظنوننا ومشاعرنا.
4- الاعتبار بأحداث الفتن: والحرص على وحدة المسلمين، وعدم الانجراف وراء الآراء الشخصية في الأمور الكبيرة.
5- القدوة في الاعتراف بالحق: فسهل بن حنيف يعترف بأنه كان يريد معارضة أمر النبي ﷺ لشدة ما رأى، ولكن الامتثال للشرع هو الصواب.
### خامسًا. معلومات إضافية
● سهل بن حنيف رضي الله عنه: من الصحابة الأجلاء، شهد بدرًا والمشاهد كلها مع النبي ﷺ، وكان من الأنصار.
● أبو وائل: هو شقيق بن سلمة، تابعي جليل، ثقة من كبار التابعين.
● قصة أبي جندل: من القصص العظيمة في الثقة بالله ورسوله، حيث كان هذا الصلح فتحًا مبينًا للمسلمين بعد ذلك.
أسأل الله أن يرزقنا الثقة بنصوص الشرع، والاتباع لا الابتداع، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الاعتصام (٧٣٠٨)، ومسلم في الجهاد والسير (٩٥: ١٧٨٥) من طرق عن الأعمش به. واللفظ للبخاري.
وروي عن الأوزاعي أنه قال: كتب عمر بن عبد العزيز: أنه لا رأي لأحد في كتاب اللَّه، وإنما رأي الأئمة فيما لم ينزل فيه كتاب، ولم تمض به سنة من رسول اللَّه ﷺ، ولا رأي لأحد في سنة سنها رسول اللَّه ﷺ. رواه الدارمي (٤٤٦) بإسناد صحيح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 57 من أصل 64 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اتهموا رأيكم على دينكم

  • 📜 حديث: اتهموا رأيكم على دينكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اتهموا رأيكم على دينكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اتهموا رأيكم على دينكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اتهموا رأيكم على دينكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب