حديث: ركع قبل أن يصل إلى الصف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب هل مدرك الرّكوع مدرك للرّكعة؟

عن أبي بكرة، أنه انتهى إلى النبي ﷺ وهو راكع فركع قبل أن يَصِل إلى الصَّفِّ، فذكر ذلك للنبي ﷺ فقال: «زادك الله حِرصًا، ولا تَعُدْ».

صحيح: رواه البخاري في الأذان (٧٨٣) عن موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا همام، عن
الأعلم - وهو زياد - عن الحسن، عن أبي بكرة فذكره.

عن أبي بكرة، أنه انتهى إلى النبي ﷺ وهو راكع فركع قبل أن يَصِل إلى الصَّفِّ، فذكر ذلك للنبي ﷺ فقال: «زادك الله حِرصًا، ولا تَعُدْ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك حرصاً على الخير وهدياً بسنن نبيه ﷺ.
هذا حديث عظيم فيه درس مهم في أبواب الصلاة والحرص عليها، وها هو شرحه موضحاً على النحو التالي:

الحديث بلفظ آخر:


عن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه قال: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعْتُ قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَكَعْتُ قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَقَالَ: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا، وَلَا تَعُدْ».
(رواه البخاري في صحيحه)


1. شرح المفردات:


● انتهيتُ: أي وصلتُ ووافقتُ.
● وهو راكع: أي كان النبي ﷺ في حالة الركوع خلال الصلاة.
● قبل أن أصل إلى الصف: قبل أن أصل إلى مكاني الطبيعي في صف المصلين وأتمكن من الوقوف فيه.
● حرصاً: أي اجتهاداً ومواظبةً ومحبةً للخير.
● ولا تعد: لا تُكرر هذا الفعل مرة أخرى.


2. شرح الحديث:


يُخبرنا الصحابي الجليل أبو بكرة رضي الله عنه أنه بينما كان مسرعاً للالتحاق بصلاة الجماعة مع النبي ﷺ، وجد الإمام (النبي ﷺ) قد بدأ الصلاة وهو في حالة الركوع. فخوفاً من فوات الركعة كاملة، بادر أبو بكرة مباشرة إلى أداء الركوع وهو لا يزال في طريقه إلى الصف، ولم ينتظر حتى يقف في مكانه الصحيح في الصف أولاً.
وبعد انتهاء الصلاة، أخبر النبي ﷺ بما فعل، معترفاً بفعله ومستفسراً عن صحته. فكان رد النبي ﷺ رداً حكيماً جمع بين التقدير والتوجيه:
● «زادك الله حرصاً»: هذا ثناء وتقدير لحرص أبي بكرة الشديد على الخير وعدم تفويته الركعة، واعتراف بنية صالحة وهمة عالية في طلب الأجر.
● «ولا تعد»: هذا توجيه وتعليم بأن هذا الفعل، رغم سلامة النية، ليس هو الأفضل والأكمل من حيث الهيئة والأدب في الصلاة. فالأولى والأكمل هو أن يصل المصلي إلى مكانه في الصف أولاً، ثم يكبر ويبدأ صلاته، حتى لو فاته جزء من الركعة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- حرص السلف على الصلاة: يظهر الحديث شدة حرص الصحابة رضي الله عنهم على الصلاة في الجماعة وعلى اللحاق بكل ركعة، حتى إنهم كانوا يسرعون ويبادرون خشية فواتها.
2- تقدير النيات الصالحة: الإسلام دين يراعي النيات والبواعث. النبي ﷺ لم يزجر أبا بكرة، بل أثنى على حرصه، لأنه فهم أن الدافع كان الخير والعبادة.
3- الأخذ بالأكمل والأفضل: هناك فرق بين ما هو جائز وصحيح، وما هو أكمل وأفضل. الركوع في الطريق لِفَوت الركعة صحيح وتُدرك به الركعة (وهذا مذهب الجمهور)، ولكن الأفضل والأحسن هو التمهل وإتمام الهيئة بالوقوف في الصف أولاً.
4- أدب المتعلم مع العالم: قدم أبو بكرة على النبي ﷺ مستفهماً عن حكم ما فعل، وهذا من أدب طلب العلم والسؤال عما يُشكل.
5- الحكمة في التعليم والتربية: استعمل النبي ﷺ أسلوباً تربوياً رائعاً، حيث بدأ بالثناء على النية الحسنة (التحفيز الإيجابي) ثم نبه على الخطأ (التصحيح) برفق فقال: «ولا تعد». وهذا من كمال خلقه ﷺ وحكمته في التعليم.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● الحكم الفقهي: ذهب جمهور العلماء (من الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أن من أدرك الإمام راكعاً، فكبر تكبيرة الإحرام ثم ركع مع الإمام حيث كان (حتى قبل الوصول إلى الصف)، فقد أدرك الركعة. وهذا مستفاد من قول النبي ﷺ: «ولا تعد» حيث لم يأمره بقضاء الركعة أو إعادة الصلاة، بل نهاه عن تكرار الفعل فحسب، مما يدل على صحة إدراكه للركعة.
● الاستثناء: إذا كان الركوع في مكان يمنع المارَّة أو يشوِّش على المصلين، فإنه لا يجوز.
● الخلاصة: العبرة ليست في مجرد إدراك الركعة، بل في إدراكها مع تحقيق الكمال في الهيئة والأدب، وهو الوقوف في الصف أولاً.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعيننا على أداء الصلاة على أكمل وجه، وأن نحرص على الخير كما حرص عليه سلفنا الصالح.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأذان (٧٨٣) عن موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا همام، عن
الأعلم - وهو زياد - عن الحسن، عن أبي بكرة فذكره.
وروى أبو داود (٦٨٤) عن موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، أخبرنا زياد الأعلم به ولفظه: أن أبا بكرة جاء ورسول الله ﷺ راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف. فلما قضى النبي صلاته قال: أيكم الذي ركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف«؟ فقال أبو بكرة: أنا. فقال النبي ﷺ مثله.
وقد ثبت قبل هذا من فعل زيد بن ثابت أنه وجد الناس ركوعًا فركع، ثم دَبَّ حتى وصل الصفَّ رواه مالك في الموطأ، والبيهقي (٢/ ٩٠) وإسناده صحيح.
وروى البيهقي في سننه (٢/ ٩٠ - ٩١) من طريق زيد بن وهب قال: خرجت مع عبد الله بن مسعود من داره إلى المسجد، فلما توسطنا المسجد ركع الإمام، فكبَّر عبد الله وركع، وركعتُ معه، ثم مشينا راكعين حتى انتهينا إلى الصف حين رفع القوم رؤوسهم، فلما قضى الإمام الصلاة، قمتُ وأنا أرى أني لم أدرك، فأخذ عبد الله بيدي، وأجلسني ثم قال: إنك قد أدركت» وإسناده صحيح.
وفي الحديث دليل للجمهور القائلين بأن مدرك الركوع مدرك للركعة، لأن النبي ﷺ لم يأمر أبا بكرة بالإعادة، ولأنه لولا تُحسب هذه الركعة لما تحمل هذه المشقة.
وفي معناه ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: «إذا جئتُم إلى الصّلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدّوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة».
رواه أبو داود (٨٩٣) عن محمد بن يحيى بن فارس، أن سعيد بن الحكم حدثهم، أخبرنا نافع بن يزيد، حدثني يحيى بن أبي سليمان، عن زيد بن أبي العتَّاب وابن المقبري، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
ورواه ابن خزيمة (١٦٢٢) والحاكم (١/ ٢٧٣، ٢٧٤) وعنه البيهقي (٢/ ٨٩) من طريق يحيى بن أبي سليمان به مثله قال ابن خزيمة: «في القلب من هذا الإسناد، فإني كنت لا أعرف يحيى بن أبي سليمان بعدالة ولا جرح».
وقال الحاكم: يحيى بن أبي سليمان من ثقات المصريين، وقال في موضع آخر: مدني سكن مصر. انتهى.
والحاكم معروف بالتساهل في الحكم على الرجال. فإن يحيي هذا تكلم فيه كبار النقاد.
قال البخاري في «جزء القراءة»: «يحيى هذا منكر الحديث، لم يتبين سماعه من زيد بن أبي العتَّاب، ولا من سعيد بن أبي سعيد المقبري، ولا تقوم به الحجة». وقال أبو حاتم: «مضطرب الحديث».
وقال البيهقي: تفرد به يحيى بن أبي سليمان المديني، وقد روي بإسناد آخر أضعف من ذلك عن أبي هريرة، وهو ما رواه هو، والدارقطني (٢/ ٣٤٦) من طريق ابن وهب، أخبرني يحيى بن حُميد، عن قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: فمن أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يُقيم الإمام صُلْبَه».
قال أبو أحمد (ابن عدي الحافظ): «هذه الزيادة «قبل أن يُقيم الإمام صلبه» يقولها يحيى بن
حميد، عن قُرة وهو مصري، وقال: سمعتُ ابن حماد يقول: قال البخاري: يحيى بن حميد عن قرة، عن ابن شهاب سمع منه ابن وهب مصري، لا يتابع في حديثه«انتهى بما في السنن الكبرى.
وفي الميزان: ضعَّفه الدارقطني.
وقرة بن عبد الرحمن أخرج له مسلم في الشواهد، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد يقول: منكر الحديث جدًّا». وقال يحيي: «ضعيف الحديث». وقال أبو حاتم: «ليس بقوي».
وروى البيهقي من طريق شعبة، عن عبد العزيز بن رفيع، عن رجل، عن النبي ﷺ قال: «إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا، وإن كان ساجدًا فاسجدوا ولا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع» وفيه رجل لم يُسمّ وقد يكون صحابيا وقد يكون تابعيا. والله أعلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 578 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ركع قبل أن يصل إلى الصف

  • 📜 حديث: ركع قبل أن يصل إلى الصف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ركع قبل أن يصل إلى الصف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ركع قبل أن يصل إلى الصف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ركع قبل أن يصل إلى الصف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب