إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم

حديث: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم

عن جابر بن يزيد بن الأسود الخزاعيّ، عن أبيه، قال: شهدت مع النَّبِيّ ﷺ حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، قال: فلمّا قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال: «عليَّ بهما» فجيء بهما ترعد فرائصهما فقال: «ما منعكما أن تصليا معنا؟» فقالا: يا رسول الله! إنا كنا قد صلينا في رحالنا. قال: «فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثمّ أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة».

صحيح: رواه أبو داود (٥٧٥)، والتِّرمذيّ (٢١٩)، والنسائي (٨٥٨) كلّهم من طرق عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد به مثله.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث نبيه الكريم.
الحديث الذي طلبت شرحه رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني. وهو حديث عظيم فيه درس بليغ في أهمية صلاة الجماعة وفضل الاجتماع عليها.

أولاً. شرح المفردات:

● انحرف: أي انصرف والتفت بعد انتهاء الصلاة.
● ترعد فرائصهما: الفريصة هي اللحم الذي يرتجف بين الكتف والجنب عند الخوف. أي أنهما جاءا وهما في حالة رعب شديد وارتعاش من خشية النبي ﷺ وعتابه.
● في رحالنا: أي في منازلنا أو أماكن إقامتنا.
● نافلة: صلاة تطوع وزيادة على الفريضة.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل يزيد بن الأسود الخزاعي رضي الله عنه أنه حج مع النبي ﷺ حجة الوداع، وفي صباح أحد الأيام صلى مع النبي ﷺ صلاة الفجر في مسجد الخيف (وهو المسجد المعروف في منى، وكان النبي ﷺ ينزل فيه أثناء الحج).
وبعد أن انتهى النبي ﷺ من الصلاة والتفت، رأى رجلين في آخر المصلين لم يشاركا في صلاة الجماعة، بل كانا جالسين. فاستغرب من هذا الأمر وأمر بإحضارهما إليه.
فلما أُحضر الرجلان، كانا في حالة من الخوف الشديد والرهبة من موقف العتاب من رسول الله ﷺ. فسألهما النبي ﷺ بلطف وهدوء: "ما منعكما أن تصليا معنا؟" أي ما هو العذر الذي جعلكما تتخلفان عن صلاة الجماعة مع المسلمين؟
فأجاب الرجلان بأن عذرهما هو أنهما قد صليا الفجر already في رحالهما (أي في خيمتهما أو مكان نزولهما) قبل مجيئهما إلى المسجد.
فأخبرهما النبي ﷺ بالحكم الشرعي في مثل هذه الحالة، فقال: "فلا تفعلا" أي لا تعودا لمثل هذا الفعل. ثم بين لهما السنة الصحيحة وهي: "إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة".
أي: إذا صليتما الفرض في بيوتكما، ثم حضرتما إلى المسجد فوجدتم الجماعة يصلون نفس الصلاة (كصلاة الفجر مثلاً)، فاشتركا معهم في الصلاة مرة أخرى، وهذه الصلاة الثانية ستكون نافلة (أي سنة تطوع) تكسبان فيها أجر الجماعة وأجر التطوع.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظم شأن صلاة الجماعة: حرص النبي ﷺ على معرفة سبب تخلف الرجلين عنها، وهذا يدل على أهميتها ومكانتها في الدين.
2- الرفق واللين في الدعوة والتعليم: لم يعنف النبي ﷺ الرجلين مع كون فعلهما خطأ، بل استفسر بلطف وبين الحكم بتلطف.
3- حرص الصحابة على هيبة النبي ﷺ ووقاره: خاف الرجلان خوفاً شديداً لمخالفتهما أمراً يظنان أن النبي ﷺ سيعاتب عليه، وهذا يدل على عظم منزلته في قلوبهم.
4- استحباب إعادة الصلاة مع الجماعة نافلة: هذه من فضائل الإسلام، حيث يحث المسلم على عدم ترك صلاة الجماعة حتى لو صلى منفرداً، فيصليها مع الجماعة وتكون له نافلة وأجراً مضاعفاً.
5- جواز السؤال عن حال المخالفين لمصلحة عامة: ليس من التنطع أو التطفل السؤال عن حال من يخالف السنة لأجل تعليمه وإرشاده.
6- فضل المساجد وخاصة مساجد الجماعة: الحديث يدل على فضل الذهاب إلى المسجد والمشاركة في جماعة المسلمين.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل من أصول الفقه في حكم من صلى ثم وجد جماعة.
- جمهور العلماء (من الحنفية والمالكية والشافعية) على استحباب إعادة الصلاة مع الجماعة لمن صلى منفرداً أو في بيته، وتكون الثانية نافلة. وهذا هو الموافق لظاهر هذا الحديث.
- ذهب بعض العلماء إلى وجوب صلاة الجماعة على من سمع النداء، واستدلوا بهذا الحديث على أن النبي ﷺ أنكر على الرجلين تخلفهما عن الجماعة دون عذر مقنع.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٥٧٥)، والتِّرمذيّ (٢١٩)، والنسائي (٨٥٨) كلّهم من طرق عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد به مثله.
قال الترمذيّ: حسن صحيح، وأقره النوويّ في «الخلاصة» (٢٣٠٦).
وصحّحه أيضًا ابن خزيمة (١٢٧٩)، وابن حبان (١٥٦٥، ٢٣٩٥) فروياه عن طريق يعلى بن عطاء، ونقل الحافظ في التلخيص (٢/ ٢٩) تصحيحه عن ابن السكن ثمّ قال: قال الشافعي في القديم: إسناده مجهول.
قال البيهقيّ: لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير ابنه، وهو جابر، ولا لابنه راو غير يعلى.
إِلَّا أن الحافظ استبعد هذا الطعن فقال: يعلى بن عطاء من رجال مسلم، وجابر وثَّقه النسائيّ وغيره، وقد وجدنا جابر بن يزيد راويا غير يعلى، أخرجه ابن مندة في «المعرفة» من طريق بقية، عن إبراهيم بن ذي حماية، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر. انتهى.
قال الأعظمي: بقية هو ابن الوليد، المعروف بالتدليس، إِلَّا أنه صرَّح بالسماع في رواية الدَّارقطنيّ (١/ ٤١٢) عن إبراهيم. ثمّ تواتر هذا الحديث عن يعلى بن عطاء.
قال الحاكم: روى عنه شعبة، وهشام بن حسان، وغيلان بن جامع، وأبو خالد الدَّالانيّ، وأبو عوانة، وعبد الملك بن عمير، ومبارك بن فضالة، وشريك بن عبد الله، وغيرهم، واحتج مسلم بيعلى بن عطاء. انتهى.
ويبدو من هذا أن عبد الملك بن عُمير روي مرة عن جابر مباشرة، ومرة عن يعلى بن عطاء، عن جابر، وعبد الملك هذا رُمي بالاختلاط لكبر سنِّهِ، لأنه عاش مائة وثلاث سنين، وأخرج له الشيخان من رواية القدماء عنه في الاحتجاج، ومن رواية بعض المتأخرين عنه في المتابعات.
انظر للمزيد: «المنة الكبرى» (٢/ ٩٠).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 600 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم

📜 حديث: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية