حديث: من صلى صلاة الغداة فهو في ذمة الله
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب فضل صلاتَي العشاء والفجر في الجماعة
صحيح: رواه ابن ماجة (٣٩٤٦)، وأحمد (٢٠١١٣) واللّفظ له، كلاهما من حديث روح بن عبادة، حَدَّثَنَا أشعث (هو ابن عبد الملك الحمرانيّ، عن الحسن، عن سمرة بن جندب فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، يبين فضل المحافظة على صلاة الفجر (صلاة الغداة) في جماعة، وسأشرحه لك بتفصيل وافٍ إن شاء الله.
الحديث بلفظه كاملاً:
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ».
(رواه مسلم في صحيحه)
أولاً. شرح المفردات:
* صلاة الغداة / صلاة الصبح: هما اسمان لصلاة الفجر، وهي الصلاة المفروضة التي تؤدى عند طلوع الفجر الصادق.
* في ذمة الله: الذمة هنا تعني: العهد، والضمان، والأمان، والكفالة والحماية. فكأن المصلي يكون تحت حماية الله وعهده وضمانه.
* فلا تخفروا الله: الخفر: النقض، أي لا تنقضوا عهد الله ولا تضيعوا حرمة ذمته. والمعنى: لا تتسببوا في انتهاك حرمة هذا الضمان الإلهي بإيذاء من هو تحت هذه الحماية.
* يُدْرِكْهُ: يلحقه ويعاقبه.
* يَكُبَّهُ: يقلبه ويلقي به.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن فضل عظيم وأجر كبير لمن يحافظ على أداء صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة. فمن فعل ذلك نال شرفاً عظيماً، وهو أن يكون في "ذمة الله"، أي في عهده وأمانه وضمانه وحفظه.
فهذا الأمان الإلهي يشمل حماية المسلم في نفسه وبدنه وأهله وماله من كل سوء وشر، ما دام محافظاً على هذه الصلاة ومقيماً لشرع الله.
ثم يلي هذا الوعد العظيم تحذير شديد من النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين جميعاً، يقول فيه: "فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء"، أي لا تجعلوا سبباً لأن يطالبكم الله بسبب انتهاك حرمة هذا الأمان الذي منحه لأخيكم. فمن اعتدى على من صلى الفجر وأصبح في ذمة الله، فقد استحق غضب الله وعقابه الشديد، وهو أن يكبّه الله على وجهه في نار جهنم – والعياذ بالله – لأنه تعرض لما هو في ضمان الله وحمايته.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- عظم فضل صلاة الفجر في الجماعة: الحديث يظهر المكانة الخاصة لصلاة الفجر، وأن المحافظة عليها توجب للعبد كنزاً عظيماً هو حماية الله وعهده.
2- الحث على المحافظة على الصلوات المفروضة: خاصة الصلوات التي يشق على النفس أداؤها في أوقاتها كصلاة الفجر، والتي هي محك لإيمان العبد وصدقه.
3- قدسية الذمة الإلهية: فذمة الله وعهده أعظم الذمم، ولا يجوز لأحد أن ينتهكها أو يتسبب في انتهاكها.
4- تحريم إيذاء المسلمين عامة: والتحذير من ظلمهم أو الاعتداء عليهم في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم.
5- تحريم إيذاء الصالحين خاصة: فالحديث يخص من حافظ على صلاة الفجر باهتمام خاص، مما يعني أن إيذاء المستقيمين المحافظين على طاعة الله أشد جرماً وأعظم إثماً.
6- الترهيب من عاقبة الظلم والاعتداء: حيث توعد المعتدي على من في ذمة الله بعذاب شديد في النار.
7- بيان عدل الله تعالى: فالله تعالى يغضب وينتقم لمن هو في جواره وعهده إذا أُوذي، فهو ناصر المظلومين.
رابعاً. تنبيهات مهمة:
* المقصود بـ "من صلى صلاة الصبح" هو من صلىها في وقتها مع الجماعة، لأن هذا هو الذي يشق على النفس ويحتاج إلى مجاهدة، وهو علامة على قوة إيمان صاحبه.
* هذه الحماية والذمة الإلهية لا تعني أن العبد لا يصيبه قدر الله من مرض أو فقر أو غير ذلك، ولكنها تعني أن الله يتولى حفظه وحراسته من الشرور والمكاره بما تقتضيه حكمته، وأن المعتدي عليه سيلقى عقاباً شديداً.
* على المسلم أن يجتهد في المحافظة على صلاة الفجر مع الجماعة لينال هذا الشرف العظيم، وأن يحذر كل الحذر من إيذاء إخوانه المسلمين الذين هم في ذمة الله.
أسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعلنا من المحافظين على الصلوات، وأن يحفظنا بحفظه ويحمينا في ذمته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وإسناده صحيح، وصحّحه أيضًا المنذري في الترغيب (٦١٣).
والطريقان محفوظان فإن الحسن البصري ممع جندب بن عبد الله بن سفيان كما سمع من سمرة بن جندب، وفي معناه ما رُوي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ ﷺ قال: «من صلي الصبح فهو في ذمة الله، فلا يتبعنكم الله بشيء من ذمته».
رواه الترمذيّ (٢١٦٤) عن بندار، حَدَّثَنَا معدي بن سليمان، حَدَّثَنَا ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.
وبهذا الإسناد رواه أيضًا ابن ماجة كما ذكره المزي في تحفة الأشراف (١٠/ ٢٥٠)، ولم أجده في النسخ المطبوعة.
وإسناده ضعيف من أجل معدي بن سليمان وهو ضعيف، ضعَّفه أبو زرعة، والنسائيّ، وقال ابن حبان: «يروي المقلوبات عن الثّقات، والملزقات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.
وأمّا الترمذيّ فقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه».
وفي معناه أيضًا ما رُوي عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله ﷺ: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله. فلا تخفروا الله في عهده فمن قتله طلبه الله حتَّى يكبه في النّار على وجهه».
رواه ابن ماجة (٣٩٤٥) عن عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصيّ، حَدَّثَنَا أحمد بن خالد الوهبيّ، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الواحد بن أبي عون، عن سعد بن إبراهيم، عن حابس اليمانيّ، عن أبي بكر الصديق فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل الانقطاع؛ فإن سعد بن إبراهيم لم يدرك حابس بن سعد.
وأمّا حابس اليماني وهو حابس بن سعد، ويقال: ابن ربيعة بن منذر بن سعد الطائيّ، فهو مختلف في صحبته، فذكره ابن سعد في تسمية من نزل الشام من الصّحابة. وقال البخاريّ: «أدرك النَّبِيّ ﷺ».
وهذا الذي رجَّحه ابن حجر في «التهذيب» بعد ذكر أقوال أهل العلم الأخرى في إثبات صحبته.
وأمّا قول الدَّارقطنيّ: «إنه مجهول متروك» فيبدو أنه لم يقف على قول ابن سعد والبخاري وغيرهما ممن سبقوه.
والخلاصة فيه: أن هذا الحديث صحيح من حديث جندب بن عبد الله، وسمرة بن جندب، وأمّا حديث أبي بكر الصديق فلا، من أجل الانقطاع.
وفي معناه روي أيضًا عن عبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وطارق بن أشيم، وفي أسانيدها مقال.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 609 من أصل 1241 حديثاً له شرح
- 584 صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين جزءًا
- 585 صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته خمسا...
- 586 صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة
- 587 تفضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده خمسا وعشرين صلاة
- 588 فضل الصلاة في الجماعة والصف الأول
- 589 فضل صلاة الرجل في الجمع على صلاته وحده خمسًا وعشرين...
- 590 من صلى أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى
- 591 من هم أن يحرق على المتخلفين عن صلاة الجماعة
- 592 ما أعرف من أمة محمد شيئًا إلا أنهم يصلون جميعًا
- 593 من يتخلف عن الجمعة أحرق بيته
- 594 من سَرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على الصلوات...
- 595 عليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية
- 596 هل تسمع النداء بالصلاة فأجب
- 597 هل تسمع النداء؟ لا أجد لك رخصة
- 598 مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين
- 599 مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين
- 600 إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم
- 601 إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت
- 602 لا تصلوا صلاة في يوم مرتين
- 603 من توضأ فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة غفر...
- 604 من يتصدق على هذا فيصلي معه
- 605 من يتجر على هذا فليصل معه
- 606 صلاة الفجر والعشاء أثقل على المنافقين
- 607 من صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى كله
- 608 من صلى الصبح فهو في ذمة الله
- 609 من صلى صلاة الغداة فهو في ذمة الله
- 610 تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون
- 611 رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة كرؤية القمر
- 612 من صلى البردين دخل الجنة
- 613 من صلى الفجر والعصر دخل الجنة
- 614 حافظ على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها
- 615 ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة الممطرة
- 616 الصلاة في الرحال في اليوم المطير
- 617 أتيت رسول الله وقد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي
- 618 صَلُّوا في رحالكم في المطر
- 619 صَلُّوا في رحالكم في الليلة المَطيرة
- 620 صلوا في رحالكم
- 621 الصلاة في الرحال
- 622 عتبان بن مالك يدعو النبي لبناء مصلى في بيته
- 623 تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه
- 624 لا تعجلوا عن عشائكم
- 625 ابدأوا بالعشاء إذا وضع وأقيمت الصلاة
- 626 إذا وضع العشاء، وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء
- 627 لا تصل بحضرة الطعام ولا يدافعه الأخبثان
- 628 إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون
- 629 الهدوء والسكينة عند الذهاب للصلاة
- 630 إذا جاء أحدكم إلى الصلاة فليمش على هينته
- 631 إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
- 632 صَلَّى رسولُ الله ﷺ العصرَ بعد ما غربتِ الشمسُ
- 633 دعاء النبي لمن حفظه في السفر
معلومات عن حديث: من صلى صلاة الغداة فهو في ذمة الله
📜 حديث: من صلى صلاة الغداة فهو في ذمة الله
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من صلى صلاة الغداة فهو في ذمة الله
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من صلى صلاة الغداة فهو في ذمة الله
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من صلى صلاة الغداة فهو في ذمة الله
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








