تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه

حديث: تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه

عن أبي هريرة: أن رجلًا من الأنصار أرسل إلى رسول الله ﷺ أن تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه. وذلك بعد ما عَمِيّ، فجاء ففعل.

حسن: رواه ابن ماجة (٧٥٠) عن يحيى بن الفَضْل الخرقيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عامر، قال: حَدَّثَنَا حمّاد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث شريف رواه الإمام أحمد في مسنده، وفيه دروس وعبر عظيمة. وإليك الشرح المفصل له:

نص الحديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا من الأنصار أرسل إلى رسول الله ﷺ أن تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه. وذلك بعد ما عَمِيّ، فجاء ففعل.

1. شرح المفردات:

* الأنصار: هم أهل المدينة المنورة الذين ناصروا رسول الله ﷺ وآووه، وهم من قبيلتي الأوس والخزرج.
* تعالَ: كلمة دعوة وحث على الحضور، وهي هنا على سبيل التبجيل والتكريم للنبي ﷺ، وليس على وجه الأمر.
* فَخُطَّ: الخطُّ هو تحديد مكان المسجد وتخطيط حدوده على الأرض، إما بحفر خندق خفيف أو بوضع حجارة أو غير ذلك ليعلم مكان القبلة واتجاهها ومقدار المساحة.
* عَمِيَّ: أي أصابه العمى وفقد بصره. وفاءً لسؤالك، تجدر الإشارة إلى أن بعض الروايات تذكر أن هذا الرجل هو منذر بن عامر رضي الله عنه، وكان ممن شهد بدراً.

2. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن قصة عظيمة لرجل من الأنصار، كان قد أصيب بالعمى، فلم يعد يستطيع الذهاب إلى مسجد النبي ﷺ بسهولة كما كان يفعل.
* حرصه على الصلاة في جماعة: رغم إصابته بالعمى، لم يرض هذا الصحابي بأن يترك فضل صلاة الجماعة، ولم يقل "حالي لا تسمح"، بل فكر في حل يبقيه على ارتباط بالمسجد والجماعة.
* تقديره للنبي ﷺ ومحبته: لم يرسل ليطلب من النبي ﷺ إرسال أحدٍ من الصحابة ليفعل ذلك، بل طلب من النبي ﷺ نفسه أن يأتي إليه. وهذا يدل على محبة عظيمة وقربى بينه وبين النبي ﷺ، وعلى مدى تواضع النبي ﷺ وقربه من أصحابه.
* استجابة النبي ﷺ: لم يتردد النبي ﷺ أو يعتبر هذا الطلب شاقاً عليه، بل استجاب لهذا الطلب مباشرة، ومشى إلى دار هذا الصحابي الأعمى ليخط بيديه الشريفتين مكان المسجد في داره. وهذا تكريم عظيم من النبي ﷺ لهذا الصحابي، وتشجيع لكل مسلم على الاهتمام ببيوت الله وإقامة الصلاة فيها.
* حكم الصلاة في المسجد المنزلي: الصلاة في المسجد الذي في الدار صحيحة، ولكنها لا تساوي فضل الصلاة في المسجد العام مع الجماعة، إلا لعذر كالمرض أو الخوف أو ما شابه، وهو العذر الذي كان عند هذا الصحابي.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- فضيلة الصلاة في الجماعة وعظم أجرها: حرص الصحابي على إقامة جماعة في بيته عندما تعذر عليه الذهاب لمسجد النبي ﷺ يدل على عظم فضل صلاة الجماعة في الإسلام.
2- السعي في تذليل الصعاب للعبادة: المسلم الحقيقي لا يقف عاجزاً أمام المشقات، بل يبحث عن الحلول والبدائل التي تقربه من الله تعالى.
3- تواضع النبي ﷺ ولين جانبه: فيه دليل على تواضعه ﷺ وحبه لأصحابه وحرصه على قضاء حوائجهم ومساعدتهم في أمور دينهم ودنياهم، حتى لو كانت تتطلب مشياً إلى بيوتهم.
4- بركة طلب العلم والاستعانة بأهل العلم: لم يعتمد الصحابي على نفسه في تحديد القبلة وتخطيط المسجد، بل استعان بأعلم الناس وأتقاهم، وهو رسول الله ﷺ.
5- الاهتمام ببيوت الله وتعظيمها: تخطيط المسجد وتحديده له أهمية في تهيئة المكان المناسب للعبادة وإعطائه هيبته.
6- الرحمة بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة: استجابة النبي ﷺ لهذا الطلب توضح مدى رعاية الإسلام لأصحاب الأعذار وذوي الهمم، وسعيها لإدماجهم في المجتمع وتذليل الصعاب أمامهم.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الحديث من دلائل مشروعية إقامة المساجد في البيوت، خاصة لمن له عذر يمنعه من الانتظام في المساجد العامة.
* فيه إشارة إلى مشروعية التخطيط لتحديد مكان المصلى واتجاه القبلة، وهي سنة نبوية.
* قصة هذا الصحابي تذكرنا بقول النبي ﷺ: "صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعاً وعشرين درجة" (متفق عليه).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يقيم الصلاة ويحافظ على جماعتها، ويتواضع لإخوانه المسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجة (٧٥٠) عن يحيى بن الفَضْل الخرقيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عامر، قال: حَدَّثَنَا حمّاد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره.
ورواه ابن حبان (٤٧٩٨) من طريق حمّاد بن سلمة في حديث طويل.
قال البوصيري في زوائد ابن ماجة: «هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، والرجل المبهم في هذا الحديث هو عِتبان بن مالك، وهو في الصحيحين، والنسائي من حديث عتبان بن مالك» انتهى.
قال الأعظمي: رجاله ثقات غير عاصم وهو: ابن أبي النجود فقد تكلم في حفظه غير أنه حسن الحديث. وهو من رجال الجماعة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 623 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه

📜 حديث: تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تعالَ فخُطَّ لي مسجدًا في داري أصَلِّي فيه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية