حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب مثل المؤمن والكافر في إصابة البلاء

عن كعب بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تُفيئها الرياح، تصرعها مرة، وتعدلها حتَّى يأتيه أجله، ومثل المنافق مثل الأرزة المُجذية التي لا يُصيبها شيءٌ حتَّى يكون انجعافها مرَّة واحدة».

متفق عليه: رواه البخاري في المرضى (٥٦٤٣)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٨١٠)، كلاهما من حديث سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكر الحديث.

عن كعب بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تُفيئها الرياح، تصرعها مرة، وتعدلها حتَّى يأتيه أجله، ومثل المنافق مثل الأرزة المُجذية التي لا يُصيبها شيءٌ حتَّى يكون انجعافها مرَّة واحدة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الصحابي الجليل كعب بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، يحمل تشبيهًا بليغًا يعبر عن حقيقة المؤمن والمنافق في الحياة الدنيا.

أولاً. شرح المفردات:


● الخامة من الزرع: هي النبتة الطرية اللينة القائمة على ساقها.
● تُفيئها الرياح: تميلها وتجعلها تتمايل يمينًا وشمالاً.
● تصرعها: تسقطها على الأرض.
● تعدلها: تقومها وتجعلها معتدلة مرة أخرى.
● الأرزة: هي شجرة الأرز المعروفة، كبيرة الحجم وقوية.
● المجذية: المتماسكة القوية التي لا تكسر بسهولة.
● انجعافها: سقوطها وانكسارها مرة واحدة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن في حياته بالخامة اللينة من الزرع، التي تتأثر بالرياح (التي تمثل الابتلاءات والمصائب في الدنيا)، فتارة تميلها وتسقطها على الأرض (أي تصيبه المصائب والشدائد فيضعف أو يمرض أو يفقد مالاً أو عزيزًا)، وتارة أخرى تقومها وتعدلها (أي يتوب ويرجع إلى الله ويتعظ ويصبر فيرتفع درجاته عند الله). هذا كله يستمر طوال عمره، فيختم له بالخير والاستقامة حتى يأتيه أجله.
أما المنافق فيشبهه النبي صلى الله عليه وسلم بشجرة الأرز القوية الصلبة (التي تمثل قوته الظاهرية وصحته وماله في الدنيا)، التي لا تؤثر فيها الرياح (أي لا تصيبه مصائب كبيرة ظاهرة في الدنيا كالمرض أو الفقر الشديد)، فيظل في غرور وقوة ظاهرية، ولكن عندما تأتي المحنة الكبيرة (الموت) ينكسر وينسحق مرة واحدة دون توبة أو استعداد للآخرة، فيختم له بسوء الخاتمة والعياذ بالله.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- حكمة الابتلاء للمؤمن: الابتلاءات والمصائب التي تصيب المؤمن في الدنيا هي من رحمة الله به، لتزكي نفسه وتكفر عن سيئاته وترفعه في الدرجات.
2- الاستمرارية في الطاعة: حياة المؤمن ليست مستقيمة دائمًا، بل فيها تقصير وتوبة، وضعف وقوة، لكنه دائمًا يعود إلى ربه.
3- خطر الغرور بالصحة والقوة: ينبغي للمسلم أن لا يغتر بصحته أو قوته أو ماله، فربما كان ذلك استدراجًا من الله له.
4- سوء عاقبة النفاق: المنافق يعيش في الدنيا في نعمة ظاهرية، ولكن عاقبته في الآخرة هي الهلاك، لأنه لم يستعد لها.
5- الاعتبار بنهاية الأعمال: العبرة ليست بحال الإنسان في فترة من فترات حياته، بل بالخاتمة، فالمؤمن يختم له بالخير، والمنافق يختم له بالشر.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث جزء من رواية طويلة لقصة توبة كعب بن مالك رضي الله عنه في غزوة تبوك، وهي قصة عظيمة فيها عبرة للمؤمنين في الصدق مع الله والتوبة النصوح.
- ينبغي للمسلم أن يدعو الله دائماً بحسن الخاتمة، وأن يثبته على الإيمان عند الموت.
- الابتلاء سنة ماضية في هذه الحياة، والمؤمن الصادق يصبر ويحتسب ويشكر ربه في كل حال.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان، وأن يحسن خاتمتنا، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المرضى (٥٦٤٣)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٨١٠)، كلاهما من حديث سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكر الحديث. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ قريب منه.
قوله: «الخامة» هي الطاقة الطرية اللينة. قال الخليل: «الخامة: الزرع أول من ينبت على ساق واحد».
وقوله: «تُفيئها» أي تُميلها.
وقوله: «الأرزة» قال الخطّابي: «الأرزة -مفتوحة الراء-: واحدة الأَرز، وهو شجر الصنوبر فيما يُقال». وقال غيره: «هو شجر معتدل صلب، لا يُحرِّكه هبوب الريح».
وقوله: «انجعافها» أي: انقلاعها.
ومعنى الحديث كما قال المهلب: «أنَّ المؤمن حيث جاء أمر الله انطاع له، فإن وقع له خير فرح به وشكر، وإن وقع له مكروه صبر ورجا فيه الخير والأجر، فإذا اندفع عنه اعتدل شاكرًا. والكافر لا يتفقده الله باختباره، بل يحصل له التيسير في الدُّنيا، ليتعسَّر عليه الحال في المعاد، حتّى إذا أراد الله إهلاكهـ قصمه، فيكون موته أشد عذَابًا عليه، وأكثر ألمًا في خروج نفسه».
وقال غيره: «المعنى أنَّ المؤمن يتلقى الأعراض الواقعة عليه لضعف حظه من الدُّنيا، فهو كأوائل الزرع، شديد الميلان لضعف ساقه، والكافر بخلاف ذلك، وهذا في الغالب من حال الاثنين. انظر»الفتح (١٠/ ١٠٧).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 79 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح

  • 📜 حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب