حديث: إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أنَّ أمرَ المؤمن كلَّه خير

عن صُهَيبٍ قال: قال رسول الله ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحدٍ إِلَّا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له».

صحيح: رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٩٩) عن هدَّاب بن خالد الأزديّ، وشيبان بن فرُّوخ، كلاهما عن سليمان بن مغيرة، حَدَّثَنَا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صُهَيب، فذكره.

عن صُهَيبٍ قال: قال رسول الله ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحدٍ إِلَّا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
الحديث الشريف: عن صهيب الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ».
رقم الحديث: رواه الإمام مسلم في صحيحه.


1. شرح المفردات:


● عَجَبًا: كلمة تعبير عن الدهشة والتعجب من عظمة الأمر وجلالته.
● لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ: شأن المؤمن وحاله وما يحدث له.
● سَرَّاءُ: (بفتح السين وتشديد الراء) هي الأمور التي تسره من نعماء وصحة ومال وفرح.
● شَكَرَ: عرف النعمة وأقر بها، واستعملها في طاعة المنعم سبحانه.
● ضَرَّاءُ: (بفتح الضاد وتشديد الراء) هي الأمور التي تضره من مصيبة أو مرض أو فقر أو هم.
● صَبَرَ: حبس نفسه عن التسخط والجزع، وثبت على الإيمان والطاعة.


2. شرح الحديث:


يُعَبِّرُ النبي ﷺ في هذا الحديث عن دهشته وإعجابه بشأن المؤمن الحق، الذي لا تكون حاله إلا خيرًا على الإطلاق، وهذه الخاصية لا تكون لأحد غيره.
فالمؤمن ينظر إلى الحياة بنظرة إيمانية فريدة، تجعله دائم الربح في كل الأحوال:
● الحالة الأولى: في السراء والنعمة
إذا أنعم الله عليه بنعمة من صحة أو مال أو فرح، فإنه لا يغتر بها ولا يتكبر، بل يعلم أنها من فضل الله عليه، فيشكر الله تعالى بقلبه (بالإقرار بالنعمة)، وبلسانه (بالحمد والثناء)، وبجوارحه (باستخدام النعمة في طاعة الله). وهذا الشكر يرفع درجاته عند الله، ويزيده من فضله، ويحفظ النعمة عليه، فتصبح النعمة نفسها خيرًا له في دنياه وآخرته.
● الحالة الثانية: في الضراء والمصيبة
إذا ابتلاه الله بمصيبة في نفسه أو ماله أو أهله، فإنه لا يسخط ولا ييأس، بل يصبر ويحتسب الأجر عند الله. هذا الصبر يمحو به الله سيئاته، ويرفع به درجاته، ويكتب له أجرًا عظيمًا لم يكن ليحصل عليه لولا هذه المصيبة. فالمصيبة ذات الألم تصبح –بفضل الصبر– خيرًا محضًا ووسيلة للفوز برضوان الله وجنته.
فالمؤمن دائمًا في كسب وعطاء، وفي زيادة وخير، سواء في حال فرحه أو حزنه، في يسره أو عسره. هذه النظرة التفاؤلية والإيجابية نابعة من قوة إيمانه ويقينه بأن كل ما يقدره الله له هو خير، حتى لو خفي وجه الخير عليه في لحظتها.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تفرد المؤمن بالمنظور الإيجابي: المؤمن يرى الحياة من خلال عدسة الإيمان، التي تحول كل حدث إلى منحة وعطية من الله، سواء أكانت محبوبة للنفس أم مكروهة.
2- الشكر والصبر ركيزتان للإيمان: الحديث يربط بين كمال الإيمان وبين هذين المقامين العظيمين (الشكر على النعم، والصبر على البلوى)، وهما سبب لدخول الجنة.
3- الابتلاء سنّة ماضية: الحياة الدنيا دار اختبار وامتحان، لا تخلو من سراء وضراء، والحكمة من الابتلاء تمحيص المؤمنين ورفع درجاتهم.
4- اليقين بقضاء الله وقدره: الخيرية الكاملة لأمر المؤمن نابعة من يقينه أن كل ما يصيبه هو بقدر الله وحكمته، فلا يتعلق قلبه بالدنيا ولا يجزع من أقدارها.
5- التفريق بين الظاهر والباطن: قد يظهر الحدث على أنه شر محض (كفقدان مال أو عزيز)، ولكن في باطنه خير عظيم (تكفير للسيئات، ورفعة في الدرجات، وتذكير بالآخرة) لا يعلمه إلا الله، والمؤمن يوقن بذلك.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● صهيب الرومي رضي الله عنه: هو صحابي جليل، كان من السابقين إلى الإسلام، وعُرف بحكمته وفصاحته. تحمل التعذيب في سبيل الله وهاجر إلى المدينة، وقدم كل ماله للمشركين في مكة فداءً لنفسه ليتمكن من الهجرة، فأنزل الله فيه قرآنًا يتلى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207].
● هذا الحديث من جوامع كلم النبي ﷺ: فهو قليل اللفظ واسع المعنى، يجمع حكمة عظيمة في بيان حال المؤمن.
● الاستفادة العملية: على المسلم أن يربي نفسه على هذه النظرة، فيكثر من قول "الحمد لله على كل حال" في السراء والضراء، ويسعى دائمًا إلى تحقيق مقامي الشكر والصبر في حياته اليومية.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المؤمنين حقًا، الذين يكون أمرهم كله خير، ويوفقنا لشك
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٩٩) عن هدَّاب بن خالد الأزديّ، وشيبان بن فرُّوخ، كلاهما عن سليمان بن مغيرة، حَدَّثَنَا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صُهَيب، فذكره. وخرَّجه البيهقيّ (٣/ ٣٧٥) من طريق أحمد بن النضر بن عبد الوهَّاب، عن شيبان بن فرُّوخ، بإسناده، وزاد في آخره: «فكلُّ قضاء الله للمسلمين خيرٌ».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 76 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر

  • 📜 حديث: إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب