حديث: يصب عليهم الأجر صبا حتى يتمنى أهل العافية قرض أجسادهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ثواب المؤمن فيما يُصيبه من مرضٍ، أو حزن أو نحو ذلك

عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: «يؤتى بالشهيد يوم القيامة، فيُنْصَب للحساب، ثمَّ يُؤتى بالمتصدِّق، فيُنصَب للحساب، ثمَّ يُؤتى بأهل البلاء، فلا يُنصب لهم ميزان، ولا يُنصب لهم ديوان، فيُصبُّ عليهم الأجر صبًّا، حتَّى إنَّ أهل العافية يتمنَّون أنَّ أجسادهم قرضت بالمقاريض من حُسن ثواب الله لهم».

حسن: رواه الطبراني في «الكبير» وفيه مُجَّاعة بن الزبير، وثَّقه أحمد وضعَّفه الدارقطني، قاله الهيثمي في «المجمع» (٢/ ٣٠٥).

عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: «يؤتى بالشهيد يوم القيامة، فيُنْصَب للحساب، ثمَّ يُؤتى بالمتصدِّق، فيُنصَب للحساب، ثمَّ يُؤتى بأهل البلاء، فلا يُنصب لهم ميزان، ولا يُنصب لهم ديوان، فيُصبُّ عليهم الأجر صبًّا، حتَّى إنَّ أهل العافية يتمنَّون أنَّ أجسادهم قرضت بالمقاريض من حُسن ثواب الله لهم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم يبين فضل الله تعالى وكرمه على عباده، وخاصة من ابتلاهم في الدنيا، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
الحديث: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يؤتى بالشهيد يوم القيامة، فيُنْصَب للحساب، ثمَّ يُؤتى بالمتصدِّق، فيُنصَب للحساب، ثمَّ يُؤتى بأهل البلاء، فلا يُنصب لهم ميزان، ولا يُنصب لهم ديوان، فيُصبُّ عليهم الأجر صبًّا، حتَّى إنَّ أهل العافية يتمنَّون أنَّ أجسادهم قرضت بالمقاريض من حُسن ثواب الله لهم».


أولاً. شرح المفردات:


● يُنصب للحساب: يُوقف ويُعْرَض للحساب على أعماله.
● المتصدق: الذي يكثر من الصدقة والبذل في سبيل الله.
● أهل البلاء: هم الذين أصابهم في الدنيا أنواع من الابتلاءات كالمرض والفقر والجوع والخوف وغيرها من المصائب.
● لا يُنصب لهم ميزان: الميزان هو الذي توزن به الأعمال يوم القيامة، وعدم نصب الميزان لهم يعني أنهم لا يحاسبون حساباً دقيقاً.
● ولا يُنصب لهم ديوان: الديوان هو كتاب الأعمال الذي سيجد فيه الإنسان كل ما عمله محصياً، وعدم نصب الديوان يعني أنهم لا يطالَبون بالحساب على تفاصيل أعمالهم.
● يُصبُّ عليهم الأجر صبًّا: يُعطون الأجر بغزارة وكثرة دون حساب.
● أهل العافية: هم الذين كانوا في الدنيا في صحة وسعة ورخاء لم يصبهم بلاء.
● قُرِضت: قُطعت وقُطِّعت.
● المقاريض: جمع مِقْرَض، وهي آلة تشبه المقص الكبير تستخدم لتقطيع الجلود وغيرها.


ثانيًا. شرح الحديث:


يصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم مشهداً من مشاهد يوم القيامة، حيث يُعرض الناس للحساب على أعمالهم، فيذكر ثلاث فئات:
1- الشهيد: وهو من قُتِل في سبيل الله، وهو من أعلى مراتب الفضل. ومع هذا، فإنه يُوقف للحساب، فيُحاسب على ما قدمت يداه، فليس أحد معصوماً من الحساب إلا من عفا الله عنه. وهذا يؤكد عدل الله تعالى.
2- المتصدق: وهو الذي أنفق ماله في وجوه الخير، وهو أيضاً من أصحاب الأعمال الصالحة العظيمة. ومع ذلك، فإنه يُوقف للحساب لينظر فيما فعل، هل كان خالصاً لوجه الله؟ هل كان من مال حلال؟ وغير ذلك.
3- أهل البلاء: وهم الذين صبروا على ما أصابهم في الدنيا من أمراض وفقر وخوف وجوع وغيرها من المصائب. هؤلاء يأتون يوم القيامة، فيعفيهم الله تعالى من أهوال الحساب والوقوف والمناقشة. فلا توزن أعمالهم، ولا تفتح صحائفهم، بل يُفيض الله عليهم من ثوابه وأجره إفاضة عظيمة بغير حساب، حتى إن الذين عاشوا في الدنيا في رغد وسعة (أهل العافية) يتمنون لو أنهم قُطعت أجسادهم بالمقاريض في الدنيا (أي أصابهم من البلاء ما أصاب هؤلاء) ليحصلوا على ذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عدل الله تعالى: حيث إنه يحاسب حتى الأنبياء والصدِّيقين والشهداء، فلا أحد ينجو بنفسه إلا برحمة الله.
2- عظم فضل الصبر على البلاء: يبين الحديث المكانة السامية لأهل الصبر على الابتلاءات، وأن صبرهم يغفر به الله لهم الذنوب ويرفع به الدرجات دون أن يشعروا بأعباء الحساب.
3- سعة كرم الله وجوده: فالله تعالى يجازي على الصبر بأجر لا يحصيه إلا هو، ويعطي بغير حساب.
4- الحث على الصبر والرضا بقضاء الله: يحثنا الحديث على أن نستعين بالله ونصبر على ما يصيبنا، فإن عاقبة الصبر خيرٌ وأجرها أعظم مما نتخيل.
5- أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان: فالمصائب ليست عقوبة دائمًا، بل هي رفعة في الدرجات وتكفير للسيئات لمن صبر واحتسب.
6- التحذير من الحسد: يتمنى أهل العافية أن يكونوا مثل أهل البلاء، وهذا تمنٍ للحصول على الأجر، لا حسدًا محرمًا.


رابعًا. معلومات إضافية:


● درجة الحديث: الحديث رواه الطبراني في "المعجم الكبير" وقال المنذري: إسناده حسن. وهو حسن في "صحيح الجامع".
● من فوائد الابتلاء: الابتلاء يكفر السيئات، ويرفع الدرجات، ويذكر العبد بضعفه وحاجته إلى ربه، ويُظهر صدق إيمانه وصبره.
● الفرق بين حساب الشهيد وأهل البلاء: الشهيد يُحاسب على عمله (كما في بعض الروايات) ليعظم أجره، وأما أهل البلاء فيُعفون من الحساب تكرمة من الله ورحمة بهم لصبرهم.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على الصبر والاحتساب، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في «الكبير» وفيه مُجَّاعة بن الزبير، وثَّقه أحمد وضعَّفه الدارقطني، قاله الهيثمي في «المجمع» (٢/ ٣٠٥).
قال الأعظمي: إن سلم الإسناد من العلل الأخرى، ولم يكن فيه سوى الكلام في مُجاَّعة؛ فالحديث حسن، ومُجَّاعة بن الزبير هو الأزدي البصري، يُكنى أبا عُبيدة، قال فيه الإمام أحمد: «ليس به بأس في نفسه». «بحر الدم» (٩٥٧). وذكره ابن عدي في «الكامل» (٦/ ٢٤٢٠) وقال: «وهو ممن يُحتمل ويُكتب حديثه». وقال فيه شعبة: «كان صوَّامًا قوَّامًا». فمثله يحسَّن حديثه.
وأمَّا ما رُوي عن جابر مرفوعًا: «يودُّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثوابَ لو أنَّ جلودهم كانت قُرِضت في الدنيا بالمقاريض»، فهو ضعيف، رواه الترمذي (٢٤٠٢) عن محمد ابن حميد الرازي، ويوسف بن موسى القطان البغدادي، قالا: حدَّثنا عبد الرحمن بن مِغراء أبو زهير، عن الأعمش، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكر مثله.
قال الترمذي: «حديث غريب، لا نعرفه بهذا الإسناد إلَّا من هذا الوجه. وقد روى بعضهم هذا
الحديث عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن مسروق قوله، شيئًا من هذا».
قال الأعظمي: عبد الرحمن بن مغراء، أبو زهير الكوفي، قال فيه علي بن المديني: «ليس بشيءٍ، كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث، تركناه، لم يكن بذاك». وقال ابن عدي: «وهو كما قال علي، إنَّما أنكرت على أبي زهير هذا أحاديث يرويها عن الأعمش، لا يُتابعه عليها الثقات، وله عن غير الأعمش، وهو من جملة الضعفاء الذين يُكتب حديثهم». وقال الساجي: «من أهل الصدق، فيه ضعف». ووثَّقه الخليلي، وذكره ابن حبان في «الثقات». والخلاصة أنَّه ضعيف في الأعمش، وروايته هنا عن الأعمش، ولذا أدخله ابن الجوزي في «الموضوعات».
أمَّا ما رُوي عن عبد الله بن عمرو، أنَّ رسول الله ﷺ قال: «من صدع رأسه في سبيل الله فاحتسب؛ غُفر له ما كان قبل ذلك من ذنب».
فهو ضعيف؛ رواه البزار (٧٦٧ - كشف) من طريق عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، عن عبد الله ابن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، فذكر مثله.
قال الهيثمي في «المجمع» (٢/ ٣٠٢): «وإسناده حسن».
قال الأعظمي: ليس بحسن، بل ضعيف؛ لأن مداره على عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، وهو ضعيف في حفظه عند جماهير أهل العلم.
وأورد الهيثمي في «المجمع» (٢/ ٣٠٢) عن عبد الله بن عمر، وعزاه إلى الطبراني في «الكبير» وقال: «إسناده حسن».
قال الأعظمي: لعل هذا وهم من الهيثمي؛ فإنَّ أكثر المخرِّجين جعلوا هذا الحديث من مسند عبد الله بن عمرو من الطريق الذي ذكرته. والله أعلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 63 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يصب عليهم الأجر صبا حتى يتمنى أهل العافية قرض أجسادهم

  • 📜 حديث: يصب عليهم الأجر صبا حتى يتمنى أهل العافية قرض أجسادهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يصب عليهم الأجر صبا حتى يتمنى أهل العافية قرض أجسادهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يصب عليهم الأجر صبا حتى يتمنى أهل العافية قرض أجسادهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يصب عليهم الأجر صبا حتى يتمنى أهل العافية قرض أجسادهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب