حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب مثل المؤمن والكافر في إصابة البلاء

عن أبي هريرة، أنَّ النَّبِيّ ﷺ قال: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت تكفَّأ بالبلاء. والفاجر كالأرزة صمَّاء معتدلة، حتّى يقصمها الله إذا شاء».

متفق عليه: رواه البخاريّ في المرضى (٥٦٤٤) ومسلم في صفات المنافقين (٢٨٠٩) كلاهما من وجهين مختلفين، عن أبي هريرة، واللّفظ للبخاريّ.

عن أبي هريرة، أنَّ النَّبِيّ ﷺ قال: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت تكفَّأ بالبلاء. والفاجر كالأرزة صمَّاء معتدلة، حتّى يقصمها الله إذا شاء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح فيه حال المؤمن الصادق وحال الفاجر المنحرف، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
الحديث بلفظه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ المؤمنِ كمَثَلِ الخامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، مِنْ حَيْثُ أتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا، فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بالبَلاءِ. والفاجرُ كَالأرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً، حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ».
[رواه البخاري ومسلم]


أولاً. شرح المفردات:


● الخامة: هي النبتة الطرية اللينة الغضة من الزرع، وهي التي لم تَجِفّ بعدُ ولم تشتد.
● كفأتها: أي مالت بها وأمالتها من جانب إلى آخر. والمقصود أنها تتمايل مع الريح ولا تقاومها بعنف.
● اعتَدَلَت: استقامت ونضجت وقويت ساقها.
● تَكَفَّأُ بالبلاء: أي تميل وتنحني وتتضعضع عندما يصيبها البلاء والاختبار.
● الفاجر: هو الخارج عن طاعة الله، المصر على المعاصي.
● كالأرزة: شجرة معروفة كبيرة ضخمة شديدة الصلابة، وهي من أنواع الصنوبر.
● صماء: أي شديدة الصلابة والقوة، لا تتأثر بسهولة.
● يقصمها: أي يكسرها ويحطمها مرة واحدة بقوة.


ثانياً. شرح الحديث:


يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم حال المؤمن وحال الفاجر بشجرتين مختلفتين تماماً في طبيعتها واستجابتها للرياح والعواصف.
1- حال المؤمن:
- المؤمن في دنياه كالنبتة الغضة (الخامة)، لين العريكة، سهل الخلق، متواضع القلب.
- عندما تهب عليه رياح المصائب والابتلاءات (كالمرض، الفقر، خيبة الأمل...) فإنه "يتكفأ" أي ينحني ويتضرع ويرجع إلى الله تعالى، يسبح ويستغفر ويصبر. هذا الانحناء ليس ضعفاً، بل هو قوة لأنه يعود بعدها أقوى إيماناً وأكثر صلابة.
- حتى إذا قوي إيمانه واستقام حاله، فإن الله يبتليه مرة أخرى ببلاء أكبر ليرفعه أعلى الدرجات ويكفر عنه خطاياه، فينحني ويتضرع مرة أخرى. فحياة المؤمن هي سلسلة من الابتلاءات والصبر والرجوع إلى الله، وهذا هو سبب نمو إيمانه وعلو منزلته.
2- حال الفاجر:
- الفاجر كشجرة الأرزة الضخمة الشامخة، التي تبدو للناظر صُلبة لا تنحني، معتدلة لا تتأثر بالرياح.
- يعيش في الدنيا في غرور وقوة ظاهرية، يظن أنه بمنأى عن الله، لا يصيبه بلاء ولا مصيبة، قلبه قاسٍ لا يلين لذكر الله.
- ولكن هذه القوة الظاهرية هي في الحقيقة ضعف، لأنها تمنعه من الانحناء لله والتضرع إليه. فإذا شاء الله تعالى، أرسل عليها ريحاً عاصفاً "تقصمها" أي تكسرها مرة واحدة كسرة نهائية لا قيام لها بعده (كالموت المفاجئ، أو الهلاك، أو العذاب في الآخرة). لا يوجد تدريج ولا توبة، بل دمار مفاجئ وشامل.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حكمة الابتلاء: الابتلاء سنّة الله في خلقه، خاصة للمؤمنين. وهو ليس عقاباً، بل هو تنقية للقلوب، ورفعة للدرجات، وتكفير للسيئات.
2- اللين والخشوع علامة الإيمان: لين القلب والتضرع إلى الله عند المصيبة من علامات الإيمان الصادق، وليست من علامات الضعف.
3- خطر القسوة والغرور: القسوة والاستكبار وعدم المبالاة بأمر الله صفات مهلكة، تؤدي إلى هلاك مفاجئ في الدنيا أو عذاب شديد في الآخرة.
4- النظر إلى حقيقة الأمور، لا إلى ظاهرها: لا تنخدع بقوة الفاجر وصحته وماله، فهي قوة زائلة. ولا تحزن على ضعف المؤمن وابتلائه، فهي قوة دائمة وتمحيص من الله له.
5- الحث على الصبر: الحديث يحث المؤمن على الصبر عند البلاء والاستعانة بالله والرجوع إليه، فهذا هو الطريق إلى النجاة والفلاح.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب الصبر على الابتلاء، وقد جمع بين التصوير البديع والحكمة العميقة.
- ذكر العلماء أن هذا الحديث من أعظم الأحاديث تشويقاً للعمل الصالح والاستعداد للآخرة.
- ينبغي للمؤمن أن يتذكر هذا الحديث كلما أصيب بمصيبة، فيعلم أنها علامة محبة الله له واختياره، فيشكر الله ويصبر.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يثبت قلوبنا عند الابتلاءات، وأن لا يقسو علينا بأعمالنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المرضى (٥٦٤٤) ومسلم في صفات المنافقين (٢٨٠٩) كلاهما من وجهين مختلفين، عن أبي هريرة، واللّفظ للبخاريّ.
ولفظ مسلم: «مثل المؤمن كمثل الزرع. لا تزال الريح تُميله. ولا يزال المؤمن يصيبه البلاءُ. ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز، لا تهتزُّ حتَّى تُستحصد».
وفي رواية - مكان «تميله» «تُفيئه».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 80 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع

  • 📜 حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب