ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ

حديث: ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ

عن عائشة، أنَّها قالت: وا رأساه! فقال النَّبِيّ ﷺ: «ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ». فقالت عائشة: واثُكلياه! والله إنِّي لأظنُّكَ تُحبُّ موتي، ولو كان ذلك لظَلِلْتَ آخر يومكَ مُعرِّسًا ببعض أزواجك، فقال النَّبِيّ ﷺ: «بل أنا وار أساه، لقد هممتُ أو أردتُ أن أُرسِل إلى أبي بكر وابنه، وأعهد: أن يقول القائلون، أو يتمنَّى المتمنُّون، ثمّ قلتُ: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله، ويأبى المؤمنون».

صحيح: رواه البخاريّ في المرضى (٥٦٦٦)، عن يحيى بن يحيى أبي زكريا، أخبرنا سليمان ابن بلال، عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت القاسم بن محمد، قال: قالت عائشة، فذكرت مثله.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

نص الحديث:

1. شرح المفردات:

● وا رأساه: كلمة استغاثة تدل على شدة الألم في الرأس.
● واثُكلياه: كلمة تفجع وتعجب، من "الثكل" وهو فقد الولد أو الحبيب.
● مُعرِّسًا: من "العَرس" وهو البقاء عند الزوجة والدخول بها.
● وار أساه: مثل "وا رأساه" وتعني آلام الرأس الشديدة.
● هممتُ أو أردتُ: أي فكرت وقررت.
● أعهد: أوصي وأجعل العهد.
● يأبى الله ويدفع المؤمنون: أي يمنع الله والمؤمنون ذلك.

2. شرح الحديث:

كانت عائشة رضي الله عنها تشتكي من صداع شديد في رأسها، فقالت: "وا رأساه!" تعبيرًا عن الألم. فقال لها النبي ﷺ: لو أن هذا الألم (أي الموت) جاءكِ وأنا حي، لاستغفرت لكِ ودعوت الله لكِ.
فردت عائشة بحزن: "واثُكلياه!"، ثم قالت: إني أظن أنك تحب موتي! وعللت ذلك بأنه لو كان الأمر كما تقول، لبقيت في آخر يوم من حياتك مع إحدى زوجاتك (تعني أنها تتوقع أن يكون بجانبها في لحظاتها الأخيرة لو كان يحبها حقًا).
فأجابها النبي ﷺ: "بل أنا أكثر منك ألمًا في الرأس" (أي أنه يعاني من الآلام أكثر منها)، ثم كشف لها عن همٍّ كبير كان يجول في خاطره، فقال: لقد فكرت في أن أرسل إلى أبي بكر وابنه (عبد الرحمن) لأوصي بالخلافة من بعده، حتى لا يقول الناس أو يتمنى المتمنون (أي حتى لا يختلف الناس فيمن يخلفه)، ولكنه تراجع عن هذه الفكرة وقال: إن الله يمنع والمؤمنون يدفعون (أي أن الله سيهدي الأمة إلى اختيار الأصلح، والمؤمنون سيتفقون على الخليفة دون حاجة إلى وصية).

3. الدروس المستفادة:

● رحمة النبي ﷺ بأهله: حيث كان يود لو بقي حيًا حتى يستغفر لزوجته إذا ماتت.
● حساسية المواقف العاطفية: حتى الصدّيقة عائشة رضي الله عنها شعرت بلحظة ضعف وظنت أن النبي لا يحبها، مما يدل على أن المشاعر الإنسانية قد تغلب أحيانًا حتى على أعقل الناس.
● عدم الوصية بالخلافة: من حكمة النبي ﷺ أنه لم يوصِ بأحد خليفةً من بعده، بل ترك الأمر شورى بين المسلمين، وهذا من تربيته للأمة على الاختيار الجماعي.
● ثقة النبي ﷺ بأمته: حيث وثق أن الله سيهدي المؤمنين إلى اختيار الأصلح، وأن الأمة لن تضل بعده.
● التوكل على الله: حيث فضل النبي ﷺ أن يترك الأمر لله ثم لأمة الإسلام، بدلاً أن يفرض وصية قد لا ترضي الجميع.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من أعلام نبوة محمد ﷺ، حيث تحقق ما أخبر به، فبعد وفاته اجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة واختاروا أبا بكر الصديق رضي الله عنه خليفة، دون وصية من النبي، وكان ذلك بمشورة ورضا من المسلمين.
- الحديث يدل على أن النبي ﷺ كان يعاني من الآلام الجسدية مثل غيره من البشر، مما يرد على من يدعي أنه كان محميًا من الألم.
- فيه بيان لمكانة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث كان النبي يفكر في أنه الخليفة من بعده، ولكن فضل أن يترك الأمر لله ثم للأمة.
أسأل الله أن يفقهنا في سنن نبيه، وأن يجعلنا من المتبعين لهديه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المرضى (٥٦٦٦)، عن يحيى بن يحيى أبي زكريا، أخبرنا سليمان ابن بلال، عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت القاسم بن محمد، قال: قالت عائشة، فذكرت مثله.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 82 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ

📜 حديث: ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية