حديث: عبد أراد الله بك خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب إذا أحبَّ الله عبدًا ابتلاه
يلاعبها، حتَّى بسط يده إليها، فقالت المرأة: مه! فإنَّ الله عز وجل قد ذهب بالشرك. وقال عفَّان مرَّةً: ذهب بالجاهلية، وجاءنا بالإسلام، فولَّي الرجل، فأصاب وجهه الحائط، فشجَّه، ثمَّ أتى النبي ﷺ، فأخبره فقال: أنت عبد أراد الله بك خيرًا، إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه، وإذا أراد بعبدٍ شرًّا أمسك عليه بذنبه، حتى يوافي به يوم القيامة كأنه عَيْرٌ».
صحيح: رواه الإمام أحمد (١٦٨٠٦) عن عفان، قال: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل، فذكر مثله.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من الأحاديث التي ترسخ معنى التوبة والاستجابة لنداء الإيمان، وبيان رحمة الله بعباده. وإليك الشرح المفصل له:
1. شرح المفردات:
● بَغِيًّا: أي زانية، كانت تمارس الفاحشة في الجاهلية.
● يُلَاعِبُهَا: يمازحها ويداعبها بكلام فيه نوع من الغزل والخضوع.
● بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا: همَّ بأن يمسها أو يعتدي عليها بشهوة.
● مَهْ!: كلمة زجرٍ تقال لردع الشخص عن فعله، بمعنى "كفّ" أو "إياك".
● شَجَّهُ: جرحه وأصابه بجرح في رأسه.
● عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ: عاجله بالعقاب في الدنيا على ذنبه، تكفيرًا له وتطهيرًا.
● أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ: أخَّر عقوبته ولم يعاجله بها، ليجازى بها كاملة يوم القيامة.
● عَيْرٌ: هو الذكر من الحمير، ويضرب به المثل في الشدة والثقل. والمعنى: أن ذنوبه ستُحْمَل عليه يوم القيامة ثقيلةً ظاهرة للعيان، كالحمار يحمل الأثقال.
2. شرح الحديث:
يحكي الصحابي الجليل عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قصة رجل مسلم، التقى بامرأة كانت معروفة بالفسق والفجور في زمن الجاهلية (أي قبل إسلامها أو قبل أن تترك ذلك الفعل).
فبدأ هذا الرجل يمازحها ويداعبها بكلام غير لائق، حتى همَّ بأن يمد يده إليها ليمسها بشهوة (وهي بداية طريق الزنا، والعياذ بالله).
ففوجئ بأن هذه المرأة – التي كانت بغياً في الماضي – قد تغير حالها بفضل الإسلام، فنهرته وزجرته قائلة: "مَهْ!" (أي كف عن هذا)، ثم عللت سبب زجرها بقولها الحكيم: "فإن الله قد ذهب بالشرك (أو بالجاهلية)".
هذه الجملة تحمل في طياتها إيمانًا عميقًا؛ فالإسلام لم يذهب بشرك العبادة فقط، بل ذهب بكل قيم وأخلاق الجاهلية، بما فيها الفحشاء والمنكر. لقد استحيت من الله، وعلمت أن الإسلام يرفض هذا السلوك.
فاستحى الرجل من نفسه، وندم على ما همَّ به، فرجع من فوره منصرفاً عنها، ولكنه من شدة هربه وخجله من فعلته، اصطدم رأسه بالحائط فجرحه جرحاً.
ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بما حدث، خائفاً مستفسراً عن حاله.
فبشَّره النبي صلى الله عليه وسلم ببشرى عظيمة، فقال له: "أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا". ثم بيَّن له النبي قاعدة ربانية عظيمة وهي:
● "إذا أراد الله بعبد خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه في الدنيا": فما حدث له من الاصطدام بالحائط والجرح كان عقاباً سريعاً من الله على همّه بالمعصية، ليكفر عنه سيئته وليطهره، فلا يبقى له ذنب يحاسبه عليه يوم القيامة.
● "وإذا أراد بعبد شرًّا أمسك عليه بذنبه": أي أمهله ولم يعاقبه في الدنيا، ليترك ذنوبه تتراكم دون تكفير، فيأتي يوم القيامة وقد أثقلته ذنوبه وكثرت عليه، فيحاسب عليها كلها.
3. الدروس المستفادة منه:
1- عظم تغيير الإسلام للنفوس: قصة المرأة خير دليل على أن الإسلام يمحو ما قبله، ويغير النفوس والقلوب والأخلاق، فمن كانت بغياً في الجاهلية أصبحت داعية إلى العفة والحياء.
2- فضل الحياء: الحياء من أعظم خصال الإيمان، وهو الذي يردع المؤمن عن الوقوع في المعاصي، كما ردعت المرأة ذلك الرجل.
3- الاستجابة السريعة لنداء الإيمان: الرجل لم يجادل أو يتمادى، بل استحى وانسحب فوراً عند تذكيره بالله، وهذه علامة على خيرية القلب.
4- رحمة الله بعباده: العقاب العاجل في الدنيا على المعصية نعمة ورحمة من الله، فهو تكفير للسيئات وتطهير للنفس.
5- الندم والتوبة: التوبة النصوح تمحو الذنوب ولو عظمت، والله يقبل التوبة من عباده.
6- تحذير من التسويف: التأخير في العقوبة ليس دليلاً على رضا الله، بل قد يكون استدراجاً للعبد حتى يهلك بكثرة ذنوبه.
7- التثبت من أحوال الناس: لا ينبغي الحكم على الناس بماضيهم، فالناس يتغيرون بفضل الله ثم بفضل التوبة والإيمان.
4. معلومات إضافية:
● الراوي: عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه، صحابي جليل.
● مصدر الحديث: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
● الحديث يدخل في باب "التوبة" و"فضل العقوبات الدنيوية المكفرة للذنوب".
- هذا الحديث يبعث الأمل في نفوس المذنبين، ويحثهم على المسارعة إلى التوبة والرجوع إلى الله، فالعقاب الدني
تخريج الحديث
وصحّحه ابن حبان (٢٩١١) والحاكم (١/ ٣٤٩، ٤/ ٣٧٦ - ٣٧٧) كلاهما من هذا الوجه. قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
وأورده الهيثمي في «المجمع» (١٠/ ١٩١) وقال: «رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، وكذلك أحد إسنادي الطبراني».
وإسناده صحيح، وفيه الحسن بن أبي الحسن البصري الإمام، وهو مدلس، وقد عنعن، إلَّا أنَّ الإمام أحمد صرَّح بأنَّه سمع من عبد الله بن مغفَّل، وأنس بن مالك، وابن عمر، فلعلَّ هذا ممَّا سمع منه. ثم إن ابن حبان قد أخرجه في صحيحه، وهذا مما يطمئن في صحة سماعه عنه كما ذكره في المقدمة في مسألة المدلسين.
وفي الباب عن أنس مرفوعًا: «عِظَم الجزاء مع عظم البلاء، وإنَّ الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط».
رواه الترمذي (٢٣٩٦)، وابن ماجه ٤٠٣١)، كلاهما من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس، فذكر مثله، ولفظهما سواء.
وساق الترمذي بالاسناد نفسه لفظًا آخر مرفوعًا، وهو: «إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشرَّ أمسك عنه بذنبه حتَّى يوافي به يوم القيامة». وقال: «حسن غريب من هذا الوجه».
قال الأعظمي: بل هو ضعيف جدًّا؛ فإنَّ سعد بن سنان الكندي ضعيف، ضعفه أحمد، والنسائي، والدارقطني، والجوزجاني، والذهبي، والجماهير، وأمَّا الحافظ؛ فليِّن القول فيه، فقال: «صدوق له أفراد».
ولعلَّ قوله: «له أفراد» إشارة إلى قول الإمام أحمد: «روي خمسة عشر حديثًا منكرةً كلها، ما أعرف منها واحدًا».
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ، أنَّه قال لأصحابه: «إذا مرضتم فلا تتمنَّوا العافية، فإنَّ المرض خيرٌ للمؤمن من الصحة، والمرض هدية الله عز وجل للعباد».
رواه الجوزقاني في «الأباطيل» (٤٢٩). وقال: «هذا حديث منكر، وفي إسناده من المجهولين غير واحد».
ونقله عنه الحافظ في اللسان (٣/ ١١٤).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 75 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 50 من يمرض مرضًا إلا حط الله عنه من خطاياه
- 51 المؤمن لا يصيبه شوكة إلا كفرت خطاياه
- 52 من يشاك شوكة إلا كُتبت له بها درجة ومُحيت عنه...
- 53 من نوقش الحساب هلك
- 54 الحُمَّى تحطُّ الخطايا كما تحطُّ الشجر ورقها
- 55 إذا اشتكى المؤمن أخلصه ذلك كما يخلص الكير خبث الحديد
- 56 إن الصالحين يشدَّد عليهم
- 57 ما ضرب على مؤمن عرق قط إلا حط الله عنه...
- 58 مرض المسلم يذهب الله به خطاياه
- 59 مثل المؤمن حين يصيبه الوعك كحديدة تدخل النار
- 60 ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر...
- 61 الأمراض كفارات وإن شوكة فما فوقها
- 62 صداع المؤمن يرفعه الله درجة ويكفر به ذنوبه
- 63 يصب عليهم الأجر صبا حتى يتمنى أهل العافية قرض أجسادهم
- 64 امرأة من أهل الجنة تصبر على الصرع وتطلب دعاء النبي
- 65 امرأة بها لمم تأتي النبي وتصبر على البلاء
- 66 من عبد يُصرع صرعة من مرض إلا بعثه الله منها...
- 67 إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة
- 68 من أذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون...
- 69 ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض...
- 70 إذا أخذت كريمتي عبدي فصبر واحتسب لم أرض له ثوابًا...
- 71 إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين
- 72 الرجل لتكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل
- 73 من يرد الله به خيرا يصب منه
- 74 من صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع
- 75 عبد أراد الله بك خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه
- 76 إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر
- 77 عجبت من قضاء الله للمؤمن
- 78 عجبت للمؤمن إن الله لم يقض له قضاء إلا كان...
- 79 مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح
- 80 مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع
- 81 مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر وتستقيم
- 82 ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ
- 83 أخذتك أم ملدم قط
- 84 لا حاجة لي في ابنتك
- 85 ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب
- 86 ما رأيت أحدًا أشد عليه الوجع من رسول الله ﷺ
- 87 مات النبي وهو بين حاقنتي وذاقنتي
- 88 إن من نعم الله علي أن رسول الله ﷺ توفي...
- 89 إذا كان أجل أحدكم بأرض أوثبته إليها الحاجة
- 90 من عاد مريضًا لم يزل في خرفة الجنة
- 91 من أتى أخاه المسلم عائدًا مشى في خرافة الجنة
- 92 من عاد مريضًا كان ضامنًا على الله
- 93 من عاد مريضًا خاض في الرحمة
- 94 اتبعوا الجنائز وعودوا المريض وأجيبوا الداعي وانصروا المظلوم
- 95 حق المسلم على المسلم خمس
- 96 من أصبح صائما وتبع جنازة وأطعم مسكينا وعاد مريضا دخل...
- 97 لم يُصبح صائمًا ولم يعد مريضًا ولم يتبع جنازة
- 98 أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني
- 99 عودوا المريض وامشوا مع الجنائز تذكركم الآخرة
معلومات عن حديث: عبد أراد الله بك خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه
📜 حديث: عبد أراد الله بك خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عبد أراد الله بك خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عبد أراد الله بك خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عبد أراد الله بك خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








