مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر وتستقيم

حديث: مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر وتستقيم

عن جابر بن عبد الله، أنَّ النَّبِيّ ﷺ قال: «مثل المؤمن كمثل السنبلة تخرُّ مرَّةً وتستقيم مرَّةً، ومثل الكافر مثل الأرزِ، لا يزال مستقيمًا حتَّى يخرَّ ولا يشعر».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٤٧٦١) عن موسى وحسن، قالا: حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن أبي الزُّبير، عن جابر، فذكر مثله.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. حديثنا اليوم عن حديث عظيم يصور لنا حقيقة نفس المؤمن ونفس الكافر في صورة حسية رائعة، وهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ السُّنْبُلَةِ تَخِرُّ مَرَّةً وَتَسْتَقِيمُ مَرَّةً، وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الْأَرُزِّ، لَا يَزَالُ مُسْتَقِيمًا حَتَّى يَخِرَّ وَلَا يُشْعِرُ».

أولاً. شرح المفردات:

● السنبلة: هي عود القمح أو الشعير الذي يحمل الحبوب، وهو معروف بمرونته.
● تخرُّ: تميل وتنحني وتسقط أحياناً.
● وتستقيم: تعود إلى وضع الاعتدال والقيام.
● الأرز: هنا يقصد به شجرة الأرز المعروفة (شجرة الصنوبر الكبيرة)، وهي شجرة ضخمة شديدة الصلابة والقسوة.
● حتى يخرَّ: حتى يسقط وينقض.
● ولا يشعر: أي لا يدري بنفسه متى يسقط، فهو لا يتوقع سقوطه.

ثانياً. شرح الحديث:

يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم قلب المؤمن وحالته بـ "السنبلة" الرقيقة المرنة. فهذه السنبلة:
● "تخر مرة": تنحني وتضعف وتسقط حين تهب عليها رياح الشهوات والشبهات، أو تقع منها الهفوة والذنب، فيصيبها ما يصيب البشر من تقصير.
● "وتستقيم مرة": لا تلبث أن تعود إلى الاعتدال والاستقامة بتوبة نصوح، واستغفار، وعودة إلى الله تعالى، وانكسار بين يديه. فهي حية متحركة، بين صعود وهبوط، وقوة وضعف، ولكن عاقبتها إلى خير.
ثم يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم قلب الكافر وحالته بـ "شجرة الأرز" الضخمة الصلبة.
● "لا يزال مستقيماً": يظهر للناس دائماً بمظهر القوة والصلابة والثبات على كفره ومعاصيه، لا ينحني لله، ولا يخضع له، ولا يشعر بذنب يستغفر منه، قلبه قاسٍ لا رقة فيه.
● "حتى يخر ولا يشعر": ولكن هذه القسوة والصلابة الزائفة تؤدي به إلى الهلاك المفاجئ. فكما أن شجرة الأرز إذا جاءتها عاصفة قوية اقتلعتْها من جذورها مرة واحدة وسقطت سقوطاً لا قيام بعده، فكذلك الكافر، يموت على كفره بغتة وهو لا يدري، ولا توبة له ولا عودة، فتكون عاقبته الخسران المبين.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- طبيعة الإنسان المؤمن: المؤمن ليس معصوماً، ولكن طبيعته أنه يخطئ ويتوب، يضعف ثم يقوى، ينحني ثم يستقيم. هذه الحركة والدوران علامة على حياة القلب.
2- فضل التوبة والرجوع إلى الله: انحناء السنبلة واستقامتها رمز لدوام استغفار المؤمن وتوبته. فليس العيب أن تقع، ولكن العيب أن تبقى حيث سقطت.
3- خطر القسوة والاستكبار: مثل الكافر تحذير من قسوة القلب والاستمرار على المعصية والغفلة، فإن ذلك يؤدي إلى الهلاك المفاجئ.
4- عدم الاغترار بحال الكافر: لا ينبغي للمؤمن أن ينظر إلى ظاهر صلابة الكافر وقوته الدنيوية فيغتر به، فإن عاقبته إلى زوال، بينما عاقبة المؤمن إلى خير واستقرار.
5- الاستقامة الحقيقية: الاستقامة الحقيقية ليست في عدم السقوط أبداً، ولكن في السرعة في النهوض بعد كل سقوط.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم في التمثيل، حيث جعل المعنى المعقد واضحاً في صورة محسوسة.
- فيه إشارة إلى حديث آخر رواه الإمام مسلم: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ».
- ينبغي للمؤمن أن يستشعر هذا المعنى ليطمئن قلبه ولا يقنط من رحمة الله إذا وقع في ذنب، وفي نفس الوقت يحذر من التمادي فيه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستقيمون على طاعته، وإذا وقعوا نهضوا سريعاً مستغفرين تائبين، وأن يقينا قسوة القلب والهلاك المفاجئ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٤٧٦١) عن موسى وحسن، قالا: حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن أبي الزُّبير، عن جابر، فذكر مثله.
والكلام في ابن لهيعة مشهور، إِلَّا أنَّه روى عنه في بعض طرق هذا الحديث عبد الله بن وهب، وسماعه منه كان قديمًا، وأبو الزُّبير مدلس وقد عنعن، ولكن جاء الحديث من طريق آخر ليس فيه أبو الزبير، وهو ما رواه البزّار (٤٥، ٤٦ - كشف)، والقضاعي في مسند الشهاب (٢/ ٢٨٠، ٢٨١) كلاهما من طرق، عن أبي بكر بن عَيَّاش، عن الأعمش، عن عطاء، عن جابر، فذكر نحوه. وبهذه المتابعة يرتقي الإسناد إلى الحسن لغيره. أورده الحافظ في «الفتح» (١٠/ ١٠٦) وعزاه لأحمد، وسكت عليه.
وقوله: «الأرزة»، قيل: هو الصنوبر.
ورُوي مثله عن أُبَي بن كعب، أنَّه دخل على النَّبِيّ ﷺ فقال: متى عهدك بأُمِّ مِلدَم؟ «وهو حرٌّ بين الجلد واللحم. قال: إنَّ ذلك لوجع ما أصابني قط. قال رسول الله ﷺ: «مثل المؤمن مثل الخامة، تحمرُّ مرَّةً وتصفرُّ أخرى». وفيه رجل لم يُسم. رواه الإمام أحمد (٢١٢٨٢)، عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أُميَّة، عمَّن حدَّثه، عن أمِّ ولد أُبيِّ بن كعب، عن أُبي بن كعب، فذكر مثله.
و»أمُّ مِلدَم«بوزن منبر، كنية الحمى.
و»الخامة«هي الغضُّ الرطب من النبات.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن عبد الله بن إياس بن أبي فاطمة الضمري، عن أبيه، عن جدِّه في حديث طويل وفي بعض ألفاظه نكارة. رواه الطبراني في: الكبير (٢٢/ ٣٢٣) وفيه محمد بن أبي حُميد، وهو ضعيف، ترجمه العقيلي في: الضعفاء (١٦١٣): قال عبد الله بن الإمام أحمد: سمعت
أبي يقول: «محمد بن أبي حميد أحاديثه أحاديث مناكير». وقال في موضع آخر: «ليس هو بقوي في الحديث». وقال البخاريّ: «محمد بن أبي حميد منكر الحديث».
وفي الباب عن أنس بن مالك، وعمار بن ياسر مرفوعًا: «مثل المؤمن مثل السنبلة يميل أحيانًا ويقوم أحيانًا، ومثل الكافر كمثل أرزِّ، يخرُّ ولا يُشعرَ به».
حديث أنس رواه أبو يعلى (٣٠٦٨). وفيه فهد بن حبَّان، وهو ضعيف، كما قال الهيثميّ في «المجمع» (٢/ ٢٩٣).
وحديث عمار بن ياسر رواه الطبرانيّ في «الكبير» ، وفيه مهلب بن العلاء، قال الهيثميّ: «لم أجد من ذكره».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 81 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر وتستقيم

📜 حديث: مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر وتستقيم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر وتستقيم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر وتستقيم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر وتستقيم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية