حديث: امرأة من أهل الجنة تصبر على الصرع وتطلب دعاء النبي
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء فيمن ابتلي بمرض الصرعة
متفق عليه: رواه البخاري في المرضى (٥٦٥٢) ومسلم في البر والصلة (٢٥٧٦) كلاهما من طريق عمران أبي بكر، قال: حدثني عطاء بن أبي رباح، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا حديث عظيم فيه موعظة بليغة وصبر عجيب، وها أنا أشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
أولاً. شرح المفردات:
● أُصرع: أي يغلبني الصرع، وهو مرض يصيب الإنسان فيفقد وعيه ويتشنج.
● أتكشَّف: أي ينكشف بدني أو بعض عورتي أثناء نوبة الصرع، وهذا مما يسبب لها الحرج والأذى النفسي.
● صبرتِ: أي تتحملين البلاء وتحتسبين الأجر عند الله.
● أعافيك: أي يشفيك ويذهب عنك هذا المرض.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح أن الصحابي عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وهو حبر الأمة وترجمان القرآن، أراد أن يريه نموذجاً رائعاً للإيمان والصبر، فقال له: "ألا أُريك امرأةً من أهل الجنَّة؟".
ثم أشار إلى امرأة سوداء (أي من ذوات البشرة السمراء، مما قد يدل على تواضعها وعدم مكانتها الاجتماعية المرموقة في نظر الناس)، وقد جاءت هذه المرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو له بلواها، حيث كانت تُصاب بنوبات الصرع، وكان من آثار هذا المرض المؤلم أن ينكشف جسدها أحياناً أثناء النوبة، مما يزيد ألمها ألماً نفسياً شديداً بسبب ما تتعرض له من حياء وحرج.
فلم يبخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم بخيارين كريمين، كلاهما خير:
1- الخيار الأول: الصبر على البلاء مع الوعد بالجنة، وهذا أعلى الدرجات.
2- الخيار الثاني: الدعاء لها بالشفاء والعافية من هذا المرض.
فاختارت هي -بإيمانها الراسخ- الخيار الأعلى، وهو الصبر طمعاً في الجنة. لكنها عادت وطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم دعاءً خاصاً يخفف عنها جانباً من ألمها النفسي، وهو أن يدعو الله أن لا ينكشف جسدها أثناء نوبات المرض، فاستجاب النبي صلى الله عليه وسلم لها ودعا الله تعالى بذلك.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- عظم فضل الصبر على البلاء: فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الصبر على المرض سبباً مباشراً للجنة، وهذا يذكرنا بقوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
2- الإيمان يرفع قدر العبد عند الله: هذه المرأة لم يكن لها حسب ولا نسب ولا جمال ظاهر في أعين الناس، لكن إيمانها وصبرها رفعاها إلى أن شهد لها ابن عباس -وهو من كبار العلماء- بأنها من أهل الجنة.
3- جواز سؤال الله تعالى تخفيف البلاء: ليس من عدم الصبر أن يطلب الإنسان من الله أن يخفف عنه، كما فعلت المرأة حين طلبت الدعاء بعدم الانكشاف. بل إن هذا من الدعاء المشروع، وقد جمعت بين الصبر على أصل البلاء وسؤال الله تخفيف بعض آثاره.
4- حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ورحمته: حيث استمع لمشكلتها، وعرض عليها الحلول، واحترم اختيارها، واستجاب لطلبها الخاص. وهو قدوة في التعامل مع المرضى وذوي الحاجات.
5- لا علاقة للقدرة على الصبر بظاهر الإنسان: فالكمال الحقيقي هو كمال القلب والإيمان، لا لون البشرة أو الحالة الاجتماعية.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد القرآن.
- القصة تدل على أن أبواب الجنة لا تُفتح بالمال أو الجاه، بل تُفتح بالإيمان والصبر والاحتساب.
- ينبغي للمؤمن أن يتذكر هذه القصة عندما يصيبه بلاء، فيتأسى بهذه المرأة الصابرة، ويطمع في نفس الأجر.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصابرين المحتسبين، وأن يرزقنا جنته من غير عذاب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وأخرجه البخاري من طريق أخرى، قال: حدَّثنا محمد (هو ابن سلام) أخبرنا مخلد، عن ابن جريج، أخبرني عطاء، أنَّه رأى أم زُفر، تلك المرأة الطويلة السوداء على سِتر الكعبة. هذا هو الصحيح أنَّ هذه المرأة الحبشية السوداء الطويلة تُكنى بأمِّ زُفَر، هكذا رواه الثقات عن عطاء، ورواه
عمر بن قيس، عن عطاء، فصحَّفها، فقال: عن أم فريع، قالت: أتيتُ النبي ﷺ فقلت: إنِّي امرأة أُغْلب على عقلي، فقال: «ما شئتِ، إن شئتِ دعوتُ الله لك، وإن شئتِ تصبرين وقد وجبت لك الجنَّة». فقالت له: أصبر.
أخرجه الطبراني والخطيب من طريقه. قال الحافظ: «وسنده إلى عمر بن قيس ضعيف أيضًا، وقد شذَّ مع التصحيف في جعله الحديث من رواية عطاء عنها، وإنَّما رواه عطاء عن ابن عباس». انتهى. انظر «الإصابة» (٤/ ٤٥٣).
وقيل: إنَّ اسمها: «سُعيرة» -بالتصغير ضبطها المستغفري، وأخرج من طريق عطاء الخراساني، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، أنَّه قال له: ألا أريك امرأةً من أهل الجنَّة؟ فأراني حبشيةً صفراء عظيمة. هذه شعيرة الأسدية، ثمَّ ذكر قصَّتها. أخرجه أبو موسى من طريق المستغفري، ثمَّ من رواية محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن المقدام بن داود، عن علي بن سعيد، عن بشر بن ميمون، عن عطاء الخراساني به. وفيه تفاصيل أخرى.
قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: أنا أبرأ إلى الله تعالى عن عهدة هذا الإسناد. انظر أيضًا «الإصابة» (٤/ ٣٢٩).
قوله: «على سِتر الكعبة»: أي متعلقة بأستار الكعبة. وقيل: كانت تفعل ذلك إذا خشيت أن يأتيها الصرع. وقد جاء التصريح بهذا في رواية البزار.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 64 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 39 يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر
- 40 المصائب تكفر الذنوب حتى الشوكة يشاكها المسلم
- 41 يا ابن آدم مرضت فلم تعدني
- 42 من يعمل سوءا يجز به
- 43 وصب المؤمن كفارة لخطاياه
- 44 البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله
- 45 الله يبتلي عبده بالسقم حتى يكفر عنه كل ذنب
- 46 بعث النبي الحمى إلى الأنصار فصبروا ستة أيام
- 47 لا تزال المليلة والصداع بالعبد والأمة
- 48 لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم
- 49 الحُمَّى تكون طَهورًا للمؤمن
- 50 من يمرض مرضًا إلا حط الله عنه من خطاياه
- 51 المؤمن لا يصيبه شوكة إلا كفرت خطاياه
- 52 من يشاك شوكة إلا كُتبت له بها درجة ومُحيت عنه...
- 53 من نوقش الحساب هلك
- 54 الحُمَّى تحطُّ الخطايا كما تحطُّ الشجر ورقها
- 55 إذا اشتكى المؤمن أخلصه ذلك كما يخلص الكير خبث الحديد
- 56 إن الصالحين يشدَّد عليهم
- 57 ما ضرب على مؤمن عرق قط إلا حط الله عنه...
- 58 مرض المسلم يذهب الله به خطاياه
- 59 مثل المؤمن حين يصيبه الوعك كحديدة تدخل النار
- 60 ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر...
- 61 الأمراض كفارات وإن شوكة فما فوقها
- 62 صداع المؤمن يرفعه الله درجة ويكفر به ذنوبه
- 63 يصب عليهم الأجر صبا حتى يتمنى أهل العافية قرض أجسادهم
- 64 امرأة من أهل الجنة تصبر على الصرع وتطلب دعاء النبي
- 65 امرأة بها لمم تأتي النبي وتصبر على البلاء
- 66 من عبد يُصرع صرعة من مرض إلا بعثه الله منها...
- 67 إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة
- 68 من أذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون...
- 69 ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض...
- 70 إذا أخذت كريمتي عبدي فصبر واحتسب لم أرض له ثوابًا...
- 71 إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين
- 72 الرجل لتكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل
- 73 من يرد الله به خيرا يصب منه
- 74 من صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع
- 75 عبد أراد الله بك خيرًا عجَّل له عقوبة ذنبه
- 76 إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر
- 77 عجبت من قضاء الله للمؤمن
- 78 عجبت للمؤمن إن الله لم يقض له قضاء إلا كان...
- 79 مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح
- 80 مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع
- 81 مثل المؤمن كمثل السنبلة تخر وتستقيم
- 82 ذاك لو كان وأنا حيٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لكِ
- 83 أخذتك أم ملدم قط
- 84 لا حاجة لي في ابنتك
- 85 ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب
- 86 ما رأيت أحدًا أشد عليه الوجع من رسول الله ﷺ
- 87 مات النبي وهو بين حاقنتي وذاقنتي
- 88 إن من نعم الله علي أن رسول الله ﷺ توفي...
معلومات عن حديث: امرأة من أهل الجنة تصبر على الصرع وتطلب دعاء النبي
📜 حديث: امرأة من أهل الجنة تصبر على الصرع وتطلب دعاء النبي
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: امرأة من أهل الجنة تصبر على الصرع وتطلب دعاء النبي
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: امرأة من أهل الجنة تصبر على الصرع وتطلب دعاء النبي
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: امرأة من أهل الجنة تصبر على الصرع وتطلب دعاء النبي
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








