حديث: ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما اختلج عِرق إِلَّا بذنبٍ

عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما اختلج عِرق ولا عين إِلَّا بذنبٍ، وما يدفع الله عنه أكثر».

حسن: رواه الطبرانيّ في «الصغير» (٢/ ١٠٢) عن محمد بن يعقوب أبي صالح الورَّاق الأصبهانيّ، نا أحمد بن الفرات الرازيّ، حَدَّثَنَا محمد بن كثير، حَدَّثَنَا محمد بن فُضيل، عن الصلت بن بهرام، عن أبي وائل، عن البراء، فذكره.

عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما اختلج عِرق ولا عين إِلَّا بذنبٍ، وما يدفع الله عنه أكثر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في جامعه، وقال: "هذا حديث حسن غريب"، وابن ماجه في سننه، عن الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا اخْتَلَجَ عِرْقٌ وَلَا عَيْنٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَمَا يَدْفَعُ اللهُ عَنْهُ أَكْثَرُ».

أولاً. شرح المفردات:


● اخْتَلَجَ: ارتعش وانتفض حركة لا إرادية سريعة.
● عِرْقٌ: هنا المقصود به العضلة أو العصب، أي رعشة أو تشنج في أي جزء من الجسد.
● عَيْنٌ: المقصود رعشة أو نفضة في الجفن (اهتزاز العين).
● بِذَنْبٍ: بسبب ذنب اقترفه الإنسان.
● يَدْفَعُ اللهُ عَنْهُ أَكْثَرُ: أي أن ما يصرف الله عن العبد من البلاء والعقاب بسبب ذنوبه هو أضعاف أضعاف ما نزل به.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن ما يصيب الإنسان من آلام بسيطة وعابرة في جسده، مثل رعشة العين أو تشنج عضلة في الرجل أو اليد، إنما هي بسبب ذنب اقترفه. فهي بمثابة تنبيه من الله عز وجل لعبده وتذكير له، حتى يتذكر تقصيره في حق ربه، فيسرع إلى التوبة والاستغفار.
ثم يبين صلى الله عليه وسلم جانبًا عظيمًا من رحمة الله ولطفه بعباده، فيقول: «وَمَا يَدْفَعُ اللهُ عَنْهُ أَكْثَرُ»، أي أن هذه الرعشة أو الألم البسيط هو جزء يسير جدًا مما يستحقه العبد على ذنبه، ولكن الله تعالى بحلمه وعفوه يصرف عن عبده العقوبات الكبيرة والعذاب الأليم، ويدفع عنه بسبب استغفاره أو صلاته أو غيرها من الحسنات، بل وبدون سبب فضلاً منه ونعمة، ما هو أعظم وأكبر من هذا الألم البسيط.
فالحديث يجمع بين الترهيب والترغيب؛ الترهيب من الذنوب وأن عاقبتها وخيمة ولو بدت صغيرة، والترغيب في رحمة الله الواسعة وعفوه الكبير الذي يتجاوز عنا ويصرف عنا البلاء.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- أن الذنوب لها عواقب في الدنيا قبل الآخرة: فما يصيب الإنسان من آلام وأمراض، ولو كانت بسيطة، قد تكون بسبب معاصيه، كما قال تعالى: *{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}* [الشورى: 30].
2- التذكير الدائم بحاجة العبد إلى الاستغفار: فكلما شعر الإنسان بوخزة ضمير أو ألم بسيط، فعليه أن يتذكر ذنوبه ويستغفر ربه.
3- إدراك سعة رحمة الله وعفوه: فالله تعالى يدفع عن عباده من البلاء والشرور ما لا يعلمون، وهو أرحم بهم من أنفسهم. هذه الرعشة تذكير بذنب، ولكن ما دفعه الله عنك بسبب هذا الذنب أو غيره من لطفه هو أضعاف أضعاف ما نزل.
4- عدم الاستهانة بالذنوب الصغيرة: فما يعتبره الإنسان صغيرًا قد يكون سببًا في نزول بلاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بِبَطْنِ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، حَتَّى أَنْضَجُوا خَبْزَهُمْ».
5- الحث على التفكر في نعم الله الظاهرة والباطنة: فمن أعظم النعم نعمة دفع البلاء، وهي نعمة غافل عنها الكثيرون.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث لا يعني أن كل رعشة في العين أو العرق هي عقوبة حتمية على ذنب معين، فقد تكون لأسباب طبية طبيعية، ولكنها في الغالب تكون *من جملة* أسباب عقاب الذنوب في الدنيا.
- المقصود من الحديث الحث على التوبة والاستغفار، وليس إيقاع الإنسان في الوساوس والتفكير في ذنب معين لكل ألم بسيط.
- من الأدعية المأثورة عند رعشة العين أو الجسد أن يقول المسلم: "أعوذ بالله من شر ما أجد"، أو يستغفر الله تعالى.
- هذا الحديث يربي في المسلم مراقبة الله في السر والعلن، ويذكره بأنه لا يغفل عن شيء، فما خفي على الناس من الذنوب لا يخفى على الله، وهو الذي يجازي عليه ولو برعشة عابرة.
أسأل الله تعالى أن يعفو عنا ويغفر لنا ويدفع عنا البلاء والشرور ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبرانيّ في «الصغير» (٢/ ١٠٢) عن محمد بن يعقوب أبي صالح الورَّاق الأصبهانيّ، نا أحمد بن الفرات الرازيّ، حَدَّثَنَا محمد بن كثير، حَدَّثَنَا محمد بن فُضيل، عن الصلت بن بهرام، عن أبي وائل، عن البراء، فذكره.
قال الهيثميّ في «المجمع» (٢/ ٢٩٥): «رواه الطبرانيّ في: الصغير«وفيه الصلت بن بهرام، وهو ثقة إِلَّا أنَّه كان مرجئًا».
قال الأعظمي: الصلت بن بهرام الكوفي التميميّ، أبو هاشم، وثَّقه ابن معين، وأحمد، وقال أبو حاتم: «صدوق ليس له عيب إِلَّا الإرجاء». وذكره ابن حبَّان في «الثّقات».
قال الحافظ ابن حجر: «ذكره الحافظ عبد الغنيّ، وحذفه المزي؛ لأنَّه لم يقف على رواية له في الكتب المذكورة، وكان الأوّلى أن يذكره احتياطًا».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 85 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب

  • 📜 حديث: ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب