حديث: إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في النهي عن عزاء الجاهليّة

عن أبي بن كعب أن رجلًا اعتزي بعزاء الجاهلية فأَعضَّه، ولم يكنه. فنظر القوم إليه فقال للقوم: إني قد أرى الذي في أنفسكم، إني لم أستطع إلا أن أقول هذا، إن رسول الله ﷺ أمرنا: «إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعِضُّوه ولا تكنوا».
وفي رواية: عن عُتي قال: رأيتُ رجلًا تعزَّى عند أُبيّ بعزاء الجاهلية، افتخر بأبيه، فأعضَّه بأبيه، ولم يكنه.
وفي رواية: قال أُبيّ: كنا نُؤمر إذا الرجل تعزي بعزاء الجاهلية فأعِضُّوه بِهَنِ أبيه، ولا تكنوا.

حسن: هذه الروايات كلها أخرجها الإمام أحمد (٢١٢٣٣، ٢١٢٣٤، ٢١٢٣٦) من طرق، عن عوف، عن الحسن، عن عُتَيّ، عن أبي بن كعب، إلا الرواية الثانية فهي من طريق يونس، عن الحسن، وصحَّحه ابن حبان (٣١٥٣) فأخرجه من طريق عوف بإسناده في فصل في النياحة وغيرها.

عن أبي بن كعب أن رجلًا اعتزي بعزاء الجاهلية فأَعضَّه، ولم يكنه. فنظر القوم إليه فقال للقوم: إني قد أرى الذي في أنفسكم، إني لم أستطع إلا أن أقول هذا، إن رسول الله ﷺ أمرنا: «إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعِضُّوه ولا تكنوا».
وفي رواية: عن عُتي قال: رأيتُ رجلًا تعزَّى عند أُبيّ بعزاء الجاهلية، افتخر بأبيه، فأعضَّه بأبيه، ولم يكنه.
وفي رواية: قال أُبيّ: كنا نُؤمر إذا الرجل تعزي بعزاء الجاهلية فأعِضُّوه بِهَنِ أبيه، ولا تكنوا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه الكريم.
هذا الحديث الذي ذكر -أخي السائل- رواه الإمام أحمد في مسنده، وله طرق متعددة عن الصحابي الجليل أُبي بن كعب رضي الله عنه، وهو حديث صحيح بشواهده.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● اعْتَزَى بعزاء الجاهلية: أي انتسب وافتخر بنسبه أو قبيلته، أو تحزب لها، على طريقة أهل الجاهلية في التفاخر بالأنساب والحسب، والتعصب للقبيلة.
● فأَعَضَّه: من الإعضاص، وهو أن تقول للرجل: "يا ابن العاضة"، والعاضة هي الكلبة. وهو نوع من الشتم والذم الشديد.
● وَلَمْ يُكِنِّه: أي لم يخفِ عليه هذا الشتم ولم يواربه، بل صرح به مباشرة وبوضوح.
● بِهَنِ أَبِيه: "الهَن" هو العضو الذكري، والمقصود هنا شتم أبيه بأقذع الشتائم.

ثانياً. شرح معنى الحديث:


يحكي لنا الصحابي الجليل أُبي بن كعب رضي الله عنه موقفاً وقع له، حيث جاءه رجل يتباهى بنسبه ويفتخر بأصله وحسبه على الطريقة الجاهلية، التي كان العرب يتفاخرون بها قبل الإسلام، فيقول الواحد منهم: "أنا فلان بن فلان"، ليبين شرف نسبه وعلو مكانته.
فرد عليه أُبي رضي الله عنه رداً قاسياً وشتمه بشدة، ولم يخفِ عليه هذا الشتم، بل ناداه به صراحة. فاستنكر الحاضرون هذا الفعل، وتعجبوا من هذا الرد القاسي من صحابي جليل معروف بالتقوى والصلاح.
فلما رأى أُبي رضي الله الله عليه استنكارهم، بين لهم أن هذا ليس تصرفاً شخصياً منه، بل هو أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا أحداً يفتخر بنسبه أو يعتزي بعصبية جاهلية، أن يردوا عليه بهذه الطريقة القاسية الصريحة، بأن يشتموا أصلَه (أباه) بأقذع الشتائم، وألا يستروا عليه أو يواربوه، بل يصرحوا بها مباشرة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر من الحديث:


1- تحريم العصبية الجاهلية: يبين الحديث النهي الشديد عن كل مظهر من مظاهر التعصب للقبيلة أو العرق أو اللون، الذي كان سائداً في الجاهلية. فالإسلام جاء ليحطم هذه الفواصل، ويوحد الناس على أساس التقوى، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
2- شدة إنكار المنكر: يبين الحديث وجوب إنكار المنكر، ولو كان بلفظ قاسٍ في بعض المواطن، خاصة إذا كان المنكر عظيماً ومفسدته كبيرة، كالفتنة القبلية والعصبية التي تفرق بين المسلمين.
3- التصريح بالزجر أحياناً: ليس كل موطن يناسب فيه التلميح والكناية، بل بعض المنكرات تحتاج إلى زجر صريح وقوي لئلا يتساهل الناس فيها.
4- طاعة النبي صلى الله عليه وسلم: فعل أُبي رضي الله عنه كان تطبيقاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على وجوب امتثال أوامره ولو بدت غريبة في ظاهرها.
5- الحكمة في التبليغ: لما أنكر القوم على أُبي رضي الله عنه، بين لهم أن هذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فزال الاستنكار، وهذا يدل على أهمية بيان الحكم الشرعي عند إنكار المنكر.

رابعاً. تنبيه مهم:


هذا الرد القاسي المذكور في الحديث (شتم الأب) هو خاص بمن يعتزي بعزاء الجاهلية، وهو من باب الزجر والردع، وليس أمراً عاماً في كل منكر. وفعله يكون بحكمة، وفي محله، وبالقدر الذي يزجر به صاحبه عن هذا المنكر العظيم.
وفقنا الله وإياك لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وجنبنا العصبية والفتنة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

هذه الروايات كلها أخرجها الإمام أحمد (٢١٢٣٣، ٢١٢٣٤، ٢١٢٣٦) من طرق، عن عوف، عن الحسن، عن عُتَيّ، عن أبي بن كعب، إلا الرواية الثانية فهي من طريق يونس، عن الحسن، وصحَّحه ابن حبان (٣١٥٣) فأخرجه من طريق عوف بإسناده في فصل في النياحة وغيرها.
ورواه أيضًا النسائي في «اليوم والليلة» (٩٧٦) من طريق عوف، ومن طرق أخرى أيضًا (٩٧٤، ٩٧٥) عن الحسن بإسناده وفي هذه الطرق: «فأعضوه بِهَنِ أبيه ولا تكنوا».
وعُتُيّ -بضم أول مصغرا- ابن ضمرة التميمي السعدي البصري، وثَّقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث.
وأما علي بن المديني فقال: «مجهول سمع من أبي بن كعب، لا نحفظها إلا من طريق الحسن، وحديثه يُشبه حديث أهل الصدق وإن كان لا يعرفه.
فهو في أكثر أحواله يكون صدوقًا، إلا أن الحافظ قال فيه: «ثقة».
والحسن هو الإمام البصري، وهو وإن كان مدلسًا وقد عنعن، إلا أن سماعه عن عُتي ثابت كما أكد بذلك كثير من أهل العلم، وعوف هو الأعرابي العبدي البصري ثقة، ورمي بالقدر، إلا أنه توبع.
وللحديث إسناد آخر رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (٢١٢١٨) عن محمد بن عمرو بن العباس الباهلي، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أُبيِّ أن رجلًا اعتزى فأعَضَّه أُبيٌّ بِهَنِ أبيه، فقالوا: ما كنت فحَّاشًا! فقال: إنا أمرنا بذلك.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن العباس الباهلي ترجمة الخطيب في: تاريخ بغداد (٤/ ٢١٣) الطبعة الجديدة، قال: «أخبرنا علي بن محمد بن الحسين الدقاق، قال: قرأنا على الحسين بن هارون، عن أبي العباس بن سعيد، قال: محمد بن عمرو بن العباس الباهلي سمعت عبد الرحمن بن يوسف يقول: كان ثقة, انتهي.
وترجمه أبو أحمد الحاكم في «الكني» (٦٥٨).
قال الأعظمي: وعبد الرحمن بن يوسف هو: ابن خراش المروزي البغدادي (ت- ٢٨٣) ونقل الخطيب عن محمد بن إسحاق الثقفي أنه قال: مات محمد بن عمرو بن العباس الباهلي سنة تسع وأربعين ومائتين. قال البغوي: بالبصرة.
وقوله: «أعضَّه» أي قال له: اعضض ذكر أبيك.
وقوله: «الهنُ» الشَّيْءُ - كناية عن الشيء يستقبح ذكره. وهنا كناية عن ذَكر الرجل.
ومعنى قوله: «من تعزَّي» وفي رواية: «من اعتزى» أي من تعزَّي بعزاء الجاهلية، ولم يتعزَّ بعزاء الإسلام كقوله في المصيبة: «إنا لله وإنا إليه راجعون».
وهذا هو المعنى الذي فهمه ابن حبان والحافظ الهيثمي فذكرا الحديث في كتاب الجنائز. والمعنى المشهور للتَعَزِّي بعزاء الجاهلية -والانتماء والانتساب إلى القوم يقال: عزيتُ الشيء، وعزوته- إذا أسندته إلى أحد. والعزاءُ والعِزْوَةُ اسم لدعوى المستغيث، وهو أن يقول: يا لفلان، أو يا للأنصار، أو يا للمهاجرين. انظر «النهاية» (٣/ ٢٣٣).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 184 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا

  • 📜 حديث: إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب