أمر النبي ﷺ بحثو التراب في أفواه الباكيات

حديث: أمر النبي ﷺ بحثو التراب في أفواه الباكيات

عن عائشة قالت: لما جاء النبيَّ ﷺ قتلُ أبن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزنُ، وأنا أنظر من صائِر الباب شَقِّ الباب، فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر -وذكر بكاءهُن- فأمره أن يَنْهاهُنَّ فذهب، ثم أتاه الثانية لم يُطِعْنَه، فقال: «انههن» فأتاه الثالثة، قال: والله! غلَبْنَنَا يا رسول الله! فزعمت أنه قال: «فَاحْثُ في أفواههن الترابَ» فقلت: أرغم الله أنفك، لم تفعل ما أمرك رسولُ الله ﷺ، ولم تترك رسول الله ﷺ من العَناء.

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٩٩)، ومسلم في الجنائز (٩٣٥) كلاهما عن محمد ابن المثني، حدثنا عبد الوهاب، قال: سمعتُ يحيى بن سعيد، يقول: أخبرتني عمرة أنها سمعت عائشة تقول فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث بصيغته الصحيحة:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما جاء النبيَّ ﷺ قتلُ ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزنُ، وأنا أنظر من صائِر الباب (شق الباب)، فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر -وذكر بكاءهُن- فأمره أن يَنْهاهُنَّ فذهب، ثم أتاه الثانية لم يُطِعْنَه، فقال: «انههن» فأتاه الثالثة، قال: والله! غلَبْنَنَا يا رسول الله! فزعمت أنه قال: «فَاحْثُ في أفواههن الترابَ» فقلت: أرغم الله أنفك، لم تفعل ما أمرك رسولُ الله ﷺ، ولم تترك رسول الله ﷺ من العَناء.

1. شرح المفردات:

● صائِر الباب/شق الباب: فتحة الباب أو جانب منه، أي كانت تنظر من خلال فتحة الباب.
● يعرف فيه الحزن: ظهر عليه أثر الحزن والهم.
● انهاهن: امنعهن من البكاء.
● احثُ في أفواههن التراب: ألقِ التراب في أفواههن (وهذا كناية عن الزجر الشديد والمنع القاطع).
● أرغم الله أنفك: دعاء بالخيبة والإذلال، أي جعل الله أنفك منخفضًا في التراب.
● من العناء: من التعب والجهد.

2. شرح الحديث:

يحدث هذا الحديث عن موقف مؤثر بعد معركة مؤتة (سنة 8 هـ)، حيث استشهد فيها ثلاثة من كبار قادة المسلمين: زيد بن حارثة (مولى الرسول ﷺ)، وجعفر بن أبي طالب (ابن عم الرسول ﷺ والملقب بجعفر الطيار)، وعبد الله بن رواحة (الشاعر المجاهد).
● موقف النبي ﷺ: جلس النبي ﷺ حزينًا على فقد هؤلاء الأبطال، مما يدل على مشروعية الحزن على الميت، لكن دون صراخ أو نياحة.
● بكاء نساء جعفر: كان النساء يبكين على جعفر بن أبي طالب، وقد يكون بكاءً مصحوبًا بنياحة (وهو البكاء بصوت عالٍ مع ذكر محاسن الميت)، وهو ما نهى عنه الإسلام.
● تكرر الأمر بمنعهن: أرسل النبي ﷺ رجلاً ليمنعهن من البكاء المنهي عنه، لكنهن لم يمتثلن للأمر مرة بعد مرة.
● قول النبي ﷺ "فاحث في أفواههن التراب": هذا تعبير مجازي قوي، وليس أمرًا حرفيًا بوضع التراب في الأفواه، بل هو كناية عن الزجر الشديد والتوبيخ، بمعنى: "إذا لم ينفع الكلام فليكن الصمت والإذلال". وهذا من أساليب اللغة العربية في التعبير عن الشدة في المنع.
● رد عائشة رضي الله عنها: عاتبت الرجل على فعله، حيث فهم أن الأمر literal (حرفي) فذهب لتنفيذه، بينما كان المقصود هو الزجر والتأديب فقط. وقد يكون النبي ﷺ قال هذا الكلام تعبيرًا عن غضبه من عدم امتثالهن، لا أمرًا بتنفيذه.

3. الدروس المستفادة:

1- مشروعية الحزن: الحزن على الميت طبيعة بشرية، وقد ظهر ذلك على النبي ﷺ، لكن within الحدود الشرعية.
2- تحريم النياحة: البكاء بصوت عالٍ مع الصراخ وذكر محاسن الميت (النواح) محرم في الإسلام.
3- الحكمة في الأمر والنهي: النبي ﷺ لم يذهب بنفسه ليزجر النساء، بل أرسل غيره، مما يدل على مراعاة المشاعر والحكمة.
4- فهم النصوص في إطارها: قوله ﷺ "احث في أفواههن التراب" من الكنايات التي تُفهم في سياقها اللغوي والشرعي، وليس على ظاهره الحرفي.
5- الأدب مع النبي ﷺ: رد عائشة رضي الله عنها يدل على أدبها مع النبي ﷺ وحرصها على راحته وعدم إزعاجه.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
- استشهاد جعفر بن أبي طالب كان مؤثرًا جدًا للنبي ﷺ، حيث قال: "بدل الله جعفرًا بجناحين يطير بهما في الجنة".
- النياحة من أمور الجاهلية التي حرمها الإسلام، لأنها تدل على عدم الرضا بقضاء الله وقدره.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجنائز (١٢٩٩)، ومسلم في الجنائز (٩٣٥) كلاهما عن محمد ابن المثني، حدثنا عبد الوهاب، قال: سمعتُ يحيى بن سعيد، يقول: أخبرتني عمرة أنها سمعت عائشة تقول فذكرته.
وفي رواية عند مسلم من وجه آخر: وما تركت رسول الله ﷺ من العِيِّ.
قوله: «فاحثُ في أفواههن من التراب» من حثا يحثو بمعني ارم في أفواههن التراب. والأمر بذلك مبالغة في إنكار البكاء، ومنعهن منه.
وقولها: «العِيِّ» أي التعب، وهو بمعنى العناء كما في اللفظ السابق.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 187 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمر النبي ﷺ بحثو التراب في أفواه الباكيات

📜 حديث: أمر النبي ﷺ بحثو التراب في أفواه الباكيات

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أمر النبي ﷺ بحثو التراب في أفواه الباكيات

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أمر النبي ﷺ بحثو التراب في أفواه الباكيات

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أمر النبي ﷺ بحثو التراب في أفواه الباكيات

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية