حديث: النياحة والطعن في الأحساب والعدوى والأنواء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النّياحة من أمور الجاهلية

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لن يدَعَهن الناس: النياحة، والطعن في الأحساب، والعدوى (أجرب بعير فأجرب مائة بعير، من أجرب البعير الأول؟)، والأنواء (مُطرنا بنوء كذا وكذا».

حسن: رواه الترمذي (١٠٠١) عن محمود بن غيلان، حدثنا أبو داود، أنبانا شعبة، والمسعوديّ، عن علقمة بن مرثَد، عن أبي الربيع، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لن يدَعَهن الناس: النياحة، والطعن في الأحساب، والعدوى (أجرب بعير فأجرب مائة بعير، من أجرب البعير الأول؟)، والأنواء (مُطرنا بنوء كذا وكذا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة:

نص الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لن يدَعَهن الناس: النياحة، والطعن في الأحساب، والعدوى (أجرب بعير فأجرب مائة بعير، من أجرب البعير الأول؟)، والأنواء (مُطرنا بنوء كذا وكذا)».

1. شرح المفردات:


● من أمر الجاهلية: أي من عادات وأخلاق أهل الجاهلية التي كانت شائعة قبل الإسلام.
● لن يدَعَهن الناس: أي أن الناس سيستمرون في فعل هذه الأمور رغم نهي الشرع عنها.
● النياحة: هي رفع الصوت بالبكاء والعويل على الميت، مع الصراخ والشق للثياب ونحو ذلك.
● الطعن في الأحساب: هو انتقاص الناس والازدراء بهم بسبب أنسابهم، أو التفاخر بالأنساب واحتقار من هو دونك في النسب.
● العدوى: الاعتقاد بأن الأمراض تنتقل بطبعها من غير إرادة الله تعالى، وقد ضرب النبي ﷺ مثالًا على ذلك بالإجرب (مرض الجرب في الإبل).
● الأنواء: هي منازل القمر (النجوم)، وكان أهل الجاهلية يعتقدون أن المطر ينزل بنوء كوكب معين (أي بسبب النجم)، فيقولون: "مطرنا بنوء كذا".

2. شرح الحديث:


يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث أن هناك أربع عادات سيئة من عادات الجاهلية ستستمر في الأمة الإسلامية رغم تحريمها، وذلك بسبب جهل بعض الناس أو تمسكهم بالعادات الباطلة.
أولًا: النياحة:
وهي منافية للصبر والرضا بقضاء الله تعالى. الإسلام ينهى عن النياحة لأنها تدل على عدم الرضا بقدر الله، وتزيد المصاب حزنًا، وقد توحي بالاعتراض على حكمة الله. وقد ورد الوعيد الشديد على النائحة، كما في الحديث: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تُقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» (رواه مسلم).
ثانيًا: الطعن في الأحساب:
وهو احتقار الناس بسبب أنسابهم أو التفاخر بالأنساب، وهو من الكبر والاحتقار الذي حذر منه الإسلام. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. فالمعيار عند الله هو التقوى، لا النسب.
ثالثًا: الاعتقاد في العدوى بغير مشيئة الله:
كان أهل الجاهلية يعتقدون أن الأمراض تنتقل بطبعها من غير إرادة الله، فنفى النبي ﷺ هذا الاعتقاد، وأكد أن كل شيء بقدر الله. وقوله: (أجرب بعير فأجرب مائة بعير، من أجرب البعير الأول؟) توجيهٌ للناس إلى أن الله هو الذي يُجرب البعير الأول وغيره، وأن العدوى لا تحدث إلا بمشيئة الله تعالى. وقد جاء في حديث آخر: «لا عدوى ولا طيرة» (متفق عليه)، يعني لا عدوى بمعنى أنها لا تنتقل بنفسها، ولكن إذا كان هناك عدوى حقيقية (كالأمراض المعدية) فإنها تكون بمشيئة الله تعالى، ولا يجوز الاعتقاد أنها تنتقل بدون إرادته.
رابعًا: الاعتقاد في الأنواء:
وهو نسبة نزول المطر إلى النجوم، وكان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا: "مطرنا بنوء كذا"، فنسبوا الفضل إلى النجوم، لا إلى الله تعالى. وهذا شرك في الربوبية، لأنه اعتقاد أن هناك مؤثرًا غير الله. والإيمان يقتضي أن ينسب الفضل إلى الله وحده، كما قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53].

3. الدروس المستفادة من الحديث:


1- تحذير المسلمين من العادات الجاهلية: فالإسلام جاء ليُطهِّر المجتمع من هذه الأخلاق الذميمة.
2- التأكيد على التوحيد: ونفي أي اعتقاد فاسد ينسب التأثير إلى غير الله، كالاعتقاد في العدوى أو الأنواء.
3- التربية على الصبر والرضا: بتحريم النياحة، والحث على الصبر عند المصائب.
4- التأكيد على المساواة بين الناس: وذم التفاخر بالأنساب أو احتقار الآخرين.
5- بيان استمرار بعض المنكرات: رغم نهي الشرع عنها، مما يدعو إلى الصبر والدعوة إلى الله بالحكمة.

4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- بعض العلماء فسروا "لن يدَعَهن الناس" بأنه إخبار عن واقع الناس، لا أنه إباحة لهذه الأفعال، بل هي محرمة، ولكن كثيرًا من الناس يقعون فيها.
- ينبغي للمسلم أن يحذر من هذه الأمور، ويجاهد نفسه في تجنبها، ويُذَكِّر غيره بتحريمها.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يبصرنا بديننا، ويبعدنا عن عادات الجاهلية وأخلاقها.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (١٠٠١) عن محمود بن غيلان، حدثنا أبو داود، أنبانا شعبة، والمسعوديّ، عن علقمة بن مرثَد، عن أبي الربيع، عن أبي هريرة فذكره.
قال الترمذي: «حديث حسن».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإن أبا الربيع حسن الحديث قال فيه أبو حاتم: «صالح الحديث»، والمسعوديّ وإن كان مختلطًا إلا أنه تابعه شعبة، وقد رواه الإمام أحمد (٢٣٩٥) من طريق شعبة وحجاج، كلاهما عن علقمة بن مرثَد به نحوه.
وأبو داود هو: الطيالسي صاحب المسند، رواه من هذا الطريق (٢٣٩٥) وصحَّحه ابن حبان (٣١٤٢) فرواه من وجه آخر بإسناد صحيح عن أبي هريرة مثله.
وله إسناد آخر رواه البزار «كشف الأستار» (٨٠٠) عن إبراهيم بن محمد بن سلمة، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا سويد اليمامي، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «أربع في أمتي ليس هم بتاركها: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة، تبعث يوم القيامة النائحة إذا لم تتب عليها درع من قطران».
قال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٣): «رواه البزار وإسناده حسن».
قال الأعظمي: ولم تُذكر فيه الخصلة الرابعة، فلعلّها الاستمطار بالأنواء كما في حديث الترمذيّ. ولحديث أبي هريرة أسانيد أخرى غير أن ما ذكرته هو أصحّها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 197 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النياحة والطعن في الأحساب والعدوى والأنواء

  • 📜 حديث: النياحة والطعن في الأحساب والعدوى والأنواء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: النياحة والطعن في الأحساب والعدوى والأنواء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: النياحة والطعن في الأحساب والعدوى والأنواء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: النياحة والطعن في الأحساب والعدوى والأنواء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب