حديث: الميت يُعذب ببكاء الحي إذا قالوا: وا عضداه وا كاسياه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الميت يُعذب في قبره ببكاء أهله عليه

عن موسى بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، أن النبي ﷺ قال: «الميت يُعذبَّ ببكاء الحيّ إذا قالوا: وا عضداهُ، وا كاسِياهْ، وا ناصِراهْ، وا جبلاهْ ونحو هذا، يُتعتع ويقال: أنت كذلك؟ أنت كذلك».
قال: أَسيد: فقلتُ سبحان الله إن الله يقول: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] قال: ويحك! أحدثك أنّ أبا موسى حدثني عن رسول الله ﷺ، فترى أن أبا موسي كذَب على النبي ﷺ؟ أو ترى أنّي كذبتُ على أبي موسى؟ .

حسن: رواه ابن ماجه (١٥٩٤) عن يعقوب بن حُميد بن كاسب، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، قال: حدثنا أسيد بن أبي أَسِيد، عن موسى بن أبي موسى الأشعري به فذكره.

عن موسى بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، أن النبي ﷺ قال: «الميت يُعذبَّ ببكاء الحيّ إذا قالوا: وا عضداهُ، وا كاسِياهْ، وا ناصِراهْ، وا جبلاهْ ونحو هذا، يُتعتع ويقال: أنت كذلك؟ أنت كذلك».
قال: أَسيد: فقلتُ سبحان الله إن الله يقول: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] قال: ويحك! أحدثك أنّ أبا موسى حدثني عن رسول الله ﷺ، فترى أن أبا موسي كذَب على النبي ﷺ؟ أو ترى أنّي كذبتُ على أبي موسى؟ .

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فهذا الحديث الذي سألت عنه حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 1292) ومسلم في صحيحه (رقم 927) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الميت يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الحَيِّ إِذَا قَالُوا: وَاعَضُدَاهُ، وَاكَاسِيَاهُ، وَانَاصِرَاهُ، وَاجَبَلَاهُ وَنَحْوَ هَذَا، يُتْعِتُ وَيُقَالُ: أَنْتَ كَذَلِكَ؟ أَنْتَ كَذَلِكَ؟».

أولاً. شرح المفردات:


● يُعَذَّبُ: يُؤْذَى ويُلام.
● بِبُكَاءِ الحَيِّ: أي بسبب بكاء أهله عليه ونوحهم.
● وَاعَضُدَاهُ: كلمة ندب تقال عند المصيبة، ومعناها: يا عضدي (أي يا قوتي وسندي).
● وَاكَاسِيَاهُ: أي يا كاسي (الذي كان يكسبني ويرزقني).
● وَانَاصِرَاهُ: أي يا ناصري.
● وَاجَبَلَاهُ: أي يا جبلي (كناية عن القوة والمنعة).
● يُتْعِتُ: يُزعَج ويُؤْذَى في قبره.
● أَنْتَ كَذَلِكَ؟: أي يقال للميت: أأنت العضد؟ أأنت الكاسي؟ أأنت الناصر؟ فيُعاتَب على ذلك.

ثانياً. شرح الحديث:


هذا الحديث يبيّن أن الميت قد يتأذى في قبره بسبب نوح أهله عليه وبكائهم بطريقة محرمة، كأن ينادوه بصفات لا تليق إلا بالله تعالى، مثل أن يقولوا: "وا عضداه" (يا سندي وقوتي)، أو "وا كاسياه" (يا رازقي)، أو "وا جبلاه" (يا حاميي)، فهذه الصفات من حق الله تعالى وحده، فلا يُنادى بها مخلوق. فإذا فعل الأهل ذلك، عُذِّب الميت بهذا البكاء المحرم؛ لأنه لم يعلّم أهله وينهاهم عن هذه الأفعال في حياته، أو لأنه رضي بهم في السابق، أو لأنه لم يوصهم بعدم النوح عليه.
والعذاب هنا ليس عقاباً على ذنب لم يقترفه، بل هو نوع من الأذى واللوم؛ لأنه لم يأمر أهله بالصبر والاسترجاع، وترك المحرمات، فكأنه تقصير منه في التربية والتوجيه.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- تحريم النوح والندب على الميت: النوح من أمور الجاهلية، وهو محرم في الإسلام؛ لأنه يتضمن التسخط على قضاء الله، وعدم الرضا بقدره.
2- التأكيد على التوحيد: لا يجوز ندب الميت بصفات هي من خصائص الله تعالى، مثل الناصر والرازق والعضد، فهذا من الشرك في الدعاء.
3- مسؤولية الإنسان عن أهله: على المسلم أن يربّي أهله على السنة، ويوصيهم بعدم النوح عليه إذا مات، وأن يصبروا ويحتسبوا.
4- بيان تأثير أعمال الأحياء على الأموات: قد يصل أذى عمل الحي إلى الميت إذا كان متعلقاً به، كأن ينتقص من حسناته أو يؤذى في قبره.
5- الحث على الصبر والاسترجاع: عند المصيبة يقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها".

رابعاً. إيضاح حول الإشكال الوارد في الحديث:


ورد في رواية الحديث أن أسيداً استشكل هذا الحديث بقوله: "سبحان الله! إن الله يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]"، فرد عليه الراوي بأنه يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يشك في صدقه؟
والجواب عن هذا الإشكال من وجهين:
1. أن العذاب هنا ليس عقاباً بذنب الغير، بل هو بسبب تقصير الميت في نهي أهله عن المنكر، أو لأنه رضي بهم في حياته، فكأنه شاركهم في الإثمان.
2. أن الله تعالى قد يبلغ بأعمال الأحياء إلى الأموات نفعة أو ضراً، كما في دعاء الولد الصالح لأبويه، أو صدقة الأحياء عن الأموات، فهذا من رحمة الله أو عدله، ولا تعارض مع الآية الكريمة.

خامساً:

تنبيه مهم:
ليس كل بكاء على الميت محرماً، بل البكاء من غير نوح أو صراخ جائز، كما بكى النبي صلى الله عليه وسلم عندما مات ابنه إبراهيم، وقال: "إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون".
فالمنهي عنه هو النوح والندب مع التسخط، وأما البكاء الطبيعي فليس فيه إثم.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (١٥٩٤) عن يعقوب بن حُميد بن كاسب، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، قال: حدثنا أسيد بن أبي أَسِيد، عن موسى بن أبي موسى الأشعري به فذكره.
وفيه شيخ ابن ماجه قال فيه الحافظ في التقريب: «صدوق ربما وهم».
قال الأعظمي: ولكنه توبع، فقد رواه الإمام أحمد (١٩٧١٦) عن أبي عامر (وهو عبد الملك بن عمرو العقدي) قال: ثنا زهير، عن أَسيد بن أبي أَسيد بإسناده فذكره. وصحَّحه الحاكم (٢/ ٤٧١) ورواه
من طريق أبي عامر العقدي.
ورواه الترمذي (١٠٠٣) من وجه آخر عن أسيد بن أبي أسيد واختصر على قوله: «ما من ميت يموت فيقوم باكية فيقول: وا جبلاه! وا سيداه! أو نحو ذلك، إلا وُكل به ملكان يلهزانه! أهكذا كنت؟».
وقال: «حسن غريب».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإن مداره على أسيد بن أبي أسيد البراد وهو «صدوق».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 209 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الميت يُعذب ببكاء الحي إذا قالوا: وا عضداه وا كاسياه

  • 📜 حديث: الميت يُعذب ببكاء الحي إذا قالوا: وا عضداه وا كاسياه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الميت يُعذب ببكاء الحي إذا قالوا: وا عضداه وا كاسياه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الميت يُعذب ببكاء الحي إذا قالوا: وا عضداه وا كاسياه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الميت يُعذب ببكاء الحي إذا قالوا: وا عضداه وا كاسياه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب