حديث: الميت يعذب ببكاء الحي
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الميت يُعذب في قبره ببكاء أهله عليه
حسن: رواه النسائي (١٨٤٩) عن محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الله بن صبيح، قال: سمعت محمد بن سيرين يقول فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. الحديث الذي ذكرتَه هو من الأحاديث التي تحتاج إلى فهم دقيق في إطار العقيدة الصحيحة وأصول الفقه، وسأشرحه لك شرحاً وافياً مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.
نص الحديث والرواية:
الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه) عن محمد بن سيرين أنه قال: ذُكر عند عمران بن حصين أن الميت يُعذَّب ببكاء الحي عليه، فقال عمران: قد قاله رسول الله ﷺ.
وهذه رواية مختصرة، ورواية أخرى في الصحيحين تفصيلاً عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: "إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الحَيِّ". وفي رواية: "بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ".
1. شرح المفردات:
● يُعذَّب: أي يُؤلم ويُقاسي عذاباً.
● ببكاء الحي: أي بسبب بكاء أهله عليه ونواحهم.
● بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ: النياحة هي رفع الصوت بالبكاء مع ندب الميت وذكر محاسنه، وهي من أمر الجاهلية.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث من الأحاديث التي أشكلت على بعض الناس، حيث يوهم ظاهره أن الميت يعذب بذنب غيره، وهذا مخالف لنصوص القرآن الكريم التي تنفي ذلك، كما في قوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. لذلك، بيّن أهل العلم أن هذا العذاب ليس بسبب ذنب الباكي، بل هو مرتبط بما أوصى به الميت أو كان يرضاه في حياته.
التفسير الصحيح للحديث عند أهل السنة:
- الميت الذي يعذب ببكاء أهله عليه هو ذلك الشخص الذي كان في حياته يرضى النياحة والبكاء عليه بعد موته، أو أوصى أهله أن يفعلوا ذلك بعده. فكأنه شارك في هذا الفعل برضاه به وتوصيته به، فيعاقب على ذلك.
- أما إذا كان الميت بريئاً من ذلك ولم يرضه، فإنه لا يعذب ببكاء أهله، بل يناله أذى وضرر من بكائهم، لكنه لا يكون عذاباً بالمعنى الشرعي الكامل.
- وهذا التفصيل هو ما ذهب إليه جمهور العلماء، واستدلوا بما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ". فالنبي ﷺ برأ نفسه وأمته من هذه الأفعال.
الفرق بين البكاء العادي والنياحة:
- البكاء الطبيعي بغير صوت ولا نياحة ولا شق جيب جائز، كما بكى النبي ﷺ عندما مات ابنه إبراهيم وقال: "تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون".
- أما النياحة (رفع الصوت، ولطم الخدود، وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية) فهي محرمة، وهي التي يعذب بها الميت إذا كان يرضاها.
3. الدروس المستفادة من الحديث:
1- تحريم النياحة على الميت: فهي من أفعال الجاهلية، وقد تسبب أذى للميت إذا كان يرضاها.
2- الصبر واحتساب الأجر عند المصيبة: فالرسول ﷺ علمنا أن نقول عند المصيبة: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها".
3- التأكيد على عدل الله: فالله لا يعذب أحداً بذنب غيره، ولكن العذاب هنا بسبب رضا الميت بهذا الفعل أو توصيته به.
4- التنبيه على أهمية التوصية بالأخلاق الحسنة: فيجب على المسلم أن يوصي أهله بالصبر والاحتساب وعدم فعل المنكرات بعد موته.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من الأحاديث التي تُعتبر من المتشابه التي تحتاج إلى تفسير وبيان، وقد بينها النبي ﷺ وأصحابه.
- بعض العلماء قالوا: إن العذاب هنا ليس عذاب القبر الكامل، بل هو أذى وضرر يناله الميت بسبب انشغال أهله بالنياحة والدعاء له بدعوى الجاهلية، فيحرم من الدعاء الصالح.
- ينبغي للمسلم أن يعلم أهله ويوصيهم بعدم النياحة عليه، وأن يصبروا ويحتسبوا، فهذا من حسن الخاتمة.
أسأل الله أن يرزقنا حسن الخاتمة، وأن يعيذنا من كل سوء، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
والحديث في مسند أبي داود الطيالسي (٨٩٥) ومن طريقه أخرجه ابن حبان في صحيحه (٣١٣٤)، ورواه الإمام أحمد (١٩٩١٨)، والطبراني (١٨/ ٤٤٠) كلاهما من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة بإسناده وفيه: ذكروا عند عمران بن حصين: «الميت يعذَّب بكاء الحي» فقالوا: كيف يعذب الميت ببكاء الحي؟ فقال عمران: قد قاله ﷺ.
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن صبيح فإنه حسن الحديث.
وأما ما رُوي عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: الميت يعذب بنياحة أهله عليه، فقال له رجل: أرأيت رجلًا مات بخراسان وناح عليه أهله هنا أكان يُعذَّب بنياحة أهله؟ قال: صدق رسول الله ﷺ وكذبت أنت. فيه انقطاع. رواه النسائي (١٨٥٤) من طريقه، والحسن لم يسمع من عمران ابن حصين على القول المشهور، وقيل: إنه قد سمع منه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 208 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 183 كانوا يرون الاجتماع الى اهل الميت واعداد الطعام من النياحة
- 184 إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا
- 185 صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح
- 186 ولد صالح يدعو له وصدقة تجري وعلم ينتفع به
- 187 أمر النبي ﷺ بحثو التراب في أفواه الباكيات
- 188 أخذ علينا النبي عند البيعة أن لا ننوح
- 189 بايعنا رسول الله ونهانا عن النياحة
- 190 لا تخمش وجها ولا ندعو ويلًا ولا نشق جيبًا
- 191 الخامشة وجهها والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور
- 192 من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية
- 193 أربع في أمتي من أمر الجاهلية: الفخر في الأحساب، والطعن...
- 194 ثلاث لا يتركن في أمتي حتى تقوم الساعة
- 195 الطعن في النسب والنياحة على الميت هما بهم كفر
- 196 ثلاث عادات جاهلية
- 197 النياحة والطعن في الأحساب والعدوى والأنواء
- 198 ثلاث هي الكفر بالله: النياحة وشق الجيب والطعن في النسب
- 199 أنا برئ ممن برئ منه رسول الله ﷺ
- 200 لا تجعلوا على قبري بناءً
- 201 أدخلي الشيطان بيتًا أخرجه الله منه
- 202 لا إسعاد في الإسلام ولا شغار في الإسلام
- 203 صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة
- 204 لا تُصلي الملائكة على نائحة ولا على مرنَّة
- 205 الميت يعذب في قبره بما نيح عليه
- 206 من نيح عليه يعذب بما نيح عليه
- 207 الميت يعذَّب ببكاء أهله عليه
- 208 الميت يعذب ببكاء الحي
- 209 الميت يُعذب ببكاء الحي إذا قالوا: وا عضداه وا كاسياه
- 210 الميت يعذَّبُ بما نيح عليه
- 211 الميت يعذب ببكاء أهله
- 212 الميت يعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه
- 213 مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه
- 214 إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه
- 215 الميت يعذب بسبب بكاء اهله عليه
- 216 لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع
- 217 إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل...
- 218 إن الله لا يعذب بدمع العين، وبحزن القلب
- 219 النبي جلس يعرف فيه الحزن عند قتل ابن حارثة وجعفر...
- 220 قنت رسول الله شهرًا حين قُتل القراء
- 221 هل منكم رجل لم يقارف الليلة؟
- 222 يا أبتاه أجاب ربًا دعاه
- 223 عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا بُنَيَّةُ إِنَّهُ...
- 224 ليس لصارخ حظ، القلب يحزن والعين تدمع
- 225 الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله
- 226 رسول الله يامر النساء بعدم البكاء على الموتى
- 227 المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من...
- 228 العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
- 229 تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب
- 230 انكساف الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا لموت أحد
- 231 اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم
- 232 التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن
معلومات عن حديث: الميت يعذب ببكاء الحي
📜 حديث: الميت يعذب ببكاء الحي
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الميت يعذب ببكاء الحي
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الميت يعذب ببكاء الحي
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الميت يعذب ببكاء الحي
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








