حديث: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الميت يُعذب في قبره ببكاء أهله عليه

عن عمر بن الخطاب، عن النبي ﷺ قال: «الميت يُعذَّب في قبره بما نيح عليه».
وفي رواية: «الميت يعذب ببكاء الحي عليه».

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٩٢) عن عبدان، قال: أخبرني أبي، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، عن أبيه فذكر الحديث.

عن عمر بن الخطاب، عن النبي ﷺ قال: «الميت يُعذَّب في قبره بما نيح عليه».
وفي رواية: «الميت يعذب ببكاء الحي عليه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه البخاري (1292) ومسلم (927) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.


1. شرح المفردات:


● الميت: الشخص المتوفى.
● يُعذَّب: يُؤذى ويُقاسي الألم والعقوبة في قبره.
● بما نيح عليه: بسبب النياحة التي حصلت عليه. والنياحة هي رفع الصوت بالبكاء مع النَّدب وذكر محاسن الميت، كقولهم: "وا كاسِيّاه، وا حِسَادَاه، وا جَبِينَه الَّذِي كَانَ يَتَلألأُ"، ونحو ذلك.
● بكاء الحي عليه: بكاء أهله وأقاربه عليه بالنياحة والندب.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث يُبيِّن أن الميت قد يعاقب في قبره بسبب تصرف خاطئ من أهله الأحياء، وهو النياحة عليه ورفع الصوت بالبكاء والندب.
وهنا مسألة مهمة جداً يجب فهمها حتى لا نقع في اللبس:
● ليس المقصود أبداً: أن الميت يُعاقب على ذنب لم يرتكبه، أو أنه يُؤاخذ بفعل غيره.
● بل المقصود هو: أن الميت كان يعلم أن هذا الفعل (النياحة) محرم، ولم ينهَ أهله عنه أثناء حياته، بل ربما أوصاهم به أو رضي به وسكت، فصار إثم ذلك عليه؛ لأنه هو السبب فيه بتقصيره في النهي عن المنكر. فكأنه شاركهم في الإثم بتقريعه وإقراره.
الدليل على هذا التفسير: جاء في رواية أخرى للحديث في صحيح البخاري توضح المعنى، حيث قالت عائشة رضي الله عنها عندما سمعت الحديث: "يغفر الله لأبي عبد الرحمن (أي لعمر بن الخطاب)، أما إنه لم يكن ينوح عليه، ولكن قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرفع الدرجة للعبد الصالح بعمله، ويعذب العبد الفاجر بأهله بعد موته» ثم تلا عائشة: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]".
فالحديث خاص بمن كان مقصراً في النهي عن هذا المنكر، فأهله يفعلونه بسبب تقصيره، فيعاقب على تقصيره هذا.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم النياحة على الميت: فهي من أفعال الجاهلية، وهي محرمة بإجماع العلماء، لأنها تدل على عدم الرضا بقضاء الله وقدره، وتُظهر الجزع والسخط.
2- وجوب الصبر واحتساب الأجر عند المصيبة: والاسترجاع بقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها". والبكاء من غير نياحة أو ندب جائز، فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم عندما مات ابنه إبراهيم.
3- المسؤولية العظيمة للرجل في أهله: يجب على الإنسان أن يأمر أهله بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويعلّمهم أمور دينهم أثناء حياته، لأنه قد يحاسب على تقصيره في ذلك بعد موته.
4- بيان حكمة الله تعالى: حيث ربط مصير الميت بتقصيره في الدنيا، فلم يعاقب بلا سبب، وإنما بسبب تقصيره هو.
5- التثبت في فهم النصوص الشرعية: وعدم حملها على ظاهرها دون الرجوع إلى تفسير العلماء والفهم الصحيح لها، حتى لا ننسب إلى الله أو إلى رسوله ما لا يليق.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم البكاء: البكاء بدون صوت أو ندب (أي من غير نياحة) جائز ولا حرج فيه، وهو دليل على الرحمة.
● ما يشرع عند المصيبة: الصبر، والاسترجاع، والدعاء للميت بالمغفرة والرحمة، والإكثار من العمل الصالح وإهداء ثوابه له.
● من كان نهى أهله عن النياحة: فمثل هذا لا يدخل تحت الحديث، بل هو مأجور إن شاء الله، وقد برئت ذمته.
أسأل الله أن يرزقنا الفقه في الدين، وأن يتوفانا وهو راض عنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجنائز (١٢٩٢) عن عبدان، قال: أخبرني أبي، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، عن أبيه فذكر الحديث.
ورواه مسلم في الجنائز (٩٢٧/ ١٧) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة بإسناده مثله.
والرواية الثانية رواها البخاري عن آدم، عن شعبة بإسناده السابق، ورواها مسلم من أوجه عن
محمد بن بشر العبدي، عن عبيدالله بن عمر، قال: حدثنا نافع، عن عبد الله أن حفصة بكت على عمر فقال: مهلًا يا بُنَيَّةُ! ألم تعلَمِي أن رسول الله ﷺ قال: «إن الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه» ولمسلم طرق أخرى بمعناه وفي لفظ «المُعوَّل عليه يُعذب».
والمعول: من عوَّل عليه وأعول، وهو البكاء بصوتٍ.
وفي رواية: عن أبي موسى قال: لما أصيب عمر أقبل صُهيب من منزله، حتى دخل على عمر، فقام بحياله يبكي، فقال عمر: على ما تبكي؟ أعليَّ تبكي؟ قال: إي، والله! لعليك أبكي يا أمير المؤمنين! قال: والله لقد علمتَ أن رسول الله ﷺ قال: «من يُبْكي عليه يُعذب» قال: فذكرت ذلك لموسى بن طلحة فقال: كانت عائشة تقول: إنما كان أولئك اليهود.
قال الترمذي: «حديث عمر حديث حسن صحيح، وقد كره قوم من أهل العلم البكاء على الميت. قالوا: الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه. وذهبوا إلى هذا الحديث. وقال ابن المبارك: أرجو إن كان ينهاهم في حياته أن لا يكون عليه من ذلك شيء».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 205 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه

  • 📜 حديث: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب