حديث: لا تخمش وجها ولا ندعو ويلًا ولا نشق جيبًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن النياحة

عن امرأة من المبايعات قالت: كان فيما أخذ علينا رسول الله ﷺ في المعروف الذي أخذ علينا: «أن لا نعصيه فيه، أن لا تخمش وجها، ولا ندعو ويلًا، ولا نشق جيبًا، وأن لا ننشر شَعرًا».

حسن: رواه أبو داود (٣١٣١) عن مسدد، حدثنا حُميد بن الأسود، حدثنا الحجاج عامل لعمر ابن عبد العزيز على الربذة، حدثني أَسيد بن أبي أُسيد، عن امرأة من المبايعات فذكرته.

عن امرأة من المبايعات قالت: كان فيما أخذ علينا رسول الله ﷺ في المعروف الذي أخذ علينا: «أن لا نعصيه فيه، أن لا تخمش وجها، ولا ندعو ويلًا، ولا نشق جيبًا، وأن لا ننشر شَعرًا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الشريف الذي سألت عنه هو جزء من بيعة النساء التي بايعن فيها النبي صلى الله عليه وسلم على التزام أوامر الإسلام واجتناب نواهيه، وفيه تأكيد على خلق الصبر والتحلي بالهدوء والوقار، خاصة في أوقات الشدة والمصائب.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (باب بَيْعَةِ النِّسَاءِ) برقم (4894)، والإمام مسلم في صحيحه (باب بَيْعَةِ النِّسَاءِ) برقم (1869)، عن أم عطية نسيبة بنت كعب الأنصارية رضي الله عنها قالت:
«بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَأَنْ لاَ نَسْرِقَ، وَلاَ نَزْنِيَ، وَلاَ نَقْتُلَ أَوْلاَدَنَا، وَلاَ نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلاَ نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ. قَالَتْ: فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ لاَ نَنْدُبَ، وَلاَ نَنْشُقَ جَيْبًا، وَلاَ نَخْمِشَ وَجْهًا، وَلاَ نَدْعُوَ وَيْلًا وَوَيلًا».
### ثانياً. شرح المفردات
● أن لا نعصيه فيه: أي أن لا نعصي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر المعروف الذي يأمرنا به، وهو كل ما يعرفه الشرع والعقل حسنه.
● أن لا تخمش وجها: "تخمش" من الخمش، وهو شق الجلد بالأظافر حتى يسيل الدم. والمقصود عدم خدش الوجه عند المصيبة كنوع من الجزع.
● ولا ندعو ويلاً: "الويل" هو الهلاك والشر، والدعاء به على النفس أو الآخرين عند المصيبة، كقولها: "ويلاه" أو "ويل فلان".
● ولا نشق جيباً: "شق الجيب" هو تمزيق الثوب من جهة الصدر عند نزول المصيبة، وهو من أفعال الجاهلية التي كانت تعبر عن اليأس والجزع.
● وأن لا نشر شعراً: "نشر الشعر" هو حلق الرأس أو نتفه أو تشعيثه (تفليقه وإظهاره في صورة منكرة) كنوع من اللطم والندب على الميت.
### ثالثاً. شرح الحديث
هذا الجزء من البيعة يتعلق بآداب التعامل مع المصائب، وخاصة الموت. فقد حرم الإسلام أفعال الجاهلية في النياحة على الموتى، والتي كانت تشمل:
1- خمش الوجوه: وهو إيذاء النفس وإظهار السخط على قدر الله.
2- الدعاء بالويل: وهو الدعاء على النفس أو المتوفى بالهلاك، وهو يتضمن اعتراضاً على قضاء الله.
3- شق الجيوب: تمزيق الملابس، وهو إتلاف للمال وإظهارٌ للجزع.
4- نشر الشعر: حلق الرأس أو تشعيثه، وهو تشويه للهيئة ومخالفة للأمر بالصبر والاحتساب.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يأخذ على النساء العهد بعدم القيام بهذه الأفعال، والتي هي من مظاهر اليأس والقنوط من رحمة الله، ومخالفة لخلق الصبر الذي أمر الله به.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- وجوب الصبر والاحتساب: الشرع يأمر بالصبر عند نزول المصائب، لقوله تعالى: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]. والصبر حبس النفس عن التسخط واللسان عن الشكوى والجوارح عن أفعال الجاهلية.
2- تحريم النياحة: النياحة على الميت بهذه الطرق محرمة، وهي من كبائر الذنوب، لما فيها من السخط على قدر الله وقضائه.
3- التوسط في إظهار الحزن: الإسلام لا ينكر حزن القلب، فهذا طبع بشري، ولكنه ينكر إظهاره بالطرق المحرمة. فالبكاء دون نياحة جائز، فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم على موت ابنه إبراهيم.
4- التربية على قوة الإيمان: هذه التوجيهات تربّي المؤمن على قوة الإيمان بالله وقضائه وقدره، وأن يكون راضياً بما قسمه الله له.
5- الحفاظ على كرامة الإنسان: النهي عن هذه الأفعال فيه حفاظ على كرامة الإنسان ومظهره، وعدم إهانة النفس بتشويه الهيئة وإتلاف المال.

خامساً:

معلومات إضافية
- النياحة المحرمة قد تكون بفعل (كخمش الوجه) أو بقول (كدعاء الويل أو ندب الميت بذكر محاسنه).
- من فعلت ذلك متعمدةً فقد عصت الله ورسوله، وعليها التوبة والاستغفار.
- يستثنى من ذلك ما قد يخرج من الإنسان من غير قصد بسبب شدة الحزن، فلا إثم عليه إن شاء الله، لكن عليه كظم ذلك ما استطاع.
نسأل الله أن يرزقنا الصبر والاحتساب، وأن يتوفانا على الإيمان والتقوى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣١٣١) عن مسدد، حدثنا حُميد بن الأسود، حدثنا الحجاج عامل لعمر ابن عبد العزيز على الربذة، حدثني أَسيد بن أبي أُسيد، عن امرأة من المبايعات فذكرته.
وفي الإسناد حُميد بن الأسود، وشيخه الحجاج وهو ابن صفوان، وشيخه أَسيد بن أبي أُسيد لا يرتقون إلى درجة «ثقات» وإنما هم قريبون من درجة «صدوق» والمرأة المبايعة لعلها أم عطية، لأنها بايعت النبي ﷺ على ذلك كما مضت قصتها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 190 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تخمش وجها ولا ندعو ويلًا ولا نشق جيبًا

  • 📜 حديث: لا تخمش وجها ولا ندعو ويلًا ولا نشق جيبًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تخمش وجها ولا ندعو ويلًا ولا نشق جيبًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تخمش وجها ولا ندعو ويلًا ولا نشق جيبًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تخمش وجها ولا ندعو ويلًا ولا نشق جيبًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب