حديث: الميت يعذَّبُ بما نيح عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الميت يُعذب في قبره ببكاء أهله عليه

عن سمرة بن جندب، عن النبي ﷺ قال: «الميت يعذَّبُ بما نيح عليه».

صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٠١١٠)، والطبراني في «الكبير» (٦٨٩٦) كلاهما من حديث عبد الصمد، حدثنا عمر بن إبراهيم، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة فذكر الحديث.

عن سمرة بن جندب، عن النبي ﷺ قال: «الميت يعذَّبُ بما نيح عليه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع.
الحديث: عن الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الميت يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ».


1. شرح المفردات:


● الميت: الإنسان بعد وفاته.
● يُعَذَّبُ: يُؤْذَى ويُقاسي ألماً وعقاباً في قبره.
● بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ: بسبب البكاء والنواح عليه بما يُخالف الشرع، كالصراخ، ولطم الخدود، وشق الجيوب، والدعاء بالويل والثبور، ونحو ذلك من أفعال الجاهلية.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث العظيم يُبيِّن عِظَمَ جُرمِ النياحة على الميت، وأنها ليست مجرد معصية يُؤاخَذُ عليها الحي فحسب، بل إن ضررها يصل إلى الميت نفسه في قبره.
المعنى الإجمالي: أن الميت يُؤذَى ويعاقب في قبره بسبب نياحة أهله وعشيرته عليه، إذا كانوا يندبونه ويبكون عليه بكاءً محرماً.
كيفية العذاب: اختلف العلماء في كيفية هذا العذاب على قولين مشهورين، وهما رأيان لأهل السنة والجماعة:
● القول الأول (وهو قول الجمهور): أن العذاب يحصل بالتأسي والحزن، أي أن الميت يتألم ويتحزن في قبره لسماعه نياحة أهله عليه وعلمه بتفريطهم في حق الله وحقّه، ووقوعهم في المحرمات بسبب موته. وهذا العذاب يكون من جنس الحزن والأسى، وليس عذاباً على فعل لم يقترفه، بل هو نوع من البلاء بسبب تقصير غيره، كما يُبتلى المرء بمعصية ولده من بعده. وهذا القول يختاره كثير من الشراح.
● القول الثاني: أن هذا العذاب عقابٌ على رضاه بذلك في دنياه، أي أنه لم ينهَ أهله عن النياحة بل ربما أوصاهم بها أو سكت عنها وهو قادر على الإنكار، فيُعاقب على تقصيره في منعهم. واستدلوا بحديث: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» فلما سمعت ذلك عائشة رضي الله عنها قالَت: يغفر الله لأبي سلمة (وكان قد توفي)، والله ما قال ذلك ولكنه قال: «إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه» ثم قالت: حسبكم القرآن: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بالعذاب في هذا الحديث هو الكافر، يزيده الله عذاباً على كفره بسبب بكاء أهله، أما المؤمن فيُكفِّر الله عنه ببكاء أهله ويَرحمه. وهذا القول يجمعه مع الأول أن العذاب لا يكون على فعل الغير مجرداً، بل إما لرضاه به أو لحزنه منه.
الجمع بين الأحاديث: الذي عليه المحققون أن الحديث صحيح، وأن النياحة سبب للعذاب، إما بأن يكون الميت قد رضي بها في الدنيا، أو يتأذى بها في قبره تأذياً نفسياً وحزناً شديداً، والله أعلم بالكيفية.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم النياحة على الميت: النياحة من كبائر الذنوب، وهي من أفعال الجاهلية التي حذر منها الإسلام، لأنها تدل على الاعتراض على قضاء الله وقدره، وعدم الصبر الذي أوجبه الله.
2- خطورة التقصير في التربية والتعليم: الحديث يحث المسلم على تربية أهله وتعليمهم أمر دينهم، وأن ينهاهم عن المنكرات، ومنها النياحة، حتى لا يكون سبباً في إيذائه بعد موته.
3- إثبات عذاب القبر: الحديث من الأدلة الواضحة على حقيقة عذاب القبر ونعيمه، وهو من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها.
4- الحث على الصبر واحتساب الأجر: الواجب على المسلم عند المصيبة أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله، ويقول ما أُمِرَ به: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها". والبكاء من غير نياحة جائز، فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم.
5- شدة الرحمة بالنفس وبالأهل: المسلم الحقيقي يحرص على ما ينفعه بعد موته، ويحذر كل الحذر من أن يكون سبباً في أذى نفسه أو أذى أهله، فيدعو لهم بالهداية ويأمرهم بالمعروف.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري (1292) ومسلم (927) في صحيحيهما، فهو حديث متفق على صحته.
- الفرق بين البكاء الطبيعي والنياحة المحرمة: البكاء بدمع العين وحرقة القلب من غير صوت أو صراخ أو دعاء بالويل والثبور، هذا من الرحمة وجائز. أما النياحة فهي رفع الصوت والندب وذكر محاسن الميت مع الصراخ وشق الثياب وما إلى ذلك.
- من الأدلة على تحريم النياحة قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية». (متفق عليه).
أسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الخاتمة، وأن يعيذنا وأمواتنا من عذاب القبر، وأن يلهمنا وأهلنا الصبر والاحتساب عند المصائب.
وصلى الله على نبينا محمد
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٠١١٠)، والطبراني في «الكبير» (٦٨٩٦) كلاهما من حديث عبد الصمد، حدثنا عمر بن إبراهيم، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة فذكر الحديث.
وإسناده صحيح، وأما سماع الحسن من سمرة فالصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أنه سمع منه مطلقًا، أعني حديث العقيقة وغيره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 210 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الميت يعذَّبُ بما نيح عليه

  • 📜 حديث: الميت يعذَّبُ بما نيح عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الميت يعذَّبُ بما نيح عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الميت يعذَّبُ بما نيح عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الميت يعذَّبُ بما نيح عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب