حديث: رجل وثور تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في صور وجوه حملة العرش
رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
فقال رسول اللَّه ﷺ: «صدق».
وأُنشد قوله:
لا الشّمس تأبى فما تخرج ... إِلَّا معذبة وإلا تُجْلَدُ
فقال رسول اللَّه ﷺ: «صدق».
حسن: رواه ابن خزيمة في كتاب «التوحيد» (١٣٧) عن محمد بن أبان، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: أخبرني محمد بن إسحاق، قال: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع. هذا حديثٌ طيب ذكره الإمام أحمد في مسنده، وغيره، وله قصة وحكم عظيمة.
أولاً. شرح المفردات:
● أُنشِدَ: طُلِبَ منه أن يستمع إلى شِعرٍ يُنشد ويُلقى عليه.
● أُميّة بن أبي الصّلت: شاعرٌ من شعراء الجاهلية، كان حنيفياً على دين إبراهيم عليه السلام، ولم يسجد لصنم قط، وكان ينتظر بعثة النبي ﷺ ويتمنى أن يكون هو نفسه ذلك النبي.
● رجل وثور تحت رجل يمينه: المقصود بالرجل هنا هو برج الجوزاء (في علم الفلك القديم)، والثور هو برج الثور.
● والنّسر للأخرى: النسر هو برج العقاب (النسر الطائر).
● وليْث مرصَّد: الليث هو برج الأسد، و"مرصد" أي مُراقبٌ مهيأ للانقضاض.
● لا الشّمس تأبى فما تخرج إلَّا معذبة وإلَّا تُجْلَد: أي أن الشمس لا تمتنع عن الطلوع (أي لا تستطيع أن تمتنع)، فلا تطلع إلا وهي مُكرهة على الخروج (كالمُعذَّبة المُجبرة) وكأنها تُجلَد فتُضطر للحركة.
ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قد أُلقيت عليه أبيات من شعر أمية بن أبي الصلت، وهي أبيات تصف celestial bodies (الأجرام السماوية) وتسيرها بأمر الله تعالى.
في البيت الأول يصف الشاعر أربعة كواكب أو منازل (أبراج فلكية) كأنها مخلوقات حية مسخرة تحت قدمي عظيمٍ جليل (وهو الله تعالى)، مما يدل على عظمة الخالق وقهره لهذه المخلوقات الضخمة في نظر الناس.
في البيت الثاني يصف الشاعر الشمس بأنها مسخرة بأمر الله، لا تستطيع الامتناع عن الطلوع، وكأنها تُجبر على الحركة والخروج كما يُجبر الإنسان بالعذاب والجلد.
فكان رد النبي ﷺ على كلا البيتين بتصديقه وقوله: «صدق».
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- إثبات صدق كل كلمة توافق الحق: النبي ﷺ لا يصدق أمية بن أبي الصلت لذاته، بل لأنه قال كلاماً صحيحاً موافقاً للحقيقة التي جاء بها الإسلام، وهي أن الكون كله مسخر تحت قهر الله وسلطانه.
2- الحكمة هي ضالة المؤمن: يجوز للمسلم أن يأخذ الحكمة والكلام الصحيح ممن قاله، حتى لو كان من شخص غير مسلم، ما دام لا يعارض شيئاً من شرع الله. وهذا من أدب الإسلام وعدله.
3- عظمة الله وقدرته: الحديث يوجهنا إلى التأمل في عظمة الله تعالى وقهره لخلقه، حتى أكبر المخلوقات (كالشمس والكواكب) هي عبدٌ مسخرٌ لأمره، لا تعصي الله ما أمرها.
4- الإعجاز العلمي في القرآن والسنة: هذه الأبيات تتحدث عن حقائق فلكية (تسخير الشمس والنجوم) جاء القرآن بتأكيدها وتفصيلها، مثل قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38].
5- فَضْلُ مَنْ كان على الفطرة: أمية بن أبي الصلت لم يسجد لصنم، وكان على بقية من دين إبراهيم، فهداه الله إلى قول بعض الحق، وهذا فضل من الله على من صدق في البحث عن الحق.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- لم يسلم أمية بن أبي الصلت، بل مات على كفره، حسداً حيث لم يكن النبي المنتظر منه. وهذا يدل على أن العلم النافع وحده لا يكفي للنجاة بدون الإيمان والعمل الصالح.
- هذا الحديث أصل من أصول أدب الاختلاف وأخذ الحق من أي مصدر جاء، وهو منهج علمي رصين.
- الأبيات التي أنشدها أمية هي من الشعر الذي يوافق الحقائق الكونية التي جاء بها الإسلام، فصدقها النبي ﷺ لموافقتها للحق، وليس لأنه شعر.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن ينفعنا بالعلم النافع والعمل الصالح.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه مدلِّس وقد صرَّح.
والغريب في الأمر أن ابن خزيمة رواه (١٣٥) بهذا الإسناد نفسه ولم يصرّح فيه محمد بن إسحاق بالتحديث، وذكر فيه ثلاثة أبيات وهي:
رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنسر للأخرى وليث مرصّد
والشمس تصبح كل آخر ليلة ... حمراء يصبح لونها يتورد
تأبى مما تطلع لنا في رسلها ... إِلا معذبة وإلا تجلد
فقال رسول اللَّه ﷺ: «صدق».
فالظّاهر أَنّ الأصل في المدلّس هو التحديث، لأنّ الراويّ يهتم بصيغة الأداء إذا كان شيخه مدلِّسّا، فإذا قال مرة: «حدثنا»، وأخرى: «عن»، فمعناه أنه لم يضبط في المرة الثانية، فما ضبطه لا ينقضه ما لم يضبطه، إِلَّا أَنَّ هذا الحديث معروف من رواية عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة بالعنعنة، ومن طريقه رواه الإمام أحمد (٢٣١٤)، وابن أبي عاصم في السنة (٥٧٩)، والطبراني في الكبير (١١٥٩١)، وابن منده في الرد على الجهمية (١٢)، وابن خزيمة في التوحيد (١٣٦).
وتابعه على التحديث به أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يعقوب بن عتبة. ومن طريقه رواه البيهقي في الأسماء والصفات (٧٧١).
وأحمد بن عبد الجبار وهو العُطارديّ قال فيه الدارقطني: لا بأس به، وضعَّفه غيره إِلَّا أنه روى عن يونس بن بكير مغازي محمد بن إسحاق. قال الحافظ في «التقريب»: «ضعيف وسماعه للسيرة صحيح».
وأمّا قول البيهقيّ: هذا حديث يفرّد به محمد بن إسحاق بن يسار بإسناده هذا فهو ليس بصحيح، بل إنه قد توبع.
فقد رواه ابن خزيمة في التوحيد (١٣٨) عن أبي هاشم زياد بن أيوب، قال: حدثنا إسماعيل -يعني ابن عليّة- قال: حدثنا عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكر القصة.
قال عكرمة: «فقلت لابن عباس: وتجلد الشّمس؟ فقال: عضضت بهني أبيك! وإنَّما اضطره الراوي إلى أن قال: تجلدُ».
وروى عن هشام بن عروة قال: «حملة العرش: أحدهم على صورة إنسان، والثاني على صورة ثور، والثالث على صورة نَسْر، والرابع على صورة أسد».
قال البيهقيّ: وإنَّما أريد به ما جاء في حديث آخر عن ابن عباس أن الكرسي يحمله أربعة من الملائكة: ملك في صورة رجل، وملك في صورة أسد، وملك في صورة ثور، وملك في صورة نسر، فكأنّه إن صحّ بين: أن الملك الذي في صورة رجل، والملك الذي في صورة ثور يحملان الكرسي من موضع الرجل اليمنى، والملك الذي في صورة النسر، والذي في صورة الأسد وهو اللّيث يحملان من الكرسي موضع الرجل الأخرى، أن لو كان الذي عليه ذا رجلين».
ولا منافاة بينه وبين قوله تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [سورة الحاقة: ١٧] فهذا خاص بيوم القيامة، وأمّا قبل يوم القيامة فأربعة إن صحّ هذا الحديث كما قال البيهقيّ؛ ولذا لم ير ابن خزيمة التعارض بين الحديث والآية، إلَّا أنه أخّر الجمع بين الحديث والآية في موضع آخر في كتابه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 335 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 310 الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السماوات بيمينه
- 311 أنا الملك، أين ملوك الأرض؟
- 312 المقسطين عند الله على منابر من نور
- 313 تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة
- 314 أنفق أُنفق عليك يمين الله ملآى سخاء لا يغيضها شيء
- 315 يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه
- 316 يبسط الله يده بالليل ليتوب مسيء النهار
- 317 اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة
- 318 الصدقة من كسب طيب تربيها الرحمن حتى تعود مثل الجبل
- 319 يُمسك السماوات يوم القيامة على إصبع
- 320 النبي ﷺ يقول لليهودي: "يا يهودي! حدثنا"
- 321 قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن
- 322 ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن
- 323 يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
- 324 نسأل اللَّه ربَّنا أن لا يُزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا
- 325 إن شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يُزيغه أزاغه
- 326 قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن
- 327 يد الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار
- 328 يدُ اللَّه فوق يد المعطيّ، ويدُ المُعطِي فوق يد المعطَى
- 329 اليد العليا هي يد الله والمعطي أوسطها والسائل آخرهن
- 330 حتى يضع رب العزّة فيها قدمه فتقول قط قط
- 331 لا تزال جهنم تقول هل من مزيد
- 332 أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي
- 333 احتجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين
- 334 فيمثل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره، ولصاحب النار ناره
- 335 رجل وثور تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
- 336 يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة
- 337 يلحق كل قوم بما كانوا يعبدون
- 338 يكشف الله عن ساقه فيخر المؤمنون سجدا
- 339 هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا...
- 340 إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي
- 341 إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا
- 342 ضحك ربنا من رجلين، قتل أحدهما صاحبه، وكلاهما في الجنة
- 343 فلا يزال يدعو اللَّه حتى يضحك اللَّه منه
- 344 أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟
- 345 فيتجلى لهم يضحك
- 346 إن الله ينشئ السحاب فينطق أحسن المنطق ويضحك أحسن الضحك
- 347 أي الشهداء أفضل؟ الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون...
- 348 لن نعدم من رب يضحك خيرا
- 349 عجب الله من عبده أنه يعلم أنه لا يغفر الذنوب...
- 350 عجب اللَّه من قوم يدخلون الجنة في السلاسل
- 351 إذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفيء السراج
- 352 راعي الغنم يؤذن ويصلي في رأس الجبل فيغفر الله له
- 353 إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة
- 354 ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته
- 355 المؤمن يرى ذنوبه كجبل يخاف أن يقع عليه
- 356 الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره
- 357 الله أشد فرحا بتوبة عبده من الضال ببعيره
- 358 قأخطأ من شدّة الفرح فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربّك
- 359 الله أشد فرحًا بتوبة عبده من رجل وجد بعيره الضال
معلومات عن حديث: رجل وثور تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
📜 حديث: رجل وثور تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رجل وثور تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رجل وثور تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رجل وثور تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








