هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا رسول الله

حديث: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا رسول الله

عن أبي هريرة قال: قال أناسٌ: يا رسول اللَّه، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ فقال: «هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟». قالوا: لا يا رسول اللَّه. قال: «هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟». قالوا: لا يا رسول اللَّه. قال: «فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك، يجمعُ اللَّه النَّاسَ فيقول: من كان يعبد شيئًا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشّمس، ويتبع من كان يعبد القمر، ويتبع من كان يعبد الطّواغيت، وتبقى هذه الأمّة فيها منافقوها، فيأتيهم اللَّه في غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نعوذ باللَّه منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربُّنا، فإذا أتانا ربُّنا عرفناه، فيأتيهم اللَّه في الصُّورة التي يعرفون. فيقول أنا ربُّكم، فيقولون: أنت ربُّنا، فيتبعونه» في حديث طويل.

متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (٧٤٣٧)، ومسلم في الإيمان (١٨٢) كلاهما من حديث إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد اللَّيثيّ، عن أبي هريرة، فذكر الحديث بطوله.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع. هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، والمتفق على صحته، يتناول قضية عقدية كبرى وهي رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، ويوضح حال الناس عند العرض على الله تعالى.

شرح الحديث:

# أولاً. شرح المفردات:

● "هل تضارون في الشمس": أي هل تشكون أو تختلفون في رؤية الشمس عندما تكون صافية ليس دونها غيم يحجبها؟ (يُستفاد من هذا أن رؤيتها واضحة لا لبس فيها).
● "الطواغيت": جمع طاغوت، وهم كل ما عُبد من دون الله وهو راضٍ بذلك، سواء كان إنساناً أو شيطاناً أو صنماً.
● "في غير الصورة التي يعرفون": أي يأتيهم الله تعالى بصورة ليست الصفة التي وصف بها نفسه في القرآن والسنة، أو ليست الصورة التي يعرفها المؤمنون ويؤمنون بها.
● "في الصورة التي يعرفون": أي يأتيهم الله تعالى بالصفة التي يعرفونها من كتبه ورسله، فيعرفونه سبحانه.

# ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يبدأ الحديث بسؤال الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم عن إمكانية رؤية الله تعالى يوم القيامة، وهو سؤال نابع من شوقهم لربهم وطلبهم لليقين.
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم برد بليغ، حيث شبه رؤية الله تعالى برؤية الشمس في كبد السماء صافية لا غيم فيها، ورؤية القمر ليلة البدر كذلك. وهذا تشبيه للوضوح والجلاء وعدم المشقة في الرؤية، وليس تشبيهاً للذات؛ فإن الله تعالى لا يشبه شيئاً من خلقه.
ثم ينتقل الحديث إلى وصف مشهد عظيم يوم القيامة، حيث يجمع الله الخلائق جميعاً، ويأمر كل من كان يعبد شيئاً أن يتبعه، فيتبع كل قوم معبودهم من دون الله (كالشمس والقمر والطواغيت) إلى النار.
ثم تبقى أمة الإسلام (وفيها المنافقون الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر)، فيأتيهم الله تعالى بصورة غير الصورة التي يعرفونها من خلال نصوص الوحي (كعدم رؤيتهم له في الدنيا، وصفاته العظيمة التي لا تماثل المخلوقات)، فينكرون أن يكون هذا هو ربهم، ويقولون: "نعوذ بالله منك" ويطلبون أن ينتظروا حتى يأتيهم ربهم الذي يعرفون صفاته.
ثم يأتيهم الله تعالى بالصورة التي يعرفونها من خلال الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله، فيعرفونه فيقولون: "أنت ربنا"، فيتبعونه إلى الجنة.

# ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة: وهذا من أعظم نعيم أهل الجنة، وهو عقيدة أهل السنة والجماعة، خلافاً للمعتزلة والجهمية الذين أنكروها.
2- الرؤية تكون بدون إحاطة ولا كيف: فنرى الله تعالى كما أخبر، ولكن لا نحيط به علماً، ولا نعلم كيفية رؤيته؛ لأن كيفية صفاته تعالى لا يعلمها إلا هو.
3- بيان سوء عاقبة الشرك والكفر: حيث يتبع كل عبد معبوده الباطل إلى النار، ويفضح المنافقون أمام الخلائق.
4- عظمة الله تعالى وتنزيهه عن مشابهة المخلوقات: فمجرد مجيئه بصورة غير المعروفة لهم ينكرونها، ويؤكدون أن ربهم لا يكون بهذه الصورة، مما يدل على أنهم يعتقدون تنزيه الله عن النقائص والتشبيه.
5- الفرق بين المؤمن الصادق والمنافق: المؤمن يعرف ربه بالحق في الدنيا ويتبعه، والمنافق ينكره عند الاختبار الحقيقي.
6- حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم: حيث استخدم التشبيه بالمحسوسات لشرح المعنويات لتقريب المعنى لأفهام السامعين.

# رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث الطوال، وقد رواه البخاري (رقم 7437) ومسلم (رقم 302) وغيرهما بألفاظ متقاربة.
- قوله: "في هذه الأمّة منافقوها" يعني أن المنافقين يبقون مع أمة الإسلام في الموقف، لأنهم كانوا يظهرون الانتساب إليها في الدنيا.
● الرؤية في الآخرة هي رؤية حقيقية بأبصار المؤمنين، وهي من أعظم الكرامات، كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22-23].
أسأل الله تعالى أن يرزقنا شوقاً إلى لقائه، وإخلاصاً في عبادته، وأن نراه في الجنة رأي العين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التوحيد (٧٤٣٧)، ومسلم في الإيمان (١٨٢) كلاهما من حديث إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد اللَّيثيّ، عن أبي هريرة، فذكر الحديث بطوله.
انظره كاملًا في جموع أبواب اليوم الآخر , باب الصّراط جسر جهنّم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 339 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا رسول الله

📜 حديث: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا رسول الله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا رسول الله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا رسول الله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا رسول الله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية