حديث: لن نعدم من رب يضحك خيرا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في الضّحك
حسن: رواه الإمام أحمد (١٦١٨٧)، وأبو داود الطيالسيّ (١٠٩٢)، والآجريّ في الشريعة (٦٣٨، ٦٣٩)، وابن أبي عاصم في السنة (٥٥٤)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٩٨٧) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمّه أبي رزين، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، معتمدًا على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.
نص الحديث:
عن أبي رزين العقيلي -رضي الله عنه- قال: قال النبيّ ﷺ: «ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ». فَقَالَ أَبُو رَزِينٍ: أَوَيَضْحَكُ الرَّبُّ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَقَالَ: لَنْ نُعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا».
1. شرح المفردات:
* ضَحِكَ رَبُّنَا: الضحك هنا صفة ذاتية فعلية لله تعالى تليق بجلاله وعظمته، لا تشبه ضحك المخلوقين، ولا نعلم كيفيته.
* قُنُوطِ عِبَادِهِ: القنوط هو اليأس الشديد من رحمة الله تعالى. والمقصود هنا حال العبد الذي ييأس من روح الله ورحمته.
* غِيَرِهِ: (بكسر الغين وفتح الياء) جمع غَارة، وهي العطاء والنعمة التي تغير حال العبد من الشدة إلى الفرج، أو من الفقر إلى الغنى. وقيل هي الرحمة التي تغير حال العبد.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر النبي ﷺ أن الله تعالى يضحك -ضحكًا يليق بجلاله- عندما ييأس عبده من رحمته ويقنط منها، بينما يكون فرجه وعطاؤه قريبًا جدًا منه. فهو يضحك تعجبًا من عبده الذي استبطأ رحمته ويئس منها، وهو على وشك أن يمنَّ عليه بالفرج والمخرج.
فالحديث يصور لحظة عظيمة من لحظات الرحمة الإلهية، حيث يكون العبد في قمة اليأس، والله في قمة الاستعداد للإجابة والإنعام.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- التسليم لصفات الله تعالى: إثبات صفة الضحك لله تعالى كما جاءت في النص، من غير تكييف (لا نقول: كيف يضحك؟) ولا تمثيل (لا نشبهه بضحك المخلوقين) ولا تعطيل (لا ننفي الصفة). نؤمن بها على الوجه اللائق بجلال الله وعظمته. قول أبي رزين "أويضحك الرب؟" ثم تسليمه بقوله "نعم" يدل على وجوب قبول النصوص والإيمان بها.
2- حرمة اليأس من رحمة الله: الحديث تحذير شديد من اليأس والقنوط، فهو حالة ذميمة لا تليق بالمؤمن الذي يعرف سعة رحمة ربه. قال تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].
3- الربط بين اليأس وقرب الفرج: يربط الحديث بين حال العبد اليائس وبين قرب فرج الله، ليبين أن أحلك ساعات الليل هي التي تسبق الفجر، وأشد لحظات الضيق هي التي تسبق الفرج. وهذا يزرع الأمل في نفس المؤمن.
4- سعة رحمة الله وعظيم فضله: ضحك الله من قنوط عباده هو من رحمته بهم، فهو يعلم ضعفهم ويستعجلون، وهو الحليم الكريم الذي يغفر ويصفح. قول أبي رزين: "لن نعدم من رب يضحك خيرًا" هو استنتاج عبقري يدل على أن صفات الله كلها خير وبركة ورحمة للعباد.
5- تفاؤل المؤمن بربه: يجب على المسلم أن يكون متفائلًا دائمًا برحمة ربه وفرجه، وأن يعلم أن مع العسر يسرًا، وأن الفرج قريب لا محالة.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* مصدر الحديث: رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه، وصححه عدد من الأئمة كالألباني.
* صفات الله تعالى: يؤخذ من هذا الحديث وغيره أن صفات الله تعالى نوعان: صفات ذاتية (كالحياة، العلم) وصفات فعلية (كالضحك،الاستواء، النزول) تتعلق بمشيئته، يفعلها متى شاء كيف شاء.
* الفرق بين الضحك والاستهزاء: ضحك الله تعالى هنا من رحمته ولطفه، وهو من باب المدح، بخلاف ضحك الاستهزاء الذي ورد في آيات أخرى مثل {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15]، فهو من باب الجزاء من جنس العمل، فهو استهزاء بهم وجزاء على استهزائهم.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وحسّن إسناده شيخ الإسلام ابن تيميّة في «العقيدة الواسطية» (ص ١٠٩ - بشرح الشيخ الفوزان).
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل وكيع بن حُدس وهو «مقبول» أي حيث يتابع، وقد تُوبع على اللّفظ، وأبو رزين هو لقيط بن صبرة، وقيل: ابن عامر - العقيليّ، وسيأتي حديثه كاملًا في باب رؤية المؤمنين ربَّهم يوم القيامة.
وروي مثل هذا عن عائشة. رواه ابن خزيمة في التوحيد (٤٦١) من طريق سلم بن سالم البلخي، عن خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عائشة، فذكرت مثله.
وسلم بن سالم البلخيّ وشيخه خارجة بن مصعب ضعيفان.
قوله: «من قنوط عباده» قال السّنديّ: القنوط هو اليأس، ولعلّ المراد هنا الحاجة والفقر، أي يرضى عليهم، ويقبل عليهم بالإحسان إذا نظر إلى فقرهم وفاقتهم وذُلّهم، وإلّا فالقنوط من رحمة اللَّه تعالى بوجب الغضب لا الرّضا، قال تعالى: ﴿لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ [سورة الزمر: ٥٣].
وقوله: «وقرب غِيَره» بكسر المعجمة، وفتح الياء، بمعني تغير الحال، وهو اسم من قولك: غيَّرت الشيء فتغيّر، وضميره لجنس العبد، والمراد تغير حاله من القوة إلى الضّعف، من الحياة إلى الموت. وهذه الأحوال مما تجلب الرحمة لا محالة من الشاهد، فكيف لا يكون أسبابًا عادية لجلبها من أرحم الراحمين.
وقوله: «لن نعدم» من عدمه -لعلمه- إذا فقده، يريد أنّ الرّب تعالى إذا كان من صفاته الضّحك فلا تفقد خيره، بل كلما احتجنا إلى خيره وجدناه، فإنا إذا أظهرنا الفاقة لديه يضحك فيعطي.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 348 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 323 يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
- 324 نسأل اللَّه ربَّنا أن لا يُزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا
- 325 إن شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يُزيغه أزاغه
- 326 قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن
- 327 يد الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار
- 328 يدُ اللَّه فوق يد المعطيّ، ويدُ المُعطِي فوق يد المعطَى
- 329 اليد العليا هي يد الله والمعطي أوسطها والسائل آخرهن
- 330 حتى يضع رب العزّة فيها قدمه فتقول قط قط
- 331 لا تزال جهنم تقول هل من مزيد
- 332 أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي
- 333 احتجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين
- 334 فيمثل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره، ولصاحب النار ناره
- 335 رجل وثور تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
- 336 يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة
- 337 يلحق كل قوم بما كانوا يعبدون
- 338 يكشف الله عن ساقه فيخر المؤمنون سجدا
- 339 هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا...
- 340 إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي
- 341 إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا
- 342 ضحك ربنا من رجلين، قتل أحدهما صاحبه، وكلاهما في الجنة
- 343 فلا يزال يدعو اللَّه حتى يضحك اللَّه منه
- 344 أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟
- 345 فيتجلى لهم يضحك
- 346 إن الله ينشئ السحاب فينطق أحسن المنطق ويضحك أحسن الضحك
- 347 أي الشهداء أفضل؟ الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون...
- 348 لن نعدم من رب يضحك خيرا
- 349 عجب الله من عبده أنه يعلم أنه لا يغفر الذنوب...
- 350 عجب اللَّه من قوم يدخلون الجنة في السلاسل
- 351 إذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفيء السراج
- 352 راعي الغنم يؤذن ويصلي في رأس الجبل فيغفر الله له
- 353 إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة
- 354 ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته
- 355 المؤمن يرى ذنوبه كجبل يخاف أن يقع عليه
- 356 الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره
- 357 الله أشد فرحا بتوبة عبده من الضال ببعيره
- 358 قأخطأ من شدّة الفرح فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربّك
- 359 الله أشد فرحًا بتوبة عبده من رجل وجد بعيره الضال
- 360 الله أشد فرحًا بتوبة عبده من الرجل براحلته
- 361 أعرض فأعرض الله عنه
- 362 يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردّهما صفرًا
- 363 يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم لا يضع...
- 364 سبب تحريم الفواحش غيرة الله تعالى
- 365 وليس أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك...
- 366 إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم...
- 367 المؤمن يغار، والله أشد غيرًا
- 368 لا شيء أغير من الله
- 369 تعجبون من غيرة سعد واللَّه لأنا أغير منه
- 370 يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله
- 371 يا آدم: إن اللَّه يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا...
- 372 ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان
معلومات عن حديث: لن نعدم من رب يضحك خيرا
📜 حديث: لن نعدم من رب يضحك خيرا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لن نعدم من رب يضحك خيرا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لن نعدم من رب يضحك خيرا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لن نعدم من رب يضحك خيرا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








