أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلا بعلمك؟

حديث: أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلا بعلمك؟

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، قال: كنا يوما في المسجد جلوسا ونفر من المهاجرين والأنصار، فأرسلنا رجلا إلى عائشة ليستأذن فدخلنا عليها، قالت: دخل علي سائل مرة وعندي رسول الله ﷺ فأمر له بشيء ثم دعوت به، فنظرت إليه فقال رسول الله ﷺ: «أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلّا بعلمك؟». قلت: نعم. قال: مهلا يا عائشة! لا تحصي فيحصي الله عز وجل عليك».

حسن: رواه النسائي (٢٥٤٩) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، حدّثني اللّيث، قال: حدّثنا خالد، عن ابن أبي هلال، عن أمية بن هند، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم فيه موعظة بليغة من النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولكل مسلم ومسلمة.

أولاً. شرح المفردات:

● سائل: أي فقير يسأل الناس حاجته.
● مهلاً: كلمة تقال للتأني والرفق، أي تمهلي وتريثي ولا تعجلي.
● لا تحصي: أي لا تعدي وتحصي كل ما يدخل ويخرج من بيتك من مال أو طعام أو غيرها.
● فيحصي الله عليك: أي فيعد عليك نقصانك ويحصي تقصيرك.

ثانياً. شرح الحديث:

تبدأ القصة بأن الصحابة كانوا جالسين في المسجد، فأرسلوا رجلاً ليستأذن على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ليزوروها، فلما دخلوا عليها، حدثتهم بهذه الواقعة:
حضر سائل (فقير) يطلب المساعدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم موجوداً عندها في البيت، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعطى ذلك السائل شيئاً. ثم بعد أن أُعطي، دعته عائشة رضي الله عنها لتنظر إليه (ربما لتتأكد من أنه استلم العطاء أو لسبب آخر)، فلما نظرت إليه، لاحظ النبي صلى الله عليه وسلم هذا التصرف، فقال لها: «أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلّا بعلمك؟» أي أتشتهين أن تكوني على علم تام بكل ما يدخل ويخرج من بيتك من أموال ونفقات؟ فأجابت بنعم، ظناً منها أن هذا هو النظام والتدبير المحمود.
فنبهها النبي صلى الله عليه وسلم برفق قائلاً: «مهلاً يا عائشة! لا تحصي فيحصي الله عليك». أي تمهلي ولا تتشديدي على نفسك في عد وحساب كل صغيرة وكبيرة تدخل أو تخرج من بيتك، لأنك إذا فعلت ذلك، خشي أن يحاسبك الله بنفس هذه الدقة والحساب الشديد على تقصيرك، فيحصي عليك ذنوبك ونقص أعمالك.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الرفق واللين في النصيحة: كان أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في النصح رفيقاً حكيماً، بدأ بسؤال استنكاري ليبين لها الخطأ ثم نصحها برفق قائلاً "مهلاً يا عائشة".
2- التسامح والسماحة في المعاملة: الحديث يحث على السماحة في المعاملة وعدم التشدد في مراقبة الأمور الدنيوية والمبالغة في حسابها، لأن ذلك قد يجلب المضرة.
3- التخويف من الجزاء من جنس العمل: هذا من القواعد الشرعية العظيمة، فمن عامل الناس بصفة معينة عامله الله بمثلها. فمن سهل على الناس وسامحهم، سهل الله عليه وأسقط عنه، ومن شق على الناس وشدد عليهم، شق الله عليه وحاسبه حساباً عسيراً.
4- عدم التطلع إلى ما لا يعنيك: فيه إشارة إلى أن من التدين ترك التطلع إلى ما لا يعني الإنسان والتكلف في معرفة كل كبيرة وصغيرة.
5- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وجلسوه في بيوته: حيث كان جالساً في بيت أم المؤمنين عائشة، مما يدل على تواضعه وحياة البساطة التي كان يعيشها.

رابعاً. معلومات إضافية:

- الحديث رواه الإمام البخاري في "الأدب المفرد" وصححه الألباني.
- هذا الحديث يندرج تحت باب "السماحة والسهولة" وعدم التنطع والتشدد.
- يستفاد منه أيضاً في تهذيب النفوس وتربيتها على عدم الحرص الشديد على الدنيا وحطامها.
نسأل الله أن يرزقنا السماحة في أخلاقنا والمعاملة، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٢٥٤٩) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، حدّثني اللّيث، قال: حدّثنا خالد، عن ابن أبي هلال، عن أمية بن هند، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، فذكره.
وفيه أمية بن هند، وهو المزني الحجازيّ، ويقال: إنه ابن هند بن سعد بن سهل بن حنيف، لم يوثقه غير ابن حبان (٤/ ٤١) ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول».
قال الأعظمي: وهو كذلك لأنه توبع. رواه الإمام أحمد (١٤٤١٨)، وأبو يعلى (٤٤٦٣)، وصحّحه ابن حبان (٣٣٦٥) كلّهم من طريق ابن إدريس، عن الأعمش، عن الحكم، عن عروة، عن عائشة، أنّ سائلًا سأل، قالت: فأمرتُ الخادم فأخرج له شيئًا. قالت: فقال النبي ﷺ: يا عائشة! لا تُحصي فيُحصي الله عليك». واللّفظ لأحمد.
وابن إدريس هو عبد الله الأودي أبو محمد الكوفي من رجال الجماعة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 139 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلا بعلمك؟

📜 حديث: أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلا بعلمك؟

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلا بعلمك؟

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلا بعلمك؟

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلا بعلمك؟

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية